أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 727

جلسة 16 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان ود. صلاح البرعي وأحمد عبد القوي أحمد نواب رئيس المحكمة.

(144)
الطعن رقم 5699 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "أركانها". إسقاط حبلى. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الركن المعنوي في جريمة إسقاط أنثى هو تيقن حمل المجني عليها. إجراء عملية تفريغ رحمها يكفي لبيان تعمده إنهاء الحمل قبل الأوان.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغاً.
الجدل في صورة الواقعة. غير مقبول.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
(5) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة التناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام النقض. غير مقبول. أساس ذلك؟
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
(7) دعوى مدنية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. ضرر.
بيان الحكم العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. عدم بيانه عناصر الضرر عند قضائه بالتعويض. لا خطأ.
1 - لما كان مؤدى ما حصله الحكم أن الطاعن بعد أن وقع الكشف الطبي على المجني عليها وتبين حملها، عمد إلى إجراء عملية تفريغ رحمها، فإن في ذلك ما يكفي لبيان تعمده إنهاء الحمل قبل الأوان وهو ما يتحقق به الركن المعنوي في جريمة الإسقاط التي دانه بارتكابها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقارير الطبية والتقارير الطبية الشرعية فإن ما يثيره الطاعن من أن للواقعة صورة أخرى تغاير هذه الصورة وقوله بأن الواقعة مجرد قتل خطأ لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويعدو منعاه في هذا الخصوص لا سند له.
3 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - لما كان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - لما كان الواضح من محضر الجلسة التي دارت فيها المرافعة واختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي.
6 - لما كان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول أنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين التي دان الطاعن بهما، وهذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض ولا تثريب على المحكمة إذا هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدرت على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته طبيباً أسقط عمداً امرأة حبلى وذلك بأن أجرى لها عملية تفريغ الرحم فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. ثانياً: أحدث عمداً بالمجني عليها سالفة الذكر الجروح والإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الجروح والإصابات المذكورة أفضت إلى موتها. وأحالته إلى محكمة جنايات........ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى..... عن نفسه وبصفته مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1، 261، 263 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أُسند إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وقفاً شاملاً لأية عقوبة تبعية ولكافة الآثار الجنائية وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني عن نفسه وبصفته تعويضاً مدنياً قدره عشرة آلاف جنيه.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إسقاط امرأة حبلى وإحداث جروح أفضت إلى الموت، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يستظهر الركن المعنوي المتطلب قانوناً في الجريمة الأولى، كما اعتنق تصوير الشهود للواقعة رغم أن للواقعة صورة أخرى تغاير ذلك التصوير، والواقعة لا تعدو كونها مجرد جنحة قتل خطأ لا تختص محكمة الجنايات بنظرها، وعول الحكم على أقوال الشاهد الأول - زوج المجني عليها - رغم كذبها وتضاربها وتناقضها مع الدليل الفني، وأحال في بيان شهادة الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، ولم يعرض إيراداً ورداً لدفاع الطاعن الثابت بمحضر الجلسة، ولم يبين أساس قضائه بالتعويض المدني ووجه الضرر الذي أصاب المدعي بالحقوق المدنية وعناصره، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجني عليها ذهبت إلى الطبيب الطاعن لمتابعة حملها فأجرى لها وبغير مبرر طبي عملية جراحية وأفرغ رحمها من حملها فأدى ذلك إلى حدوث نزيف داخلي وتضخم وتهتك برحمها مما أفضى إلى موتها. وساق الحكم تدليلاً على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال الشهود واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت بالتقارير الطبية والطبية الشرعية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما حصله الحكم أن الطاعن بعد أن وقع الكشف الطبي على المجني عليها وتبين حملها، عمد إلى إجراء عملية تفريغ رحمها، فإن في ذلك ما يكفي لبيان تعمده إنهاء الحمل قبل الأوان وهو ما يتحقق به الركن المعنوي في جريمة الإسقاط التي دانه بارتكابها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقارير الطبية والتقارير الطبية الشرعية، فإن ما يثيره الطاعن من أن للواقعة صورة أخرى تغاير هذه الصورة وقوله بأن الواقعة مجرد قتل خطأ لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويعدو منعاه في هذا الخصوص لا سند له. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة، وإذ كان الواضح من محضر الجلسة التي دارت فيها المرافعة واختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي، فإن ما ينعاه الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال الشاهد الأول لا يكون صائباً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشاهد على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول إنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين التي دان الطاعن بهما، وهذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض ولا تثريب على المحكمة إذا هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدرت على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.