أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 719

جلسة 23 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

(103)
الطعن رقم 330 لسنة 27 القضائية

( أ ) استئناف. "الأثر الناقل للاستئناف". "الاستئناف الفرعي" "حالاته". تنفيذ. "تنفيذ عقاري". "اعتراضات على قائمة شروط البيع". بطلان.
الاستئناف المرفوع عن الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ العقاري من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف النزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره ويعيد طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية. يجب على المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحته. لا حاجة لاستئناف فرعي من المستأنف عليه متى كان الحكم المستأنف قد قضى له بكل طلباته.
(ب) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف". تنفيذ. "تنفيذ عقاري". "اعتراضات على قائمة شروط البيع". "أوجه الاعتراض". بطلان.
طلب بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب الواردة بتقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع يعتبر طلباً واحداً مقاماً على أسس قانونية متعددة. لا يعد كل اعتراض طلباً قائماً بذاته. فصل محكمة الاستئناف في الاعتراضات التي قدمت إلى محكمة أول درجة وأغفلت بحثها لا مخالفة فيه للقانون.
(ج) تسوية الديون العقارية "الديون التي تخضع للتسوية".
انطباق نص المادة 18 مكرر من القانون 12 لسنة 1942 بتسوية الديون العقارية والمضافة بالقانون 143 لسنة 1944 على جميع الدائنين الذين تقوم لجنة التسوية بإخطارهم. يدخل في ذلك أصحاب الديون المضمونة برهن تأميني أياً كانت مرتبته.
(د) تسوية الديون العقارية. "واجب الدائنين". "جزاء إخلالهم به".
تخلف الدائنين عن تقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم، استبعاد دينهم من التوزيع ويكون حكمهم حكم الدائنين الذين بحثت اللجنة ديونهم ولم يصيبهم نصيب في التوزيع.
(هـ) تسوية الديون العقارية. "قرار لجنة التسوية". "أثره".
قرار لجنة التسوية مبرئ لذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدوره. إنهاء القرار لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة وديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية. امتداد الحصانة التي أسبغها المشرع على أموال المدينين الذين قبلت اللجنة نهائياً تسوية ديونهم إلى كل مال آخر يؤول إليهم بعد التسوية.
(و) تسوية الديون العقارية. "قرار لجنة التسوية". "حجيته".
صدور قرار لجنة التسوية باستبعاد الدين وفوات ميعاد التظلم لديها فيه. صيرورة القرار نهائياً وتكون له حجية الأحكام النهائية. امتناع الجدل فيه أمام المحاكم.
(ز) تسوية الديون العقارية. "قرار لجنة التسوية". صلح. "تصالح المدين والدائن". "أثر الصلح".
التصديق على عقد الصلح من المحكمة قبل صدور قرار لجنة التسوية. دخول الدين موضوع الصلح ضمن الديون التي طلب المدينون من اللجنة تسويتها. قرار اللجنة باستبعاد الدين المذكور من التوزيع. لا أثر للصلح في هذه الحالة على القرار ما لم يثبت أنه ظل نافذاً برضاء المدينين إلى ما بعد صدور القرار.
1 - توجب المادة 410 من قانون المرافعات على محكمة الدرجة الثانية أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى. ومقتضى ذلك أن الاستئناف المرفوع من الدائن عن الحكم القاضي ببطلان إجراءات التنفيذ العقاري التي كان يباشرها من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف النزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره ويعيد طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ويجب على تلك المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحته دون حاجة لاستئناف فرعي منه متى كان الحكم المستأنف قد انتهى إلى القضاء له بطلباته كلها إذ لا محل لرفع هذا الاستئناف إلا إذا كان لم يحكم له إلا ببعض الطلبات فعندئذ يكون هناك محل للمطالبة بما لم يحكم له به ويجب في هذا المقام أن يكون المحكوم برفضه طلباً بالمعنى الصحيح في القانون.
2 - طلب بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب الواردة بتقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع يعتبر طلباً واحداً مقاماً على أسس قانونية متعددة ولا يعتبر كل اعتراض طلباً قائماً بذاته على ما يستفاد من نص المادة 642 مرافعات إذ عبر المشرع فيها عن المنازعات التي ترمي إلى بطلان إجراءات التنفيذ بعبارة أوجه البطلان. ومن ثم فإن محكمة الاستئناف إذ تعرضت للفصل في الاعتراضات التي كانت مقدمة إلى محكمة أول درجة ولم تبحثها هذه المحكمة فإنها لا تكون قد خالفت القانون.
3 - تنص المادة 18 مكرر من القانون 12 لسنة 1942 بتسوية الديون العقارية الذي ألغى القانون 3 لسنة 1939 والمضافة بالقانون 143 لسنة 1944 على أن "على الدائنين السابق إعلانهم أن يقدموا في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر هذا القانون (143 لسنة 1944) كافة البيانات المطلوبة والمستندات الخاصة بديونهم ومراتب تسجيلاتهم، فإذا انقضت المدة المذكورة ولم تقدم البيانات المطلوبة سقط حقهم في التوزيع، وإذا قدمت البيانات ولم تقدم المستندات فللجنة تسوية الديون العقارية أن تقرر اعتبارهم من الدائنين العاديين. وإذا ورد هذا النص عاماً مطلقاً ولم يرد في القانون الأخير رقم 12 لسنة 1942 نص باستثناء الديون المضمونة برهن تأميني أياً كانت مرتبته من الديون التي تخضع للتسوية طبقاً لأحكامه، فإن مؤدى ذلك أن نص المادة 18 مكرر سالف الذكر ينطبق على جميع الدائنين الذين تقوم لجنة التسوية بإخطارهم.
4 - مقتضى الجزاء الذي تفرضه المادة 18 مكرر من القانون 12 لسنة 1942 المضافة بالقانون 143 لسنة 1944 على من يتخلف من الدائنين عن تقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينه هو استبعاد هذا الدين من التوزيع ويكون حكم الدائن في هذه الحالة حكم الدائنين الذين بحثت اللجنة ديونهم ولم يصيبهم نصيب في التوزيع طبقاً لأحكام القانون.
5 - تقضي المادة 26 من القانون 12 لسنة 1942 بعد تعديلها بالقانون 143 لسنة 1944 بأن قرار لجنة تسوية الديون العقارية يبرئ ذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدوره ويعتبر ذلك القرار منهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة وديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية. وقد قصد المشرع بذلك أن يسبغ على المدينين الذين قبلت اللجنة نهائياً تسوية ديونهم حصانة في أموالهم ليس فقط بالنسبة إلى الأموال التي كانت موضوع التسوية بل وفي كل مال آخر تؤول ملكيته إليهم عقب التسوية أياً كان سبب هذه الملكية - ومن ثم فما دام الدين سابقاً على تاريخ تقديم طلب التسوية فإن قرار اللجنة الذي صدر في هذه التسوية يقف في سبيل كل إجراء من إجراءات التنفيذ على أموال المدين أياً كان طريق هذا التنفيذ.
6 - مجال بحث ما إذا كان دين الدائنين يزيد أولاً يزيد على الـ 70% من قيمة عقارات المدين المخصصة للتوزيع إنما يكون أمام لجنة تسوية الديون العقارية، فإذا فوت الدائنون على أنفسهم هذه الفرصة وأصدرت اللجنة وفي حدود اختصاصها قرارها المتضمن استبعاد دينهم وانقضى ميعاد التظلم لديها في هذا القرار طبقاً للمادة 24 من القانون 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون 143 لسنة 1944 صار هذا القرار نهائياً وتكون له حجية الأحكام النهائية ويمتنع تبعاً لذلك الجدل فيه أمام المحاكم.
7 - متى كان عقد الصلح والتصديق عليه من المحكمة سابقين على قرار لجنة تسوية الديون العقارية وكان المدينون قد تقدموا بالدين موضوع الصلح ضمن الديون التي طلبوا من اللجنة تسويتها وفقاً لأحكام القانون وكان قرار اللجنة قد تضمن الفصل في أمر هذا الدين باستبعاده من التوزيع فإنه لا يكون للصلح أثر على هذا القرار ما لم يثبت أن هذا الاتفاق (الصلح) قد ظل نافذاً برضاء المدينين إلى ما بعد صدور القرار اللجنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين اتخذوا ضد مدينيهم المطعون عليهم التسعة عشر الأولين إجراءات لنزع ملكيتهم من 15 ف و22 ط و17 س وفاء لدين قدره 8264 جنيهاً صدر به ضدهم حكم لصالح مورث الطاعنين من محكمة مصر المختلطة في 16 ديسمبر سنة 1941 في الدعوى رقم 915 سنة 66 قضائية وقام الطاعنون بإعلان تنبيه نزع الملكية على مدينيهم المذكورين في 25 أبريل و2 مايو سنة 1954 وسجلوا هذا التنبيه في 27 يونيه سنة 1954 ثم أودعوا في 20 يناير سنة 1955 قائمة شروط البيع وبتاريخ 17 مارس سنة 1955 قرر المدينون في قلم الكتاب بالاعتراض على هذه القائمة وذكروا في تقرير الاعتراض أن إجراءات التنفيذ قد شابها بطلان لسبب وجود عيوب في الإجراءات مثالها أن أشخاصاً منهم عديمي الأهلية قد أعلنوا بهذه الإجراءات على اعتبار أنهم كاملوا الأهلية وبسبب وجود عيوب في الموضوع مثالها أن الدين المنفذ به قد استبعدته لجنة تسوية الديون العقارية في طلب التسوية رقم 527 سنة 1939 المقدم منهم ولدى نظر هذه الاعتراضات أمام محكمة المنيا الابتدائية في الدعوى رقم 5 سنة 1955 بيوع المنيا أضاف المدينون المعترضون إلى اعتراضاتهم الواردة في التقرير اعتراضاً آخر مبناه أن تنبيه نزع الملكية قد سقط طبقاً للمادة 615 من قانون المرافعات وذلك لأنه لم يعقبه خلال المائتين والأربعين يوماً التالية لتسجيله التأشير على هامشه بما يفيد الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع أو صدور أمر من قاضي البيوع بمد هذا الميعاد وانتهى المعترضون في طلباتهم أمام المحكمة إلى طلب الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ وشطبها ووقفها واعتبارها كأن لم تكن وذلك للأسباب التي أوردوها في تقرير الاعتراض وأمام المحكمة - وقد دفع الطاعنون المعترض ضدهم بسقوط حق المعترضين في التمسك بسبب البطلان الذي أبدوه أمام المحكمة وذلك لعدم إبدائهم له بطريق الاعتراض وفي الميعاد المحدد في المادة 646 لتقديم الاعتراضات على قائمة شروط البيع - وقد رفضت المحكمة هذا الدفع وأخذت بهذا السبب وقضت بناء عليه بتاريخ 27 يوليه سنة 1955 بقبول التقرير بالاعتراضات شكلاً وفي الموضوع ببطلان الإجراءات الخاصة بالتنفيذ على العقارات المبينة في قائمة شروط البيع المقدمة من المعترض ضدهم وبوقف إجراءات التنفيذ على هذه العقارات وقالت المحكمة في أسباب حكمها إنه "متى تقرر وجود بطلان في الإجراءات لسقوط تنبيه نزع الملكية لمضي مدة تزيد على 240 يوماً بين تسجيل التنبيه وبين الإخبار بإيداع القائمة فإنه يتعين القضاء ببطلان الإجراءات ووقفها دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الاعتراضات التي آثارها المعترضون المدينون إذ لا محل لذلك بعد أن انتهت المحكمة إلى القضاء بوقف إجراءات التنفيذ تأسيساً على أحد الأوجه - وقد استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم برقم 1040 سنة 72 ق وكان من بين أسباب هذا الاستئناف أن محكمة أول درجة قد أخطأت إذ قبلت سبب البطلان الذي أبداه المعترضون المستأنف ضدهم بمذكرتهم المقدمة لجلسة 20 يوليه سنة 1955 مع أن حق هؤلاء المعترضين في التمسك بهذا السبب قد سقط عملاً بالمادة 642 من قانون المرافعات وانتهى الطاعنون في صحيفة استئنافهم إلى طلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم أصلياً بسقوط حق المستأنف عليهم في التمسك بذلك السبب واحتياطياً بعدم قبول الاعتراض شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة بالنسبة لبعض المعترضين ومن باب الاحتياط الكلي رفض طلب بطلان الإجراءات للسبب المتقدم وفي كل حال إعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيها - وبتاريخ 9 يونيه سنة 1957 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط تنبيه نزع الملكية وبقبول الاعتراض الثاني من تقرير الاعتراض المؤرخ 17 مارس سنة 1955 وببطلان إجراءات التنفيذ مع إلزام المستأنفين بمصاريف الدرجتين ومبلغ خمسة جنيهات أتعاباً للمحاماة وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن حق المعترضين في التمسك بالسبب الذي اعتمد عليه الحكم الابتدائي في قضائه قد سقط طبقاً للمادة 642 مرافعات وأنه لذلك يكون الحكم المذكور قد أخطأ في بناء قضائه على ذلك السبب وحق إلغاؤه ثم بحثت محكمة الاستئناف الاعتراضات الواردة في تقرير الاعتراض وانتهت إلى قبول الاعتراض المتضمن بطلان إجراءات التنفيذ لأن الدين المنفذ به سبق أن استبعدته لجنة تسوية الديون العقارية في طلب التسوية رقم 527 سنة 1939 وذلك لما ثبت للمحكمة من أن هذه اللجنة قررت في 23 مارس سنة 1947 استبعاد دين المستأنفين (الطاعنين) لعدم تقديم الدائن البيانات والمستندات الخاصة به الأمر الذي رتبت عليه المحكمة اعتبار ذلك الدين ساقطاً عن المدينين بمقتضى قرار الاستبعاد المذكور الذي لا تجوز للمحاكم مناقشته أو التعرض له - وبتاريخ 9 سبتمبر سنة 1957 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة أول إبريل سنة 1961 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وطلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظره جلسة 28 مارس سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعنون في أولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم بعد أن أودعوا قائمة شروط البيع قرر المطعون عليهم في قلم الكتاب بالاعتراض عليها وذكروا في التقرير أن الإجراءات قد شابها بطلان شكلي وبطلان موضوعي وأن أساس البطلان الموضوعي هو أن الدين المنفذ به قد استبعدته لجنة تسوية الديون العقارية في طلب التسوية المقدم إليها منهم ثم أضافوا في مذكرتهم التي قدموها إلى المحكمة التي نظرت الاعتراضات طلباً جديداً لم يرد له ذكر في تقرير الاعتراض هو طلب الحكم بسقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية استناداً إلى نص المادة 615 مرافعات وذلك لعدم التأشير على هامشه في الميعاد القانوني بما يفيد الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع - وقد أخذت المحكمة الابتدائية بهذا الاعتراض الأخير وحكمت بسقوط التنبيه لهذا السبب دون أن تفصل أو تتعرض للاعتراضين الواردين في التقرير وصرحت في حكمها بأنها لم تجد حاجة لبحثهما ولما استأنف الطاعنون أنصب استئنافهم على ما حكمت به المحكمة الابتدائية من سقوط التنبيه ولما عرض الاستئناف على محكمة الاستئناف تبين لها أن الحكم الابتدائي قد أخطأ في قضائه بسقوط التنبيه ولكنها بدلاً من أن تقف عند حد إلغاء ذلك الحكم وتعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في باقي الاعتراضات التي لم تبحثها ومن بينها الاعتراض المؤسس على براءة الذمة من الدين المنفذ به لسبق استبعاده من لجنة تسوية الديون العقارية فإن محكمة الاستئناف تصدت لبحث هذا الاعتراض واعتبرته صحيحاً وحكمت بناء على ذلك ببطلان إجراءات التنفيذ - وقضاؤها بذلك تأسيساً على السبب المذكور يعتبر قضاء في طلب جديد لم يكن مطروحاً عليها ذلك أن الاستئناف طبقاً للمادة 409 مرافعات لا ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية إلا الطلب الذي رفع عنه الاستئناف ولا يعتبر هذا الوجه من طلبات المطعون عليهم المعترضين الذي أخذت به محكمة الاستئناف دفاعاً أو دليلاً مما يطرحه الاستئناف المرفوع من الطاعنين طبقاً للمادة 410 مرافعات ذلك أنه فضلاً على أن ذلك الوجه من وجوه الاعتراض لا يعتبر وسيلة دفاع أو دليلاً فإنه غير متعلق بما رفع عنه الاستئناف وهو سقوط تسجيل التنبيه لعدم التأشير على هامشه بالإخطار بإيداع قائمة شروط البيع ويضيف الطاعنون أن محكمة الاستئناف إذ تصدت للفصل في طلب البطلان الموضوعي المتعلق بوجود الدين وعدمه والذي يعتر طلباً مستقلاً عن الطلب الذي حكمت فيه محكمة أول درجة ومختلفاً عنه في موضوعه ولم تستنفذ هذه المحكمة سلطتها في الفصل فيه فإن محكمة الاستئناف بتصديها هذا تكون قد خالفت قاعدة أصلية متعلقة بالنظام العام وهي القاعدة التي تقضي بأن التقاضي على درجتين هذا فضلاً عن مخالفتها لأحكام المادتين 409 و410 سالفتي الذكر والمادة 411 مرافعات التي تمنع قبول الطلبات الجديدة في الاستئناف.
وينعى الطاعنون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلانه لقصور أسبابه وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف في مذكرتهم المقدمة لجلسة 25 مايو سنة 1957 بأنه لا يجوز قانوناً للمحكمة أن تساير الخصوم فيما طلبوه من التعرض لطلباتهم وأوجه النزاع التي كانوا قد أبدوها في تقرير الاعتراض وذلك إذا ما رأت المحكمة عدم الأخذ بالسبب الذي بني عليه الحكم الابتدائي قضاءه ورغم تمسك الطاعنين بذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بوجهة نظرهم في هذا الشأن ولم يناقشها أو يرد عليها.
وحيث إن النعي الوارد بهذين السببين مردود بأنه لما كان المطعون عليهم المدينون قد طلبوا من محكمة الدرجة الأولى القضاء ببطلان إجراءات التنفيذ التي اتخذها الطاعنون ضدهم استناداً إلى السببين الواردين في تقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع والسبب الذي أبدوه أمام المحكمة وكانت تلك المحكمة قد اكتفت بالسبب الأخير وحكمت بناء عليه بطلبات المدينين المعترضين وصرحت في حكمها بأن هذا السبب قد أغناها عن بحث السببين الآخرين ولما استأنف الدائنون الطاعنون هذا الحكم طلب المدينون المطعون عليهم تأييد الحكم المستأنف وتمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بجميع أسباب البطلان التي أبدوها أمام محكمة الدرجة الأولى ومن بينها أن الدين المنفذ به قد برئت ذمتهم منه لسبق استبعاده من لجنة تسوية الديون العقارية في طلب التسوية المقدم منهم فإن محكمة الاستئناف وقد رأت إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى بقبوله من أسباب البطلان المقدمة من المستأنف عليهم إلى محكمة أول درجة فإنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تبحث باقي هذه الأسباب وتفصل فيها. ذلك أن المادة 410 من قانون المرافعات توجب على محكمة الدرجة الثانية أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى ومقتضى ذلك أن الاستئناف المرفوع من الدائنين الطاعنين عن الحكم القاضي ببطلان إجراءات التنفيذ من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف النزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره ويعيد طرحه عليها من أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ويجب على تلك المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة للفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحته وذلك دون حاجة لاستئناف فرعي منه متى كان الحكم المستأنف قد انتهى إلى القضاء له بطلباته كلها إذ لا محل لرفع هذا الاستئناف إلا إذا كان لم يحكم له إلا ببعض الطلبات فعندئذ يكون هناك محل للمطالبة بما لم يحكم له به ويجب في هذا المقام أن يكون المحكوم برفضه طلباً بالمعنى الصحيح في القانون (chef de demànde) لما كان ذلك، وكان طلب المدينين المطعون عليهم من محكمة الدرجة الأولى بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب التي أوردوها في تقرير الاعتراض وأمام المحكمة يعتبر طلباً واحداً مقاماً على أسس قانونية متعددة ولا يعتبر كل اعتراض طلباً قائماً بذاته وقد دل المشرع بجلاء على هذا المعنى في المادة 642 مرافعات بتعبيره فيها بعبارة أوجه البطلان عن المنازعات التي يقصد بها الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ فنصت المادة على أن "أوجه البطلان في الإجراءات... سواء كان أساس البطلان عيباً في الشكل أم في الموضوع وكذلك جميع الملاحظات على شروط البيع يجب على المدين والحائز والدائنين... إبداؤها بطريق الاعتراض..." لما كان ذلك، فإن محكمة الاستئناف إذ تعرضت للفصل في الاعتراضات التي كانت مقدمة إلى محكمة أول درجة ولم تبحثها هذه المحكمة لا تكون قد خالفت القانون كما أنها وقد أخذت بهذا النظر القانوني الصحيح لا تكون بعد ذلك ملزمة بالرد على وجهة نظر الطاعنين المخالفة له - إذ أن مجرد أخذها بالنظر الصحيح يتضمن التعليل لإطراحها تلك الوجهة.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون بتفسيره قرار لجنة تسوية الديون العقارية باستبعاد دين الطاعنين بأنه يؤدي إلى براءة ذمة المطعون عليهم المدينين من هذا الدين - وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن استبعاد دينهم من التسوية كان بسبب عدم تقديمهم البيانات والمستندات وهذا الاستبعاد لا يفيد قانوناً أو لغة براءة ذمة المدين أو سقوط حق الدائن في المطالبة به وإنما يعني هذا الاستبعاد أن اللجنة لم تتعرض للدين المستبعد ولم تدخله ضمن الديون التي شملتها التسوية والتوزيع وبالتالي يظل حق الدائن في المطالبة به قائماً - وساق الطاعنون لتأييد وجهة نظرهم هذه أن طلب التسوية المقدم من المطعون عليهم قد قدم في سنة 1939 في ظل القانون رقم 3 لسنة 1939 أول قوانين تسوية الديون العقارية والذي صدر في 23 يناير سنة 1939 ولم يلغ إلا في 14 مايو سنة 1942 بالقانون رقم 12 لسنة 1942 وقد كانت الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1939 صريحة في أنه لا يحتسب في مجموع الديون التي يشملها التخفيض ولا في تقدير قيمة العقارات التي تنتفع بالتسوية الديون المضمونة برهن حيازي أو برهن تأميني في المرتبة الأولى ولاحق لسنة 1932 - ولما كان دين الطاعنين مضموناً برهن تأميني لاحق لسنة 1932 وفي المرتبة الأولى فإنه بحسب أحكام القانون الذي قدم طلب التسوية في ظله لم يكن هذا الدين يدخل ضمن الديون التي يشملها التخفيض وبالتالي فلم يكن الدائن ملزماً بتقديم مستندات أو بيانات عن دينه هذا إلى اللجنة وقد جاء القانون رقم 12 لسنة 1942 وألغى القانون رقم 3 لسنة 1939 ونص في المادة 18 منه على تخويل اللجنة حصر جميع ديون المدين طالب التسوية حصراً نهائياً ثم عدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 وأضاف القانون الأخير إلى القانون رقم 12 لسنة 1942 مادة جديدة برقم 18 مكرر تقضي بأن "على الدائنين السابق إعلانهم أن يقدموا في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر القانون الجديد كافة البيانات والمستندات الخاصة بديونهم ومراتب تسجيلهم فإذا انقضت المدة المذكورة ولم تقدم البيانات المطلوبة سقط حقهم في التوزيع وإذا قدمت البيانات ولم تقدم المستندات فللجنة تسوية الديون العقارية أن تقرر اعتبارهم من الدائنين العاديين فإذا لم يكن قد سبق إعلانهم فتسرى المدة المذكورة من تاريخ إعلانهم بخطاب مسجل بعلم الوصول" - ومفاد هذا النص - على ما يقول الطاعنون - إن الدائنين الذين أعلنوا وقدموا بيانات عن دينهم ولم يتقدموا بمستنداتهم فإن كل الذي يترتب بالنسبة لهم لا يخرج عن أحد أمرين أولهما أن يسقط حقهم في توزيع ما يوازي 70% من قيمة عقارات المدين - أي لا يصيبهم شيء في هذا التوزيع والأمر الثاني هو أن تقرر اللجنة اعتبارهم من الدائنين العاديين فإن أصابهم بوصفهم هذا شيء في التوزيع أخذوه وهذان الأمران يختلفان عن براءة الذمة وانقضاء الدين يؤكد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 143 لسنة 1944 عن المادة 26 حيث جاء بها أن النص الجديد لهذه المادة لم يعدل شيئاً من أحكامها غير أنه بين بطريقة جلية لا تثير شكاً أن المنع من اتخاذ إجراءات على العقارات التي انتفعت بالتسوية أو على ثمراتها إنما يكون بالنسبة للأجزاء المستبعدة من الديون وفقاً لأحكام التوزيع أما بالنسبة لباقي الديون سواء منها ما هو غير قابل للتخفيض أو ما خفض طبقاً للقواعد المنصوص عليها بالمادة الخامسة فإن للدائن حق اتخاذ الإجراءات عليها وفقاً لأحكام القانون وإذ كان المطعون عليهم المدينون قد اتفقوا مع دائنهم (مورث الطاعنين) على عدم إدخال هذا الدين ضمن ديون التسوية وذلك اكتفاء بالصلح الذي تم بينهم بشأن هذا الدين وصدق عليه الحكم الصادر من المحكمة المختلطة في 16 من ديسمبر سنة 1941 فإن الطاعنين عندما أخطرتهم لجنة تسوية الديون العقارية في 14 من يناير سنة 1945 لتقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم ردوا عليها في 23 من الشهر المذكور بما يفيد حصول ذلك الاتفاق والتصديق عليه من المحكمة وتنفيذه من الطرفين وقد وافقت اللجنة الطاعنين على رأيهم فلم تبحث دينهم ولم تخفضه أو تحدد مقداره وجاء قراراها باستبعاد هذا الدين لعدم تقديم البيانات والمستندات غير ماس بوجود الدين ومقداره ومرتبته ذلك أن هذا الاستبعاد - على ما يبين من استقراء قوانين التسوية العقارية يختلف تماماً في طبيعته وفي آثاره عن استبعاد الدين أو جزء منه بعد درجة ضمن ديون التسوية بسبب عدم إصابته شيئاً من الـ 70% من قيمة عقارات المدين أو لتخفيضه طلقاً لأحكام التوزيع - وإذا كانت المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 بعد تعديلها تبرئ ذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدور هذا القرار وتنهي كل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية فإن هذا الإبراء لا ينصرف إلا إلى الديون التي أدرجت ضمن الديون التي بحثتها اللجنة ورأت استبعادها لأنه لم يصبها شيء من الـ 70% من قيمة عقارات المدين المخصصة للتوزيع وهذا لا يصدق على دين الطاعنين لأنه من جهة لم يدخل ضمن الديون التي تناولتها التسوية وبحثتها اللجنة ومن جهة أخرى فإنه يبين من قائمة التوزيع أن الـ 70% من قيمة عقارات المطعون عليهم المدينين توازي 10448 ج في حين أن جملة الديون التي دخلت التسوية 4115 ج ومعنى ذلك أن دين الطاعنين لم يدرج أصلاً ضمن الديون التي تناولتها التسوية لا يزيد على الـ 70% وبالتالي فلا تبرأ منه ذمة المدينين ولا تنتهي علاقتهم مع دائنهم بشأنه.
ويتحصل السبب الخامس في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون بتجاهله الصلح الذي صدق عليه الحكم الصادر في 16 ديسمبر سنة 1941 وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن دينهم مضمون برهن تأميني في 17 أغسطس سنة 1933 وأنه بعد تقديم المدينين المطعون ضدهم طلب التسوية في سنة 1939 عقدوا صلحاً معهم تنازل بموجبه الطاعنون عن حوالي خمسة آلاف جنيه من دينهم ومنحوا المدينين إمهالاً جديداً في السداد حتى 28 فبراير سنة 1955 وأنه صدر حكم من المحكمة المختلطة في 16 ديسمبر سنة 1941 بالتصديق على هذا الصلح وقام المدينون تنفيذاً له بسداد الأقساط المتفق عليها حتى سنة 1945 ويبين نم ذلك أن الطرفين اكتفيا بهذا الاتفاق ونفذاه ولم يتقدما به إلى لجنة تسوية الديون العقارية بل إن الطاعنين ردوا في 23 يناير سنة 1945 على إخطار اللجنة لهم لتقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم بما يفيد حصول ذلك الاتفاق وصدور حكم به وتمسكوا في ردهم بهذا الحكم وقد صدر قرار اللجنة استبعاد دينهم لعدم تقديم المستندات في 5 يوليه سنة 1945 أي بعد وصول ردهم إليها بنحو ستة أشهر مما يفيد أن اللجنة وافقت على إخراج هذا الدين من متناول سلطتها فلا هي أدخلته ضمن الديون التي خفضتها ولا هي اعتبرته ديناً عادياً ولا هي قررت براءة ذمة المدينين منه ولما كانت العلاقة في المال بين الدائن والمدين لا صلة لها بالنظام العام ويجوز لهما تبعاً لذلك الاتفاق بعيداً عن اللجنة فإن الاتفاق الذي يعقداه يجب احترامه ولو كان مخالفاً لقرار هذه اللجنة ولو جاز اعتبار ذلك القرار بمثابة حكم نهائي فإنه كالحكم لا يحوز قوة الشيء المقضي إلا بالنسبة لما قضى به فقط وهو لم يقض ببراءة الذمة أو يؤسس الاستبعاد على ذلك وحكم المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 بعد تعديلها بالقانون رقم 143 لسنة 1944 لا يمس حقوق الدائنين الذين لم تدخل ديونهم ضمن الديون التي شملتها التسوية والتوزيع وذلك خلافاً للتفسير الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار هذه الديون مقتضية وتبرأ ذمة المدينين منها وهذا التفسير فضلاً عن مجافاته لنصوص القانون واعتبارات العدالة فإن مقتضاه مصادرة حقوق هؤلاء الدائنين بغير حق وبدون نص وإثراء المدينين بلا سبب مشروع عن طريق عدم الوفاء بما عليهم من ديون.
وحيث إن القانون رقم 12 لسنة 1942 بتسوية الديون العقارية نص في المادة 27 منه على أن "تظل قائمة بالحالة التي هي عليها وقت صدور هذا القانون الطلبات المقدمة وفقاً لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1939 - وللمدينين الذين سبق رفض طلباتهم أن يطلبوا في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون (القانون رقم 12 لسنة 1942) إعادة النظر في هذه القرارات - ونص في المادة 31 على إلغاء القانون رقم 3 لسنة 1939 ولما كان الثابت أن طلب التسوية المقدم من المطعون عليهم المدينين إلى لجنة تسوية الديون العقارية في سنة 1939 لما يكن قد فصل فيه حتى تاريخ صدور القانون رقم 12 لسنة 1942 فإنه يخضع لأحكام هذا القانون دون حاجة إلى تقديم طلب جديد من المدينين بعد صدوره ومتى كان ذلك، وكانت المادة 18 مكررة من القانون المذكور المضافة بالقانون رقم 143 لسنة 1944 قد نصت على أن "على الدائنين السابق إعلانهم أن يقدموا في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر هذا القانون (القانون رقم 143 لسنة 1944) كافة البيانات والمستندات الخاصة بديونهم ومراتب تسجيلاتهم. فإذا انقضت المدة المذكورة ولم تقدم بالبيانات المطلوبة سقط حقهم في التوزيع - وإذا قدمت البيانات ولم تقدم المستندات فللجنة تسوية الديون العقارية أن تقرر اعتبارهم من الدائنين العاديين. فإذا لم يكن قد سبق إعلانهم فتسري المدة المذكورة من تاريخ إعلانهم بخطاب مسجل بعلم الوصول" وكان الطاعنون مقرين بأن لجنة تسوية الديون العقارية قد أخطرتهم في شهر يناير سنة 1945 لتقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم وأنهم امتنعوا عن تقديمها بحجة أن دينهم لا تشمله التسوية لسبق حصول صلح بينهم وبين مدينهم بشأنه لما كان ذلك، فإن الجزاء الذي تفرضه المادة 18 مكرر سالفة الذكر على الدائنين الذين يتخلفون عن تقديم البيانات والمستندات الخاصة بديونهم ينطبق عليهم ولا وجه لما يقوله الطاعنون من أنهم لم يكونوا ملزمين بتقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم إلى اللجنة لأن دينهم كان مضموناً برهن تأميني في المرتبة الأولى ولاحق لسنة 1932 وبالتالي فلم يكن يحتسب في الديون التي تشملها التسوية طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1939 - لا وجه لهذا القول لأن هذا النص قد ألغي بإلغاء القانون المذكور بالقانون رقم 12 لسنة 1942 ولم يرد في القانون الأخير نص يقضي باستثناء الديون المضمونة برهن تأميني أياً كانت مرتبته من الديون التي تخضع للتسوية طبقاً لأحكامه وقد ورد نص المادة 18 مكررة منه الذي يلزم الدائنين بتقديم البيانات والمستندات الخاصة بديونهم عاماً ومطلقاً بحيث ينطبق على جميع الدائنين الذين تقوم اللجنة بإخطارهم - ولما كانت علة استحداث نص المادة 18 مكررة سالفة الذكر الذي لم يكن له نظير في القانونين 3 لسنة 1939، 12 لسنة 1942 هي - على ما يبين من الأعمال التحضيرية للقانون رقم 143 لسنة 1944 (المذكرة التفسيرية وتقريري لجنتي الشئون المالية في مجلس النواب والشيوخ) معالجة أسباب بطء إجراءات اللجنة الناشئ عن مطل بعض الدائنين في تقديم بيان عن ديونهم وتوضيح مراتب تسجيلاتهم التي يستعصى في الغالب على اللجنة الاهتداء إليها إذ لا سبيل إلى التحقق منها إلا من واقع عقود الرهن وأحكام الاختصاص ولا يغني في ذلك الشهادات العقارية وحدها وقد قصد المشرع أن يضع جزاء رادعاً على الدائنين لإجبارهم على تقديم ما يطلب منهم من بيانات ومستندات - وليحول دون مطلبهم وتهاونهم في تقديم تلك البيانات إضراراً بمدينهم - وهو ما دل العمل على وقوعه وعلى أنه كان مثار شكوى كثير من المدينين - ومقتضى الجزاء الذي تفرضه هذه المادة على من يتخلف من الدائنين عن تقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينه هو استبعاد هذا الدين من التوزيع ويكون حكم الدائن في هذه الحالة حكم الدائنين الذين بحثت اللجنة ديونهم ولم يصبهم نصيب في التوزيع طبقاً لأحكام القانون وإذا كانت المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 بعد تعديلها بالقانون رقم 143 لسنة 1944 تنص على أن "يكون قرار لجنة تسوية الديون العقارية مبرئاً لذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدور هذا القرار ويعتبر ذلك القرار منهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية" ويبين من مراحل التشريع التي مر بها تعديل المادة 26 على الوجه السابق والمخالف لما كان عليه النص في مشروع القانون رقم 143 لسنة 1944 المقدم من الحكومة للبرلمان ومن المناقشات البرلمانية التي دارت في مجلس النواب والشيوخ بشأن هذا التعديل أنه قصد به أن يسبغ على المدينين الذين قبلت اللجنة نهائياً تسوية ديونهم حصانة في أموالهم ليس فقط بالنسبة إلى الأموال التي كانت موضوع التسوية بل وفي كل مال آخر تؤول ملكيته إليهم عقب التسوية أياً كان سبب هذه الملكية وأنه ما دام الدين سابقاً على تاريخ تقديم طلب التسوية فإن قرار اللجنة الذي صدر في هذه التسوية يقف في سبيل كل إجراء من إجراءات التنفيذ على أموال المدين أياً كان طريق هذا التنفيذ ولما كان الثابت بإقرار الطاعنين أن دينهم المنفذ به نشأ في سنة 1933 أي في تاريخ سابق على تاريخ تقديم طلب التسوية من المدينين المطعون عليهم الذي قبلته لجنة تسوية الديون العقارية نهائياً وحددت في قرارها الديون التي خصها نصيب في التوزيع مستبعدة من هذا التوزيع دين الطاعنين فإن إجراءات التنفيذ التي اتخذها الطاعنون في النزاع الحالي ضد مدينيهم المطعون عليهم تكون باطلة ولا محل لاستشهاد الطاعنين بما ورد في المذكرة التفسيرية للقانون رقم 143 لسنة 1944 في تعليقها على المادة 26 سالفة الذكر على أن المشرع لم يرد بالنص المعدل أن يعدل شيئاً من أحكام القانون رقم 12 لسنة 1942 وإنما أراد أن يبين بطريقة جلية لا تثير شكاً أن المنع من اتخاذ إجراءات على العقارات التي انتفعت بالتسوية أو على ثمراتها إنما يكون فقط بالنسبة للأجزاء المستبعدة من الديون وفقاً لأحكام التوزيع - لا محل لهذا الاستشهاد لأن هذا الذي ورد في المذكرة التفسيرية إنما كان خاصاً بالنص الذي كان مقترحاً في مشروع القانون رقم 143 لسنة 1944 المقدم من الحكومة وكان يجري هذا النص كالآتي "لا يجوز للدائنين المخفضة ديونهم ولا للدائنين السابقة ديونهم على 23 يناير سنة 1939 والذي لم يحدد لهم نصيب في التوزيع اتخاذ أية إجراءات على العقارات التي انتفعت بالتسوية أو على ثمراتها وذلك بالنسبة للأجزاء المستبعدة من تلك الديون" ولم يوافق مجلسا النواب والشيوخ على النص بهذه الصيغة وانتهيا بعد مناقشات طويلة إلى تعديله على الوجه المتقدم ذكره ليكون قرار اللجنة مبرئاً لذمة المدين من كافة الديون التي لم يحدد لأصحابها نصيب في التوزيع ومنهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية بحيث يمتنع عليهم التنفيذ بديونهم تلك على عقارات المدين التي انتفعت بالتسوية وعلى ما تؤول ملكيته إليه من أموال بعد صدور قرار اللجنة - كذلك فإن ما يثيره الطاعنون من أن نص المادة 26 لا ينطبق إلا على الديون التي بحثتها اللجنة ورأت استبعادها بسبب أنها لم يصبها شيء من الـ 70% من قيمة عقارات المدين المخصصة للتوزيع مما لا يصدق على دينهم لأنه لم يدرج ضمن الديون التي تناولتها التسوية وبحثتها للجنة ولأن قيمته لا تزيد على تلك النسبة المخصصة للتوزيع - هذا الذي يثيره الطاعنون مردود: أولاً - بأن دينهم كان معروضاً على اللجنة ومدرجاً ضمن ديون التسوية - غير أن اللجنة قررت بعد ذلك استبعاده لامتناع الطاعنين عن تقديم البيانات والمستندات التي طلبتها منهم اللجنة وكان هذا الاستبعاد إعمالاً للجزاء المقرر في المادة 18 مكررة سالفة الذكر وقد سلف القول أن حكم هذا الاستبعاد هو حكم استبعاد الدين لعدم إصابته شيئاً في التوزيع ومردود: ثانياً - بأن مجال بحث ما إذا كان دين الطاعنين يزيد أو لا يزيد على الـ 70% من قيمة عقارات المدين المخصصة للتوزيع إنما كان أمام لجنة تسوية الديون العقارية أما وقد فوت الطاعنون على أنفسهم هذه الفرصة وأصدرت اللجنة وفي حدود اختصاصها قرارها المتضمن استبعاد دينهم وانقضى ميعاد التظلم لديها في هذا القرار فإنه طبقاً للمادة 24 من القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1942 يعتبر هذا القرار نهائياً وتكون له حجية الأحكام الانتهائية وبذلك يمتنع الجدل فيه أمام المحاكم.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون من تجاهل الحكم المطعون فيه الصلح الذي تم بينهم وبين مدينهم بشأن الدين المنفذ به والذي صدقت عليه المحكمة المختلطة بحكمها الصادر في 16 ديسمبر سنة 1941 هذا النعي مردود بأنه لما كان عقد هذا الصلح والتصديق عليه من المحكمة سابقين على قرار لجنة تسوية الديون العقارية وكان المدينون المطعون عليهم قد تقدموا بهذا الدين ضمن الديون التي طلبوا من اللجنة تسويتها وفقاً لأحكام القانون وكان قرار اللجنة قد تضمن الفصل في أمر هذا الدين باستبعاده من التوزيع فإنه لا يكون للصلح المتقدم الذكر أثر على هذا القرار ويعتبر القرار المذكور طبقاً للمادة 26 سالفة الذكر منهياً لكل علاقة بين الطرفين بشأن هذا الدين ما دام أن تاريخ نشوئه سابق على تاريخ تقديم طلب التسوية وما دام أن الطاعنين لم يقدموا ما يدل على أن هذا الاتفاق قد ظل نافذاً برضاء المدينين إلى ما بعد صدور قرار اللجنة أما ما يدعيه الطاعنون من أن قرار اللجنة باستبعاد دينهم كان نتيجة لموافقة اللجنة على ذلك الاتفاق فإنه ينقضه ما نص عليه في هذا القرار من أن الاستبعاد كان لعدم تقديم الطاعنين البيانات والمستندات التي ألزمهم القانون تقديمها.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.