مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والأربعون (من أول أكتوبر سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1999) - صـ 163

(13)
جلسة 28 من نوفمبر سنة 1998 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ثروت عبد الله أحمد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: د. إبراهيم علي حسن، ود. محمد عبد البديع عسران، وفريد نزيه تناغو، ومحمد عادل حسيب - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5306 لسنة 43 قضائية عليا

تأديب. محاكمة تأديبية. وجوب اختصام النيابة الإدارية.
المادة 4 من القانون 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية، المادة 34 من القانون 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
النيابة الإدارية هي الخصم الأصيل في الدعوى التأديبية المقابل للعامل المحال للمحاكمة التأديبية، ومن ثم فإنه يتعين على العامل المحكوم عليه أن يختصم النيابة الإدارية في الطعن الذي يقيمه في الحكم الصادر عليه في هذه المحاكمة التأديبية باعتبارها خصمه الأصيل الذي يتعين عليه حتماً اختصامه.
اختصام النيابة الإدارية في الطعن الذي يقيمه المحكوم عليه في الحكم الصادر ضده من المحكمة التأديبية يكفي ويغني عن اختصام الجهة الإدارية، والتي لم تكن طرفاً أو خصماً في الدعوى التأديبية وفي هذه الدرجة من درجات التقاضي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 19/ 7/ 1997 أودع الأستاذ/ ...... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ...... بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 5306 لسنة 43 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 31/ 7/ 1982 في الدعوى رقم 737 لسنة 9 قضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وقد اختصم الطاعن في طعنه السيد/ مدير النيابة الإدارية والسيد/ محافظ المنوفية.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 13/ 5/ 1998 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث حضر ممثل كل من الطاعن والمطعون ضدهما النيابة الإدارية ومحافظ المنوفية، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها عن محافظ المنوفية طلبت فيها الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني محافظ المنوفية.
وأسست هذا الطلب على أن الحكم المطعون فيه صدر في خصومة لم يكن محافظ المنوفية طرفاً فيها.
ذلك أن الخصومة أمام المحكمة التأديبية انعقدت فقط بين النيابة الإدارية التي أقامت الدعوى التأديبية وبين المتهم في هذه الدعوى وهو الطاعن دون أن يكون محافظ المنوفية طرفاً فيها ومن ثم فلا صفة له في الطعن المماثل - وقدمت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها انتهت للأسباب الواردة فيها إلى طلب الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً بينما قدم الطاعن مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته.
وبجلسة 5/ 9/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة لنظره بجلسة 24/ 10/ 1998، وبتلك الجلسة استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ذوي الشأن، ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والاستماع إلى الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق. في أنه بتاريخ 1/ 6/ 1981 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل هذه المحكمة تحت رقم 737 لسنة 9 قضائية وتقرير اتهام ضد السيد/ .......... لأنه في الفترة من 3/ 12/ 1979 وحتى 1/ 4/ 1981 انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً، وبذلك يكون المذكور قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادة 62 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978. وطلبت النيابة الإدارية محاكمته بالمادة المذكورة وبالمواد 80، 82 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15، 19 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
وبجلسة 31/ 7/ 1982 قضت المحكمة التأديبية بطنطا بمجازاة المتهم بالفصل من الخدمة وأقامت قضاءها على أن المخالفة المنسوبة إليه ثابتة في حقه مما يتعين مساءلته عنها تأديبياً، وأن انقطاعه عن العمل يمثل عزوفاً من جانبه عن الوظيفة وعدم حرصه عليها الأمر الذي يقتضي فصله من الخدمة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون وذلك أن المحال (الطاعن) لم يعلن بأي إجراء من إجراءات المحاكمة وأن الحكم صدر في غيبته ودون الاستماع إلى أقواله الأمر الذي لم يتحقق به دفاعه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه وفقاً لحكم المادة 34 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 يتعين أن يقوم قلم كتاب المحكمة التأديبية بإعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة في محل إقامة المعلن إليه أو في مقر عمله باعتبار أن ذلك إجراء جوهري لكي يحاط المعلن إليه بأمر محاكمته بما يسمح له أن يمارس كل ما يتصل بحق الدفاع، ومن ثم فإن إغفال هذا الإجراء أو إجراءه بالمخالفة لحكم القانون في وجه لا يحقق الغاية منه من شأنه أن يؤدي إلى وقوع عيب شكلي في الإجراءات المتصلة بالمحاكمة التأديبية مما يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إن قانون المرافعات المدنية والتجارية ولئن أجاز في الفقرة العاشرة من المادة 13 - إعلان الأوراق القضائية في النيابة العامة، إلا أن مناط صحة هذا الإجراء أن يكون موطن المعلن إليه غير معلوم في الداخل أو الخارج وهو ما لا يتأتى إلا بعد استنفاد كل جهد في سبيل التحري عن موطن المراد إعلانه، أما إذا كان للمعلن إليه موطن معلوم في الداخل فيجب تسليم الإعلان إلى شخصه أو في موطنه على الوجه الذي أوضحته المادة 10 من هذا القانون، وإن كان له موطن معلوم في الخارج فيسلم الإعلان إلى النيابة العامة لإرساله إلى وزارة الخارجية لتوصيله بالطرق الدبلوماسية حسبما تنص عليه الفقرة التاسعة من المادة 13 من القانون ذاته.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن السيد/ ...... قد أعلن في مواجهة النيابة العامة بمقولة عدم الاستدلال على محل إقامته.
ومن حيث إنه لم يقم في الأوراق ما يفيد قيام جهة الإدارة ببذل أي جهد جدي في سبيل التحري عن محل إقامته سواءً عن طريق الجيران أو الزملاء في العمل، أو عن طريق مصلحة جوازات السفر والهجرة والجنسية، أو عن طريق غير ذلك من مصادر المعلومات التي يمكن أن تكون مجدية في سبيل التعرف على محل إقامته، ومن ثم يكون إعلانه في مواجهة النيابة العامة قد وقع باطلاً، ويكون الحكم المطعون فيه وقد اعتد بهذا الإعلان قد شابه عيب في الإجراءات ترتب عليه الإخلال بحق المتهم في الدفاع عن نفسه، على نحو يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إنه ولئن كان ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا هو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، إلا أن هذا الميعاد لا يسري في حق ذي الشأن - كالطاعن - الذي لم يعلن بأمر محاكمته إعلاناً صحيحاً وبالتالي لم يعلم بصدور الحكم ضده إلا من تاريخ علمه اليقيني بهذا الحكم، وإذ لم يقم بالأوراق ما يفيد أن الطاعن قد علم بصدور الحكم المطعون فيه قبل انقضاء ستين يوماً سابقة على إيداع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، فإن الطعن والأمر كذلك يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية ويتعين قبوله شكلاً بالنسبة إلى المطعون ضده الأول مدير النيابة الإدارية.
ومن حيث إنه بالنسبة لاختصام المطعون ضده الثاني محافظ المنوفية في الطعن الماثل، فإنه ولئن كانت محافظة المنوفية هي الجهة الإدارية التي كان الطاعن يعمل بإحدى إدارتها، وهو ما يجعلها معنية بالخصومة الماثلة وبنتائجها، ومن ذوي الشأن فيها، إلا أن طبيعة هذه الخصومة وكونها دعوى تأديبية، نص المشرع في المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادة 34 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على اختصاص النيابة الإدارية وحدها بتولي إقامة الدعوى التأديبية والادعاء فيها ومباشرتها أمام المحكمة التأديبية. ومن ثم فإنه يتعين على العامل المحكوم عليه أن يختصم النيابة الإدارية في الطعن الذي يقيمه في الحكم الصادر عليه في هذه المحاكمة التأديبية باعتبارها خصمه الأصيل الذي يتعين عليه حتماً اختصامه.
ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإن اختصام النيابة الإدارية في الطعن الذي يقيمه المحكوم عليه في الحكم الصادر ضده من المحكمة التأديبية، إنما يكفي ويغني عن اختصام الجهة الإدارية المشار إليها، والتي لم تكن طرفاً أو خصماً في الدعوى التأديبية وفي هذه الدرجة من درجات التقاضي، ومن ثم فإنه لا يجوز إقحامها في هذا الطعن.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم، ولما كان الثابت في الطعن الماثل أن المحكوم عليه قد اختصم هيئة النيابة الإدارية، وهي الخصم الأصيل المقابل للعامل المحكوم عليه، والذي يتعين عليه حتماً اختصامه في الطعن الذي يقيمه في الحكم التأديبي الصادر ضده، وفقاً لما سلف، فإنه لا محل بعد ذلك لاختصام الجهة الإدارية (محافظ المنوفية) وإقحامها في الطعن بلا مبرر، وعلى ذلك فإن الدفع الذي تمسكت به هيئة قضايا الدولة، عن محافظ المنوفية المطعون ضده الثاني، بعدم قبول الطعن ضده شكلاً لرفعه على غير ذي صفة يكون مستنداً على أساس صحيح من القانون.
ومن حيث إنه متى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن السيد/ ....... لم يعلن إعلاناً صحيحاً بقرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية ولم يخطر بجلسات المحاكمة ومن ثم لم تتح له فرصة الدفاع عن نفسه أمام المحكمة التأديبية وفي ذلك إخلال بضمانة جوهرية من ضمانات المحاكمة التأديبية يترتب عليها بطلان الحكم المطعون فيه، فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية رقم 737 لسنة 9 قضائية إلى المحكمة التأديبية لإعادة محاكمته والفصل فيما نسب إليه مجدداً من هيئة أخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لمحافظ المنوفية لرفعه على غير صفة وبقبوله شكلاً فيما عدا ذلك، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى رقم 737 لسنة 9 قضائية إلى المحكمة التأديبية بطنطا للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.