مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1991 إلى آخر سبتمبر سنة 1991) - صـ 1142

(119)
جلسة 30 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز أحمد حمادة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا حنا والدكتور/ أحمد مدحت علي ومحمد عبد الرحمن سلامة والدكتور/ أحمد محمود جمعه - المستشارين.

الطعن رقم 2556 لسنة 30 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي - اللجان القضائية للإصلاح الزراعي - قراراتها - تكييفها - قرارات مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الصادرة بالموافقة أو عدم الموافقة على قرارات اللجان القضائية - تكييفها.
المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم 381 لسنة 1956 - القانون رقم 131 لسنة 1953 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 - اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي هي جهة قضائية مستقلة عن جهتي القضاء العادي والإداري أنشأها المشرع وخصها بالفصل دون سواها فيما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي من منازعات متعلقة بملكية الأراضي المستولى عليها وقرارات الاستيلاء الصادر بشأنها - اللجان القضائية تتبع إجراءات قضائية لها سمات إجراءات التقاضي وضماناته - نتيجة ذلك: القرارات التي تصدرها تلك اللجان وهي تمارس عملاً قضائياً تعتبر بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية - مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وهو يباشر اختصاصه باعتماد قرارات اللجنة يتداخل عمله مع عمل اللجنة فتلحقه لزوماً الصفة القضائية - نتيجة ذلك: ما يصدره المجلس في هذا الشأن من قرارات تلحقه الصفة القضائية وتعتبر من الأحكام التي تحوز حجية الأمر المقضي - ما يصدر عن مجلس الإدارة في هذا الخصوص حجة على الكافة فيما فصل فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً - أساس ذلك: المادة 10 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - تطبيق.
(ب) إصلاح زراعي - قواعد الاعتداد بالتصرفات.
المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي - عدم سريان أحكام المادة (1) من القانون رقم 15 لسنة 1970 على قرارات اللجان القضائية التي تم التصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة - نص المادة الثانية يتسع ليشمل حالة رفض مجلس إدارة الهيئة اعتماد قرارات اللجان القضائية - قرارات مجلس إدارة الهيئة الصادر باعتماد أو رفض اعتمادات قرارات اللجان القضائية هي أحكام قضائية تحوز حجية الأمر المقضي وليست قرارات إدارية لا تحوز هذه الحجية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 9 من يوليو سنة 1984 أودع السيد الأستاذ محمد أبو شتيه المحامي بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ/ علاء الدين نور المحامي بصفته وكيلاً عن السيدات سنية وفاطمة الزهراء وجيهان وماهيناز وسعاد محمد عزت عبد المجيد سرايا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2556 لسنة 30 قضائية في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض المقيد برقم (1) لسنة 1972 المقام من السيد/ محمد عزت عبد المجيد سرايا بصفته ولياً على بناته القاصرات (الطاعنات) - ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي (المطعون ضدها)، والذي قضى بجلسة 12/ 5/ 1984 برفض الاعتراض، وإلزام المعترضات (الطاعنات) المصروفات وطلبت الطاعنات للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء بإلغاء قرار الاستيلاء على المساحة موضوع الاعتراض ومقدارها 21 س 16 ط 20 ف مما يستولى عليه قبل مورثهم المرحوم/ محمد عزت عبد المجيد سرايا طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، وتسليمهم هذه المساحة، مع إلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن للهيئة المطعون ضدها، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وقبل الفصل في الموضوع، ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنصورة لأداء المأمورية الموضحة بالتقرير، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) الطعن على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/ 6/ 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) بنظره بجلسة 27/ 6/ 1989 حيث نظرته المحكمة بالجلسات الموضحة بمحاضر الجلسات، وبجلسة 26/ 12/ 1989 حكمت المحكمة - بهيئة أخرى - بقبول الطعن شكلاً - وقبل الفصل في الموضوع - بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنصورة لأداء المأمورية المشار إليها بهذا الحكم وهي بحث طبيعة أرض النزاع على ضوء أحكام القرار التفسيري رقم (1) لسنة 1963. حددت لنظر الطعن لجلسة 30/ 1/ 1990 في حالة عدم دفع أمانة الخبير، وبجلسة 27/ 3/ 1990 في حالة دفعها، وأبقت الفصل في المصروفات. وإذ لم تقم الطاعنات بدفع أمانة خبير فقد نظرت المحكمة الطعن بجلسة 30/ 1/ 1990 والجلسات التالية قدم الحاضر عن الطاعنات خلالها مذكرة دفاع طلب فيها الحكم أصلياً: بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء بإلغاء قرار الاستيلاء على المساحة محل النزاع تطبيقاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي، واحتياطياً: إحالة الطعن إلى الدائرة الخاصة المشكلة بالمادة 54 - مكرراً من قانون مجلس الدولة، ومن باب الاحتياط الكلي: ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنصورة لبيان ما إذا كان مورث الطاعنات قد احتفظ ضمن الأطيان المسموح بتملكها تطبيقاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي أرضاً تعتبر من أراضي البناء ويكون لهم استكمال النصاب المسموح بتملكه من الأطيان الزراعية المستولى عليها لدى مورثهن تمهيداً للحكم بأحقيتهن في استكمال ملكية مورثهن بما يعادل أرض البناء التي احتفظ بها ضمن الأطيان المسموح بتملكها، وبجلسة 30/ 10/ 1990 قرر الحاضر عن الطاعنات بتنازله عن الحكم التمهيدي الصادر في الطعن بجلسة 26/ 12/ 1989 سالف البيان ثم أرجأت المحكمة إصدار الحكم لجلسة اليوم حيث صدر فيها الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قدم في الميعاد واستوفى باقي أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن وقائعه تتحصل - حسبما هو ثابت من الأوراق في أن مورث الطاعنات (المرحوم/ محمد عزت عبد المجيد سرايا) أقام الاعتراض المقيد برقم 716 لسنة 1962 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بطلب الاعتداد بالعقدين المؤرخين في 19/ 10/ 1954 و19/ 3/ 1960 وإلغاء الاستيلاء الحاصل بتاريخ 5/ 3/ 1962 على مساحة مقدارها 21 س 16 ط 20 ف مشاعة في الأرض موضوع هذين العقدين والواقعة بناحية الرياض بحوض القطعة رقم 17 مركز دكرنس دقهلية إذ بمقتضى العقد المؤرخ 19/ 10/ 1954 باع مورث الطاعنات المرحوم/ محمد عزت عبد المجيد سرايا والسيدة/ سنية حافظ سرايا إلى السيدة/ عفاف محمد محمد سويلم عن ابنتيها القاصرتين/ سنية وفاطمة الزهراء محمد عزت عبد المجيد سرايا مساحة مقدارها 2 س 1 ط 43 ف أرضاً زراعية، وأنه بمقتضى العقد المؤرخ في 19/ 3/ 1960 باع مورث الطاعنات (المرحوم/ محمد عزت عبد المجيد سرايا) إلى السيدة عفاف محمد محمد سويلم عن بناتها القصر جيهان وشاهيناز وسعاد محمد عزت عبد المجيد سرايا مساحة مقدارها 1 س 4 ط 59 ف، وقد أقام مورث الطاعنات الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 بصفته ولياً طبيعياً عنهن، وبجلسة 15/ 12/ 1962 قررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في هذا الاعتراض بالاعتداد بالعقدين المؤرخين في 19/ 10/ 1954 و19/ 3/ 1960 واستبعاد المساحة موضوع الاعتراض ومقدارها 21 س 16 ط 20 ف مما يستولى عليه لدى المعترض الخاضع لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام الإصلاح الزراعي - غير أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قرر بجلسته المنعقدة في 17/ 12/ 1967 عدم الموافقة على قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 استناداً إلى ما قررته لجنة الاعتراضات بتاريخ 16/ 3/ 1963 برفض أدلة ثبوت تاريخي العقدين المشار إليهما المتعلقة بخاتمي الشاهدين على التصرفين وهما السيدان سعيد بدوي أبو العينين والسيد حنظل حيث إن الشاهد الأول توفى بتاريخ 23/ 4/ 1960 بالنسبة للعقد الثاني وتوفى الشاهد الثاني بتاريخ 27/ 10/ 1955 بالنسبة للعقد الأول وما دل عليه محضر جبر الخاتمين. ثم أقامت السيدة/ عفاف محمد محمد سويلم بصفتها الشخصية وبصفتها نائبة عن ابنتيها القاصرتين (سنية وفاطمة الزهراء) الاعتراض رقم 511 لسنة 1968 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بطلب إلغاء الاستيلاء الواقع على ذات المساحة موضوع الاعتراض السابق رقم 716 لسنة 1962 فقررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي أولاً: عدم قبول الاعتراض بالنسبة للمعترضة (السيدة عفاف محمد محمد سويلم) عن نفسها لرفعه من غير ذي صفة. ثانياً: عدم جواز نظر اعتراض المعترضة بصفتها مأذوناً لها بالخصومة عن ابنتيها القاصرتين/ سنية وفاطمة الزهراء محمد عزت عبد المجيد سرايا) لسابقة الفصل فيه في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 ثم طعنت المعترضة في هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن المقيد برقم 72 لسنة 18 قضائية فقضت المحكمة بجلسة 28/ 1/ 1975 بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنة المصروفات.
وبتاريخ 1/ 1/ 1972 أقام مورث الطاعنات بصفته ولياً طبيعياً عنهن الاعتراض رقم (1) لسنة 1972 ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بطلب إلغاء قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الصادر بتاريخ 17/ 12/ 1967 فيما تضمنه من عدم الاعتداد بقرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962، واستبعاد المساحة موضوع النزاع في هذا الاعتراض ومقدارها 21 س 16 ط 20 ف مما يستولى عليه قبله - فأصدرت اللجنة القضائية القرار المطعون فيه في الطعن الماثل بجلسة 12/ 5/ 1984 - وقضى برفض الاعتراض وإلزام المعترضات (الطاعنات) المصروفات. وأقامت اللجنة قرارها في ضوء تعديل الأساس القانوني للاعتراض بأن يكون القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي، على أن استناد المعترضات إلى أحكام هذا القانون في غير محله لأنه يشترط لتطبيق أحكام المادة الأولى من القانون رقم 15 لسنة 1970 سواء قبل تعديلها بالقانون رقم 50 لسنة 1979 أو بعد تعديلها بمقتضى هذا القانون ألا يكون قد صدر قرار نهائي من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، ولأن الثابت أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قرر بجلسته المنعقدة في 17/ 12/ 1967 عدم الموافقة على قرار اللجنة القضائية باعتماد عقدي البيع المشار إليهما الصادر في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962، وأن قرارات مجلس إدارة الهيئة سواء بالموافقة أو عدم الموافقة على قرارات اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي تلحقها الصفة القضائية وتعتبر بمثابة أحكام نهائية وأضافت اللجنة بأن زعم المعترضات أن الأرض محل النزاع من أراضي البناء في غير محله، لأنهن وصفن الأرض المذكورة بصحيفة الاعتراض بأنها أرض زراعية.
ومن حيث إن الطاعنات يؤسسن الطعن الماثل بالنص على القرار المطعون فيه بمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله استناداً إلى القول بأن المشرع قد كشف في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي عن أن حكم المادة الأولى من هذا القانون يسري متى كان قرار الاستيلاء النهائي لم يصدر بعد حتى ولو كان قد صدر في موضوع التصرف قرار من اللجنة القضائية، وأن الثابت أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لم يصدر القرار النهائي بالاستيلاء على المساحة محل النزاع، وأنه بالتالي لا يكون للقرار الصادر من مجلس إدارة الهيئة بعدم الموافقة على قرار اللجنة القضائية الصادر في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 حجية على النزاع محل الاعتراض رقم (1) لسنة 1972، وأن الدليل على أن الهيئة لا تتمسك بنهائية القرار الصادر من اللجنة القضائية في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 أنها أفادت - مورثهن (المرحوم/ محمد عزت عبد المجيد سرايا) بكتابها رقم 21813 بتاريخ 14/ 12/ 1971 رداً على تظلمه من قرار مجلس إدارة الهيئة الصادر بتاريخ 17/ 12/ 1967 بعدم الموافقة على قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 بأن يلجأ إلى اللجان القضائية للإصلاح الزراعي، كما أن القرار الصادر من اللجنة في هذا الاعتراض لا يحوز أية حجية بالنسبة للاعتراض رقم (1) لسنة 1972 لاختلاف الأساس القانوني الذي بني عليه كل من الاعتراضين حيث إن الاعتراض الأول رقم 716 لسنة 1962 بني استناداً إلى أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، بينما استند الاعتراض الثاني رقم (1) لسنة 1972 إلى أحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي.
ومن حيث إنه عما تنعى به الطاعنات على القرار المطعون فيه الصادر في الاعتراض رقم (1) لسنة 1972 بمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله استناداً إلى القول بأن قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الصادر في 17/ 12/ 1967 بعدم الموافقة على قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 لا يحول دون طرح النزاع من جديد بالاعتراض رقم (1) لسنة 1972 والذي أقيم استناداً إلى أحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 المشار إليه حيث اشترط للإفادة من أحكامه ألا يكون قد صدر قرار نهائي بالاستيلاء من مجلس إدارة الهيئة، فإنه عن هذا النعي فهو مردود بأن قرارات مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي سواء أصدرت بالموافقة أم عدم الموافقة على قرارات اللجنة القضائية الصادرة باعتماد عقود البيع تعتبر بمثابة حكم نهائي بتأييد أو رفض الموافقة على قرار اللجنة، وبذلك تحوز هذه القرارات هي الأخرى حجية الأمر المقضي، ولا يجوز بعد ذلك للخصوم إعادة تجديد النزاع بصفة مبتدأه أمام اللجنة القضائية ومرد ذلك إلى أن المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقرار رقم 381 لسنة 1956 وقبل تعديلها بالقرار بالقانون رقم 69 لسنة 1971 كانت تنص في فقرتها الثانية على أن (تشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل تكون له الرئاسة ومن عضو مجلس الدولة ومندوب عن اللجنة العليا للإصلاح الزراعي ومندوب عن الشهر العقاري وآخر من مصلحة المساحة - وتكون مهمتها في حالة المنازعة تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها، وذلك لتعيين ما يجب الاستيلاء عليه طبقاً لأحكام هذا القانون، كما تختص هذه اللجنة بالفصل في المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضي المستولى عليها، كما نصت الفقرة الرابعة منها على أن (.... تبين اللائحة التنفيذية الإجراءات التي تتبع في رفع المنازعات أمام اللجان القضائية وكيفية الفصل فيها)، ونصت المادة 27 من هذه اللائحة التنفيذية بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية الصادر في 31 من مايو سنة 1957 - على أن ".... تقوم اللجنة القضائية في حالة المنازعة - بتحقيق الإقرارات وفحص الملكية والحقوق الفنية وإجراءات التوزيع ولها في سبيل ذلك تطبيق المستندات وسماع أقوال من ترى لزوماً لسماع أقوالهم وتكليف المستولى لديهم أو وزعت الأرض عليهم وغيرهم من ذوي الشأن الحضور أمامها لإبداء ملاحظاتهم وتقديم ما تطلبه منهم من بيانات أو مستندات ويكون التكليف بكتاب موصى عليه بعلم الوصول قبل الجلسة بأسبوع على الأقل، ولذوي الشأن أن يحضروا أمام اللجنة بأنفسهم أو ينيبوا عنهم محامياً في الحضور، وللجنة الاستعانة بمن ترى الاستعانة بهم من الموظفين الفنيين أو الإداريين أو غيرهم من ذوي الخبرة. ولا يكون انعقاد اللجنة صحيحاً إلا بحضور جميع أعضائها وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة وتكون مسببة وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه في شأن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي أنه - (... نظراً لأهميتها خلع عليها صفة قضائية وحددت طريقة تشكيلها ليكفل لذوي الشأن - من الضمانات ما يكفله لهم القضاء العادي في هذا النوع من مسائل فيتم بذلك التوفيق بين مصالح الأفراد من جهة ومصلحة الدولة في سرعة البت في مسائل ملكية الأراضي المستولى عليها)، وهو ما أشارت إليه أيضاً المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون رقم 381 لسنة 1956 بتعديل المادة 13 مكرراً سالفة الذكر فيما أوردته من أنه (ولذلك أنشئت لجنة قضائية روعي في تشكيلها أنه تكفل لذوي الشأن من الضمانات ما تكفله لهم جهات القضاء....)، كما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم (11) لسنة 1972 بإلغاء موانع التقاضي في بعض القوانين أنه بما تضمنه هذا القانون من إلغاء النصوص الواردة في - قوانين الإصلاح الزراعي التي كانت تحصن العمال والقرارات الإدارية من رقابة القضاء (.... لم يعد هناك أي مانع من موانع التقاضي في هذه الحالات فضلاً عما كان قد استقر عليه القضاء من اعتبار اللجنة القضائية المشكلة طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي جهة قضائية مستقلة بالنسبة لما خصها الشارع بنظره من تلك المنازعات.
ومؤدى ما تقدم أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في جهة قضائية مستقلة عن جهتي القضاء العادي والإداري أنشأها المشرع وخصها بالفصل دون سواها فيما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي - منازعات متعلقة بملكية الأراضي المستولى عليها، وقرارات الاستيلاء الصادرة بإنشائها وذلك باتباع إجراءات قضائية لها كافة سمات إجراءات التقاضي وضماناته وتؤدي إلى سرعة البت في هذه المنازعات حتى يحسم أمرها وتتحقق بذلك الأهداف التي صدر من أجلها قانون الإصلاح الزراعي، وهو ما أفصح عنه المشرع في المذكرات الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 وبالقرار بالقانون رقم 381 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي والقانون رقم 11 لسنة 1972 بشأن إلغاء موانع التقاضي على ما سلف بيانه وبالتالي فإن القرارات التي تصدرها هذه اللجنة، وهي تمارس عملاً قضائياً أسنده إليها المشرع، تعتبر بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية، كما أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إذ يباشر في صدد اعتماده قرارات اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - ما اختص به بنص صريح في القانون فإن ما يتولاه في هذا الشأن يتداخل مع عمل اللجنة وهو عمل قضائي على ما سلف بيانه، فتلحق لزوماً الصفة القضائية ما يصدره من قرارات وتعتبر من الأحكام التي تحوز حجية الأمر المقضي، وتكون بهذه المثابة حجة على الكافة فيما فصل فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً إعمالاً لحكم المادة (10) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 والتي تنص على أن (الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها).
ومن حيث إنه متى كان الثابت أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد أصدر قراره بتاريخ 17/ 12/ 1967 متضمناً عدم الموافقة على قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 باعتماد عقدي البيع المؤرخين في 19/ 10/ 1954، 19/ 3/ 1960 وإلغاء الاستيلاء الواقع على مساحة مقدارها 21 س 16 ط 20 ف، فإن قرار مجلس إدارة الهيئة يعتبر في هذه الحالة بمثابة حكم نهائي يحوز حجية الأمر المقضي ويمنع الخصوم من إعادة تجديد النزاع أمام اللجنة القضائية مرة أخرى، ولا يغير من ذلك أن مجلس إدارة الهيئة لم يصدر قرار الاستيلاء النهائي كما تذهب إلى ذلك الطاعنات وبحسب ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 15 لسنة 1970 بأن حكم المادة الأولى - من القانون رقم 15 لسنة 1970 المشار إليه يسري متى كان قرار الاستيلاء النهائي لم يصدر بعد حتى ولو كان قد صدر في موضوع التصرف قرار من اللجنة القضائية، ذلك أنه وإن كان القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي - وهو القانون الذي استندت إليه الطاعنات في الاعتراض رقم (1) لسنة 1972 قد نص في مادته الثانية على ألا تسري أحكام المادة الأولى منه على قرارات اللجان القضائية التي تم التصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة، كما أن المذكرة الإيضاحية لهذا القانون قد بينت الحالات التي لا تسري عليها أحكام هذه المادة ومنها حالة صدور قرار نهائي بالاستيلاء، إلا أن نص المادة الثانية يتسع ليشمل أيضاً حالة رفض مجلس إدارة الهيئة اعتماد قرارات اللجان القضائية وهو ما يتفق مع مقصود المشرع من إصداره لهذا القانون وهو إنهاء المنازعات المتعلقة بمساحات ضئيلة من الأراضي، وكذلك يتسق مع طبيعة قرارات مجلس إدارة الهيئة الصادرة باعتماد أو برفض اعتماد قرارات اللجان القضائية بأنها أحكام قضائية تحوز حجية الأمر المقضي وليست قرارات إدارية لا تحوز هذه الحجية.
ومن حيث إنه فيما تنعى به الطاعنات على القرار المطعون فيه بمخالفته للقانون استناداً إلى القول بأن القرار الصادر من اللجنة القضائية في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 لا يحوز أية حجية بالنسبة للاعتراض رقم (1) لسنة 1972 لاختلاف الأساس القانوني الذي بني عليه كل من الاعتراضين حيث إن الاعتراض الأول رقم 716 لسنة 1962 بني استناداً إلى أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي على حين أن الاعتراض الثاني رقم (1) لسنة 1972 قد استند إلى أحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 المشار إليه.
ومن حيث إنه عن هذا الوجه من النعي فإنه غير سديد ذلك أنه وإن كان من الجائز إعادة طرح النزاع من جديد متى تغير الأساس القانوني للخصومة في الدعوى، فإن مناط ذلك وشرطه ألا يستغلق باب إعادة النزاع من جديد على هذا الأساس القانوني المختلف، ومتى كان المشرع قد أغلق باب طرح النزاع من جديد بعد إصدار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قراره برفض اعتماد قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 716 لسنة 1962 على النحو سالف البيان واستتبع ذلك عدم سريان أحكام المادة الأولى من القانون رقم 15 لسنة 1970 المشار إليه الذي استندت إليه الطاعنات في الاعتراض الثاني رقم (1) لسنة 1972 فإنه متى استند القرار المطعون فيه الصادر في هذا الاعتراض إلى أن قرار مجلس إدارة الهيئة الصادر بتاريخ 17/ 12/ 1967 برفض اعتماد قرار اللجنة القضائية هو بمثابة حكم نهائي له حجية الأمر المقضي، فإن القرار المطعون فيه إذ استند إلى هذه الحجية، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي عليه بهذا الوجه في غير محله قانوناً، إلا أنه قضى برفض الاعتراض، وهذه النتيجة لا تتفق مع أعمال تلك الحجية، الأمر الذي يتعين معه تصحيح هذه النتيجة بالقضاء بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه بالاعتراض رقم 716 لسنة 1962. ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، فإن يتعين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء بعدم جواز نظر الاعتراض رقم (1) لسنة 1972 لسابقة الفصل فيه بالاعتراض رقم 716 لسنة 1962 وإلزام الطاعنات مصروفات الطعن عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه، وألزمت الطاعنات المصروفات.