أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 22 - صـ 459

جلسة 8 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي.

(70)
الطعن رقم 425 لسنة 36 القضائية

( أ ) دعوى. "الصفة في الدعوى". شركات. حكم. "المصلحة في الطعن".
إقامة الدعوى ضد الطاعن بصفته الشخصية وبصفته صاحب شركة. التمسك بعدم تمثيله للشركة. حق الشركة وحدها في مناقشة ذلك دون الطاعن عند الشروع في تنفيذ الحكم إن صح انصراف أثره إليها.
(ب) إثبات. "إلزام الخصم بتقديم ورقه". محكمة الموضوع. "تقدير الدليل". نقض "مسائل الواقع".
طلب إلزام الخصم بتقديم مستند وندب خبير للاطلاع عليه. رفضه. من مسائل الواقع. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(ج) استئناف. "الحكم فيه". بطلان. "بطلان الحكم". حكم. "تسبيب الحكم".
النعي ببطلان الحكم الابتدائي لنقص بياناته. لا جدوى فيه طالما أن الحكم الاستئنافي قد تدارك النقص.
1 - متى كان الثابت أن الدعوى الأصلية قد أقيمت ضد الطاعن بصفته الشخصية وبصفته صاحب شركة، كما أقام هو الدعوى الفرعية بصفته الشخصية، وكان الحكم في كلاً من الدعويين الأصلية والفرعية صحيحاً بالنسبة له بصفته الشخصية لأنه كان ممثلاً فيهما بهذه الصفة، فإنه لا مصلحة له في التمسك بعدم تمثيله للشركة في الحكم المطعون فيه، لأنه إذ صح أن الحكم المذكور ينصرف أثره إلى الشركة ويعتبر حجة عليها، فالشركة وحدها صاحبة الحق في مناقشة ذلك إذا ما شرع في تنفيذ الحكم قبلها، ويكون النعي بذلك غير منتج.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في أسباب سائغة من أوراق الدعوى ودفاع الطرفين فيها وظروفها وملابساتها أنه لم تحرر وثيقة شحن بين الطرفين للبضاعة المتفق على نقلها، فإن النعي على الحكم بعدم استجابته لطلب ندب خبير للاطلاع على سند الشحن، ولطلب إلزام الخصم تقديمه، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع ولا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد في وقائع الدعوى ومراحلها ودفاع الطرفين أمام محكمة أول درجة وما أصدرته المحكمة من أحكام، ثم استعرض أسباب الاستئناف وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به للأسباب التي أوردها وللأسباب التي أضافها، فإنه لا يجدي الطاعن التمسك بما لحق الحكم الابتدائي من بطلان لنقص في بياناته الخاصة بوقائع الدعوى وأدلتها، ذلك أنه وقد استنفذت محكمة الدرجة الأولى ولايتها بالحكم الصادر منها، وتدارك الحكم المطعون فيه ما اعتور الحكم الابتدائي من نقص في بياناته، ثم فصل في موضوع الدعوى بتأييد الحكم المستأنف بعد أن استبان أنه صحيح، فإن النعي عليه بالبطلان يكون غير سديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل - في أن السيد/ فتحي شكري عن نفسه وبصفته الممثل القانوني لأصحاب الصندل بدر أقام الدعوى رقم 1208 سنة 1962 تجاري جزئي القاهرة ضد السيد/ عبد اللطيف أحمد إبراهيم يطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 169 ج والمصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه بصفته أمين نقل نهري تعاقد مع المدعى عليه على نقل 130 طن كسر رخام من منجم الرخام بادفو ملك المدعى عليه إلى ساحل مصر القديمة بأجرة قدرها 120 قرشاً للطن الواحد على أن يكون الشحن والتفريغ بإشراف المدعى عليه وعلى حسابه، وأنه حجز بالصندل المساحة اللازمة لنقل الكمية المتفق عليها، ثم قام المدعى عليه بالشحن وبعد وصول الصندل إلى ساحل مصر القديمة في 28/ 12/ 1961 وتفريغ الرخام امتنع المدعى عليه عن دفع الأجرة بحجة أن الكمية المسلمة له هي 76.50 طن فقط، في حين أن الشحن والتفريغ تما بمعرفته، وإذا صح أنه لم يشحن كامل الكمية المتفق عليها ولم يشغل كامل المساحة التي خصصت لها بالصندل، فإنه يلزم رغم ذلك بدفع أجر نقلها الذي يتمثل في المبلغ المطالب به، ودفع المدعى عليه الدعوى بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة بمقولة أنه لا يمثل شركة المناجم المتحدة التي أعلن بوصفه صاحبها، بل يمثلها مديرها العام السيد/ عماد الدين كامل مرتجي، وطلب من باب الاحتياط رفض الدعوى. كما أقام دعوى فرعية طلب فيها الحكم بإلزام المدعي في الدعوى الأصلية بأن يدفع له مبلغ 336 ج و600 م تأسيساً على أن المبلغ المذكور يمثل قيمة العجز في الكمية المنقولة بعد خصم قيمة نقل ما تسلمه منها. وبتاريخ 9/ 9/ 1963 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى الفرعية لأن نصابها يجاوز اختصاص القاضي الجزئي وبإحالتها مع الدعوى الأصلية إلى محكمة القاهرة التجارية الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 673 سنة 1963 تجاري. وبعد أن صمم كل من الطرفين على طلباته حكمت المحكمة في الدعويين بتاريخ 29/ 4/ 1964. (أولاً) بضم الدفع بعدم القبول في الدعوى الأصلية للموضوع. (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت كل من الطرفين بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة شروط عقد النقل الذي تم بينهما وكمية الرخام المتفق على نقلها وقيمة أجرة النقل وتاريخ النقل من ادفو والكمية التي شحنت منها فعلاً على الصندل بدر والكمية الحقيقية والتي وصلت إلى القاهرة وتسلمها المرسل وقيمة الطن من الرخام المنقول على أن يكون لكل من الطرفين نفي ما يثبته الآخر بالطرق ذاتها، وبعد سماع الشهود عادت وبتاريخ 25/ 1/ 1964 فحكمت. (أولاً) بالنسبة للدعوى الأصلية برفض الدفع المبدى من المدعى عليها فيها بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة وبإلزام المدعى عليه فيها المهندس عبد اللطيف أحمد إبراهيم بأن يدفع للمدعي فتحي شكري محمد بصفته مبلغ 169 ج والمصروفات. (ثانياً) وبالنسبة للدعوى الفرعية برفضها وبإلزام المدعي فيها بالمصروفات، واستأنف المهندس عبد اللطيف أحمد إبراهيم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم في الدعوى الأصلية بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً برفضها موضوعاً، والحكم في الدعوى الفرعية بطلباته وإلزام المستأنف عليه بالمصروفات عن الدرجتين. وقيد الاستئناف برقم 45 سنة 82 ق. وبتاريخ 31 مايو سنة 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صمم الطاعن على طلب نقض الحكم وصممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أنه أعلن بصفته صاحب شركة المناجم المتحدة في حين أنه لا يمثل الشركة المذكورة وإنما الذي يمثلها هو السيد/ عماد الدين كامل مرتجي الذي عين مديراً عاماً للشركة بموجب القرار الجمهوري رقم 1251 سنة 1962، وقد حكمت المحكمة برفض هذا الدفع تأسيساً على أن القرار الجمهوري المشار إليه وإن عهد بإدارة الشركة لغير المدعى عليه إلا أنه لم يسحب ولايته عليها ولا صفته في تمثيلها. وقد تمسك الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بأن هذه الشركة كان يمثلها رئيس مجلس إدارتها بموجب المادة 30 من قانون إنشائها الصادر به قرار جمهوري في 16/ 6/ 1956 ولم يكن الطاعن صاحبها ولا رئيس مجلس إدارتها إلى أن تحولت إلى شركة من شركات القطاع العام، وصدرت قرارات جمهورية متعاقبة بتعيين رؤساء لمجالس إدارتها ومديرين لها، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 526 سنة 1962 بتعيين المهندس محمود إبراهيم عطية رئيساً وعضواً منتدباً لمجلس الإدارة. وأعقب ذلك صدور القرار الجمهوري رقم 1251 سنة 1962 بتعين السيد/ عماد الدين مرتجي مديراً لها. ورغم أن هذه القرارات الجمهورية كانت تحت نظر المحكمة وثابت فيها أن الشركة تابعة للقطاع العام، فإن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي وأحال إلى أسبابه دون أن يرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أن الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة افتتاح الدعوى الأصلية المقدمة في الطعن أنها أقيمت ضد الطاعن بصفته الشخصية وبصفته صاحب شركة وهو ما سلم به في تقرير الطعن، كما أن الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة الدعوى الفرعية أن الطاعن أقامها بصفته الشخصية عن عملية نقل رخام لحسابه شخصياً وطلب فيها الحكم لنفسه بقيمة ما طرأ على الرخام من عجز أثناء النقل. إذ كان ذلك وكان الحكم في كلا الدعويين الأصلية والفرعية صحيحاً بالنسبة له بصفته الشخصية لأنه كان ممثلاً فيهما بهذه الصفة، فإنه لا مصلحة له في التمسك بعدم تمثيله للشركة في الحكم المطعون فيه، لأنه إذا صح أن الحكم المذكور ينصرف أثره إلى الشركة ويعتبر حجة عليها، فالشركة وحدها صاحبة الحق في مناقشة ذلك إذا ما شرع في تنفيذ الحكم قبلها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه في الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه طلب أمام محكمة الاستئناف ندب خبير حسابي للاطلاع على دفاتر الشركة التي يمثلها المطعون عليه وعلى بوليصة الشحن التي تحت يده للوصول إلى حقيقة النزاع في الدعويين الأصلية والفرعية. ولكن الحكم المطعون فيه تجاهل هذا الطلب ولم يناقشه دون أن يبين سبب ذلك. كما طلب إلزام المطعون عليه بتقديم بوليصة الشحن واستند في ذلك إلى المادة 253 مرافعات باعتبارها ورقة مشتركة مبينة لحقوق والتزامات الطرفين، وذكر أوصاف الورقة ومحتواها والدلائل التي تؤيد أنها تحت يد المطعون عليه. وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب تأسيساً على أن المطعون عليه قرر أن الاتفاق على النقل تم شفاهة وأنه كان يتعين على الطاعن أن يحتفظ بصورة البوليصة التي كانت تحت يده. وهو رد غير سائغ لأنه بني على قول مرسل للمطعون عليه ويخالف العرف التجاري المتبع في نقل البضائع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على قوله "إن النعي على محكمة أول درجة بعدم استجابتها لطلبه بإلزام المستأنف ضده بتقديم وثيقة النقل فمردود بأنه لا جدوى من هذا الطلب بعد ما قرره المستأنف عليه أمام هذه المحكمة بجلسة 10 مايو سنة 1966 بعدم وجود أية وثيقة لديه وأن التعاقد تم بينهما شفاهة، فضلاً عن هذا فإنه لو صح ما يقول به المستأنف من وجود مثل هذه الوثيقة لاحتفظ المستأنف بالوثيقة التي تحت يده. وإن العمل جرى بأنه في حالة تحرير وثيقة النقل أن تكون من نسختين وتعتبر كل منهما أصلية يوقع على إحدى النسختين الناقل وتبقى لدى المرسل ويوقع على الأخرى المرسل ويحتفظ بها الناقل. وغالباً ما تحرر من النسخة التي تسلم إلى المرسل صورة أو عدة صور فيكون للمرسل عندئذ أن يرسل النسخة الأصلية أو صورة منها إلى المرسل إليه ليتسلم بمقتضاها البضاعة عند وصولها وإن ما يثيره المستأنف في شأن الكمية التي شحنها وقيمة النولون وهل كانت الكمية التي تم شحنها بالفعل 130 طناً أو أقل من ذلك فإنه لا خلاف بين طرفي التداعي في شأن ما انعقد عليه الاتفاق في شأن الكمية التي يتم نقلها وأنها 130 طن وإنما انحصرت المنازعة في سعر نقل الطعن والكمية التي تم شحنها بالفعل. فالمستأنف يقرر بأن سعر النقل 100 قرش للطن الواحد وأن الكمية التي شحنت هي 135 طناً وأنه وجد بها عجزاً إذ بلغت عند الاستلام 67 طناً في حين أن المستأنف عليه يجادله في ذلك مقرراً بأن الكمية التي شحنت وصلت كما هي وأن السعر المتفق عليه هو130 قرش لنقل الطن الواحد" ثم قرر الحكم أن ما استخلصته محكمة أول درجة من أقوال الشهود الذين سمعتهم في شأن الكمية التي تم الاتفاق على شحنها وسعر الطعن كان استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت بالتحقيق وأنه إن صح ما يدعيه الطاعن من وجود عجز في البضاعة عند وصولها لبادر بإثبات حالتها وإخطار المطعون عليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في أسباب سائغة من أوراق الدعوى ودفاع الطرفين فيها وظروفها وملابساتها أنه لم تحرر وثيقة شحن بين الطرفين للبضاعة المتفق على نقلها. وأنه لا خلاف بينهما على الكمية المتفق أصلاً على نقلها وعلى سعر نقل الطن منها. وإنما الخلاف منحصر في الكمية التي نقلت فعلاً وانتهى الحكم إلى انتفاء الدليل على وجود عجز في البضاعة عند وصولها. إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بعدم استجابته لطلب ندب خبير للاطلاع على سند الشحن ولطلب إلزام الخصم تقديمه، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع ولا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم الابتدائي قد شابه البطلان لمخالفته للمادة 349 مرافعات، ذلك أنه لم يسرد وقائع الدعوى بل اقتصر على ذكر تاريخ إعلان صحيفتها ثم قرر"يرجع للحكم التمهيدي وينقل" وأردف ذلك بقوله إن المدعي الأصلي طلب رفض الدعوى الفرعية، دون أن يبين ما قدمه الخصوم من طلبات وأوجه دفاع ودفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية، وإذ لم يتنبه الحكم المطعون فيه لهذا البطلان بل تبنى الحكم الابتدائي وعول عليه في أسبابه فإنه يكون باطلاً أيضاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أورد وقائع الدعويين الأصلية والفرعية ومراحلهما ودفاع الطرفين فيهما أمام محكمة أول درجة وما أصدرته المحكمة فيهما من أحكام. ثم استعرض أسباب الاستئناف وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به للأسباب التي أوردها وللأسباب التي أضافها. وإذ كان ذلك فإنه لا يجدي للطاعن التمسك بما لحق الحكم الابتدائي من بطلان لنقص في بياناته، ذلك أنه وقد استنفذت محكمة الدرجة الأولى ولايتها بالحكم الصادر منها وتدارك الحكم المطعون فيه ما اعتور الحكم الابتدائي من نقص في بياناته، ثم فصل في موضوع الدعوى بتأييد الحكم المستأنف بعد أن استبان أنه صحيح، فإن النعي بالبطلان يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الرابع وبالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والحكم بما لم يطلبه الخصوم، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في القضاء برفض الدعوى الفرعية إلى أن الطاعن لم يرسل إخطاراً على يد محضر أو خطاباً موصي عليه بوجود العجز في ظرف 48 ساعة من وقت تسلم البضاعة وأنه لم يبادر برفع دعواه بالتعويض خلال ثلاثين يوماً، ومؤدى ذلك أنه قضى بسقوط حق الطاعن فيما طلبه بالدعوى الفرعية، في حين أن المطعون عليه لم يدفع الدعوى المذكورة بأي دفع ولم يتمسك بأن الطاعن لم يقم دعواه خلال المدة التي حددتها المادة 99 تجاري، هذا إلى أن الحكم قد فوت بذلك على الطاعن فرصة إقامة الدليل على أن العجز في البضاعة كان مرجعه غش أو خيانة أمين النقل أو عماله، كما لم يرد الحكم على دفاع الطاعن الذي تمسك فيه بالجمع بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية.
وحيث إن النعي برمته مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يصرح بأنه طبق أحكام المسئولية العقدية دون التقصيرية، كما لم يستند إلى الميعادين المنصوص عليهما بالمادة 99 تجاري بخصوص الإخطار عن العجز ورفع الدعوى بالتعويض، وإنما استخلص من قعود الطاعن عن الإخطار ومن تراخيه عن رفع دعواه في الميعاد وحتى أقام المطعون عليه الدعوى الأصلية أن الطاعن غير جاد فيما طلبه بدعواه الفرعية، واستند الحكم إلى ذلك وإلى ما سلف بيانه من أسباب عند الرد على السبب الثاني في رفض الدعوى الفرعية. إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وبأنه حكم بما لم يطلبه الخصوم يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الرابع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لأن الطاعن استند في إثبات كمية كسر الرخام المشحون إلى إيصال صادر من رئيس الصندل جاء به أن الكمية 135 طناً، ورغم أن المطعون عليه لم يطعن في هذا الإيصال إلا أن الحكم لم يأخذ بالدلالة المستمدة منه تأسيساً على أنه لا حجية له في إثبات الكمية التي شحنت فعلاً لأنه دونت به عبارة تحت الزيادة أو العجز، في حين أن هذه العبارة لا تؤدي إلا لاحتساب عجز مقداره 5% كالعرف التجاري، ولا تؤدي لاحتساب عجز قدره 45% يمثل 58 طناً من الرخام المشحون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن عدم اعتداد الحكم بالإيصال الموقع عليه من رئيس الصندل كدليل على حقيقة مقدار الكمية التي شحنت فعلاً بعد أن ورد بالإيصال أن هذه الكمية تحت العجز والزيادة، إنما هو تقدير موضوعي للدليل المستمد من الإيصال تحتمله عبارة التحفظ الواردة به. وإذ كانت المحكمة قد استدلت من ذلك ومن الأسباب الأخرى السائغة السالف بيانها عند الرد على السبب الثالث أن الطاعن عجز عن إثبات شحنة لكامل الكمية المتفق عليها، فإن النعي لا يعدو في حقيقته أن يكون منازعة موضوعية في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.