أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 509

جلسة 10 من أبريل سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

(72)
الطعن رقم 16 لسنة 29 القضائية

( أ ) حكم. أحوال شخصية. "تدخل النيابة العامة". بطلان. نيابة عامة.
وجوب تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم طبقاً للقانون رقم 462 لسنة 1955. الدعوى باعتبار حصة المدعي 8 قراريط شيوعاً في عقار مملوك له وأن ملكيته له ثابتة من إشهاد الوقف هي دعوى ملكية. لا يجرى عليها حكم التدخل.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". دفاع. "إخلال بحق الدفاع". "ما لا يعد كذلك".
قصر الطاعن مرافعته الشفوية على طلب التصريح له بتقديم مذكرة بدفاعه. إجابة المحكمة طلبه والتصريح له بذلك وتقديمه المذكرة خلال فترة حجز الدعوى الحكم. لا إخلال في ذلك بحق الدفاع. استظهار الحكم وقائع الدعوى وأوجه دفاع الطاعن فيها وأسانيده أمام محكمة أول درجة وفي الاستئناف. عدم انطواء الحكم على القصور في أسبابه الواقعية.
(ج) دعوى. "الحكم بعدم جواز نظر الدعوى". "أثره". حكم "حجية الأمر المقضي".
القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يمتنع معه العودة لمناقشة موضوع هذه الدعوى وما عساه أن يتصل بهذا الموضوع من دفاع.
(د) حكم. "تسبيب كاف".
انتهاء الحكم إلى عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، لا يعيبه تأويله لحكم آخر خلاف ذلك الذي أقام عليه قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى وفهمه على خلاف الثابت فيه.
1 - تدخل النيابة العامة عملاً بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 إنما يكون في دعاوى الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم طبقاً للقانون رقم 462 لسنة 1955 وهي الدعاوى التي كانت منظورة أمام المحاكم الشرعية لغاية 31 ديسمبر سنة 1955 ثم أحيلت إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها والدعاوى التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية وأصبحت من اختصاص المحاكم الوطنية ابتداء من أول يناير سنة 1956. ومن ثم فمتى كان الطاعن قد أقام دعواه أمام المحاكم الوطنية في تاريخ سابق على إلغاء المحاكم الشرعية يطلب الحكم باعتبار حصته 8 قراريط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقارات المبينة بعريضة الدعوى تأسيساً على أن هذه الحصة ملكه وأن ملكيته لها ثابتة من إشهاد الوقف وهي بهذا الوضع دعوى ملكية فإنه لا يجرى عليها حكم التدخل سالف الذكر.
2 - متى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قصر مرافعته الشفوية على طلب التصريح له بتقديم مذكرة بدفاعه، وحجزت المحكمة الدعوى للحكم وصرحت له بتقديم مذكرة بدفاعه وتقدم بها بالفعل فإنه بذلك يكون قد استوفى حقه في الدفاع، وإذا استظهر الحكم المطعون فيه وقائع الدعوى وأوجه دفاع الطاعن فيها وأسانيده أمام محكمة أول درجة وفي الاستئناف، فإنه لا يكون قد انطوى على القصور في أسبابه الواقعة.
3 - قضاء محكمة الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يجوز معه العودة لمناقشة موضوع هذه الدعوى وما عساه أن يتصل بهذا الموضوع من دفاع.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإنه لا يعيبه تأويله لحكم آخر وفهمه على وجه يخالف الثابت فيه ما دام ذلك لا يتصل بقضاء الحكم الذي حسم النزاع وهو الدعامة التي أقام عليها قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 501 سنة 1955 القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم وقال شرحاً لها إنه يملك حصة قدرها 8 ط في كامل أرض وبناء العقارات المبينة الحدود والمعالم بالعريضة وأن ملكيته لها ثابتة من إشهاد الوقف المؤرخ 12/ 4/ 1927 وإذ نازعه بعض المدعى عليهم في مقدار هذه الحصة مدعياً أنها 4 و4/ 7 ط فقد انتهى إلى طلب الحكم باعتبار حصته 8 ط شيوعاً فيها مع إلزام من ينازعه من المدعى عليهم بالمصاريف والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة، ورفع المدعى عليهما الأول والثاني بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 135 سنة 1953 مصر الشرعية. وبتاريخ 31 ديسمبر سنة 1956 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبعدم جواز نظرها وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ 300 قرش أتعاباً للمحاماة. واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 223 سنة 74 قضائية. وبتاريخ 22 يونيه سنة 1958 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهما الأول والثاني. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم الثاني والثالثة والخامس رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يقدموا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه وطلبت في الموضوع رفض الطعن.
وحيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان الحكم المطعون فيه لأنه صادر في قضية وقف ولم تتدخل فيها النيابة وفقاً للقانون رقم 628 لسنة 1955 وهو ما ينبني عليه بطلان الحكم ولا يمنع من بطلانه كونه صادراً من دائرة مدنية لأن الفقرة الثانية من المادة الأولى من هذا القانون أوجبت تدخل النيابة في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف ورتبت على عدم تدخلها بطلان الحكم.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن الطاعن أقام دعواه أمام محكمة القاهرة الابتدائية وأعلنها إلى المدعى عليهم بتاريخ 23/ 12/ 1954 وهو سابق على إلغاء المحاكم الشرعية، وأنه أقامها بطلب الحكم باعتبار حصته 8 ط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقارات الموضحة الحدود والمعالم بالعريضة تأسيساً على أن هذه الحصة ملكه وأن ملكيته لها ثابتة من إشهاد الوقف المؤرخ 12/ 4/ 1927 وهي بهذا الوضع دعوى ملكية أقامها الطاعن أمام المحاكم الوطنية في تاريخ سابق على إلغاء المحاكم الشرعية ومن ثم فلا يجري عليها حكم التدخل المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 إذ أن تدخل النيابة العامة بموجب هذا القانون إنما يكون في دعاوى الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم طبقاً للقانون رقم 462 لسنة 1955 وهي الدعاوى التي كانت منظورة أمام المحاكم الشرعية لغاية 31 ديسمبر سنة 1955 ثم أحيلت إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها والدعاوى التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية وأصبحت من اختصاص المحاكم الوطنية ابتداء من أول يناير سنة 1956.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعن لم يترافع في الاستئناف وقدم مذكرة بدفاعه لم يشر إليها الحكم المطعون فيه ولم يرد على شيء مما جاء فيها وهو إخلال بحقه في الدفاع وقصور وبطلان في الإجراءات وفي الحكم طبقاً للمادة 349 مرافعات وهي تقضي بأن القصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى محاضر الجلسات يبين أنه في جلسة المرافعة الأخيرة قصر الطاعن مرافعته الشفوية على طلب التصريح له بتقديم مذكرة بدفاعه وحجزت المحكمة القضية للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات وقدم الطاعن مذكرة بدفاعه في فترة حجز القضية للحكم هي المذكرة المودعة صورة رسمية منها ملف الطعن وبذلك يكون قد استوفى حقه في الدفاع، كذلك وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه استظهر وقائع الدعوى وأوجه دفاع الطاعن فيها وأسانيده أمام محكمة أول درجة وفي الاستئناف بما لا يجوز معه القول بأنه انطوى على القصور في أسبابه الواقعية.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعن جرى في دفاعه على أن إقرار 29/ 8/ 1944 بالتصادق على الاستحقاق باطل لما ينطوي عليه من زيادة ونقصان في حصص المستحقين ومن تغيير في طبيعة الاستحقاق وإدخال مستحقين آخرين بينما لم يشترط الواقف لنفسه ولا لغيره شيئاً من الشروط العشرة والحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع وهو قصور يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أن قضاء محكمة الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يتسع ولا يجوز معه العودة لمناقشة موضوع هذه الدعوى وما عساه أن يتصل بهذا الموضوع من دفاع، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في القضية رقم 135 سنة 1953 القاهرة الابتدائية الشرعية ثم استطرد مع ذلك فناقش دفاع الطاعن بشأن بطلان التصادق المؤرخ 29/ 8/ 1944 ولم يعول عليه بينما لم تعد هناك حاجة إلى مناقشته، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير منتج ولا جدوى فيه إذ هو لا يتصل بجوهر الحكم وصميم المسألة المحكوم فيها وهي عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه تأول الحكم الصادر في القضية رقم 22 سنة 1950 القاهرة الابتدائية الشرعية وفهمه على وجه يخالف الثابت فيه إذ فهمه على أن وفاة أحد المتصادقين تبطل التصادق في حقه لا في حق باقي المتصادقين بينما قضى الحكم بأن الوفاة تبطل التصادق وترد الاستحقاق إلى ما شرطه الواقف، وبهذا الفهم خالف الحكم المطعون فيه شرط الواقف كما خالف ما هو مقرر من عدم جواز تجزئة الإقرار وكان أولى به وقد أعمل التصادق في حق الحي من المستحقين دون الميت أن يقضي بعدم قبول الدعوى لأنها سابقة لأوانها لا بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها فيحفظ لأولاد الطاعن حقهم في أن يرفعوا دعوى بتكملة نصيبهم إلى 8 ط حين تجئ ذريتهم في الاستحقاق.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى على سابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في القضية رقم 135 سنة 1953 القاهرة الابتدائية الشرعية لا الحكم الصادر في القضية رقم 22 سنة 1950 القاهرة الابتدائية الشرعية، وإذ كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه تأول هذا الحكم الأخير وفهمه على وجه يخالف الثابت فيه يكون غير مقبول إذ هو لا يتصل بقضاء الحكم الصادر في القضية رقم 135 سنة 1953 القاهرة الابتدائية الشرعية، وواقع الحال فيها وهو الدعامة التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.