أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 22 - صـ 482

جلسة 15 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(74)
الطعن رقم 443 لسنة 36 القضائية

( أ ) إعلان. "الإعلان لجهة الإدارة" بطلان. "بطلان الإعلان".
الإعلان لجهة الإدارة. وجوب إثبات المحضر بالإعلان البيان الخاص بإخطار المعلن إليه بطريق البريد الموصى عليه. عدم جواز تكملة النقض بورقة الإعلان بدليل مستمد من غير الورقة ذاتها.
1 - حتمت المادة 12 من قانون المرافعات السابق على المحضر في حالة تسليم الإعلان إلى جهة الإدارة توجيه كتاب موصى عليه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة، وقد حرص المشرع على أن يذيل هذه المادة بأنه يجب على المحضر "أن يبين كل ذلك في حينه بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته" وهو ما يفيد أن المشرع أراد من المحضر أن يثبت تفصيلاً الخطوات التي يتخذها في إتمام إجراءات الإعلان لضمان وصول ورقة الإعلان إلى المعلن إليه أو وصول الإخطار بمكان وجودها إن لم تصل إليه، وحتى يكون في هذا التفصيل رقابة على المحضر فيما يباشره من إجراءات يترتب على إتمامها آثار قانونية مختلفة، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحضر اكتفى بتحرير عبارة "أخطر في 30/ 4/ 1963 سركي عام" وهي عبارة لا تفيد بذاتها قيام المحضر بإرسال كتاب للمعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه بأن صورة الإعلان سلمت إلى جهة الإدارة، كما لا تفيد عبارة سركي عام أن الإخطار تم بطريق الكتاب الموصى عليه، وكان الحكم قد رتب على هذا النقص بطلان الإعلان، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا وجه للقول بأنه كان على المحكمة أن تطلع على السركي العام بقلم المحضرين حتى تتبين منه أن الإخطار أرسل إلى المعلن إليه بطريق الكتاب الموصى عليه، ذلك أنه لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تكملة النقص الموجود بورقة الإعلان بدليل غير مستمد من الورقة ذاتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة إقبال حسن رضا بصفتها حارسة قضائية على العقار رقم 83 شارع بوالينو أقامت الدعوى رقم 65 سنة 1964 مدني كلي الإسكندرية ضد محمد كامل بدوي تطلب فيها اعتبار الحكم الصادر في الدعوى 682 سنة 1960 مدني كلي الإسكندرية باطلاً وعديم الأثر. وقالت في بيان دعواها إنها كانت قد طالبت المدعى عليه بالأجرة المستحقة عن العقار الذي أقيمت حارسة عليه، وذلك في المدة من مايو إلى أكتوبر سنة 1963 بواقع إيجار الشهر الواحد 84 ج و360 م، إلا أنه أعلنها في 22 أكتوبر سنة 1963 بحكم صادر في الدعوى 682 سنة 1960 مدني كلي الإسكندرية بتاريخ 25/ 6/ 1963 ضد عارف جمال جوركي الحارس القضائي السابق ويقضى بتخفيض أجرة المبنى المؤجر إلى 56 ج و250 م شهرياً في حين أن صفة هذا الحارس كانت قد زالت عنه بالحكم الصادر بعزله في 13/ 2/ 1973، كما أنها تبينت من ملف تلك الدعوى أن المحكمة قضت بشطب الدعوى بتاريخ 2/ 12/ 1962 بعد أن كان الخبير الذي ندبته قد أودع تقريره، ولما قام المستأجر بتحديد السير فيها أعلن الحارس السابق لجلسة 12/ 2/ 1963، ولكن الحارس المذكور تخلف عن الحضور فقضت المحكمة في 16/ 3/ 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الحارس ما كان قد دفع به الدعوى من أن الخبير لم يلتفت إلى التحسينات القائمة بالعين المؤجرة إلا أن هذا الحكم لم يعلن إلى الحارس السابق ولم يعلن به حتى صدر الحكم في موضوع الدعوى، وإذ كانت إجراءات الخصومة السابقة على الحكم في الموضوع بتخفيض الأجرة قد انقطعت بزوال صفة الحارس السابق وتعيين السيد بدوي بدلاً منه بالحكم الصادر في الدعوى المستعجلة 5051 سنة 1962 الإسكندرية ثم استبدالها بهذا الأخير بموجب الحكم الصادر في الاستئناف بتاريخ 13/ 4/ 1963، حيث قامت بإخطار جميع المستأجرين بخطابات موصى عليها مؤرخة 29/ 4/ 1963 بتعيينها حارسة، وكان المدعى عليه قد تجاهل ذلك كله، حتى صدر الحكم بالتخفيض، فإن الإجراءات تكون باطلة ويمتد هذا البطلان إلى الأحكام الصادرة بناءً عليها سواء أكانت هذه الأحكام قطعية أم صادرة قبل الفصل في الموضوع، ثم عدلت المدعية طلباتها سالفة الذكر إلى اعتبار الدعوى اعتراضاً على الحكم رقم 682 سنة 1960 بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة تطبيقاً لنص المادة 450 مرافعات وأسست اعتراضها على أمرين أولهما إهمال الحارس السابق إهمالاً جسيماً بعدم متابعته الدعوى وإحضار الشهود لإثبات دفاعه تنفيذاًَ لحكم الإحالة إلى التحقيق، وثانيهما وقوع الغش من المدعى عليه بسكوته عن إخطار المحكمة بزوال صفة الحارس السابق رغم إخطار الحارسة الجديدة له بذلك، وطلبت المدعية إزاء ذلك قبول اعتراضها وإعادة الخصومة من جديد، وبتاريخ 16/ 12/ 1965 حكمت المحكمة بعدم قبول الاعتراض وتغريم المعترضة خمسمائة قرش، واستأنفت المعترضة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف برقم 149 سنة 22 ق، وبتاريخ 6/ 6/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي ذهب في نفي علم الحارس السابق بالحكم الصادر بالتحقيق إلى أن هذا الحكم لم يعلن لا لشخص الحارس ولا في موطنه وإنما أعلن في مواجهة الإدارة ودون أن يوجه إليه خطاباً مسجلاً وفقاً لحكم القانون، ورغم أن الطاعنة أظهرت لمحكمة الاستئناف خطأ ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية استناداً إلى ما أثبته المحضر على ورقة إعلان حكم التحقيق من أنه وجد منزل المطلوب إعلانه مغلقاً ثم أثبت في اليوم التالي وعلى ذات الورقة أنه أعلنه في مواجهة مأمور قسم محرم بك، كما أثبت في ركن من ورقة الإعلان عبارة "أخطر في 30/ 4/ 1963 سركي عام"، وهو ما يفيد إتمام إخطار الحارس السابق وعلمه بهذا الإعلان، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر استناداً إلى أن عبارة الإخطار التي أثبتها المحضر على ورقة الإعلان لا يتضح منها من هو المقصود بها، هذا بالإضافة إلى أن المادة 12 من قانون المرافعات أوجبت على المحضر في هذا الحالة توجيه كتاب موصى عليه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه بأن الصورة سلمت لجهة الإدارة إلا أن المحضر اكتفى بإثبات عبارة تفيد استنتاجاً قيامه بإجراء الإخطار دون أن يبين الطريقة التي نفذ بها هذا الإخطار، وانتهى الحكم من ذلك إلى تقرير صحة ما انتهى إليه الحكم الابتدائي في هذا الصدد وهو منه استلال فاسد لأن الإخطار لا يكون ألا للمعلن إليه دون حاجة لإعمال الاستنتاج كما أن عبارة سركي عام التي أضافها المحضر إلى عبارة أخطر في 30/ 4/ 1963 تشير إلى السركي المخصص لإخطار جميع الموجه إليهم الخطابات الموصى عليها طبقاً للنظام المتبع في قلم المحضرين، وأنه كان على المحكمة أن تطلب الاطلاع على هذا السركي.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن المادة 12 من قانون المرافعات السابق المنطبق على واقعة الدعوى حتمت على المحضر في حالة تسليم الإعلان إلى جهة الإدارة توجيه كتاب موصى عليه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة، وقد حرص المشرع على أن يذيل هذه المادة بأنه يجب على المحضر "أن يبين كل ذلك في حينه بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته" وهو ما يفيد أن المشرع أراد من المحضر أن يثبت تفصيلاً الخطوات التي يتخذها في إتمام إجراءات الإعلان لضمان وصول ورقة الإعلان إلى المعلن إليه أو وصول الإخطار بمكان وجودها إن لم تصل إليه وحتى يكون في هذا التفصيل رقابة على المحضر فيما يباشره من إجراءات يترتب على إتمامها آثار قانونية مختلفة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحضر اكتفى بتحرير عبارة "أخطر في 30/ 4/ 1963 سركي عام" وهي عبارة لا تفيد بذاتها قيام المحضر بإرسال كتاب للمعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه بأن صورة الإعلان سلمت إلى جهة الإدارة، كما لا تفيد عبارة سركي عام أن الإخطار تم بطريق الكتاب الموصى عليه، وكان الحكم قد رتب على هذا النقص بطلان الإعلان فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا وجه للقول بأنه كان على المحكمة أن تطلع على السركي العام بقلم المحضرين حتى تتبين منه أن الإخطار أرسل إلى المعلن إليه بطريق الكتاب الموصى عليه، ذلك أنه لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تكملة النقص الموجود بورقة الإعلان بدليل غير مستمد من الورقة ذاتها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه نفي الإهمال عن الحارس السابق على أساس أنه ظل مواظباً على حضور جلسات الدعوى منكراً حق المستأجر في طلب تخفيض الأجرة ولما اعترض على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى عهدت المحكمة إلى الخبير فحص هذه الاعتراضات، كما أصدرت المحكمة بتاريخ 19/ 3/ 1963 حكماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت هذا الحارس دفاعه المبني على أن العين أقيمت فيها منشآت ومبان بمعرفة المستٍأجر السابق، في حين أن هذا الحارس قد فقد صفته في الحراسة بعزله منها بتاريخ 13/ 2/ 1963 بالحكم الصادر في الدعوى 5051 سنة 1962 وبعد أن كانت دعوى تخفيض الأجرة قد حكم بشطبها بتاريخ 20/ 12/ 1962 لتخلف طرفاها عن الحضور، ولما أعلن الحارس السابق بتجديد السير فيها لجلسة 12/ 2/ 1963 لم يمثل في الدعوى حتى صدور الحكم فيها، وذلك منه إهمال شديد يدل على أنه كان قد نفض يده من مباشرة الدعوى وتتبع ما تم فيها ودون أن يعن بإخطار المحكمة بعزله من الحراسة، رغم أن القانون 100 سنة 1962 كان قد صدر بتعديل مواعيد الطعن على الأحكام فجعلها تبدأ من تاريخ صدورها، وذلك الموقف السلبي من الحارس يتصف بالإهمال الشديد الذي ضيع على جهة الحراسة 500 ج سنوياً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى - وعلى ما جاء في الرد على السبب الأول - إلى أن الحارس السابق لم يعلن بالحكم الصادر بتاريخ 19/ 3/ 1963 في الدعوى 682 سنة 1960 مدني كلي الإسكندرية بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو بالجلسة المحددة لإجرائه، فإنه يكون بذلك قد نفى علم الحارس بذلك الحكم أو بما تلاه من إجراءات وما يترتب على ذلك من نفي الإهمال عنه، ولما كان هذا الذي قرره الحكم سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه فإن النعي في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع.