أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 717

جلسة 12 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف ومحمد محمد إبراهيم وعادل السيد الكناني نواب رئيس المحكمة.

(143)
الطعن رقم 10375 لسنة 68 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
المقصود ببيان الواقعة؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة لا يحقق غرض الشارع من استيجاب التسبيب.
(2) استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "بيانات التسبيب".
جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق. اقتضاؤها: وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة.
(3) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك فيه. تحققه إذا أثبت البيان المزور الموظف العام في حدود اختصاصه أياً كان سنده. قانون أو تكليف رؤسائه.
تمام الاشتراك في التزوير غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها. ما دامت تسوغه.
(4) استيلاء على أموال أميرية. تزوير. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
عدم بيان الحكم كيفية تسهيل الوظيفة استيلاء الغير على مال الدولة واستظهار نية كل طاعن. وخلوه من تفاصيل كل مستند من المستندات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو شارك فيه وكيفية المشاركة والدليل على ذلك. قصور.
اتصال وجه الطعن بمحكوم عليهم آخرين. أثره: امتداد أثر الطعن إليهم. صدور الحكم غيابياً على المحكوم عليهم الآخرين من محكمة الجنايات. لا يمتد أثر الطعن إليهم. علة ذلك؟
(5) عقوبة "تطبيقها" "العقوبة التكميلية". نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
خطأ الحكم لعدم توقيت عقوبة العزل. لمحكمة النقض التصحيح. عدم وجوب ذلك ما دام مع النقض الإعادة.
1 - لما كانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم.
2 - لما كانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات تقتضي وجود المال في ملك الدولة أو ما في حكمها عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة أو تسهيل ذلك للغير.
3 - لما كان من المقرر أن التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك فيه لا يتحقق إلا إذا كان إثبات البيان المزور من اختصاص الموظف العام على مقتضى وظيفته في حدود اختصاصه أياً كان سنده من القانون أو تكليف رؤسائه، كما أن الاشتراك في التزوير وإن كان يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، إلا أنه يتعين لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها طالما كان اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - كيف أن وظيفة الطاعنين الأول والثاني قد طوعت لهما تسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، كما خلا الحكم من بيان تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنان المذكوران والمثبتة لارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على مال للدولة أو الاشتراك فيها بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثامن - الطاعن الثالث - ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته, ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها ولم يفصح الحكم عن اختصاص الطاعنين الأول والثاني كموظفين عموميين في صدد جناية التزوير في الأوراق الرسمية حالة أن الاختصاص الفعلي للموظف ركن في تلك الجناية، كما خلت مدوناته من تفاصيل ختاميات العمليات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور كل طاعن والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة، كما خلت مدوناته من بيان الظروف والملابسات التي تظاهر الاعتقاد باشتراك الطاعن الثالث مع باقي المتهمين في التزوير في الأوراق الرسمية، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليهم...... و...... و...... لاتصال وجه الطعن بهم وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض دون المحكوم عليهما....... و....... لكون الحكم قد صدر بالنسبة لهما غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه من غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة، ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية.
5 - ولئن كان صحيحاً ما ذهبت إليه النيابة العامة في طعنها من أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون بعدم توقيته لعقوبة العزل لحكمه بعقوبة الحبس على المحكوم عليهم من الأول إلى السابع إعمالاً للمادة 17 من قانون العقوبات مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح هذا الخطأ إلا أنه إزاء ما انتهت إليه فيما تقدم من نقض الحكم لما شابه من قصور في التسبيب والإعادة فإنه لا يكون للتصحيح محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ....... 2 - ...... 3 - "طاعن" 4 - "طاعن" 5 - ........ 6 - ....... 7 - ........ 8 - "طاعن" بأنهم: أولاً: المتهمون من الأول حتى السابع: بصفتهم موظفين عموميين الأول رئيس مجلس مدينة شبين القناطر والثاني مدير الإدارة الهندسية والثالث وكيلها والرابع والخامس والسادس مهندسون بها والسابع رئيس قسم العقود بمجلس المدينة المذكورة سهلوا للمتهم الثاني الاستيلاء بغير حق على أموال مجلس مدينة شبين القناطر إحدى وحدات الإدارة المحلية المبينة وصفاً بالأوراق والبالغ جملتها 12210.488 جنيه وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير محررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة بوصف أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفتهم السالفة ارتكبوا أثناء تأدية وظيفتهم تزويراً في أوراق رسمية حال تحريرها المختص بوظيفته هي ختاميات عمليات مبنى الإدارة التعليمية ومبنى معهد الفتيات الأزهري وورش مدرسة الصناعة الثانوية بشبين القناطر ومحاضر الاستلام الابتدائي للعمليتين الأولى والثانية وذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت المتهم الرابع تحت إشراف السادس ومراجعة الخامس بهذه الختاميات تنفيذ المتهم الثامن أعمالاً تزيد عن الأعمال المنفذة على الطبيعة حجماً ونوعاً فصرف بمقتضاها مواد بناء "حديد مسلح وأسمنت" بالزيادة وادعى استخدامها في تلك المشروعات على خلاف الحقيقة كما أثبت المتهمون الثالث والرابع والخامس بمحاضر الاستلام الابتدائي لمبنى الإدارة ومعهد الفتيات الأزهري المؤرخين في 12 من مايو سنة 1978، 7 من ديسمبر سنة 1980 م أن كلا المبنيين قد نفذا طبقاً للاشتراطات والمواصفات المقررة رغم وجوب إزالتها خلافاً للحقيقة وقام المتهمون الأول والثاني والسابع باعتماد تلك المحررات بما يفيد مراجعتها ومطابقتها وأقروا بصحتها وصرف المبالغ الواردة بختامياتها للمتهم الثامن خلافاً للحقيقة ودون خصم غرامة التأخير المستحقة في عملية ورشة النجارة بمدرسة الصناعة الثانوية خلافاً للعقد المبرم في هذا الشأن واحتج بتلك المحررات بقسم الحسابات لصرف المبالغ المثبتة بها وهم عالمون بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الثامن أولاً: اشترك في تسهيل استيلائه على المبالغ المبينة بالتهمة السالفة والمملوكة للجهة سالفة الذكر بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق مع المتهم الرابع على إثبات أعمال بالزيادة في ختام العمليات سالفة البيان واتفق مع باقي المتهمين على قيام المتهمين الثالث والرابع والخامس والسادس بتحرير محضري الاستلام الابتدائيين المؤرخين 12 من مايو سنة 1978، 7 من ديسمبر سنة 1980 ومراجعتهما من المتهمين الثاني والسابع واعتمادهما وإسنادها إليه بالأمر المباشر من قبل المتهم الأول دون طرحها بطريق المناقصة العامة وساعدهم على ذلك بأن قام بتنفيذ تلك العمليات بالمخالفة للاشتراطات والمواصفات المقررة ونفذ عملية ورش مدرسة الصنايع الثانوية دون إشراف مهندس نقابي تهرباً من سداد الرسوم النقابية المقررة واحتج بختاميات تلك العمليات بقسم الحسابات لصرف المبالغ المثبتة بها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.
ثانياً: أخل عمداً بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها عليه عقد المقاولة المبرم فيما بينه وبين مجلس مدينة شبين القناطر بأن قام بتنفيذ مبنى الإدارة التعليمية بشبين القناطر المسند إليه بمقتضى أمر الشغل رقم....... بالمخالفة للاشتراطات والمواصفات الهندسية المقررة فترتب على ذلك ضرر جسيم هو وجوب إزالة هذا البناء حتى سطح الأرض والبالغ تكلفته عشرة آلاف جنيه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول حتى الرابع والسادس والثامن وغيابياً للخامس والسابع عملاً بالمواد 40 و41 و113/ 1 و2 و118 و118 مكرر و119 مكرر/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون. أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة وبعزل المتهمين السبعة الأول من وظائفهم وبتغريم المتهمين جميعاً مبلغ 12210.488 جنيه وإلزامهم برد مبالغ مساوية لمجلس مدينة شبين القناطر وبتغريم المتهم الثامن أيضاً مبلغ خمسة آلاف جنيه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات بالنسبة للمتهمين جميعاً عدا الخامس والسابع.
فطعن المحكوم عليهم الثالث والرابع والثامن والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم تسهيل الاستيلاء على أموال عامة، والاشتراك فيها، والتزوير في محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها والإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم جاء في عبارات عامة مجملة خلواً من بيان أسباب الإدانة مما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "أن المتهمين..... و..... و...... و...... و...... و..... و..... و..... بصفة كل منهم موظفاً عاماً بمجلس مدينة شبين القناطر قد سهلوا للمتهم........ الاستيلاء بغير حق على مبلغ 12210.488 جنيه من أموال المجلس وهو إحدى وحدات الإدارة المحلية وقد تمت هذه الجريمة بأن ارتكب المتهمون السبعة تزويراً في محررات رسمية حال تحريرهم لها المختصون بحكم وظائفهم هي ختاميات المنشآت المبينة وصفاً بالأوراق ومحاضر استلامها بأن أثبت المتهمون الثالث والرابع والخامس والسادس تنفيذ المتهم الثامن أعمالاً بهذه المنشآت تزيد على الأعمال المنفذة وأن الأعمال التي نفذها تمت طبقاً للمواصفات المقررة رغم عدم صحة ذلك، وقام المتهمون الأول والثاني والسابع باعتماد تلك المستندات بما يفيد مراجعتهم لها وتأكدهم من صحتها برغم علمهم بعدم صحة ذلك، وقام المتهم الثامن........ بالإخلال عمداً بتنفيذ الالتزامات التي يلتزم بها طبقاً لعقد المقاولة المبرم بينه وبين مجلس مدينة شبين القناطر بأن قام بتنفيذ المنشآت المبينة بالأوراق بالمخالفة للاشتراطات الفنية الهندسية وترتب عليه ضرر جسيم هو وجوب إزالة المنشآت حتى سطح الأرض وقيمته خمسة آلاف جنيه، واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال....... وكيل التفتيش المالي والإداري بمحافظة القليوبية والمهندس..... مساعد مدير الأعمال بمديرية الإسكان و..... وكيل الحسابات بديوان عام محافظة القليوبية، ومما ثبت من تحريات قسم مباحث الأموال العامة، وما انتهى إليه تقرير هيئة بحوث البناء والإسكان والتخطيط العمراني، وما قرره كل من المتهم الأول والثالث والرابع والخامس، كما حصل أقوال........ وكيل التفتيش المالي والإداري بما مجمله أنه رأس اللجنة المشكلة لفحص الإنشاءات التي قام بها المتهم الثامن والمسندة إليه من مجلس مدينة شبين القناطر وتبين للجنة أن هذه الإنشاءات أُسندت للمتهم الثامن بالأمر المباشر رقم.... لسنة..... في حدود مبلغ خمسة آلاف جنيه ولم تكن اعتماداً مالياً مالي ولم تكن مدرجة بالخطة العامة للدولة، وأن أربعة وعشرين عموداً خرسانياً من هذه الإنشاءات غير مطابق للمواصفات الفنية لوجود تعشيش بالأعمدة وعدم وجود كانات وتلف أشاير الأعمدة وأن عمودين من هذه الأعمدة أقل من منسوب الأعمدة الأخرى ولا يوجد بها طرف رباط لأعلى بالمخالفة لأصول الصناعة ويلزم إزالتها بالكامل لعدم صلاحيتها للاستخدام أو التعلية عليها، وأنه بالنسبة للمبنى الثاني فإن أعمدته بها تعشيش ويلزم معالجتها بمعرفة المقاول وأنه صرفت للمتهم وهو المقاول مواد بناء بالزيادة عن احتياجات العمل وفروق أسعار بناء غير مستحقة، وأنه تم استلام المبنيين بمعرفة المتهمين رغم عدم مطابقتهما للمواصفات الهندسية، وأنه ترتب على هذه الإنشاءات إضرار عمدي بالمال العام قيمته خمسة آلاف جنيه وانتهت اللجنة إلى مسئولية المتهمين عن تلك الوقائع وأنهم سهلوا للمتهم الثامن الاستيلاء على المال العام وأن هذا الأخير أضر بالمال العام لإخلاله عمداً بتنفيذ عقد المقاولة, وحصل الحكم أقوال كل من المهندس...... بما مؤداه أن اللجنة انتهت لوجود المخالفات التي أوردتها في أقواله وإلى أن المتهمين من الأول حتى السابع سهلوا للمتهم الثامن الاستيلاء على المال العام وأن هذا الأخير أضر عمداً بالمال العام على النحو المبين بتقرير اللجنة، وقد أثبت من تحريات قسم مباحث الأموال العامة أن المتهم الثامن قام بصرف مواد بناء أكثر من المستحق له وتصرف في الكمية الزائدة في غير الغرض المنصرفة من أجله وأنه حصل على مستحقاته المالية ثم توقف عن البناء، وأورد الحكم أن المتهم الأول أقر بإسناد الإنشاءات للمتهم الثامن بالأمر المباشر دون إتباع طريق المناقصة ودون أن يكون لهذه الإنشاءات اعتماد مالي أو تكون مدرجة في خطة الدولة، كما أقر المتهم الثالث أنه الذي أعد العقود الخاصة بهذه الإنشاءات وبعدم أحقية المتهم الثامن بصرف المبالغ التي صرفها، كما أقر المتهمان الرابع والخامس أنهما كانا عضوين مع المتهم الثالث في لجنة استلام هذه المنشآت، كما أورد الحكم أن تقرير هيئة بحوث البناء والإسكان والتخطيط العمراني انتهى إلى وجود المخالفات التي انتهت إليها اللجنة المشكلة من الشهود الثلاثة الأول في الإنشاءات موضوع الدعوى". لما كان ذلك، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات تقتضي وجود المال في ملك الدولة أو ما في حكمها عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة أو تسهيل ذلك للغير، كما أن التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك فيه لا يتحقق إلا إذا كان إثبات البيان المزور من اختصاص الموظف العام على مقتضى وظيفته في حدود اختصاصه أياً كان سنده من القانون أو تكليف رؤسائه، كما أن الاشتراك في التزوير وإن كان يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، إلا أنه يتعين لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها طالما كان اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - كيف أن وظيفة الطاعنين الأول والثاني قد طوعت لهما تسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، كما خلا الحكم من بيان تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنان المذكوران والمثبتة لارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على مال للدولة أو الاشتراك فيها بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثامن - الطاعن الثالث - ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته, ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها ولم يفصح الحكم عن اختصاص الطاعنين الأول والثاني كموظفين عموميين في صدد جناية التزوير في الأوراق الرسمية حالة أن الاختصاص الفعلي للموظف ركن في تلك الجناية، كما خلت مدوناته من تفاصيل ختاميات العمليات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور كل طاعن والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة، كما خلت مدوناته من بيان الظروف والملابسات التي تظاهر الاعتقاد باشتراك الطاعن الثالث مع باقي المتهمين في التزوير في الأوراق الرسمية، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليهم الأول والثاني والثالث والرابع والسادس والثامن لاتصال وجه الطعن بهم وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض دون المحكوم عليهما الخامس والسابع لكون الحكم قد صدر بالنسبة لهما غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه من غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة، ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن. لما كان ذلك، ولئن كان صحيحاً ما ذهبت إليه النيابة العامة في طعنها من أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون بعدم توقيته لعقوبة العزل لحكمه بعقوبة الحبس على المحكوم عليهم من الأول إلى السابع إعمالاً للمادة 27 من قانون العقوبات مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح هذا الخطأ إلا أنه إزاء ما انتهت إليه فيما تقدم من نقض الحكم لما شابه من قصور في التسبيب والإعادة فإنه لا يكون للتصحيح محل.