أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 672

جلسة الأول من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد مصطفى وإبراهيم الهنيدي نائبي رئيس المحكمة وحسن حسين الغزيري وعلي سليمان.

(134)
الطعن رقم 3686 لسنة 62 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". أحوال شخصية.
تقدير جدية النزاع حول مسألة من مسائل الأحوال الشخصية مطروحة أمام المحكمة الجنائية وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى الجنائية من عدمه أمر تستقل به المحكمة الجنائية.
(2) قانون "تفسيره" "الاعتذار بالجهل بالقانون". شريعة إسلامية. أحوال شخصية. دفوع "الدفع بالجهل بالقانون". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون غير قانون العقوبات. شرط قبوله التحري الكافي واعتقاد مدعيه بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباب معقولة. أساس ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم علم الطاعن بالقاعدة الشرعية التي تمنعه من الزواج بزوجة ابنه التي لم يدخل بها.
(3) نقض "المصلحة في الطعن". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المصلحة شرط لازم في كل طعن. انتفاؤها. أثره: عدم قبول الطعن.
انعدام مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بمصادرته عقد الزواج موضوع جريمة التزوير.
(4) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تزيد الحكم فيما لا أثر له في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
مثال.
1 - لما كانت المادة 223 من قانون الإجراءات قد نصت على أنه "إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى, وتحدد للمتهم أو للمدعي بالحقوق المدنية أو للمجني عليه حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص" فأجاز الشارع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية مما لا يقتضي وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تر من ظروف الدعوى أن الأمر يقتضي وقفها ريثما يتم استصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية ومضت في نظرها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
2 - من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباباً معقولة وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون فإنه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: - أولاً: إذ ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه ثانياً: إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجرائه من اختصاصه وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنياً على أسباب معقولة كما أورد في المادة 60 من قانون العقوبات وأن أحكام هذا القانون لا تسري على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه رد على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن بقوله "وحيث إنه عن اعتذار المتهمين على لسان دفاعهما بالجهل بأحكام قانون الأحوال الشخصية في تحريم الزواج من زوجة الابن فهو غير مقبول إذ يشترط لقبوله أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباب معقولة. لما كان ذلك، وكان قول الدفاع بتحري المتهمين من بعض رجال القرية قد جاء مرسلاً عار من الدليل بل إن الثابت بالأوراق أن المتهمين يقيناً بسبق زواج ابن المتهم الأول ببنت الثاني والتي تزوجها الأول بموجب وثيقة الزواج رقم....... في....... إذ الثابت بها أن المتهم الأول وهو وكيل ابنه الزوج والمتهم الثاني هو وكيل الزوجة ولم يقرر أيهما شيء من ذلك أمام المأذون الذي ضبط وثيقة الزواج محل الجريمة ومما يدل على عدم سلامة نيتهما في هذا الشأن لجوئهما إلى مأذون قسم رابع بندر...... بدلاً من المأذون المختص ببلدة...... بدائرة مركز........ ومن ثم يغدو اعتذارهما على النحو المذكور غير مقبول" فإن ما أورد الحكم يتضمن رداً سائغاً على دفع الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون على غير سند.
3 - من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن قضاء الحكم المطعون فيه بمصادرة عقد الزواج ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
4 - لما كان ما أورده الحكم كقرينة على عدم صحة ما قرره الطاعن من أن نجله تزوج حال مرضه بمرض الموت "أن الكثير من المجتمع المصري يعانون من هذا المرض ويتم الغسيل الكلوي لهم بالطرق الحديثة ورغم ذلك يباشرون حياتهم العادية" لا تعلق له بجوهر الأسباب التي اعتمد عليها في قضائه بإدانته ولا يعدو أن يكون تزيداً منه لا يؤثر في سلامته طالما أنه لا أثر له في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية مأذون ناحية........ في ارتكاب تزوير محرر رسمي هو وثيقة زواج المتهم الأول من ابنة المتهم الثاني حال تحريرها المختص بوظيفته بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن قررا على خلاف الحقيقة بأن الزوجة خالية من الموانع الشرعية حالة كونها سبق لها الزواج من نجل المتهم الأول وتم ضبط عقد الزواج على هذا الأساس فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً و41 و213 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة والإيقاف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الطاعن دفع بعدم علمه بالقاعدة الشرعية التي تمنعه من الزواج بزوجة ابنه التي لم يدخل بها إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ والتفت عن طلب المدافع عن الطاعن وقف الفصل في الدعوى الماثلة لحين الفصل في صحة عقد زواج الطاعن من محكمة الأحوال الشخصية. كما رد الحكم على الدفع ببطلان عقد زواج الابن والذي أفاد مجمع البحوث الإسلامية بأنه باطل لصدوره دون توكيل من الابن وهو في مرض الموت رغم ما قدمه الدفاع من شهادات مرضية إثباتاً لذلك بأن الفشل الكلوي مرض يمكن علاجه وأصبح متفشياً في المجتمع المصري وانتهى إلى أنه لا يمكن اعتباره مرض موت دون استشارة المختصين، وأخيراً فقد قضى الحكم المطعون فيه بمصادرة عقد الزواج رغم كونه لا يصح أن يكون محلاً لها مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي التي دانه بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشاهد....... واعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر وما ثبت من كتاب لجنة الإفتاء. لما كان ذلك، وكانت المادة 223 من قانون الإجراءات قد نصت على أنه "إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى, وتحدد للمتهم أو للمدعي بالحقوق المدنية أو للمجني عليه حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص" فأجاز الشارع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية مما لا يقتضي وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة. ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تر من ظروف الدعوى أن الأمر يقتضي وقفها ريثما يتم استصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية ومضت في نظرها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباباً معقولة وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون فإنه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: - أولاً: إذ ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه ثانياً: إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجرائه من اختصاصه وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنياً على أسباب معقولة كما أورد في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام هذا القانون لا تسري على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه رد على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن بقوله "وحيث إنه عن اعتذار المتهمين على لسان دفاعهما بالجهل بأحكام قانون الأحوال الشخصية في تحريم الزواج من زوجة الابن فهو غير مقبول إذ يشترط لقبوله أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباب معقولة. لما كان ذلك، وكان قول الدفاع بتحري المتهمين من بعض رجال القرية قد جاء مرسلاً عار من الدليل بل إن الثابت بالأوراق أن المتهمين يقيناً بسبق زواج ابن المتهم الأول ببنت الثاني والتي تزوجها الأول بموجب وثيقة الزواج رقم...... في........ إذ الثابت بها أن المتهم الأول وهو وكيل ابنه الزوج والمتهم الثاني هو وكيل الزوجة ولم يقرر أيهما شيء من ذلك أمام المأذون الذي ضبط وثيقة الزواج محل الجريمة ومما يدل على عدم سلامة نيتهما في هذا الشأن لجوئهما إلى مأذون قسم...... بدلاً من المأذون المختص ببلدة........ ومن ثم يغدو اعتذارهما على النحو المذكور غير مقبول" فإن ما أورد الحكم يتضمن رداً سائغاً على دفع الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن قضاء الحكم المطعون فيه بمصادرة عقد الزواج ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم كقرينة على عدم صحة ما قرره الطاعن من أن نجله تزوج حال مرضه بمرض الموت "أن الكثير من المجتمع المصري يعانون من هذا المرض ويتم الغسيل الكلوي لهم بالطرق الحديثة ورغم ذلك يباشرون حياتهم العادية" لا تعلق له بجوهر الأسباب التي اعتمد عليها في قضائه بإدانته ولا يعدو أن يكون تزيداً منه لا يؤثر في سلامته طالما أنه لا أثر له في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.