أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 638

جلسة 16 من أكتوبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.

(126)
الطعن رقم 20502 لسنة 69 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
(2) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(3) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها. جدل موضوعي في أدلة الثبوت. غير جائز أمام النقض.
(4) دفوع "الدفع بنفي التهمة" "الدفع بكيدية التهمة".
الدفع بكيدية الاتهام وبعدم ارتكاب الجريمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(5) رشوة. جريمة "أركانها". اختصاص. موظفون عموميون.
مدلول الإخلال بواجبات الوظيفة في جريمة الرشوة؟
دخول الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها في نطاق وظيفته مباشرة. غير لازم. كفاية أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس.
جريمة الرشوة لا يشترط فيها أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة. كفاية أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض منها.
(6) رشوة. جريمة "أركانها". اختصاص. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الاختصاص". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر الاختصاص بالعمل في جريمة طلب رشوة.
(7) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". قبض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(8) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً لإذن التفتيش. كفاية أن يكون واضحاً ومحدداً في تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها واختصاص مصدره مكانياً وأن يدون بخطه وموقعاً عليه منه.
(9) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال.
(10) تسجيل المحادثات. دفوع "الدفع ببطلان إذن التسجيل". رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لتسبيب الإذن بتسجيل المحادثات الشفوية السلكية واللاسلكية والتصوير.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان إذن التسجيل في جريمة طلب رشوة.
(11) رشوة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أخذت بها.
مثال لتسبيب سائغ في جريمة طلب رشوة.
(12) رشوة. عقوبة "العقوبة التكميلية" "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها". عزل. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
معاقبة الطاعن بالسجن وتوقيت مدة العزل بمدة مساوية لمدة العقوبة. خطأ في القانون. أساس ذلك؟
عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه. مؤداه؟
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ومن سلطتها وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
2 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المبلغين للحادث وشهود الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها وإلى ما حواه تقرير خبير الأصوات من أن الأصوات المسموعة بالشرائط المسجلة هي لبصمة أصوات المتهم والمبلغين، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة أو في تصديقها لأقوال المبلغين والشهود أو محاولة تجريحها أو تعويلها إلى ما حواه تقرير خبير الأصوات ينحل إلى جدل موضوعي في أدلة الثبوت التي عولت عليها محكمة الموضوع وهو ما لا يسوغ إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الدفع بكيدية الاتهام أو بعدم ارتكاب الجريمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن الشارع نص في المادة 104 من قانون العقوبات التي عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن في حكمه بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التي يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوي الذي يكفل لها دائماً أن تجرى على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجري عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذي عناه الشارع في النص، فإذا تقاضى الموظف جعلاً عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس، كما لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو والذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة.
6 - لما كان من المقرر أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن - بصفته مهندساً بالإدارة الهندسية لمجلس مدينة....... باستخراج رخص المحلات العامة ورد على دفاعه بنفي اختصاصه في هذا الشأن وفنده بقوله (وعن الدفع بانتفاء اختصاص المتهم بقالة عدم وجود دليل على ذلك فإنه دفع غير سديد ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى وأقوال الشاهد - رئيس الإدارة الهندسية بمجلس مدينة..... وكذا رئيس مجلس المدينة أن المتهم مختص باستخراج رخص المحلات العامة بالإضافة إلى الإشغالات والتنظيم فضلاً عن أن الاختصاص قد يتم تحديده شفوياً وليس كتابة كما أن أقوال المتهم بالتسجيلات تؤكد أنه مختص باستخراج رخص المحلات العامة، وأنه تعامل مع المبلغين على هذا الأساس المؤيد بواقع العمل فعلاً ومن ثم يكون ذلك النعي قد جانب صحيح الواقع والقانون) وكان ما أورده الحكم في هذا الخصوص يتحقق به الاختصاص الذي يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة كما استظهر الحكم المطعون فيه إخلال الطاعن بواجبات الوظيفة أخذاًَ مما شهد به المبلغان وشهود الواقعة وتفريغ أشرطة التسجيلات والأوراق والمستندات التي ضبطت لديه ودانه على هذا الاعتبار، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن.
7 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
8 - لما كان القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش وكل ما يتطلبه في هذا الصدد أن يكون إذناً واضحاً ومحدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها، وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه وهو ما لا يجادل فيه الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى ذلك في رفض الدفع ببطلان إذني التفتيش الصادرين بتاريخي...... يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير صحيح.
9 - لما كان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثار من وجود اختلاف فيما هو ثابت بالتسجيلات عما أورده الحكم بمدوناته من أن هناك اتفاقاً سابقاً بين المتهم والمبلغين على طلب الرشوة أو أن الطاعن أقر بأنه مستعد لرد مبلغ ألفان وخمسمائة جنيه، وأن الطاعن قرر أنه حرر محاضر لمالك العقار، وكذا ما تساند إليه الحكم من أن للطاعن مكتب خاص وسكرتيرة وهو ما لا أصل له في الأوراق - على النحو المشار إليه بأسباب الطعن - فإنه بفرض وقوع الحكم في هذا الخطأ، فإنه ورد بشأن أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على أن الطاعن طلب لنفسه مبلغ خمسة آلاف جنيه رشوة وأخذ منها مبلغاً وقدره ألفان وخمسمائة جنيه مقابل الإخلال بواجبات وظيفته، فضلاً عن أنه يبين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود وتفريغ شرائط التسجيلات له صداه في الأوراق، وأن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما حصله الحكم منها ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد أو مخالفة الثابت بالأوراق، ويكون النعي عليه في هذا الشأن في غير محله.
10 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً لتسبيب الإذن بتسجيل المحادثات الشفوية السلكية واللاسلكية والتصوير، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان التسجيلات وفنده وأطرحه بقوله "وعن الدفع ببطلان التسجيلات الصوتية بقالة خلو محاضر الضبط والتفريغ في شأنها من بيان أي من المبلغين قد تم تجهيزه بالوسائل التي أدت إلى التسجيل ومدة التسجيل وأن ما تم من محادثات واتصالات بالشريط الثالث تزيد على زمن ذلك الشريط فإن هذا النعي مردود ذلك أن تحديد من ممن أبلغ بالواقعة قد تم تجهيزه بالوسائل الفنية قبل التسجيل أمر لا يقلل من أهمية الأثر المترتب على التسجيل طالما أن العبرة بمضمون التسجيل والحديث الذي تضمنه وهل يشكل جريمة من عدمه فضلاً عن أن المبلغين......, ....... قد ثبت من محضر الضبط أنه قد تم تزويد كلاهما بالأجهزة الفنية اللازمة للتسجيل, وأنه لا ثالث معهما حتى يمكن القول بأن الأثر المترتب على الإجراء قد شاع بينهم وأن الثابت من الشريط الثالث مدته تسعون دقيقة أي ساعة ونصف الساعة وأن المبلغين توجها إلى مكتب المتهم الكائن بشارع...... حوالي الساعة التاسعة مساء يوم...... وانتظراه حتى مقدمه ودار بينهم الحوار ثم انتقل إلى مكتب..... وقد تم الضبط حوالي الساعة العاشرة مساء يوم...... ومن ثم تكون المحادثات المسجلة والانتقالات التي تمت يوم....... قد استغرقها الشريط المسجل في ذات اليوم لأن زمنه ساعة ونصف وزمن الحديث واللقاء ساعة واحدة فقط ومن ثم يكون الدفع قد جانب صحيح الواقع والقانون" ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان الإذن لهذا السبب.
11 - لما كان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها، وكان ما يثيره الطاعن من خلو محضر الضبط من نتيجة المراقبة بالصورة لم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، فإن في قضاء الحكم بإدانة الطاعن للأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرح ذلك الدفاع ولم ير فيه ما يغير عقيدته التي خلص إليها، فضلاً عن ذلك فقد رد الحكم على ذلك الدفاع وأطرحه بقوله (وعن الدفع بأن محضر الضبط قد خلا من نتيجة المراقبة بالصورة بقالة أنه ثابت ذلك بمحضر الضبط المؤرخ...... من أن المتهم تحت سمع وبصر ضابط الواقعة فإنه مردود لأن تحديد الأجهزة الفنية اللازمة لكشف الجريمة هو من حق مستعملها تحت إشراف سلطة التحقيق ومن بعدها محكمة الموضوع، وأن القانون لم يحدد وسيلة محددة لكشف الجرائم أو ضبطها فضلاً عن أن أوراق الدعوى قد خلت من وجود فيلم تصوير للواقعة ولكنها كانت بالتسجيلات الصوتية وأن عبارة سمع وبصر تعني فقط دقة ملاحظة ومتابعة القائم بالإجراء لما يتم تحت إشرافه المباشر بما تلتفت معه المحكمة عن ذلك الدفاع) ومن ثم يكون الحكم قد رد صائباً على هذا الدفاع بما يكون معه منعى الطاعن في هذا الشق غير سديد.
12 - لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات إلا أنه قضى بعزله من وظيفته مدة مساوية لمدة العقوبة على خلاف ما تقضي به المادة 27 من قانون العقوبات، ذلك أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس طبقاً لما تقضي به المادة المذكورة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين "قضي ببراءتهم" - بأنه: بصفته موظفاً عمومياً مهندس بالإدارة الهندسية لمجلس مدينة...... طلب لنفسه رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب من المتهم الآخر مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة أخذ منها مبلغ ألفان وخمسمائة جنيه مقابل إنهاء إجراءات ترخيص حانوت الأخير على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالغردقة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 107 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الارتشاء قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون كما ران عليه خطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المحكمة استخلصت واقعة الدعوى بما لا يطابق الحقيقة كما عول الحكم على أقوال المبلغين مبلغي الحادث وشهود الإثبات مع أنها غير سائغة عقلاً ومنطقاً مما يشير إلى تلفيق التهمة وكيدية الاتهام، وأن الحكم أطرح - بما لا يصلح - دفعه بانحسار اختصاصه عن العمل المنسوب إليه القيام به - وهو استخراج التراخيص - بدلالة ما شاب أقوال كل من رئيس الوحدة المحلية بمدينة........ ومدير الإدارة الهندسية بها من تناقض في شأن تحديد اختصاصه، ولم يعن الحكم في هذا الصدد بتحقيق وحسم مسألة الاختصاص، كما دفع ببطلان إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ........ لصدوره بعد الضبط ولكون الصحيفة التي تضمنته لم تحمل رقماً مسلسلاً كما أن الإذن صدر عن واقعة لم يطلب محرر محضر التحريات الإذن بضبطها، وكذا دفع ببطلان إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ...... لوروده على أمور لا تتعلق بالواقعة، كما أورد الحكم بمدوناته - وبما لا أصل له بالأوراق - أنه ثبت من التسجيلات وجود اتفاق سابق بين الطاعن والمبلغين على تقاضي الرشوة وقدرها وأنه - أي الطاعن - أقر باستعداده برد مبلغ ألفان وخمسمائة جنيه منها وأنه ذكر بأقواله أنه حرر محاضر لمالك العقار ولا ينكر الواقعة (واقعة الرشوة) وأن الحكم تساند في مدوناته إلى أن له مكتب خاص وسكرتيرة وهو ما لا أصل له في الأوراق مما يصم الحكم بالخطأ في الإسناد، كما أنه أطرح دفعه ببطلان التسجيلات الصوتية، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الارتشاء التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المبلغين وشهود الإثبات وما أسفرت عنه التسجيلات التي تمت بين المبلغين والطاعن وما تم ضبطه من أوراق ومستندات، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن المتهم - الطاعن - ويعمل مهندساً بالوحدة المحلية بمدينة...... والذي تسلم عمله بها اعتباراً من...... وكان اختصاصه هو استخراج رخص المحلات العامة بالإدارة الهندسية بالوحدة المحلية، وأنه ورغبة في الإثراء السريع تنكب الطريق السوي بأن طلب لنفسه خمسة آلاف جنيه من كل من....., ...... مقابل استخراج رخصة حانوت للأول بعد أن تعرفا عليه من قبل وعرضا عليه رغبتهما في استخراج ذلك الترخيص وقد أخذ منهما فعلاً نصف الجعل المتفق عليه وقدره 2500 جنيه وكذا الأوراق الخاصة بالترخيص المذكور واتفقوا ثلاثتهم على أن يأخذ باقي المبلغ عقب استخراج ذلك الترخيص وذلك على خلاف القواعد المقررة، وإذ تأخر المتهم في تنفيذ ما طلبه منه المذكوران حتى سارع أولهما بشكايته إلى رئيس الوحدة المحلية والذي نصحه بإبلاغ هيئة الرقابة الإدارية بالواقعة، وإذ تلقت هذه الجهة بلاغهما في....... وبعد أن أجرت تحرياتها الجادة حول مضمون البلاغ استأذنت النيابة العامة - بصفتها قاضياً للتحقيق في استخدام الوسائل والأجهزة الفنية لمراقبة وتسجيل اللقاءات والأحاديث والحوارات المزمع إجراؤها بين مقدمي البلاغ والمتهم في الأماكن العامة والخاصة، وقد تم تسجيل ثلاثة أشرطة تسجيل "كاسيت" بينهم، أولهم بتاريخ...... والثاني بتاريخ..... وقد ثبت منهما ومن مضمونهما احتفاظ المتهم بأوراق الترخيص التي أخذها من المبلغين من قبل والسابق حصوله على مبلغ 2500 جنيه منهما بقصد استخراج الترخيص المطلوب وقد أبدى استعداده لهما لرد تلك الأوراق والمبلغ المذكور لعدم مقدرته - في ذلك الوقت - على تنفيذ ما طلب منه بعد أن شك في الأمر وارتاب في مسلكهما، ثم تم استئذان النيابة العامة مرة أخرى لضبط الواقعة وتفتيش شخص ومسكن المتهم ومكتبه الخاص لضبط ما يحوزه أو ما يحرزه من مبالغ مالية أو أوراق ومستندات متعلقة بالواقعة، واستطرد الحكم بمدوناته إلى القول أنه وبتاريخ..... تم تسجيل مكالمة تليفونية ثالثة وكذا لقاء بين المتهم والمبلغين في مكتبه الخاص ومكتب زميله المهندس - أقر فيها بسابق حصوله على المبلغ والأوراق سالفة الذكر وإثرها تم ضبط الواقعة كما أسفر تفتيش منزله ومكتبه عن ضبط أوراق ومستندات خاصة بمواطنين آخرين لهم طلبات متعلقة بوظيفته وقد ثبت من تقرير مضاهاة الأصوات للشرائط الثلاثة وكذا من استماع المحكمة لها مطابقة الأصوات فيها لكل من المتهم والمبلغين. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ومن سلطتها وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المبلغين للحادث وشهود الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها وإلى ما حواه تقرير خبير الأصوات من أن الأصوات المسموعة بالشرائط المسجلة هي لبصمة أصوات المتهم والمبلغين، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة أو في تصديقها لأقوال المبلغين والشهود أو محاولة تجريحها أو تعويلها إلى ما حواه تقرير خبير الأصوات ينحل إلى جدل موضوعي في أدلة الثبوت التي عولت عليها محكمة الموضوع وهو ما لا يسوغ إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بكيدية الاتهام أو بعدم ارتكاب الجريمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان نص الشارع في المادة 104 من قانون العقوبات التي عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن في حكمه بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التي يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوي الذي يكفل لها دائماً أن تجرى على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها، فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذي عناه الشارع في النص، فإذا تقاضى الموظف جعلاً عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس، كما لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو والذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان من المقرر أيضاً أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن - بصفته مهندساً بالإدارة الهندسية لمجلس مدينة...... باستخراج رخص المحلات العامة ورد على دفاعه بنفي اختصاصه في هذا الشأن وفنده بقوله (وعن الدفع بانتفاء اختصاص المتهم بقالة عدم وجود دليل على ذلك فإنه دفع غير سديد ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى وأقوال الشاهد - رئيس الإدارة الهندسية بمجلس مدينة..... وكذا رئيس مجلس المدينة أن المتهم مختص باستخراج رخص المحلات العامة بالإضافة إلى الإشغالات والتنظيم فضلاً عن أن الاختصاص قد يتم تحديده شفوياً وليس كتابة كما أن أقوال المتهم بالتسجيلات تؤكد أنه مختص باستخراج رخص المحلات العامة، وأنه تعامل مع المبلغين على هذا الأساس المؤيد بواقع العمل فعلاً ومن ثم يكون ذلك النعي قد جانب صحيح الواقع والقانون). وكان ما أورده الحكم في هذا الخصوص يتحقق به الاختصاص الذي يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة كما استظهر الحكم المطعون فيه إخلال الطاعن بواجبات الوظيفة أخذاً مما شهد به المبلغان وشهود الواقعة وتفريغ أشرطة التسجيلات والأوراق والمستندات التي ضبطت لديه ودانه على هذا الاعتبار، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش وكل ما يتطلبه في هذا الصدد أن يكون إذناً واضحاً محدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه وهو ما لا يجادل فيه الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى ذلك في رفض الدفع ببطلان إذني التفتيش الصادرين بتاريخي....... يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وكان ما يثار من وجود اختلاف فيما هو ثابت بالتسجيلات عما أورده الحكم بمدوناته من أن هناك اتفاقاً سابقاً بين المتهم والمبلغين على طلب الرشوة أو أن الطاعن أقر بأنه مستعد لرد مبلغ ألفان وخمسمائة جنيه، وأن الطاعن قرر أنه حرر محاضر لمالك العقار وكذا ما تساند إليه الحكم من أن للطاعن مكتب خاص وسكرتيرة وهو ما لا أصل له في الأوراق - على النحو المشار إليه بأسباب الطعن - فإنه بفرض وقوع الحكم في هذا الخطأ فإنه ورد بشأن أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على أن الطاعن طلب لنفسه مبلغ خمسة آلاف جنيه رشوة وأخذ منها مبلغاً وقدره ألفان وخمسمائة جنيه مقابل الإخلال بواجبات وظيفته، فضلاً عن أنه يبين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود وتفريغ شرائط التسجيلات له صداه في الأوراق وأن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما حصله الحكم منها، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد أو مخالفة الثابت بالأوراق، ويكون النعي عليه في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً لتسبيب الإذن بتسجيل المحادثات الشفوية السلكية واللاسلكية والتصوير، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان التسجيلات وفنده وأطرحه بقوله (وعن الدفع ببطلان التسجيلات الصوتية بقالة خلو محاضر الضبط والتفريغ في شأنها من بيان أي من المبلغين قد تم تجهيزه بالوسائل التي أدت إلى التسجيل ومدة التسجيل وأن ما تم من محادثات وانتقالات بالشريط الثالث تزيد على زمن ذلك الشريط فإن هذا النعي مردود ذلك أن تحديد من ممن أبلغ بالواقعة قد تم تجهيزه بالوسائل الفنية قبل التسجيل أمر لا يقلل من أهمية الأثر المترتب على التسجيل طالما أن العبرة بمضمون التسجيل والحديث الذي تضمنه وهل يشكل جريمة من عدمه فضلاً عن أن المبلغين......., ....... قد ثبت من محضر الضبط أنه قد تم تزويد كلاهما بالأجهزة الفنية اللازمة للتسجيل وأنه لا ثالث معهما حتى يمكن القول بأن الأثر المترتب على الإجراء قد شاع بينهم وأن الثابت من الشريط الثالث مدته تسعون دقيقة أي ساعة ونصف الساعة وأن المبلغين توجها إلى مكتب المتهم الكائن بشارع........ حوالي الساعة التاسعة مساء يوم...... وانتظراه حتى مقدمه ودار بينهم الحوار ثم انتقل إلى مكتب....... وقد تم الضبط حوالي الساعة العاشرة مساء يوم....... ومن ثم تكون المحادثات المسجلة والانتقالات التي تمت يوم........ قد استغرقها الشريط المسجل في ذات اليوم لأن زمنه ساعة ونصف وزمن الحديث واللقاء ساعة واحدة فقط ومن ثم يكون الدفع قد جانب صحيح الواقع والقانون). ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان الإذن لهذا السبب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها، وكان ما يثيره الطاعن من خلو محضر الضبط من نتيجة المراقبة بالصورة لم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، فإن في قضاء الحكم بإدانة الطاعن للأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرح ذلك الدفاع ولم ير فيه ما يغير عقيدته التي خلص إليها، فضلاً عن ذلك فقد رد الحكم على ذلك الدفاع وأطرحه بقوله (وعن الدفع بأن محضر الضبط قد خلا من نتيجة المراقبة بالصورة بقالة أنه ثابت ذلك بمحضر الضبط المؤرخ...... من أن المتهم تحت سمع وبصر ضابط الواقعة فإنه مردود لأن تحديد الأجهزة الفنية اللازمة لكشف الجريمة هو من حق مستعملها تحت إشراف سلطة التحقيق ومن بعدها محكمة الموضوع وأن القانون لم يحدد وسيلة محددة لكشف الجرائم أو ضبطها فضلاً عن أن أوراق الدعوى قد خلت من وجود فيلم تصوير للواقعة ولكنها كانت بالتسجيلات الصوتية وأن عبارة سمع وبصر تعني فقط دقة ملاحظة ومتابعة القائم بالإجراء لما يتم تحت إشرافه المباشر بما تلتفت معه المحكمة عن ذلك الدفاع)، ومن ثم يكون الحكم قد رد صائباً على هذا الدفاع بما يكون معه منعى الطاعن في هذا الشق غير سديد. وتنوه المحكمة إلى أنه لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات إلا أنه قضى بعزله من وظيفته مدة مساوية لمدة العقوبة على خلاف ما تقضي به المادة 27 من قانون العقوبات، ذلك أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس طبقاً لما تقضي به المادة المذكورة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناًً رفضه موضوعاً.