أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 22 - صـ 558

جلسة 27 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

(88)
الطعن رقم 291 لسنة 36 القضائية

( أ ) بطلان. "حق التمسك بالبطلان". استئناف. "إعلان الاستئناف". إعلان. "بطلان الإعلان".
حضور الخصم الذي يزول به الحق في التمسك بالبطلان هو الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها في الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره. قضاء الحكم ببطلان صحيفة الاستئناف لعيب في إعلانها دون اعتداد بحضور المستأنف عليه في جلسة تالية بناء على إعادة إعلانه في ميعاد الثلاثين يوماً المقرر بالمادة 405 مرافعات سابق، ولكون إعادة الإعلان لم يستوف البيانات التي تتطلبها تلك المادة. لا خطأ.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تكييف طلبات الخصوم". نقض. "سلطة محكمة النقض". دفوع. "الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف". بطلان. دعوى.
حق قاضي الموضوع في تكييف الطلبات المبداة قبل الدفوع الشكلية وما إذا كانت تعد تعرضاً لموضوع الدعوى مسقطاً لهذه الدفوع. خضوع هذا التكييف لرقابة محكمة النقض. طلب التأجيل للاطلاع ولتقديم مستندات دون بيان لمضمونها لا يعد تعرضاً لموضوع الدعوى. طلب التأجيل لتقديم شهادة بتاريخ تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين للتحقق مما إذا كان قد رفع بعد الميعاد. لا يعتبر دفعاً بعدم القبول.
(ج) إعلان. "الإعلان في الموطن الأصلي". "بطلان الإعلان". استئناف. "إعلان صحيفة الاستئناف". بطلان. دفوع. موطن.
اعتبار الحكم أن مكتب المطعون عليه موطن أصلي آخر له لما تبين من أنه وجه الدعوى منه إلى الطاعن. قضاؤه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لإعلان المطعون عليه في المكتب المشار إليه دون إثبات غيابه وقت الإعلان عملاً بالمادتين 12 و24 مرافعات سابق. لا خطأ.
1 - مفاد المادة 140 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 أن حضور الخصم الذي يعينه المشرع بسقوط الحق في التمسك بالبطلان هو ذلك الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها في الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره، أما الحضور الذي يتم في جلسة تالية من تلقاء نفس الخصم أو بناء على ورقة أخرى فلا يسقط الحق في التمسك بالبطلان، إذ أن العلة من تقرير هذا المبدأ هو اعتبار حضور الخصم في الجلسة التي دعي إليها بمقتضى الورقة الباطلة قد حقق المقصود منها، ويعد تنازلاً من الخصم عن التمسك ببطلانها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وقرر أن حضور المطعون عليه لا يسقط حقه في التمسك ببطلان صحيفة الاستئناف، لأنه لم يحضر في الجلسة المحددة التي دعي إليها بمقتضى ورقة الإعلان الباطلة، وإنما حضر جلسة تالية بناء على إعادة إعلانه، كما قرر الحكم أنه لا يجدي الطاعن قيامه بإعادة إعلان المطعون عليه في ميعاد الثلاثين يوماً الذي قررته المادة 405 من قانون المرافعات السابق، لأن ورقة إعادة الإعلان لم تستوف البيانات التي تتطلبها المادة سالفة الذكر من وجوب اشتمالها على بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف، وإنما اقتصرت هذه الورقة على دعوة المطعون عليه للحضور للجلسة المحددة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - لقاضي الموضوع تكييف الطلبات التي يبديها الخصم قبل الدفوع الشكلية للوقوف على ما إذا كانت تعد تعرضاً لموضوع الدعوى من شأنه ن يسقط حقه في التمسك بهذه الدفوع، وهو في هذا التكييف يخضع لرقابة محكمة النقض. وإذ كان قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف دون التعرض في أسبابه لأثر طلبات المطعون عليه السابقة على إبداء هذا الدفع يعد من الحكم قضاءً ضمنياً بعدم سقوط حق المطعون عليه في الدفع السالف الذكر تقديراً منه بأن هذه الطلبات لا تعد من المطعون عليه تعرضاً لموضوع الدعوى أو دفعاً بعدم قبول الاستئناف، وأنه لا أثر لها على الدفع الشكلي المثار أمامها بما يؤدي إلى سقوط الحق فيه - وفقاً للمادة 132 من قانون المرافعات السابق - وكان مجرد طلب التأجيل للاطلاع ولتقديم مستندات دون بيان لمضمونها لا يعد تعرضاً لموضوع الدعوى، كما أن طلب التأجيل لتقديم شهادة ببيان تاريخ تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين للتحقق مما إذا كان الاستئناف قد رفع بعد الميعاد لا يعتبر دفعاً بعدم القبول، فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه في هذا الخصوص.
3 - إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه طبق نص المادة 12 من قانون المرافعات السابق على إعلان صحيفة الاستئناف الذي وجه إلى المطعون عليه في مكتبه باعتباره موطناً آخر له لما تبينه من أن المطعون عليه وجه دعواه إلى الطاعن من هذا المكتب، وقضى الحكم بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لأن المحضر أعلن المطعون عليه في مكتبه المشار إليه مخاطباً مع الآنسة.... دون أن يثبت غيابه وقت الإعلان. وكان يتعين عند إجراء الإعلان في هذا الموطن الأصلي اتباع ما تقضي به المادة 12 سالفة الذكر من وجوب ثبوت غياب الشخص المطلوب إعلانه عن موطنه في حالة تسليم الصورة إلى وكيله أو خادمه أو غيرهما ممن ورد ذكرهم بهذه المادة، وبيان ذلك في محضر الإعلان وصورته، بحيث إذا أغفل المحضر إثبات هذا البيان ترتب على ذلك بطلان الإعلان عملاً بالمادة 24 من قانون المرافعات السابق، فإنه لا محل للتحدي بما يثيره الطاعن في سبب النعي من أن المطعون عليه ناط بالآنسة المخاطب معها مهمة استلام الإعلانات القضائية التي توجه إليه في مكتبه، وأنه لا ضرورة لإثبات غيابة عن هذا المكان وقت الإعلان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 643 سنة 1964 تجاري القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 4000 ج. وبتاريخ 14/ 12/ 1965 حكمت محكمة أول درجة بطلبات المطعون عليه. استأنف الطاعن عن هذا الحكم بالاستئناف رقم 64 سنة 34 ق القاهرة. ودفع المطعون عليه ببطلان صحيفة الاستئناف لعيب في إعلانها، وبتاريخ 3/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قرر أن للمطعون عليه رغم حضوره أن يدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لعيب في إعلانها تأسيساً على أن أنه لم يحضر بناء على إعلانه بهذه الصحيفة التي يتمسك ببطلانها وفي الجلسة المحددة بها، بل حضر في جلسة لاحقة بناء على إعادة إعلانه. هذا في حين أن نص المادة 140 من قانون المرافعات السابق جاء مطلقاً في عباراته فهو يقضي بأن مجرد حضور الخصم مانع من التمسك ببطلان التكليف بالحضور، مما لا يجوز معه تقييد هذا الإطلاق وقصره على الحضور بناء على التكليف المدعى عليه ببطلانه.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المادة 140 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 إذ تنص على "بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة" فقد أفادت بذلك أن حضور الخصم الذي يعينه المشرع بسقوط الحق في التمسك بالبطلان هو ذلك الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها في الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره، أما الحضور الذي يتم في جلسة تالية من تلقاء نفس الخصم أو بناء على ورقة أخرى فلا يسقط الحق في التمسك بالبطلان، إذ أن العلة من تقرير هذا المبدأ هو اعتبار حضور الخصم في الجلسة التي دعي إليها بمقتضى الورقة الباطلة قد حقق المقصود منها ويعد تنازلاً من الخصم عن التمسك ببطلانها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وقرر أن حضور المطعون عليه لا يسقط حقه في التمسك ببطلان صحيفة الاستئناف لأنه لم يحضر في الجلسة المحددة التي دعي إليها بمقتضى ورقة الإعلان الباطلة وإنما حضر جلسة تالية بناء على إعادة إعلانه، كما قرر الحكم أنه لا يجدي الطاعن قيامه بإعادة إعلان المطعون عليه في ميعاد الثلاثين يوماً الذي قررته المادة 405 من قانون المرافعات السابق لأن ورقة إعادة الإعلان لم تستوف البيانات التي تتطلبها المادة سالفة الذكر من وجوب اشتمالها على بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف، وإنما اقتصرت هذه الورقة على دعوة المطعون عليه للحضور للجلسة المحددة. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، ويقول الطاعن بياناً لذلك إن الحكم قضى بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف رغم سقوط حق المطعون عليه في التمسك به طبقاً لنص المادة 132 من قانون المرافعات السابق التي توجب إبداء الدفوع الشكلية قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول، إذ لم يتقدم المطعون عليه بهذا الدفع إلا بعد أن طلب التأجيل للاطلاع وتقديم مستندات ثم التأجيل لتقديم شهادة ببيان التاريخ الذي قدمت فيه صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين حتى يدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، وهو ما يسقط حقه في التمسك بهذا الدفع الشكلي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 132 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 تقضى بأنه يجب إبداء سائر الدفوع الشكلية معاً قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها ما لم تكن متعلقة بالنظام العام، وكان لقاضي الموضوع تكييف الطلبات التي يبديها الخصم قبل الدفوع الشكلية للوقوف على ما إذا كانت قد تعد تعرضاً لموضوع الدعوى من شأنه ن يسقط حقه في التمسك بهذه الدفوع، وهو في هذا التكييف يخضع لرقابة محكمة النقض، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف دون التعرض في أسبابه لأثر طلبات المطعون عليه السابقة على إبداء هذا الدفع، وهي التأجيل للإطلاع وتقديم مستندات ولتقديم شهادة بالتاريخ الذي قدمت فيه صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين يعد من الحكم قضاءً ضمنياً بعدم سقوط حق المطعون عليه في الدفع السالف الذكر تقديراً منه بأن هذه الطلبات لا تعد من المطعون عليه تعرضاً لموضوع الدعوى أو دفعاً بعدم قبول الاستئناف، وأنه لا أثر لها على الدفع الشكلي المثار أمامها بما يؤدي إلى سقوط الحق فيه. لما كان ذلك، وكان مجرد طلب التأجيل للاطلاع ولتقديم مستندات دون بيان لمضمونها لا يعد تعرضاً لموضوع الدعوى، وكان طلب التأجيل لتقديم شهادة ببيان تاريخ تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين للتحقق مما إذا كان الاستئناف قد رفع بعد الميعاد لا يعتبر دفعاً بعدم القبول. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه في هذا الخصوص، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثالث خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف تأسيساً على أن المحضر أعلن المطعون عليه مخاطباً مع الآنسة آمال جورجي دون أن يثبت غيابه وقت الإعلان، في حين أنه لم يكن هناك محل لإثبات هذا البيان لأن المطعون عليه أعلن بصحيفة الاستئناف في مكتبه الذي اتخذه لمباشرة أعماله وناط بالآنسة آمال جورجي استلام الإعلانات القضائية فيه كما تفعل الشركات والمؤسسات والمصالح، وهو المكتب الذي وجه منه المطعون عليه دعواه الحالية إلى الطاعن. هذا إلى أن المستفاد من نص المادة 12 من قانون المرافعات السابق أن وجوب إثبات البيان سالف الذكر قاصر على حالة ما إذا كان الإعلان قد تم في الموطن الأصلي الذي يقيم به المعلن إليه أما إذا تم الإعلان في غير هذا الموطن كما هو الحال في الدعوى فلا محل لهذا البيان، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه طبق نص المادة 12 من قانون المرافعات السابق على إعلان صحيفة الاستئناف الذي وجه إلى المطعون عليه في مكتبه باعتباره موطناً أصلياً آخر له، لما تبينه من أن المطعون عليه وجه دعواه إلى الطاعن من هذا المكتب، وقضى الحكم بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لأن المحضر أعلن المطعون عليه في مكتبه المشار إليه مخاطباً مع الآنسة آمال جورجي دون أن يثبت غيابه وقت الإعلان، وكان هذا الذي قرره الحكم وانتهى إليه لا مخالفة فيه للقانون، إذ يتعين عند إجراء الإعلان في هذا الموطن الأصلي اتباع ما تقضي به المادة 12 سالفة الذكر من وجوب ثبوت غياب الشخص المطلوب إعلانه عن موطنه في حالة تسليم الصورة إلى وكيله أو خادمه أو غيرهما ممن ورد ذكرهم بهذه المادة، وبيان ذلك في محضر الإعلان وصورته، فإذا أغفل المحضر إثبات هذا البيان فإنه يترتب على ذلك بطلان الإعلان عملاً بالمادة 24 من قانون المرافعات السابق. لما كان ذلك فإنه لا محل للتحدي بما يثيره الطاعن في سبب النعي من أن المطعون عليه ناط بالآنسة آمال جورجي مهمة استلام الإعلانات القضائية التي توجه إليه في مكتبه، وأنه لا ضرورة لإثبات غيابه عن هذا المكان وقت الإعلان، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.