أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 22 - صـ 437

جلسة 3 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(68)
الطلب رقم 12 لسنة 39 ق "رجال القضاء"

( أ ) اختصاص. "اختصاص محكمة النقض". نقل. "نقل نوعي".
( أ ) النقل النوعي من وظيفة إلى أخرى - دون النقل المكاني - يجوز الطعن فيه أمام محكمة النقض.
(ب) نقل. "نقل نوعي". قرار إداري.
سلطة الجهة الإدارية في اتخاذ القرارات بما يلائم إصدارها. حقها في فصل أي عضو من أعضاء النيابة أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية دون وساطة مجلس التأديب.
(ج) تأديب. "تشكيل مجلس التأديب". قضاة. "أسباب الصلاحية".
قيام سبب من أسباب رد القضاة أو تنحيهم في حق رئيس مجلس التأديب. عدم بطلان التشكيل. مجلس التأديب لا يقوم بمهمة القضاء.
1 - خص القانون رقم 43 لسنة 1965 رجال القضاء والنيابة بحق الطعن في القرارات التي تتعلق بحقوقهم ومصائرهم، دون القرارات المتعلقة بتنظيم سير القضاء كالنقل من مكان إلى آخر، إلا أن النقل النوعي من وظيفة إلى أخرى، يختلف عن النقل المكاني من حيث الأثر، فيجوز الطعن فيه، لما قد يترتب عليه من أثر في مصير رجل القضاء ومستقبله. لما كان ذلك، وكان نقل الطالب من وظيفة وكيل نيابة إلى وظيفته الحالية بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق هو نقل نوعي فإن هذه المحكمة تكون مختصة بنظر الطعن المرفوع عنه.
2 - للجهة الإدارية سلطة اتخاذ القرارات بما يلائم إصدارها متى كانت مبنية على وقائع صحيحة مستقاة من مصادر ثابتة في الأوراق. وللحكومة الحق في فصل أي عضو من أعضاء النيابة أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية دون وساطة مجلس التأديب بعد أخذ رأي المجلس الاستشاري الأعلى للنيابة أو رأي مجلس القضاء الأعلى حسب الأحوال.
3 - قيام سبب من الأسباب الموجبة لرد القضاة أو تنحيهم عن الحكم في حق رئيس المجلس، لا يوجب بطلان تشكيله، لأن طبيعة هذا التشكيل في حالة اعتذار وكيل الوزارة عن رئاسته لا تسمح بأن يحل محل المحامي العام الأول، رئيس غيره، فضلاً عن أن المجلس لا يقوم بمهمة القضاء، بل مجرد إبداء رأي استشاري للوزير في مسائل إدارية بحتة، وللوزير أن يأخذ برِأي المجلس، وله أن يتركه دون أن يكون قد خالف القانون أو أساء استعمال سلطته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطالب كان يشغل وظيفة وكيل نيابة، وبتاريخ 22/ 4/ 1966 أصدر وزير العدل قراراً بنقله إلى مصلحة الشهر العقاري والتوثيق للعمل بها، فطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه. وقال شرحاً لذلك إنه منذ عام 1963 استأجر شقة بالقاهرة وكان شقيقه يقيم معه فيها ولما نقل في غضون سنة 1966 للعمل بنيابة أسيوط قام شقيقه بدعوة أحمد طلبة سعد للإقامة معه فيها إلا أن هذا الأخير حاول الاستئثار بالشقة، وتعرض للطالب وشقيقه قاصداً منه حيازتهما لها وتحرر عن هذه الواقعة المحضر رقم 11853 لسنة 1966 إداري الوايلي وقد انتهت التحقيقات بصدور أمر رئيس نيابة شرق القاهرة بتمكينه من الحيازة دون خصمه، وإذ ألغي المحامي العام الأول هذا الأمر لجأ إلى القضاء للحكم له باسترداد حيازته، فحنق عليه السيد النائب العام وأصدر أمراً بوقفه عن العمل، ثم طلب من وزير العدل عرض أمره على المجلس الاستشاري الأعلى للنيابة للموافقة على نقله إلى وظيفة غير قضائية استناداً إلى بعض الوقائع التي أوردها في تقريره، وبتاريخ 17/ 12/ 1966 قرر المجلس برئاسة المحامي العام الأول الموافقة على هذا الطلب، ولما كان المحامي العام الأول قد اشترك في مطالبته بالتنازل عن الشقة وكانت الوقائع التي أوردها النائب العام في تقريره لا تكفي للدلالة على عدم صلاحيته لولاية القضاء، فإن القرار المطعون فيه يكون مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وبسوء استعمال السلطة، ودفع الحاضر عن المطعون عليهما بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب استناداً إلى أن اختصاصها محدود بالنظر في إلغاء القرارات المتعلقة بإدارة القضاء عدا التعيين والنقل والندب، ونقل الطالب إلى مصلحة الشهر العقاري يعتبر تعييناً أو نقلاً للطالب فلا تختص المحكمة بنظره في كلتا الحالتين. كما طلب رفض الطلب موضوعاً لصدور القرار ممن يملكه وفي الحدود التي أوضحها قانون السلطة القضائية دون أن يشوبه خطأ أو سوء استعمال السلطة، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الدفع بعدم الاختصاص استناداً إلى أن نقل الطالب من وظيفة وكيل نيابة إلى وظيفة بمصلحة الشهر العقاري يعتبر نقلاً نوعياً تختص المحكمة بنظره، كما طلبت رفض الطلب تأسيساً على أن الأحكام الخاصة بتأديب أعضاء النيابة لا يمس حق الحكومة في فصل أي عضو منهم أو نقله إلى وظيفة أخرى دون وساطة مجلس التأديب، وأن الثابت من الأوراق أن النائب العام قد أعد تقريراً من واقع ملف الطالب أوضح فيه عدداً من الوقائع الدالة على انحرافه فترة عمله في النيابة وطلب عرض الأمر على المجلس الاستشاري للموافقة على نقله إلى وظيفة غير قضائية وصدر القرار المطعون فيه بنقله إلى وظيفته الحالية تحقيقاً للصالح العام وطبقاً لنصوص القانون.
وحيث إن الدفع بعدم الاختصاص مردود بأن القانون رقم 43 لسنة 1965 رجال القضاء والنيابة بحق الطعن في القرارات التي تتعلق بحقوقهم ومصائرهم، دون القرارات المتعلقة بتنظيم سير القضاء كالنقل من مكان إلى آخر إلا أن النقل النوعي من وظيفة إلى أخرى يختلف عن النقل المكاني من حيث الأثر، فيجوز الطعن فيه لما قد يترتب عليه من أثر في مصير رجل القضاء ومستقبله. لما كان ذلك، وكان نقل الطالب من وظيفة وكيل نيابة إلى وظيفته الحالية بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق هو نقل نوعي فإن هذه المحكمة تكون مختصة بنظر الطعن المرفوع عنه ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن القرار المطعون فيه جاء مشوباً بإساءة استعمال السلطة، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الوقائع التي نسبها إليه النائب العام في تقريره المقدم للمجلس الاستشاري الأعلى للنيابة لا تصلح مدعاة للقول بفقد صلاحيته لتولي الوظائف القضائية لأنها جميعاً لا تمس سمعته ونزاهته ولا تنال من كفايته في العمل، كما أنه لم يواجه بتقرير النائب العام للرد عليه دفاعاً عن نفسه، هذا علاوة على أن المحامي العام الأول الذي رأس المجلس الاستشاري ووافق على نقله وسبق أن اشترك في مطالبته بالتنازل عن الشقة، وكان يتعين عليه تحقيقاً للعدالة التنحي عن رئاسة المجلس حتى لا يجمع بين صفتي الخصم والحكم.
وحيث إن هذا السبب مردود، ذلك بأن للجهة الإدارية سلطة اتخاذ القرارات بما يلائم إصدارها متى كانت مبنية على وقائع صحيحة مستفادة من مصادر ثابتة في الأوراق، ولما كان للحكومة الحق في فصل أي عضو من أعضاء النيابة أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية دون وساطة مجلس التأديب بعد أخذ رأي المجلس الاستشاري الأعلى للنيابة أو رأي مجلس القضاء الأعلى حسب الأحوال، وكان الثابت أن النائب العام قد أعد تقريراً من واقع ملف الطاعن أوضح فيه المآخذ التي غلبت على سلوكه أثناء فترة عمله بالنيابة وكانت هذه المآخذ المسندة إلى الطاعن والثابتة بملف خدمته تؤدي إلى إصدار القرار المطعون فيه، فإن النعي على هذا القرار بسوء استعمال السلطة يكون على غير أساس ولا يغير من ذلك قول الطاعن ببطلان تشكيل المجلس الاستشاري الذي قرر الموافقة على النقل لانعقاده برئاسة المحامي العام الأول والذي طلب إليه التنازل عن الشقة، ذلك أن قيام سبب من الأسباب الموجبة لرد القضاة أو تنحيهم عن الحكم في حق رئيس المجلس لا يوجب بطلان تشكيله لأن طبيعة هذا التشكيل في حالة اعتذار وكيل الوزارة عن رئاسته لا تسمح بأن يحل محل المحامي العام الأول رئيس غيره، فضلاً عن أن المجلس لا يقوم بمهمة القضاء بل مجرد إبداء رأي استشاري للوزير في مسائل إدارية بحتة، وللوزير أن يأخذ برِأي المجلس وله أن يتركه دون أن يكون قد خالف القانون أو أساء استعمال سلطته.
وحيث إن الطالب ينعى بالسبب الثاني على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحقه في الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تظلم من قرار المجلس الاستشاري الصادر بالموافقة على نقله لوظيفة غير قضائية وأشر الوزير بإعادة عرض الأوراق على المجلس المذكور لبحث تظلمه وانعقد المجلس لهذا الغرض فعلاً، وقرر رفض التظلم استناداً إلى موافقته الأولى دون أن يخطر الطالب بموعد انعقاده وبالرغم من عزوف الوزير عن اعتماد تلك الموافقة وإذ صدر القرار المطعون فيه استناداً على هذه الموافقة، فإنه يكون قد أخل بالضمانات التي كفلها القانون لرجال القضاء وبحق الطالب في الدفاع مما يجعله باطلاً لإبتنائه على إجراءات باطلة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الأوراق أن المجلس الاستشاري الأعلى للنيابة وافق بتاريخ 17/ 12/ 1966 على نقل الطالب إلى وظيفة غير قضائية ووافق الوزير على هذا القرار في 26/ 12/ 1966 وأصدر في 18/ 5/ 1967 قراراً بندبه للعمل بمصلحة الشهر العقاري توطئه لتنفيذ النقل ثم صدر القرار المطعون فيه بعد استيفاء الإجراءات الخاصة بنقله من النيابة العامة إلى مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وإذ أشار القرار في ديباجته إلى موافقة المجلس الاستشاري الأعلى للنيابة بتاريخ 17/ 12/ 1966 على إجراء النقل وكان صدوره بناء على وقائع تؤدي إليه، فإنه يكون قراراً صحيحاً لاستكماله كافة عناصره، ولا يغير من هذا النظر سبق التأشير بإعادة الأوراق للمجلس بعد أن استنفذ اختصاصه لبحث الأمر من جديد لأن هذه المحاولة حتى لو تكللت بالنجاح لا تقيد الوزير عند إصدار قراره بالنقل ما دام رأي المجلس ليس ملزماً له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطلب.