أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 14 - صـ 327

جلسة 20 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب فراج.

(50)
الطعن رقم 39 لسنة 30 "أحوال شخصية"

حكم. "عيوب الدليل". "القصور". "ما يعد كذلك". وقف. "إشهاد الوقف". وصية. "انعقادها".
ورقة عرفية متنازع عليها. قول الحكم إن مورثة الطاعنين تتمسك في دفاعها بأن هذا المحرر إن لم يكن إشهاداً بوقف فهو وصية. رد الحكم على هذا الدفاع بأن المادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 1946 تشترط في الوصية أن يصدر بها إشهاد رسمي أو يحرر بها عقد عرفي مصدق فيه على إمضاء الموصي بخطه يوقع عليها بإمضائه وإلا كانت باطلة، وأن شيئاً من ذلك لم يتحقق. مخالفة هذا الرد لما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من قانون الوصية هذه المخالفة تحجب بها الحكم عن مواجهة دفاع الطاعنتين من أن المحرر المتنازع عليه مكتوب جميعه بخط المتوفى وعليه إمضاؤه. دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى. قصور.
متى كان الحكم المطعون فيه، إذ انتهى في قضائه إلى أن الورقة العرفية المتنازع عليها لا تعتبر "إشهاداً بوقف ولا الأطيان المذكورة بها موقوفة سواء أكان عدم صدور الإشهاد لأمر واقع من المتوفى أو من غيره" قد قرر أن مورثة الطاعنتين تتمسك في دفاعها بأن هذا المحرر إن لم يكن إشهاداً بوقف فهو وصية ورد على هذا الدفاع بأن "المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 تشترط في الوصية أن يصدر بها إشهاد رسمي أو يحرر بها عقد عرفي يصدق فيه على إمضاء الموصى بخطه وموقع عليها بإمضائه فإذا لم تتم الوصية على هذا الوجه كانت باطلة ولم يتحقق شيء من ذلك ولم تتقدم المدعية بما يدل على وجود وصية، "، فإن الحكم يكون قد خالف ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من قانون الوصية بقولها "وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشرة الإفرنجية فلاً تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك تدل على ما ذكر، أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع عنها مصدقاً على توقيع الموصى عليها"، وقد تحجب بهذه المخالفة عن مواجهة دفاع الطاعنتين من أن المحرر المتنازع عليه مكتوب جميعه بخط المتوفى وعليه إمضاؤه وتحقيقه وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مورثة الطاعنين المرحومة زينب محمود حسين رفعت الدعوى رقم 173 سنة 56 ك أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية للمصريين وقالت في بيانها إن والدها المرحوم محمود حسين وقف أطياناً زراعية مساحتها 103 ف و23 ط و6 س على نفسه مدة حياته ومن بعده يكون وقفاً منصرفاً ريعه لأولاده أحمد وعلي ومحمد وزينب (مورثة الطاعنتين) ثم من بعد أولاده الثلاثة الأول فلأولاده حسب الفريضة الشرعية... ومن بعد ابنته زينب فلولديها كمال وسميحة بالسوية بينهما على أن ينتهي الوقف بانتهاء الطبقتين المذكورتين وذلك على النحو المفصل بكتاب وقفه العرفي، وبتاريخ 22/ 2/ 1947 تقدم الواقف بطلب إلى محكمة المنيا الشرعية لاستصدار إشهار رسمي بالوقف، إلا أن المحكمة رفضت سماع الإشهار لأنه لم يقدم ما يثبت إن الوقف لا يزيد على ثلث ماله، فتنظم من هذا القرار ورفض تظلمه بتاريخ 30/ 9/ 1947 وتوفى بعد ذلك بتاريخ 9/ 1/ 1948 فتأكد بذلك بطلان الوقف لعدم صدور إشهاد رسمي به غير أن بطلان هذا التصرف لا أثر له في صحة كونه وصية بالمنافع وعلى هذا الأساس أقامت المورثة الدعوى بطلب الوصية صحة الوصية ونفاذها في ريع الأطيان الموصى بها وتمكينها من وضع يدها على هذا النصيب ودفعت المطعون عليها الأولى الدعوى بأن إدارة المورث لم تتصرف إلى عقد وصية وإلا لعقدها بعد رفض طلبه بل ووقائع الحال تقطع بعدوله عن فكرته من حرمان أطفاله من معظم ثروته لصالح الراشدين من أولاده وقد قضى في هذه الدعوى برفضها بتاريخ 12/ 4/ 1958 تأسيساً على أن الوقف لا وجود له وبالتالي فلا محل للبحث في تحوله إلى وصية. طعنت المورثة في هذا الحكم بطريق الاستئناف الذي تقيد برقم 88 سنة 75 ق استئناف القاهرة حيث قضى برفضه بتاريخ 26/ 6/ 1960 ولوفاة المورثة طعن ورثاها في هذا الحكم بطريق النقض ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 30/ 1/ 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر بجلسة 12/ 12/ 1962 وفيها أصر الطاعنون على طلباتهم وصممت النيابة على رفض الطعن ولم يحضر أحد من المطعون عليهم ولم يبد دفاعاً ما.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب فيما قرره من أن "المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 تشترط في الوصية أن يصدر بها إشهاد رسمي أو يحرر بها عقد عرفي يصدق فيه على إمضاء الموصى بخطه ويوقع عليها بإمضائه، فإذا لم تتم الوصية على هذا الوجه كانت باطلة وهذا الذي أورده الحكم غير مطابق لنص هذه المادة في قولها. إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كما تخالف الثابت في الأوراق من أن المحرر محل النزاع مكتوب كله بخط المتوفى وعليه إمضاؤه ولم يجحد أحد من الخصوم ذلك.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد انتهى في قضائه إلى أن الورقة العرفية المتنازع عليها لا تعتبر إشهاداً بوقف ولا الأطيان المذكورة بها موقوفة سواء أكان عدم صدور الإشهاد لأمر واقع من المتوفى أو من غيره عاد فقرر أن مورثة الطاعنين تتمسك في دفاعها بأن هذا المحرر إن لم يكن وقفاً فهو وصية ورد على هذا الدفاع بأن "المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 تشترط في الوصية أن يصدر بها إشهار رسمي أو يحرر بها عقد عرفي يصدق فيه على إمضاء الموصى بخطه ويقع عليها بإمضائه فإذا لم تتم الوصية على هذا الوجه كانت باطلة ولم يتحقق شيء من ذلك ولم تتقدم المدعية بما يدل على وجود وصية" وهذا الذي رد به الحكم مخالف لما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من قانون الوصية بقولها "وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشرة الإفرنجية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك تدل على ما ذكر، أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع عنها مصدقاً على توقيع الموصى عليها" وهذه المخالفة تحجب بها الحكم عن مواجهة دفاع الطاعنين من أن المحرر المتنازع عليه مكتوب جميعه بخط المتوفى وعليه إمضاءه وتحقيقه وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يجعله مشوباً بالقصور ويستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.