أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 440

جلسة 29 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، وأحمد حسنين موافي، وقطب عبد الحميد فراج.

(7)
الطلبات رقم 148 لسنة 26 ق و 58 لسنة 28 ق و21 لسنة 29 ق "رجال القضاء"

أهلية. ترقية. تفتيش قضائي.
بقاء أهلية القاضي على وضعها ما لم يقم الدليل على ما يغير من هذه الأهلية. إعارة أحد زملاء الطالب للتدريس دون أن يكون له عمل قضائي يمكن إجراء التفتيش عليه مما دعا إلى تقدير أهليته بنفس الدرجة التي حصل عليها في تقرير واحد. لا محل للموازنة بين حالته وحالة الطالب الذي لم يحصل على تقريرين متواليين بدرجة "فوق المتوسط".
الأصل أن أهلية القاضي تعتبر باقية على وضعها ما لم يقم الدليل على ما يغير من هذه الأهلية ومن ثم فإذا كان أحد زملاء الطالب قد أعير للتدريس بكلية الحقوق ولم يكن له عمل قضائي يمكن إجراء التفتيش عليه مما دعا إلي تقدير أهليته بنفس الدرجة التي كانت له قبل إعارته والتي حصل عليها في تقرير واحد، فإنه لا محل لإجراء الموازنة بين حالة الطالب الذي لم يحصل على تقريرين متواليين بدرجة "فوق المتوسط" وحالة الزميل المذكور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة المداولة.
حيث إن الطلبات الثلاث قد استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع كما يبين من الأوراق تتحصل في أنه صدر قرار جمهوري في 31 يوليه سنة 1956 بتعيينات وترقيات قضائية. فطعن فيه الطالب بالطلب رقم 148 سنة 26 ق طالباً إلغاءه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها على أن يكون سابقاً في الأقدمية على زميله الأستاذ إبراهيم مناع فوزي وإلغاء ما ترتب على ذلك من آثار - وبنى طلبه على مخالفة المادة 21 من القانون 188 لسنة 1952 باستقلال القضاء وعلى إساءة استعمال السلطة - ذلك أنه قد تخطاه في الترقية ثمانية وعشرون زميلاً كانوا يلونه في الأقدمية رغم توافر عنصر الأهلية له. ولأن وزارة العدل لم تلتزم في الحركة القضائية موضوع القرار المتقدم القاعدة التي تجرى الترقية على أساسها - وقد رقى الطالب بعد ذلك بالقرار الجمهوري الصادر سنة 1957 إلى درجة وكيل محكمة - ثم صدر قرار جمهوري آخر في 15 سبتمبر سنة 1958 رقى فيه زملاؤه الذين تخطوه في القرار الأول الصادر في 31 يوليه سنة 1956 إلى درجات رؤساء محاكم أو ما يعادلها - فقدم الطالب طلبه الثاني رقم 58 سنة 28 ق رجال قضاء بالطعن في هذا القرار فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة ووضعه سابقاً على الأستاذ إبراهيم مناع - ثم صدر بعد ذلك قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 الذي أدمج وظائف وكلاء المحاكم في وظائف رؤساء المحاكم كما صدر قرار جمهوري في 23 فبراير سنة 1959 بترقية الطالب إلى درجة رئيس محكمة ولذلك قدم الطلب الثالث رقم 21 سنة 29 ق رجال القضاء بالطعن في هذا القرار لأنه لم يوضع في الأقدمية التي يستحقها قبل من تخطوه في القرارين موضوع الطلبين السابقين وقد طلب الطالب في مذكرته الختامية ضم الطلبات وإلغاء القرارات الثلاثة مع ما ترتب عليها من آثار وتصحيح الأوضاع بما في ذلك اعتباره مرقى إلى درجة مستشار منذ 25 أغسطس سنة 1960 هو تاريخ صدور القرار الجمهوري الذي رقى فيه الأستاذ صبحي فرحات الذي كان لاحقاً له مباشرة قبل صدور القرار الجمهوري موضوع الطلب الأول في 31 يوليه سنة 1956. وأضاف الطالب أن تصحيح الأوضاع بعد أن عين مستشاراً بالقرار الجهوري الصادر في أغسطس سنة 1960 وبعد أن أحيل إلى المعاش في يوليه سنة 1962 يتمخض عن مجرد استحقاقه لفروق المرتبات عن مدة تخطيه وتعديل معاشه على الأساس الصحيح الذي يطلبه واستند في طلبه إلى أن الدكتور حافظ إبراهيم الذي كان تالياً له في الأقدمية قبل صدور القرار الجمهوري في 31 يوليه سنة 1956 لا يزيد عنه في الأهلية إذ رقى بتقرير واحد قدر فيه بدرجة فوق المتوسط. وقد حصل الطالب على هذا التقدير عن عمله في شهري ديسمبر سنة 1954 ويناير سنة 1955 - ولئن كان قد جرى التفتيش على عمله هذا بعد صدور الحركة القضائية المطعون في قرارها إلا أنه قد كشف عن حالة ثابتة تتعلق بأهليته من قبل صدور القرار. ولا يؤثر إيداع التقرير اللاحق في استظهار هذه الحالة في الوقت الذي انصب عليها باعتباره حاصلاً فيها ومنسحباً إليها مما يتعين معه إلغاء ذلك القرار وبالتالي إلغاء القرارات الأخرى المكملة له. وقد ردت وزارة العدل على هذه الطلبات بأن الطالب لم يكن قد بلغ درجة الأهلية التي وصل إليها زملاؤه الذين تخطوه في الترقية في القرار الجمهوري الأول تلك الدرجة التي أشارت إليها القاعدة المقررة من مجلس القضاء الأعلى بوجوب استقرار حالة المرشح للترقية في درجة "فوق المتوسط" وذلك بأن يكون التقديران الأخيران المتواليان يشهدان له بالوصول إلى هذه الدرجة - وأبدت النيابة رأيها في مذكرتها الختامية طالبة أحقية الطالب في إلغاء القرار الأول وانسحاب أثر هذا الإلغاء إلى القرارات التالية واعتبار الطالب مستحقاً للترقية إلى درجة مستشار منذ 24 أغسطس سنة 1960 وهو التاريخ الذي رقى فيه زميله الدكتور حافظ إبراهيم الذي كان تالياً للطالب في الأقدمية قبل صدور القرار الجمهوري الأول لأنه قد توافرت للطالب الأهلية للترقية التي نالها هذا الزميل.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الملف الخاص بالطالب وما احتواه من تقارير وأوراق وعلى البيانات التي قدمتها وزارة العدل وعلى الملف الخاص بالدكتور حافظ إبراهيم الذي قررت المحكمة ضمه أنه قد أجرى التفتيش على أعمال الطالب في المدة من مارس إلى مايو سنة 1953 وقدرت كفايته بدرجة (وسط) بالتقرير المودع في 6 يناير سنة 1955 ثم فتش على أعماله عن شهري ديسمبر سنة 1953 ويناير سنة 1954 وقدرت كفايته بدرجة "فوق المتوسط" بالتقرير المودع في 5 فبراير سنة 1957 - ويبين من هذا أنه عند إجراء الحركة القضائية في يوليه سنة 1956 المطعون في قرارها بالطلب الأول كان التقرير الأخير المودع بملف الطالب وقتئذ مقدراً فيه بدرجة (متوسط) ولم يكن ممن وقوا من زملاء الطالب في القرار الصادر بتاريخ 31 يوليه سنة 1956 وكانوا تالين له في الأقدمية أحد رقى بهذه الدرجة بل كان كل منهم عدا الدكتور إبراهيم حاصلاً على تقريرين متوالين بدرجة فوق المتوسط - أما ما يثيره الطالب من أن الدكتور حافظ إبراهيم قد رقى في القرار المتقدم بتقرير واحد قدر فيه بدرجة فوق المتوسط في سنة 1953 - وهو ما توفر للطالب بالتقرير الذي أودع في ملفه بعد صدور القرار المطعون فيه - فمردود بأنه يبين من الرجوع إلى ملف هذا الزميل أنه أعير لتدريس القانون بكلية الحقوق بالعراق لمدة ثلاث سنوات من ديسمبر سنة 1954 إلى أكتوبر سنة 1957 فلم يكن له عمل قضائي ممكن إجراء التفتيش عليه في هذه الفترة ولذلك قدرته الوزارة بنفس الدرجة التي كانت له قبل إعارته باعتبار أن الأصل أن أهلية القاضي تعتبر باقية على وضعها ما لم يقم الدليل على ما يغير من هذه الأهلية - لما كان ذلك، فلا محل لإجراء الموازنة بين حالة الطالب وحالة الزميل المذكور ويتعين لذلك رفض طلبه الأول وبالتالي برفض الطلبين التاليين لأنهما مترتبان على الطلب الأول ومكملان له.