أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 653

جلسة 17 من أكتوبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم وعمر بريك ورشاد قذافي وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة.

(127)
الطعن رقم 2719 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "خبرة".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها أصلها الصحيح بالأوراق. لا قصور. لا يجدي الطاعن نعيه بشأن ما ورد بتقرير الخبير ما دام الحكم قد انتهى إلى أنه هو الذي أحدث إصابة المجني عليه وأنها خلفت لديه عاهة.
(2) ضرب "أفضى إلى عاهة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "خبرة".
العاهة المستديمة في مفهوم المادة 240 عقوبات. ماهيتها؟
تقدير قيام العاهة. موضوعي.
نعي الطاعن عدم تخلف عاهة لدى المجني عليه وقت صدور الحكم غير مجد ما دام الحكم قد أثبت نقلاً عن التقرير الطبي أن الإصابة خلفت عاهة.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
مثال.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ولم ينازع الطاعن في أن لها أصلاً صحيحاً في الأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه انتهى في تدليل سائغ لا قصور فيه إلى أن الطاعن على سبيل الاستقلال والإنفراد اعتدى على المجني عليه بأداة كان يحملها - طورية - فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه منها عاهة مستديمة أخذاً بشاهدة شاهدي الإثبات التي اطمأن إليها، وما انتهى إليه التقرير الطبي الشرعي الذي وإن أجاز حدوث العاهة من الآلة إلا أن للمحكمة أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. لما كان ذلك, وكان الجزء الكال من الأداة المستعملة - طورية - يمكن أن تتخلف عنه العاهة، وكان الحكم لم يحصل نقلاً عن أقوال الشهود أن الاعتداء وقع بالجزء القاطع منها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة، كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب. وإذ لا يدع الطاعن عدم تخلف عاهة بالمجني عليه، فإنه لا يجديه على فرض صحته أن وقت الحكم لم يكن حالة المجني عليه قد أصبحت نهائية - ما دام أن ما انتهى إليه الحكم قد أثبت نقلاً عن التقرير الفني أن الإصابة خلفت عاهة ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
3 - لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن ما يثيره أن بالمجني عليه إصابة قديمة في ذات موضع إصابته من الطاعن، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما انتهى إليه التقرير الطبي الشرعي عن حدوث العاهة فليس له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في الجناية - بأنه ضرب...... فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة في ثني وفرد الكوع الأيسر وتيبس بمفصل الكوع الأيسر وتنميل بالأصابع باليد اليسرى، وأحالته إلى محكمة جنايات أسوان لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه قبل المتهم مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بحبسه سنة مع الشغل وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عول في قضائه على التقرير الطبي الشرعي بجواز حدوث الإصابة بالجزء الكال من الفأس في حين أن أقوال المجني عليه لم تحدد أي جزء من الفأس الذي استخدم في الضرب بما يؤدي إلى خلو الأوراق من دليل على كيفية حدوث الإصابة. كما أن ذلك التقرير لم يجزم بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه وإنما أوصى بعرضه بعد تسعة أشهر للبت في حالته النهائية. ولم تفطن المحكمة لما ورد بالتقرير من وجود كسر قديم بمكان الإصابة الحالية ولم تجر تحقيقاً في هذا الشأن. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ولم ينازع الطاعن في أن لها أصلاً صحيحاً في الأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه انتهى في تدليل سائغ لا قصور فيه إلى أن الطاعن على سبيل الاستقلال والإنفراد اعتدى على المجني عليه بأداة كان يحملها - طورية - فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه منها عاهة مستديمة أخذاً بشاهدة شاهدي الإثبات التي اطمأن إليها وما انتهى إليه التقرير الطبي الشرعي الذي وإن أجاز حدوث العاهة من الآلة إلا أن للمحكمة أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. لما كان ذلك, وكان الجزء الكال من الأداة المستعملة - طورية - يمكن أن تتخلف عنه العاهة وكان الحكم لم يحصل نقلاً عن أقوال الشهود أن الاعتداء وقع بالجزء القاطع منها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون وإن لم يرد فيه تعريف العاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها، إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة، كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب. وإذ لا يدع الطاعن عدم تخلف عاهة بالمجني عليه، فإنه لا يجديه على فرض صحته أن وقت الحكم لم يكن حالة المجني عليه قد أصبحت نهائية - ما دام أن ما انتهى إليه الحكم قد أثبت نقلاً عن التقرير الفني أن الإصابة خلفت عاهة ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن ما يثيره أن بالمجني عليه إصابة قديمة في ذات موضوع إصابته من الطاعن، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما انتهى إليه التقرير الطبي الشرعي عن حدوث العاهة فليس له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.