أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 631

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

(89)
الطعن رقم 87 لسنة 28 القضائية

( أ ) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة". "تقرير التلخيص".
جواز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص متى خلت محاضر الجلسات من هذا البيان. التمسك ببطلان الحكم يكون عارياً عن الدليل طالما لم يتقدم الطاعن بصورة من هذا الحكم.
(ب) نقض "أسباب الطعن". "السبب الجديد". بيع. ضمان. دعوى.
"أساس الدعوى".
مطالبة المشتري البائع بالتعويض على أساس ضمان التعرض والاستحقاق، وعدم تمسكه أمام محكمة الموضوع بإخلال البائع بالتزامه بتسليم المبيع. اعتبار ذلك سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) بيع "التزامات البائع". "ضمان عدم التعرض". "التعرض القانوني".
انتهاء الحكم إلى انفكاك التزام البائع بضمان التعرض القانوني عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 441 مدني، لا يعيبه بعد ذلك وصفه التعرض بأنه مادي إذ لا تأثير لذلك على وجه الرأي في الدعوى.
(د) نقض. "المصلحة في الطعن". حكم. "الطعن في الأحكام".
مناط المصلحة في الطعن أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم أو ألزمه الحكم بشيء ما.
1 - من المقرر أنه يجوز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص في حالة خلو محاضر الجلسات من هذا البيان، فإذا كان الطاعن لم يتقدم بصورة من الحكم ليثبت خلوه مما يفيد حصول تلك التلاوة بعد تغير الهيئة فإن نعيه على الحكم بالبطلان لعدم تلاوة التقرير من جديد يكون عارياً عن الدليل.
2 - إذا كان المشتري قد أقام مطالبته بالتعويض على أساس إخلال البائع بالتزامه بضمان التعرض والاستحقاق دون أن يؤسسها على إخلال البائع بالتزامه بتسليم المبيع ولم يتمسك بهذا الدفاع الأخير أمام محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم بأنه لم يبحث الدعوى على أساس إخلال البائع بهذا الالتزام يكون سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - متى كان الحكم قد انتهى إلى أن المتعرض للمشتري وهو من الغير لم يكن على حق في تعرضه وأن البائع قد باع ما يملك، فإن مؤدى ذلك أن ينفك عن البائع التزامه بضمان التعرض القانوني عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 441 من القانون المدني, ولا يعيب الحكم وصفه ذلك التعرض بأنه مادي ذلك أن وجه الرأي في الحكم لا يتغير سواء أسبغ الحكم على التعرض المذكور صفة التعرض المادي أو القانوني، لأن البائع في النهاية لا يكون ملزماً بضمان التعرض في الحالين على أساس انفكاك الضمان عن البائع إن كان تعرضاً قانونياً وعدم ترتب هذا الضمان إن كان التعرض مادياً.
4 - إذا لم يكن الطاعن طرفاً في دعوى الضمان ولم يلزمه الحكم الصادر فيها بشيء ما, فإنه لا تكون له مصلحة في النعي على قضاء الحكم في تلك الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن مسعد عوض السبع أقام الدعوى الابتدائية رقم 161 سنة 1953 كلي بنها طلب فيها الحكم: أولاً - بإلزام المطعون عليه ومحمد المعتز بالله علي فهمي متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 2000 جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة - وثانياً - بإلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 3000 جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال في بيان دعواه إنه اشترى بعقد تاريخه 19 نوفمبر سنة 1952 من ادجار فرانكو (المطعون عليه) زراعة موز قائمة في 45 فداناً مبينة بالعقد لقاء ثمن قدره 11 ألف جنيه دفع منها وقت إبرام العقد ألف جنيه واتفق في العقد على تقسيط باقي الثمن على النحو الوارد به, وأنه عند تسلم الثمار المبيعة تعرض له محمد المعتز بالله علي فهمي ورجاله وحاولوا بينه وبين تنفيذ العقد بحجة أن البائع ليس له حق بيع الثمار وأنه قامت منازعات بين محمد المعتز بالله علي فهمي وبين ادجار فرانكو انتهت بعدم ثبوت حق البائع في محصول الموز الذي باعه وأنه لذلك لم يجد مندوحة من إقامة دعواه مختصماً فيها البائع باعتباره ضامناً للتعرض والاستحقاق وكذلك المتعرض، وتدخل في الخصومة الطاعن على أساس اتفاق بينه وبين المشتري في شراء صفقة الموز مناصفة بينهما وأن المشتري (المدعي) تنازل له عن جميع حقوقه في الدعوى وأثناء سير الدعوى وجه ادجار فرانكو (البائع) دعوى الضمان إلى محمد المعتز بالله علي فهمي للحكم عليه بما عساه أن تحكم به عليه، وطلب المدعيان في مذكرتهما الختامية إثبات تنازل مسعد عوض السبع عن حقه في الدعوى إلى الطاعن وإثبات تنازل المدعي (أحمد إسماعيل القفاص) عن مخاصمة محمد المعتز بالله علي فهمي والحكم بإلزام ادجار فرانكو بتعويض قدره خمسة آلاف جنيه، ثم عدل طلباته إلى إلزامه بأن يدفع له مبلغ سبعة آلاف جنيه منها ثلاثة آلاف وخمسين جنيهاً قام بدفعها إلى البائع المذكور في حين أنه لم يستول من المحصول إلا على ما يقدر بمبلغ 708 جنيهات ومنها أيضاً مبلغ 1500 جنيه دفعه لتجار تجزئة جزاء تخالفه عن توريد الموز لهم وثلاثة آلاف جنيه تعويضاً مقابل عدم قيام البائع بتنفيذ التزامه بتسليم المبيع نتيجة التعرض وبتاريخ 30 مايو سنة 1955 قضت محكمة بنها الابتدائية بإثبات تنازل مسعد عوض السبع لأحمد إسماعيل القفاص (الطاعن) وبإثبات تنازل المدعي عن مخاصمة محمد المعتز بالله علي فهمي وبإلزام ادجار فرانكو (المطعون عليه) بأن يدفع للمدعي (الطاعن) مبلغ 4550 جنيهاً و310 مليمات والمصروفات مؤسسة قضاءها على أن مسئولية ادجار فرانكو قبل المدعي ثابتة في حقه وهي مسئولية عقدية تستند إلى عقد البيع المبرم بينهما في 19 نوفمبر سنة 1952 لتوافر الخطأ والضرر وعلاقة السببية وأن الخطأ يتمثل في إقدام المطعون ضده على بيع ثمار الموز بالرغم من عدم قيامه بالالتزامات الخاصة برعاية المزرعة وخدمتها وأن ملكيته لهذه الثمار تتوقف على قيامه بهذه الالتزامات طبقاً لعقد الإيجار المؤرخ 9 سبتمبر سنة 1951 وإن الثابت من دعوى إثبات الحالة رقم 6208 سنة 1952 مستعجل مصر أن المطعون عليه لم يقم بالالتزامات الملقاة عليه وأنه يكون بالتالي غير مالك للثمار التي باعها وأن الضرر يتمثل في قيام المشتري بدفع 3050 جنيهاً من الثمن ولم يستلم من الموز إلا ما يقدر بمبلغ 708 جنيهات وأن ما فات المشتري من ربح يقدر بنسبة 20% من قيمة الثمن. استأنف ادجار فرانكو هذا الحكم بالاستئناف رقم 15 لسنة 73 ق طالباً رفض الدعوى المقامة عليه واحتياطياً الحكم على محمد المعتز بالله علي فهمي بما عساه أن يحكم به عليه. وبتاريخ 19/ 10/ 1957 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وباستجواب المستأنف عليه الثاني - مسعد عوض السبع، ثم حكمت بتاريخ 29/ 12/ 1957 بإلغاء الحكم المستأنف فيما تضمنه من إلزام لإدجار فرانكو وبرفض الدعوى قبله وفيما تضمنه من رفض دعوى الضمان الموجهة من إدجار فرانكو لمحمد المعتز بالله علي فهمي مؤسسة قضاءها في ذلك على أن حق إدجار فرانكو في بيع الثمار ثابت وأن ملكيته لهذه الثمار التي باعها غير مقيد بأي قيد وأن تعرض محمد المعتز بالله علي فهمي المؤسس على أن المذكور هو مستأجر مزرعة الموز من الأوقاف وصاحب ثمارها هو تعرض مادي لا يضمنه البائع (المطعون عليه). وبتاريخ 16 مارس سنة 1958 طعن الطاعن في الحكم المذكور بطريق النقض، وبعد استيفاء إجراءات الطعن قدمت النيابة مذكرة برأيها تضمنت طلب رفض الطعن. وبتاريخ 25/ 6/ 1961 نظر الطاعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 21/ 2/ 1963 وفيها تمسك الطاعن بما جاء في تقرير طعنه وصممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه بطلانه لإغفال الهيئة التي أصدرته إجراءاً جوهرياً من إجراءات الخصومة هو تلاوة تقرير التلخيص قبل البدء في المرافعة - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المحكمة الاستئنافية التي نظرت الاستئناف بجلسة 17/ 3/ 1957 وهي أولى الجلسات التي نظر فيها الاستئناف المذكور كانت مشكلة من السادة المستشارين حسن حسن عبد البر رئيساً ومحمد سعيد وفرج يوسف عضوين وبعد أن تلى تقرير التلخيص بتلك الجلسة ظل الاستئناف يؤجل عدة مرات إلى أن كانت جلسة 19/ 10/ 1957 حيث حصل تغيير في تشكيل الهيئة ولم يتل تقرير التلخيص من الهيئة الجديدة التي أصدرت الحكم المطعون فيه فوقع حكمها باطلاً طبقاً للمادتين 116 و408 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كانت صور محاضر الجلسات المقدمة من الطاعن خلوا مما يفيد أن تقرير التلخيص تلي بعد أن تغيرت الهيئة إلا أنه لما كان الثابت أن الهيئة الجديدة التي أصدرت الحكم المطعون فيه كانت قد أصدرت في جلسة 19/ 10/ 1957 حكماً قضى بقبول الاستئنافين شكلاً وباستجواب المستأنف عليه الثاني وكان من الجائز أن يكون هذا الحكم قد تضمن ما يدل على حصول هذه التلاوة قبل صدوره - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن يجوز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص في حالة خلو محاضر الجلسات من هذا البيان وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة صورة من الحكم الذي صدر في جلسة 19/ 10/ 1957 ليثبت خلوه أيضاً مما يفيد حصول تلك التلاوة فإن نعيه على الحكم بالبطلان لعدم تلاوة المحكمة تقرير التلخيص بعد تغيير الهيئة يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن ثمار الموز التي باعها المطعون ضده كانت مملوكة له - وكان الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم نفسه أن البائع لم يسلم المبيع إلى المشتري بسبب منازعة محمد المعتز بالله علي فهمي - فما كان يجوز قانوناً أن يعفي البائع من المسئولية رغم إخلاله بالتزامه بتسليم المبيع إلى المشتري ويكون الحكم المذكور قد خالف القانون فضلاً عن القصور إذ لم يتعرض في أسبابه إلى هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن لم يقدم دليلاً يفيد تمسكه بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع كما أن البادي من مطالعة الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن أن الطاعن قد أسس مطالبته بالتعويض على إخلال البائع بالتزامه بضمان التعرض والاستحقاق ولم يؤسسها على إخلال البائع بالتزامه بتسليم المبيع - لما كان ذلك، فإن النعي المتقدم يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر تعرض محمد المعتز بالله علي فهمي للطاعن في الاستيلاء على ثمار الموز المبيع تعرضاً مادياً لا يضمنه البائع (المطعون ضده) يكون قد خالف القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه أثبت في أسبابه أن محمد المعتز بالله تعرض في تسليم الثمار المبيعة بحجة أن المطعون ضده ليس له حق بيعها استناداً إلى أن تملكه لها مشروط بأدائه ما التزم به من القيام بخدمة المزرعة وصيانة أشجارها وثمارها الأمر الذي لم يتحقق على ما هو ثابت في دعوى إثبات الحالة رقم 6208 سنة 1952 مستعجل القاهرة ويقول الطاعن إن التعرض على الوجه الذي بينه الحكم يعتبر تعرضاً قانونياً يضمنه البائع عملاً بحكم المادة 439 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهي إلى أن محمد المعتز بالله لم يكن على حق في تعرضه للطاعن وأن المطعون عليه باع ما يملك - وهذا الذي خلص إليه الحكم مؤداه أن ينفك عن البائع التزامه بضمان التعرض القانوني عملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 441 من القانون المدني - وما دام الحكم قد انتهي إلى هذه النتيجة فلا يعيبه بعد ذلك وصفه التعرض بأنه تعرض مادي - ذلك أن وجه الرأي في الحكم لا يتغير سواء أسبغ الحكم على التعرض المذكور صفة التعرض المادي أو القانوني لأن البائع في النهاية لا يكون ملزماً بضمان التعرض في الحالين على أساس انفكاك الضمان عن البائع إن كان تعرضاً قانونياً وعدم ترتب هذا الضمان إن كان التعرض مادياً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في السبب الرابع أنه انطوى على تناقض بين أسبابه ومنطوقه - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه وقد نفى عن ادجار فرانكو المطعون عليه مسئوليته عن التعريض وانتهى إلى رفض الدعوى الأصلية قبله - فما كان يسوغ له أن يعود في منطوقه ويلغى الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى الضمان الفرعية التي كانت موجهة من ادجار فرانكو ضد محمد المعتز بالله.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن إذ لم يكن طرفاً في دعوى الضمان ولم يلزمه الحكم في هذه الدعوى بشيء فإنه لا تكون له مصلحة في النعي على قضاء الحكم في تلك الدعوى.