أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 663

جلسة 9 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

(94)
الطعن رقم 123 لسنة 28 القضائية

( أ ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". "مناطها".
قيام علاقة التبعية على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه.
(ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". مدارس حرة.
تبعية المدارس الحرة والعاملين بها لوزارة التربية والتعليم بالمعنى المقصود في المادة 174 من القانون المدني.
(ج) استئناف "أثر الاستئناف". تعويض. محكمة الموضوع. "سلطتها في التقدير".
عدم تقيد محكمة الاستئناف بحدود مبلغ التعويض المحكوم به متى كان الاستئناف قد رفع من المضرور. للمحكمة الاستئنافية بما لها من سلطة مطلقة في التقدير أن تقر الحكم الابتدائي على تقريره له ولو اعتبرت أن الضرر نتيجة خطأ مشترك خلافاً لما ارتآه ذلك الحكم من مسئولية التابع وحده عنه.
(د) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". استئناف.
إحالة حكم محكمة الدرجة الثانية إلى أسباب الحكم الابتدائي لا ينصرف إلا إلى ما لا يتعارض من هذه الأسباب مع أسبابه. اعتبار الحكم الاستئنافي أن الضرر قد نتج عن خطأ مشترك بين والد المصاب وتابع الطاعنة وإحالته إلى أسباب الحكم الابتدائي التي من يبنها ما ينفي الخطأ عن والد المصاب. لا قصور.
1 - مؤدى ما نصت عليه المادة 174 من القانون المدني هو أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه، بحيث يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها.
2 - مفاد ما نص عليه القانون 38 لسنة 1948 والقرارات المنفذة له من خضوع المدارس الحرة لرقابة وزارة التربية و التعليم وتفتيشها في الحدود التي رسمها أن لوزارة التربية والتعليم سلطة فعلية في رقابة وتوجيه العاملين بالمدارس الحرة، وهي سلطة تستمدها من القانون لا لحساب هذه المدارس وإنما لحسابها هي باعتبارها القوامة على مرفق التعليم بما يتحقق معه تبعية المدارس المذكورة والعاملين بها للوزارة بالمعنى المقصود في المادة 174 من القانون المدني. [(1)]
3 - متى طرح الاستئناف المرفوع من والد المصاب بطلب زيادة مبلغ التعويض المحكوم به مع الاستئناف المرفوع من الطاعنة المتضمن طلب تعديله بإنقاصه بما يوازي ما أسهم به والد المصاب من خطأ في الحادث، فإن محكمة الاستئناف في هذه الحالة لا تكون مقيدة بحدود المبلغ المحكوم به ابتدائياً، ويكون من حقها تبعاً لما لها من سلطة مطلقة في تقدير التعويض أن تقر الحكم الابتدائي على تقديره ولو اعتبرت أن الضرر نتج عن خطأ مشترك بين والد المصاب والمطعون عليه الثاني تابع الطاعنة خلافاً لما ارتآه ذلك الحكم من مسئولية المطعون عليه الثاني وحده عن ذلك الضرر.
4 - إحالة حكم محكمة الدرجة الثانية إلى أسباب الحكم الابتدائي لا تنصرف إلا إلى ما لا يتعارض من هذه الأسباب مع أسبابه هو. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الضرر قد نتج عن خطأ مشترك بين والد المصاب وتابع الطاعنة خلافاً لما ارتآه الحكم الابتدائي، فلا يعيبه أن من بين أسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها ما ينفي الخطأ عن والد المصاب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته ولياً على ابنه القاصر إبراهيم أقام الدعوى رقم 269 سنة 1955 كلي طنطا على المطعون عليه الثاني وهو مدرس بمدرسة الأقباط الثانوية بطنطا والمطعون عليه الثالث ناظر تلك المدرسة ووزارة التربية والتعليم الطاعنة وطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 3000 ج والمصروفات وقال في بيان دعواه إن ابنه وهو تلميذ بالمدرسة المشار إليها قد أصيب بكسر في ذراعه الأيسر أثناء تدريبه على المصارعة في المدرسة وحصلت مضاعفات في الإصابة أدت إلى بتر الذراع وقد تسببت الإصابة ومضاعفاتها عن خطأ المطعون عليه الثاني إذ كان يشرف على تدريب المصارعة وحمل ابنه المضرور على منازلة تلميذ يزيد عليه في الوزن فأسقط ابنه على الأرض وأصيب في ذراعه بالكسر كما أن المطعون عليه المذكور قد تصدى لعلاج الإصابة بطريقة غير فنية بأن دلك مكانها بالثلج وربط الذراع على جبيرتين من الخشب برباط محكم وأمر المصاب بعدم فكه وبعدم التوجه للطبيب حتى اشتدت به العلة مما استلزم بتر ذراعه عندما أدخل إلى المستشفى فيما بعد ورتب المدعي على ذلك مسئولية المطعون عليه الثاني عن خطئه الشخصي ومسئولية المطعون عليه الثالث ووزارة التربية والتعليم باعتبارهما متبوعين مسئولين عن أعمال تابعهما مرتكب الخطأ وطلب إلزامهم جميعاً متضامنين بمبلغ التعويض الذي قدره في دعواه، ودفعت وزارة التربية والتعليم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها لرفعها على غير ذي صفة بمقولة إن المطعون عليه الثاني لا يعتبر تابعاً لها إذ أن مدرسة الأقباط التي يعمل بها من المدارس الحرة فلا تعد تابعة للحكومة. كما طلبت الوزارة احتياطياً رفض الدعوى على أساس أنه لم يقع خطأ من المدرس تترتب عليه مسئوليته وبالتالي مسئولية متبوعة وأنه بفرض ثبوت أي خطأ في جانب المدرس المذكور فإن خطأ المدعي قد استغرقه لتراخيه في إدخال ابنه المصاب المستشفى مدة أربعة أيام طرأت خلالها مضاعفات على الإصابة وهي التي استوجبت بتر الذراع وفي 16 من سبتمبر سنة 1956 قضت محكمة طنطا الابتدائية برفض الدفع المقدم من وزارة التربية والتعليم بعدم قبول الدعوى وبقبولها وندبت الطبيب الشرعي لفحص المصاب وبيان سبب بتر ذراعه وما إذا كانت الإسعافات التي أجراها له المطعون عليه الثاني قد أدت أو ساهمت في إحداث هذا الضرر وبيان ما إذا كانت هناك عوامل أخرى ساهمت في إحداث النتيجة التي انتهت إليها الإصابة، وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره قضت المحكمة في 30 يناير سنة 1957 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي أن المطعون عليه الثاني أبدى المشورة لأبنه بعدم عرض نفسه على الطبيب والاكتفاء بما أجراه له من الإسعاف وصرحت للمطعون عليه المذكور وسائر المدعى عليهم بنفي ذلك، وقد سمعت المحكمة شهود الطرفين ثم قضت في 29 مايو سنة 1957 بإلزام المطعون عليه الثاني ووزارة التربية والتعليم متضامنين بأن يدفعا للمدعي مبلغ 800 جنيه والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت المحكمة قضاءها بذلك على أن الضرر الذي حاق بالمصاب قد ترتب على خطأ المطعون عليه الثاني وأن مسئولية الوزارة باعتبارها متبوعاً للمطعون عليه المذكور قد تقرر بالحكم الصادر في 16 سبتمبر سنة 1956، ونفت المحكمة وقوع خطأ من جانب والد المصاب، استأنفت الوزارة هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 157 سنة 7 ق ورددت دفاعها الذي أبدته أمام المحكمة الابتدائية كما استأنف والد المصاب ذلك الحكم أيضاً بالاستئناف رقم 112 سنة 7 ق وقررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين معاً ثم قضت في 25 فبراير سنة 1958 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وأخذت بأسبابه وأضافت إليها أن تقدير التعويض قد روعي فيه مقدار ما أسهم به والد المصاب من خطأ، وقررت الوزارة بالطعن في ذلك الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13 مايو سنة 1961 وفيها صممت النيابة على ما أبدته بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن مع إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية لتقرير مبدأ قانوني في هذا الخصوص وقد قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 4 أبريل سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أنه قضى برفض الدفع الذي أبدته بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها لرفعها على غير ذي صفة على أساس أن مدرسة الأقباط الثانوية التي يعمل بها المطعون عليه الثاني وإن كانت من المدارس الحرة إلا أن تلك المدرسة قد قبلت مبدأ إعانتها مالياً من الطاعنة فيعتبر ذلك إيذاناً بضم مدرسيها إلى موظفي الحكومة وقد راح الحكم يدلل على تأييد هذا النظر بأن النيابة الإدارية قد تولت تحقيق الشكوى المقدمة عن حادث الإصابة وأن الطاعنة أوقعت الجزاء التأديبي على المطعون عليه الثاني بناء على ذلك التحقيق في حين أن المدارس الحرة كما عرفها القانون رقم 583 لسنة 1955 هي مؤسسات غير حكومية تقوم أصلاً أو بصفة فرعية بالتربية والتعليم فتعتبر لذلك مؤسسات خاصة تعاون وزارة التربية والتعليم في إدارة مرفق عام هو مرفق التعليم وقد رسم القانون رقم 583 لسنة 1955 المشار إليه والقانون رقم 38 لسنة 1948 السابق عليه حدود رقابة الوزارة للمدارس الحرة بما يكفل حسن إدارتها لتحقيق النفع العام ولا يؤدي ذلك على اعتبار موظفيها تابعين للطاعنة وهو ما يماثل تماماً إشراف الدولة على المحال العامة المعدة لخدمة الجمهور وتوفير الراحة له والعناية بصحته ويبلغ إشراف الدولة على هذه المحال إلى حد إنزال العقوبات الجنائية بالقائمين بإدارتها لما يرتكبونه من المخالفات دون أن تكون الدولة متبوعاً لهم وتسأل عما يقع منهم من أعمال ضارة بأفراد الجمهور وإنما تتحقق علاقة التبعية التي تجعل المتبوع مسئولاً عن أعمال تابعه بتوافر عنصرين الأول هو السلطة الفعلية التي تجعل المتبوع مسيطراً على أعمال تابعه يسيره كيفما شاء بما يصدره إليه من أوامر وتعليمات والعنصر الثاني هو الرقابة والتوجيه اللذان يجب أن يكونا لحساب المتبوع وليس لحساب التابع أو لحساب شخص آخر وإذ كان المطعون عليه الثاني ليس مدرساً بمدرسة حكومية بل هو مدرس بمدرسة الأقباط الثانوية بطنطا وهي من المدارس الحرة التي لها على هذا الأساس كيانها الخاص وذاتيتها المستقلة فيكون المطعون عليه المذكور تابعاً لتلك المدرسة وحدها ولا يعتبر بأي وجه تابعاً للطاعنة.
وحيث إن الحكم الابتدائي الصادر في 16 سبتمبر سنة 1956 والذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه رد على الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم قبول الدعوى الموجهة إليها لرفعها على غير ذي صفة بقوله "وصدر القانون رقم 38 لسنة 1948 ملغياً القانون رقم 39 لسنة 1939 ومحتفظاً للوزارة بحق الرقابة والتفتيش وفرض جزاءات مقتضاها أن مخالفة أية مدرسة للتعليمات يعرضها للمحاكمة والحرمان من الإعانة وفي سنة 1950 قررت الوزارة تطبيق نظام المجانية على التعليم الثانوي والفني وسارت في معاملة هذه المدارس على نمط المدارس الابتدائية ورأت أن سلطة تعيين المدرسين بتلك المدارس وتأديبهم لا زالت لمدارسهم بحكم تعيينها لهم وأنه لا سلطان لها عليهم وأن الإعانات تكلفها كثيراً فصدر قرار مجلس الوزراء في 25/ 3/ 1950 بمد سلطانها وجعله شاملاً لتعيين المدرسين وتأديبهم وفصلهم وقررت بناء على ذلك أن تجرى تعيين موظفي التعليم الحر الذين قبلت مدارسهم مبدأ الإعانة وسمي هذا التعيين بإذن الضم وأخذت تصدر أذوناً بضم هؤلاء الموظفين على الأساس سالف الذكر. وحيث إن المستفاد من دفاع الوزارة أن مدرسة الأقباط الثانوية هي من المدارس التي قبلت مبدأ الإعانة فإن مؤدى هذا أن الوزارة قد أصدرت أمراً بضم المدعى عليه الأول (المطعون عليه الثاني) إليها وعينته موظفاً بها ويؤكد هذا النظر أن النيابة الإدارية قد قامت بالتحقيق في الشكوى المقدمة ضده بشأن موضوع هذه الدعوى وأن الوزارة قد قامت فعلاً بتوقيع الجزاء عليه بعد الاطلاع على تلك التحقيقات... وحيث إن قيام الوزارة بتوقيع الجزاء على المدعى عليه يعني أنها صاحبة السلطة الفعلية عليه. وحيث إنه تبين من مراجعة التحقيقات بادية الذكر أن الوزارة قد أصدرت تعليمات إدارية بلغت إلى المدعى عليه الأول بشأن ما يتبع في حالة إصابة أحد الطلبة أثناء ممارسته الألعاب الرياضية... ومؤدى ذلك أن للوزارة سلطة الرقابة والتوجيه على المدعى عليه الأول... ويكون من الثابت أن المدعى عليه الأول تابع للوزارة فيكون الدفع المبدي منها في غير محله وجدير بالرفض" ولما كانت المادة 174 من القانون المدني تنص على أنه "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعة متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه" ومؤدى ذلك أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقه أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها. ولما كان القانون رقم 38 لسنة 1948 الذي ينطبق على واقعة الدعوى يقضي في مادته الأولى بأن المدارس الحرة خاضعة لرقابة وزارة التربية والتعليم وتفتيشها في الحدود الواردة بذلك القانون وفي هذه الحدود توجب أحكام القانون اشتراط مؤهلات معينة فيمن يعملون بتلك المدارس كما توجب وضع لائحة لكل مدرسة تكفل انتظام ماليتها وحسن إدارة التعليم والامتحانات فيه والإشراف الصحي على التلاميذ طبقاً للقرار الذي تصدره الوزارة بتعيين القواعد الأساسية المؤدية لتحقيق تلك الأغراض كما أجاز القانون للوزارة منح الإعانات المالية لهذه المدارس ومساعدتها على الإدارة الفنية والمالية بجميع ما تراه من الوسائل وكذلك أعطى القانون للوزارة السلطة في توقيع الجزاءات القانونية على العاملين بتلك المدارس لأي أمر مخل بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق أو بحسن سير الدراسة أو النظام على أن تضع التعليمات التي تتضمن واجبات المديرين والنظار التي تكفل حسن سير الدراسة والنظام - كما جعل القانون لموظفي الوزارة حق دخول هذه المدارس وطلب جميع البيانات الخاصة بها للتحقق من تنفيذ أحكام القانون. ومفاد ذلك كله أن للوزارة سلطة فعلية في رقابة وتوجيه العاملين بالمدارس الحرة وهي سلطة تستمدها من القانون لا لحساب هذه المدارس وإنما لحسابها هي باعتبارها القوامة على مرفق التعليم بما يتحقق معه تبعية المدارس المذكورة والعاملين فيها للوزارة بالمعنى المقصود في المادة 174 من القانون المدني وقد مارست الوزارة هذه السلطة فعلاً بما أثبته الحكم المطعون فيه من أنها قد أصدرت تعليماتها إلى المطعون عليه الثاني بشأن ما يتبع في حالة إصابة التلاميذ أثناء تدريبهم على الألعاب الرياضية، ومن أن النيابة الإدارية قد اضطلعت بالتحقيق مع المطعون عليه المذكور في الشكوى ضده من المضرور ثم أوقعت عليه الطاعنة الجزاء التأديبي لما ثبت في حقه من المخالفات، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى اعتبار الطاعنة متبوعاً للمطعون عليه الثاني لا يكون مخالفاً للقانون ولا تكون ثمت جدوى بعد ذلك من البحث فيما تنعاه الطاعنة على الحكم من الخطأ فيما قرره من أن المطعون عليه الثاني يعتبر موظفاً من موظفي الدولة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التخاذل في أسبابه وتقول في بيان ذلك إنها تمسكت لدى محكمة الدرجة الأولى بأن الضرر المطالب بالتعويض عنه قد تسبب عن خطأ والد المضرور (المطعون عليه الأول) لتراخيه في عرض ابنه على الطبيب وطلبت الطاعنة لذلك الحكم في الموضوع برفض الدعوى ومن باب الاحتياط مراعاة خطأ المطعون عليه المذكور في تقدير التعويض، ولم يأخذ الحكم الابتدائي بهذا الدفاع وألقى بالمسئولية كلها على المطعون عليه الثاني وقدر التعويض بمبلغ 800 ج وقد رددت الطاعنة دفاعها المذكور في الاستئناف الذي رفعته عن هذا الحكم فقضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف وأخذ بأسبابه وأضاف إليها أن مبلغ التعويض قد روعي فيه الخطأ الذي وقع من والد المصاب (المطعون عليه الأول) وقد كان من مقتضى ذلك حتماً أن ينزل الحكم المطعون فيه بمقدار التعويض بنسبة الخطأ الذي أسهم به المطعون عليه الأول في إحداث الضرر لا أن يؤيد تقدير الحكم الابتدائي لمبلغ التعويض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وقد طرح على محكمة الاستئناف المرفوع من والد المصاب (المطعون عليه الأول) عن الحكم الابتدائي الذي قدر التعويض بمبلغ 800 ج بطلب تعديله بالزيادة مع الاستئناف المرفوع من الطاعنة المتضمن طلبها الاحتياطي بتعديل ذلك الحكم بإنقاص مبلغ التعويض المحكوم به بما يوازي ما أسهم به والد المصاب من خطأ في الحادث، فإنه لذلك لا تكون محكمة الاستئناف في هذه الحالة مقيدة بحدود المبلغ المحكوم به ابتدائياً ويكون من حقها تبعاً لما لها من سلطة مطلقة في تقدير التعويض أن تقر الحكم الابتدائي على تقديره ولو اعتبرت أن الضرر قد نتج عن خطأ مشترك بين والد المصاب والمطعون عليه الثاني (تابع الطاعنة) خلافاً لما ارتآه ذلك الحكم من مسئولية المطعون عليه الثاني وحده عن ذلك الضرر، ولا يعيب الحكم المطعون فيه أن من بين أسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها ما تضمنه الحكم المذكور من أسباب تنفي الخطأ عن والد المصاب ذلك أن إحالة الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي لا ينصرف إلا إلى ما لا يتعارض من هذه الأسباب مع أسبابه هو. ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] راجع نقض جنائي جلسة 28/ 4/ 1959 الطعن 168 س 29 ق السنة العاشرة ص 506.