أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 22 - صـ 108

جلسة 21 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(19)
الطعن رقم 278 لسنة 36 القضائية

أهلية. "الحجر". "اختصاص". "اختصاص نوعي". حكم. "حجية الحكم". أحوال شخصية." ولاية على المال.
قضاء محكمة الأحوال الشخصية بتوقيع الحجر استناداً إلى توافر شرائطه من التصرفات الصادرة من المحجور عليه. لا يعد قضاء منها ببطلانها، إذ هي لا اختصاص لها في ذلك. هذا القضاء لا يحوز حجيه في دعوى بطلان التصرف.
تلتزم محكمة الأحوال الشخصية عند الفصل في طلب الحجر بالتحقيق من قيام الحالة الموجبة له في ذات المحجور عليه، فإن هي دللت على قيام تلك الحالة بالتصرفات الصادرة منه، فإنها لا تكون قد فصلت في أمر صحتها أو بطلانها، لأن ذلك لم يكن مطروحاً عليها ولا اختصاص لها به، وإنما تكون قد اتخذت من تلك التصرفات دليلاً على قيام موجب الحجر بالمحجور عليه، وهو ما لا يحوز حجيه في دعوى بطلان التصرف. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الوصف الذي أضفاه حكم الحجر على تصرف المحجور عليه، بأنه ابتزاز مما يحوز قوة الأمر المقضي ورتب على ذلك الحكم بإبطال التصرف فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ رفعت إبراهيم رضا بصفته قيماً على محمد سعيد إبراهيم المحجور عليه أقام الدعوى رقم 1210 سنة 1962 مدني كلي القاهرة ضد ورثة المرحوم محمد حسين حسن لاظو مدير الشهر العقاري طالباً الحكم ببطلان عقد البيع المشهر بتاريخ 17/ 3/ 1957 والصادر من المحجور عليه متضمناً بيعه أطياناً زراعية مساحتها 19 س، 5 ط، 5 ف موضحة الحدود بذلك العقد للمرحوم محمد حسين حسن لاظ. وقال بياناً للدعوى إنه لما كان المشتري وكيلاً للبائع فقد كان على بينة من نقص أهليته وكان يعلم قبل البيع أن طلباً بالحجر عليه قد قدم ومع ذلك فقد استغل فيه نقص الأهلية وتواطأ معه واستصدر منه ذلك العقد، وأنه لذلك اضطر إلى إقامة الدعوى بطلباته سالفة الذكر. وأجاب ورثة المشتري على الدعوى بأن البيع قد تم قبل تسجيل قرار الحجر ولم يكن نتيجة استغلال أو تواطؤ وإنما اضطر البائع إليه لسداد ديون عليه للبنك العقاري مضمونة برهن على أطيانه التي تبلغ أكثر من 59 فداناً. وبتاريخ 7/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بإبطال عقد البيع سالف الذكر واستأنف ورثة المشتري هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافهم برقم 1364 سنة 82 قضائية، وبتاريخ 29/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن محكمة أول درجة أقامت قضاءها بإبطال عقد البيع استناداً على ما قالته من حجية عبارة وردت في أسباب حكم الحجر الصادر من محكمة الاستئناف للأحوال الشخصية نصها "أنه بلغ من استغلال محمد حسين لاظ للمحجور عليه أنه ابتز من أطيان المحجور عليه خمسة أفدنه وزيادة" فلما استأنف الورثة ذلك الحكم عابوا عليه الخطأ في تطبيق القانون لأن تلك العبارة لا حجية لها ولأن المحكمة حجبت نفسها عن بحث صحة العقد أو بطلانه تحت ستارها، ورغم ذلك فقد أخذت محكمة الاستئناف بأسباب الحكم الابتدائي مما يعيب حكمها كذلك بالخطأ في تطبيق القانون، كما أن محكمة الاستئناف قد أضافت إلى ما تقدم قولها إن المشتري كان أجيراً لدى البائع بمرتب شهري قدره جنيهان وهو ما ينبئ عما وقر في وجدانها من أن المشتري لم يكن يملك ثمن الأطيان التي اشتراها، مع أن الورثة كانوا قد قدموا مستخرجاً رسمياً يثبت أن مورثهم كان يملك منذ سنة 1934 ما يزيد على ثلاثة عشر فداناً ولفتوا نظر المحكمة إلى ملاءته غير أنها لم تلتفت إلى هذا الدفاع الجوهري ولو فعلت لتغير وجه الرأي في الدعوى ولذلك يكون الحكم المطعون فيه مشوباً أيضاً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بإبطال عقد البيع الصادر من المحجور عليه إلى مورث الطاعنين على قوله "أنه تبين من الاطلاع على حكم محكمة الاستئناف الذي قضى بتوقيع الحجر على البائع أنه استند في قضاءه إلى أن مورث المدعى عليهم الذي كان من عمال البائع قد ابتز بالعقد موضوع الدعوى من المحجور عليه خمسة أفدنة، وحيث إن الحكم السالف الذكر بقوله أن عقد البيع موضوع الدعوى الحالية كان من قبيل استغلال البائع يحوز حجية الأمر المقضي لارتباطه بمنطوقه بحيث يعتبر المنطوق نتيجة حتمية لهذه الأسباب ويتعين تطبيق الفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني التي تقضي ببطلان التصرف الصادر قبل تسجيل قرار الحجر، ولا محل للبحث بعد ذلك فيما إذا كان التصرف سابقاً على تسجيل طلب الحجر حسبما يقول به المدعى عليهم أم قبله ما دام هذا التصرف باطلاً أو قابلاً للإبطال حيث توافرت فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 115/ 2 مدني" وذكر الحكم المطعون فيه "إن محكمة أول درجة قد أصابت في الحكم بإبطال هذا العقد ويكون الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لها" وهذا الذي أورده الحكم ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن ما يلزم محكمة الأحوال الشخصية عند الفصل في طلب الحجز هو التحقيق من قيام الحالة الموجبة له في ذات المحجور عليه فإن هي دللت على قيام تلك الحالة بالتصرفات الصادرة منه فإنها لا تكون قد فصلت في أمر صحتها أو بطلانها لأن ذلك لم يكن مطروحاً عليها ولا اختصاص لها به، وإنما تكون قد اتخذت من تلك التصرفات دليلاً على قيام موجب الحجر بالمحجور عليه وهو ما لا يجوز حجية في دعوى بطلان التصرف، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الوصف الذي أضفاه حكم الحجر على تصرف المحجور عليه لمورث الطاعنين بأنه ابتزاز مما يحوز قوة الأمر المقضي، ورتب على ذلك الحكم بإبطال التصرف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف في أسبابه أن الثابت من أوراق الدعوى أن المشتري كان أجيراً لدى البائع بمرتب شهري قدره جنيهان وكان ورثة المشتري - على ما هو ثابت بالأوراق - قد قدموا إلى محكمة الاستئناف مستخرجاً رسمياً دالاً على أن مورثهم كان يملك منذ سنة 1934 أطياناً زراعية مساحتها 13 ف و14 ط و8 س مستدلين به على ملاءته، وكانت محكمة الاستئناف لم تعرض لهذا الدفاع وذكرت أنه مجرد أجير يتقاضي أجراً قدره جنيهان، وكان ما ذكرته من أن استغلال المشتري للبائع ثابت في خطابات للبائع ومن زواجه من إحدى قريبات المشتري ليس من شأنه أن يؤدي بذاته إلى إثبات الاستغلال أو التواطؤ وهو مناط الحكم بإبطال العقد، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور كذلك.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.