أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 22 - صـ 132

جلسة 26 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

(23)
الطعن رقم 293 لسنة 36 القضائية

( أ ) وقف. "قسمة النظر". قسمة.
سلطة المحكمة في قسمة أعيان الوقف قسمة نظر. استقلال كل ناظر بالنظر على القسم المخصص له. لا تعد هذه القسمة ملك خاصة إذا حصلت قبل صدور قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات.
(ب) قسمة. "قسمة المهايأة المكانية". حيازة. وقف.
تحول قسمة المهايأة المكانية إلى قسمة نهائية. شرطه. دوام حيازة الشريك للجزء المفرز من المال الشائع مدة 15 سنة. وعدم اتفاق الشركاء مقدماً على خلاف ذلك.
(جـ) قسمة. "القسمة الفعلية". وقف.
القسمة الفعلية. تحققها في صورة ما إذا تصرف كل من الملاك المشتاعين في جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته. حصول تصرفات في أعيان الوقف بعد انتهائه من بعض الشركاء دون البعض الآخر. لا تتوافر به القسمة فعلية.
(د) وقف. "قسمة. بيع. ملكية".
مقتضى عدم حصول قسمة نهائية أو فعلية في الأعيان التي كانت موقوفة. استمرار حالة الشيوع بين الشركاء. واعتبار البائعين لجزء من هذه الأعيان مازالوا مالكين لأنصبتهم على الشيوع.
1 - تقضي المادة 48/ 3 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن الوقف بأنه يجوز للمحكمة توزيع أعيان الوقف وقسمتها قسمة نظر، بحيث يكون كل ناظر مستقلاً بالنظر عن القسم الذي خصص له. وهذه القسمة لا تعتبر ملك للأعيان الشائعة، لأنه فوق كونها قسمة نظر، فإنها حصلت قبل صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الذي ألغى نظام الوقف على غير الخيرات، وجعل ما انتهى فيه الوقف ملكاً للمستحقين.
2 - يشترط وفقاً للمادة 846/ 2 من القانون المدني حتى تتحول قسمة المهايأة المكانية إلى قسمة نهائية أن تدوم حيازة الشريك للجزء المفرز من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة، وأن لا يكون الشركاء قد اتفقوا مقدماً على خلاف ذلك. وإذ كان الثابت في الدعوى أن القسمة - قسمة نظر - لم تنقلب إلى قسمة نهائية لعدم مضي مدة خمس عشرة سنة من وقت صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الذي جعل ما انتهى فيه الوقف ملكاً للمستحقين حتى تاريخ رفع الدعوى في 1959، فإن مقتضى ذلك اعتبار البائعين إلى الطاعن ما زالوا مالكين لأنصبتهم على الشيوع في الأعيان التي كانت موقوفة ومن بينها العقار موضوع قسمة النظر.
3 - القسمة الفعلية تتحقق في صورة ما إذا تصرف أحد الملاك المشتاعين في جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته، ثم ينهج بهجه سائر الشركاء. ويتصرف كل منهم في جزء مفرز يعادل حصته في المال الشائع، فيستخلص من تصرفاتهم هذه ضمناً أنهم ارتضوا قسمة المال الشائع فيما بينهم على الوجه الذي تصرفوا على مقتضاه، ويكون نصيب كل منهم هو الجزء المفرز الذي سبق له أن تصرف فيه. وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن التصرفات التي تمت بعد صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 لم يقم بها الشركاء جميعاً في الأعيان التي كانت موقوفة، وإنما صدرت من بعضهم دون البعض الآخر، فإنه لا يتوافر بها حصول قسمة فعلية بين هؤلاء الشركاء.
4 - مقتضى عدم حصول قسمة نهائية أو فعلية في الأعيان التي كانت موقوفة، ومن بينها العقار موضوع التصرف هو استمرار حالة الشيوع بين الشركاء، واعتبار البائعين إلى الطاعن ما زالوا مالكين لأنصبتهم على الشيوع في هذا العقار. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقرر أن هؤلاء البائعين لا يملكون القدر الذي تصرفوا فيه بالبيع إلى الطاعن لاختصاص باقي الشركاء بالعقار موضوع التصرف بموجب قسمة النظر التي أصبحت قسمة فعلية، ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3155 سنة 1959 القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم من الثامنة إلى الثامنة عشرة بصحيفة معلنة في 15، 18/ 8/ 1959 طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ العقود المؤرخة 21، 22، 23/ 4/ 1959 التي تتضمن بيعهم له حصصاً في عقار مساحتها 210 متراً مربعاً شائعة في مساحة قدرها 1158.10 متراً مربعاً موضحة الحدود والمعالم بهذه العقود وبصحيفة الدعوى لقاء ثمن قدره 1050 جنيهاً مع إلزامهم بالتسليم. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب العقد المؤرخ 23/ 4/ 1959 باعت له المطعون عليها الثامنة 70 متراً مربعاً بثمن قدره 250 جنيهاً، وبموجب العقد المؤرخ 22/ 4/ 1959 باع له المطعون عليهما التاسع والعاشر 52.5 متراً مربعاً بثمن قدره 262 جنيهاً، 500 مليم، وبموجب العقد المؤرخ 26/ 4/ 1959 باع له المطعون عليهم من الحادي عشر إلى الثامنة عشرة 87.5 متراً مربعاً بثمن قدره 437 جنيهاً، 500 مليم، وأنه ورد بهذه العقود أن الملكية آلت إلى البائعين بالميراث وآلت إلى مورثهم بطريق الاستحقاق في وقف المرحوم عبد الفتاح محمد إبراهيم، وإذ رفض البائعون تسليمه مستندات التملك فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. تدخل المطعون عليهم السبعة الأول خصوماً في الدعوى، ثم أقاموا دعوى فرعية طلبوا فيها الحكم بثبوت ملكيتهم إلى القدر موضوع الدعوى الأصلية وشطب كافة التسجيلات الموقعة عليه استناداً إلى أنهم كانوا من بين المستحقين في وقف المرحوم عبد الفتاح محمد إبراهيم واختصموا بالعقار المتنازع عليه بموجب حكم القسمة الصادر في مادة التصرفات رقم 1435 سنة 1950 القاهرة الابتدائية الشرعية. وبتاريخ 7/ 11/ 1960 حكمت محكمة أول درجة بقبول المطعون عليهم السبعة الأول خصوماً في الدعوى وبندب خبير هندسي بمكتب الخبراء لمعاينة العقار موضوع النزاع وبيان ما إذا كانت حدوده مطابقة للحدود الواردة بحجة الوقف المؤرخة 29 صفر سنة 1314 هـ الصادرة من المرحومة حليمة علي أبو دنيا مع بيان استحقاق كل من المستحقين ونصيب كل منهم فيه حسب الحجة سالفة الذكر وحجة الوقف المؤرخ 13 شوال سنة 1308 هـ الصادرة من المرحوم عبد الفتاح إبراهيم محمد، وما إذا كان البائعون قد باعوا العقار موضوع الدعوى في حدود نصيبهم في الاستحقاق والاطلاع على ملف الدعوى رقم 1710 سنة 45/ 1946 تصرفات القاهرة الشرعية التي رفعت بقسمة أعيان الوقف وبيان ما تم فيها مع ملاحظة احتساب نصيب الخيرات إذا لم يكن قد فرز. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 15/ 2/ 1965 في الدعوى الأصلية برفضها وفي الدعوى الفرعية بطلبات المطعون عليهم السبعة الأول. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 610 سنة 82 ق القاهرة. وبتاريخ 19/ 4/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن المطعون عليهم من الثامنة إلى الثامنة عشرة لا يملكون القدر المبيع إلى الطاعن لأن المطعون عليهم السبعة الأول قد اختصوا بالعقار موضوع التصرف بموجب قسمة النظر التي تمت بين المستحقين في الوقف ومن بينهم البائعون نفاذاً للحكم الصادر بتاريخ 25/ 11/ 1950 في مادة التصرفات رقم 1435 سنة 1950 القاهرة الابتدائية الشرعية والمسجل في 8/ 7/ 1954، وأن هذه القسمة أصبحت واقعية تجعل لكل مستحق أن يعتبر نفسه مختصاً نهائياً بالقدر الذي تولي النظارة عليه إذ تصرف أكثر المستحقين بعقود بيع مسجلة في الحصص التي اختصوا بها طبقاً لهذه القسمة، في حين أن القسمة التي تمت بناء على الحكم الصادر في 25/ 11/ 1950 سالف الذكر هي قسمة نظر بالنسبة للمستحقين وليس من شأنها أن تنهي حالة الشيوع بينهم لأنها سابقة على صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الذي ألغى نظام الوقف على غير الخيرات وآلت بموجبه الملكية إلى هؤلاء المستحقين، كما أنها لم تنقلب إلى قسمة نهائية لأنه لم تمض عليها خمس عشرة سنة من وقت ثبوت الملكية للمستحقين بالقانون المذكور حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1959، ولأن التصرفات المسجلة بعد القسمة المشار إليها صدرت من بعض الشركاء دون بعضهم الآخر، فلا يحاج الطاعن بهذه القسمة ويكون من حقه أن يتعامل مع البائعين له باعتبارهم شركاء على الشيوع في العقار المبيع.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض الدعوى الأصلية التي أقامها الطاعن بصحة ونفاذ العقود الصادرة إليه ببيع حصص شائعة في العقار موضوع النزاع وفي الدعوى الفرعية بتثبيت ملكية المطعون عليهم السبعة الأول إلى القدر المبيع وشطب التسجيلات الموقعة عليه لصالح الطاعن، واستند الحكم في ذلك إلى أن البائعين لا يملكون القدر الذي تصرفوا فيه إلى الطاعن لأن المطعون عليهم السبعة الأول قد اختصوا بالعقار موضوع التصرف بموجب قسمة النظر التي تمت بناء على الحكم الصادر بتاريخ 25/ 11/ 1950 في مادة التصرفات رقم 1435 سنة 1950 القاهرة الابتدائية الشرعية وأنها أصبحت قسمة فعلية بتصرف أكثر المستحقين في الحصص التي اختصوا بها طبقاً لهذه القسمة، وكان يبين من الاطلاع على الحكم الصادر في مادة التصرفات سالفة الذكر أن القسمة التي تمت بموجب ذلك الحكم هي قسمة نظر، إذ عين كل من المستحقين ناظراً على القسم الذي خصص له في أعيان وقف المرحوم عبد الفتاح إبراهيم محمد ومن بينها العقار موضوع النزاع ليدير كل منهم شئون ما أقيم في النظر عليه وذلك تطبيقاً لحكم المادة 48 من القانون رقم 48 لسنة 1946، التي تقضى بأنه يجوز للمحكمة توزيع أعيان الوقف وقسمتها قسمة نظر بحيث يكون كل ناظر مستقلاً بالنظر على القسم الذي خصص له، وكانت هذه القسمة لا تعتبر قسمة ملك للأعيان الشائعة لأنها فوق كونها قسمة نظر كما سلف البيان فإنها حصلت قبل صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الذي ألغى نظام الوقف على غير الخيرات وجعل ما أنهي فيه الوقف ملكاً للمستحقين، وكانت هذه القسمة لم تنقلب إلى قسمة نهائية إذ يشترط وفقاً للمادة 846/ 2 من القانون المدني حتى تتحول قسمة المهايأة المكانية إلى قسمة نهائية أن تدوم حيازة الشريك للجزء المفرز من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة وأن لا يكون الشركاء قد اتفقوا مقدماً على خلاف ذلك، وهذه المدة على ما هو ثابت في الدعوى لم تمض من وقت صدور القانون رقم 180 سنة 1952 الذي جعل ما انتهى فيه الوقف ملكاً للمستحقين حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1959، ولئن كانت القسمة الفعلية تتحقق في صورة ما إذا تصرف أحد الملاك المشتاعين في جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته ثم ينهج نهجه سائر الشركاء ويتصرف كل منهم في جزء مفرز يعادل حصته في المال الشائع فيستخلص من تصرفاتهم هذه ضمناً أنهم ارتضوا قسمة المال الشائع فيما بينهم على الوجه الذي تصرفوا على مقتضاه، ويكون نصيب كل منهم هو الجزء المفرز الذي سبق له أن تصرف فيه، إلا أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن التصرفات التي تمت بعد صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 لم يقم بها الشركاء جميعاً في الأعيان التي كانت موقوفة وإنما صدرت من بعضهم دون البعض الآخر مما لا يتوافر معه حصول قسمة فعلية بين هؤلاء الشركاء. لما كان ذلك وكان مقتضى عدم حصول قسمة نهائية أو فعلية في الأعيان التي كانت موقوفة ومن بينها العقار موضوع التصرف هو استمرار حالة الشيوع بين الشركاء واعتبار المطعون عليهم من الثامنة إلى الثامنة عشرة وهم البائعون إلى الطاعن ما زالوا مالكين لأنصبتهم على الشيوع في هذا العقار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن هؤلاء البائعين لا يملكون القدر الذي تصرفوا فيه بالبيع إلى الطاعن لاختصاص المطعون عليهم السبعة الأول بالعقار موضوع التصرف بموجب قسمة النظر التي أصبحت قسمة فعلية، ورتب الحكم على ذلك قضاءه في الدعوى الأصلية التي أقامها الطاعن برفضها وفي الدعوى الفرعية بطلبات المطعون عليهم السبعة الأول، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.