أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 769

جلسة 30 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

(108)
الطعن رقم 202 لسنة 28 القضائية

( أ ) نقض "إعلان الطعن". إعلان. "إعلان أوراق المحضرين" "الإعلان في الموطن المختار".
اتخاذ المطعون عليه وهو محام عنوان مكتبه في ورقة إعلان الحكم يدل على رغبته في قيام المحل المختار مقام موطنه الأصلي. جواز إعلان الطعن إليه في هذا المحل.
(ب) طعن. "إعلان الطعن". إعلان. "أوراق المحضرين" "بياناتها".
إثبات المحضر في أصل ورقة إعلان الطعن انتقاله إلى محل المطعون عليه ومخاطبة تابعه المقيم معه لغيابه وإعلانه بصورة من تقرير الطعن. كفاية ذلك في الدلالة على أن الإعلان تم وفقاً للقانون. المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ممن ورد بيانهم في المادة 12 مرافعات طالما أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه. عدم وضوح خط المحضر المنوط به الإعلان لا أثر له على صحة الإعلان متى كان المطعون عليه لم يدع أن من قام به ليس من المحضرين.
(ج) استئناف. "الأثر الناقل للاستئناف". تنفيذ "تنفيذ عقاري" "اعتراضات على قائمة شروط البيع". بطلان.
الاستئناف المرفوع عن الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ العقاري من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف للنزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره ويعيد طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية. يجب على المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحته.
(د) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف". تنفيذ. "تنفيذ عقاري" "اعتراضات على قائمة شروط البيع" "أوجه الاعتراض". بطلان.
طلب بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب الواردة بتقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع يعتبر طلباً واحداً مقاماً على أسس قانونية متعددة. لا يعد كل اعتراض طلباً قائما بذاته. فصل محكمة الاستئناف في الاعتراضات التي قدمت إلى محكمة أول درجة وأغفلت بحثها لا مخالفة فيه للقانون.
(هـ) توزيع "التوزيع في النظام القضائي المختلط". تقادم. "انقطاع التقادم".
تقدم الدائن في التوزيع مطالباً باختصاصه بجزء من أموال مدينه هو مما ينقطع به التقادم في النظام القضائي المختلط. انتهاء الأثر المترتب على هذا الانقطاع بقفل التوزيع. ليس من شأن إجراءات الصرف امتداد أثر انقطاع التقادم المترتب على الدخول في التوزيع.
1 - اتخاذ المطعون عليه وهو محام عنوان مكتبه في ورقة إعلان الحكم يدل على رغبته في قيام المحل المختار مقام موطنه الأصلي لدى إعلانه بتقرير الطعن، ومن ثم يجوز إعلان الطعن إليه في هذا المحل.
2 - إذا أثبت المحضر في أصل ورقة إعلان الطعن أنه انتقل إلى محل المطعون عليه وخاطب تابعه المقيم معه لغيابه وأعلنه بصورة من تقرير الطعن فإن في هذا البيان من الوضوح ما يدل على أن إعلان الطعن قد تم وفقاً للقانون - ولا يجدي المطعون عليه ادعاءه بعدم وصول ورقة الإعلان أو أن من سلمت إليه الصورة ليس تابعاً له أو أن توقيع المحضر غير مقروء، ذلك أن المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ممن ورد بيانهم في المادة 12 مرافعات طالما أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه. كما أنه لم يدع بأن من قام بإجراء الإعلان من غير المحضرين [(1)].
3 - توجب المادة 410 من قانون المرافعات على محكمة الدرجة الثانية أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى. ومقتضى ذلك أن الاستئناف المرفوع عن الحكم القاضي ببطلان إجراءات التنفيذ من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف النزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره ويعيد طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ويجب على تلك المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليهم قد تمسكوا بها أمام محكمة الدرجة الأولى سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحتهم [(2)].
4 - طلب بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب الواردة بتقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع يعتبر طلباً واحداً مقاماً على أسس قانونية متعددة ولا يعتبر كل اعتراض طلباً قائما بذاته على ما يستفاد من نص المادة 642 مرافعات إذ عبر المشرع فيها عن المنازعات التي ترمي إلى بطلان إجراءات التنفيذ بعبارة أوجه البطلان. ومن ثم فإن محكمة الاستئناف إذ تعرضت للفصل في الاعتراضات التي كانت مقدمة إلى محكمة أول درجة ولم تبحثها هذه المحكمة فإنها لا تكون قد خالفت القانون [(2)].
5 - إنه وإن كان تقدم الدائن في التوزيع مطالباً باختصاصه بجزء من أموال مدينه هو مما ينقطع به التقادم في النظام القضائي المختلط على أساس أن المدين يعلن به إلا أن الأثر المترتب على هذا الانقطاع ينتهي بقفل التوزيع ولا اعتداد بتاريخ صرف ما اختص به الدائن في التوزيع ذلك أن إجراءات الصرف ليس من شأنها امتداد أثر انقطاع التقادم المترتب على الدخول في التوزيع، إذ هي لا تعدو أن تكون إجراءات إدارية بحتة تجرى بين قلم الكتاب وبين الدائن وليس المدين طرفاً فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاها السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون عليه قرروا في 18 من نوفمبر سنة 1953 بقلم بيوع محكمة الجيزة الابتدائية بالاعتراض على قائمة شروط البيع المودعة من وزارة الأوقاف في القضية رقم 24 سنة 1953 الجيزة - وبنوا اعتراضهم ببطلان إجراءات البيع على سقوط الدين المنفذ به بالتقادم وعلى زوال صفة الوزارة في التنفيذ بالمبالغ التي تخص الأوقاف الأهلية التي زال نظرها عليها وعدم مراعاة المواعيد الخاصة بإعلان التنبيه وتسجيله وإيداع القائمة وعدم بيان مقدار ما تنفذ به الوزارة بالنسبة لكل وقف من الأوقاف التي تتحدث عليها وإغفال ذكر بعض المدينين في ورقة التنبيه وورد أسماء أشخاص غير مدينين - وقد أضاف المعترضون بعد ذلك بجلسة 20 من يناير سنة 1954 سبباً آخر لبطلان الإجراءات هو عدم تعيين موطن مختار لمباشرة الإجراءات في البلد التي بنها محكمة مقر التنفيذ مما يجعل ورقة التنبيه باطلة طبقاً لما تنص عليه المادة 610/ 3 من قانون المرافعات. وقد أصدرت محكمة الجيزة الابتدائية حكمها في 17 من يونيه سنة 1954 بقبول هذا الوجه الأخير من الاعتراضات وببطلان ورقة تنبيه نزع الملكية المعلنة في 22 من أكتوبر سنة 1952 وبإلغاء ما ترتب عليه من إجراءات وتسجيلات مع إلزام المعترض ضدها "وزارة الأوقاف" بالمصروفات - واستأنفت الوزارة هذا الحكم طالبة إلغاءه - والحكم أصلياً بعدم قبول الاعتراض المقدم بجلسة 20 من يناير سنة 1954 شكلاً واحتياطياً رفضه موضوعاً ورفض جميع الاعتراضات التي تضمنها التقرير المؤرخ 18 من نوفمبر سنة 1953 وقيد الاستئناف برقم 753 لسنة 71 محكمة استئناف القاهرة. وأصدرت محكمة الاستئناف في 11 من يناير سنة 1958 بتأييد الحكم المستأنف. وقد طعنت وزارة الأوقاف في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 24 من يونيه سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من يونيه سنة 1961 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب رفض الطعن. وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية وبعد استيفاء الإجراءات تحدد لنظر الطعن أخيراً جلسة 2 من مايو سنة 1963 وفيها صممت النيابة على طلباتها السابقة.
وحيث إن المطعون عليهم الأول والثالث والرابعة والثامن والتاسعة دفعوا بمذكرتهم ببطلان الطعن لعدم إعلان الطعن إلى بعض المطعون عليهم إعلاناً صحيحاً وقالوا في بيان ذلك أن أولهم الأستاذ عيسى عبد الحي المحامي قد أعلن إليه الطعن بمكتبه بميدان عرابي/ 3 قسم الأزبكية ولم يعلن إليه بموطنه بشارع القصر العيني/ 88 والمؤجر إليه من وزارة الأوقاف كما أوجبت المادة 11 مرافعات - وقال إن مكتبه ليس موطناً له ولا يجوز أن تعلن إليه الأوراق فيه - وقد وقع هذا الإعلان باطلاً أيضاً لأن صورة الإعلان لم تسلم لتابعه بل سلمت العامل المصعد وهو لا يستعمل المصعد لأن مكتبه يقع بالدور الأول فليس لهذا الشخص صفة في الاستلام هذا فضلاً عن أن المحضر لم يثبت غيابه في محضر الإعلان كما أن إمضاء المحضر غير مقروء وبالنسبة للمطعون عليها الخامسة السيدة عفت عبد الحي فقد وقع إعلانها باطلاً - ذلك أنها تقيم مع زوجها المهندس الزراعي حسين عمر بالمنزل رقم 2 بشارع معمل السكر بجاردن سيتي ولم تعلن في هذا الموطن بل أعلنت بفاقوس بمحل تجارة زوجها وسلمت صورة الإعلان إلى عامل بهذا المحل... وبالنسبة للمطعون عليهما الحادية عشرة والثانية عشرة السيدتين إحسان وعزيزة محمد مصطفى فقد سلمت صورة إعلانهما للنيابة دون القيام بتحريات جدية مع أن هاتين السيدتين تتعاملان مع وزارة الأوقاف وتستحقان في وقف جدهما مصطفى الهجين الذي كان مشمولاً بنظر الوزارة.
وحيث إن هذا الدفع مردود في شقه الأول الخاص ببطلان إعلان المطعون عليه الأول بأنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للحكم المطعون فيه والمعلنة لوزارة الأوقاف في أول يونيه سنة 1958 أن الحكم قد أعلن بناء على طلب المطعون عليه الأول وذكر فيه أنه محام بميدان عرابي نمرة 3 - وهو عنوان مكتبه مما يجوز معه إعلان الطعن إليه في هذا المحل المبين بورقة إعلان الحكم - لما في تعيين هذا المحل من الدلالة على رغبة معلن الحكم في قيام المحل المختار مقام موطنه الأصلي في إعلان تقرير الطعن وذلك عملاً بالمادة 380 من قانون المرافعات - وإذ كان الثابت من مطالعة أصل ورقة إعلان الطعن أن المحضر أثبت فيه أنه انتقل في يوم 27 يونيه سنة 1961 إلى محل المطعون عليه الأول وخاطب تابعه المقيم معه لغيابه وأعلنه بصورة من التقرير فإن في هذا البيان من الوضوح ما يدل على أن إعلان الطعن قد تم وفقاً للقانون ولا يجدي المطعون عليه الأول ادعاؤه بعدم وصول ورقة الإعلان أو أن من سلمت إليه الصورة ليس تابعاً له، أو أن توقيع المحضر غير مقروء - ذلك أن المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ممن ورد بيانهم في المادة 12 مرافعات طالما أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه كما أنه لم يدع بأن من قام بإجراء الإعلان من غير المحضرين - لما كان ذلك، فإن الإعلان الموجه إلى المطعون عليه الأول يكون صحيحاً. والدفع مردود في شقه الخاص ببطلان إعلان المطعون عليها الخامسة السيدة عفت عبد الحي بأنه يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أن الإعلان تم بالنسبة إليها في محل إقامتها بفاقوس مخاطباً مع تابعها محمد عبد الله بكر لغيابها - ولم يقدم بملف الطعن ما يدل على أن هذا المحل ليس موطناً لها، ومن ثم فإن الإعلان على هذا النحو يكون صحيحاً - ومردود في شقه الثالث الخاص ببطلان إعلان المطعون عليهما الحادية عشرة والثانية عشرة بأن إعلانهما الحاصل للنيابة في 2 يوليه سنة 1961 قد سبقه انتقال المحضر إلى المحل الذي كانا يقيمان به أصلاً بشارع محمد علي رقم 43 بقسم الدرب الأحمر المبين بورقة إعلان الحكم وأثبتت في محضره خلو المنزل من السكان لتهدمه وإعادة بنائه وأن وزارة الأوقاف قد قامت بواجبها في إجراء التحريات المرفقة بالإعلان للاستدلال على محل إقامتها الجديد وذلك عن طريق قسم الشرطة فلم يستدل على محل إقامة لهما، لما كان ذلك، وكان ما قامت به الطاعنة من الإجراءات لتوصيل ورقة الإعلان إلى هاتين السيدتين يكفي للدلالة على أنها عملت كل ما في وسعها لمعرفة محل إقامتهما مما اضطر الطاعنة إلى إعلانهما للنيابة فإن الإعلان بهذه الطريقة يكون صحيحاً ولا عبرة بما أبداه المطعون عليهم الحاضرون من أن وزارة الأوقاف على علم بمحل إقامتهما لأنهما تستحقان في وقف الهجين الذي كان مشمولاً بنظر الوزارة لأنه قول عار عن الدليل - ومن ثم يكون الدفع على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى في الوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. ذلك أن المطعون عليهم تقدموا في 18 نوفمبر سنة 1953 بعدة اعتراضات على قائمة شروط البيع من بينها الاعتراض بسقوط الحق بمضي 15 سنة من أخر إجراء تنفيذي - وقد تحدد لنظر هذه الاعتراضات جلسة 27 نوفمبر سنة 1953. وتأجلت لجلسة 20 يناير سنة 1954 وفيها قدم المطعون عليه الأول اعتراضاً جديداً هو بطلان تنبيه نزع الملكية لعدم اتخاذ محل مختار بمحكمة التنفيذ طبقاً لما تنص عليه المادة 610/ 3 من قانون المرافعات وقد قبلته محكمة الجيزة الابتدائية مكتفية به عن الفصل في باقي الاعتراضات. ولما استأنفت الطاعنة هذا الحكم لم تقر محكمة الاستئناف وجهة نظر المحكمة الابتدائية. وتصدت من تلقاء نفسها ودون طلب من أحد الخصوم لنظر الاعتراضات الأخرى فقبلت الاعتراض الخاص بسقوط الدين بالتقادم. وبذلك خالفت القانون لأنها تصدت لنظر الاعتراضات الأخرى التي لم تفصل فيها محكمة الدرجة الأولى وكان يتعين عليها إعادة القضية إليها حتى لا تفوت على المتخاصمين درجة من درجات التقاضي.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان المطعون عليهم المدينون قد طلبوا من محكمة الدرجة الأولى القضاء ببطلان إجراءات التنفيذ التي اتخذتها الطاعنة ضدهم استناداً إلى الأسباب الواردة في تقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع وإلى السبب الذي أبدوه بجلسة المرافعة - وكانت تلك المحكمة قد اكتفت بالسبب الأخير وحكمت بناء عليه بطلب المدينين المعترضين وصرحت في حكمها بأن هذا السبب قد أغناها عن بحث الأسباب الأخرى - ولما استأنفت الطاعنة هذا الحكم - طلبت إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الاعتراض المقدم بالجلسة شكلاً، واحتياطياً رفضه موضوعاً ورفض جميع الاعتراضات التي تضمنها تقرير الاعتراض كما طلب المدينون المطعون عليهم تأييد الحكم المستأنف وتمسكوا في دفاعهم لدى محكمة الاستئناف بجميع أسباب البطلان التي أبدوها أمام محكمة الدرجة الأولى ومن بينها أن الدين المنفذ به قد سقط بالتقادم. فإنه يتعين على محكمة الاستئناف وقد رأت إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى بقبوله من أسباب البطلان المتقدمة من المستأنف عليهم إلى محكمة أول درجة أن تبحث باقي هذه الأسباب وتفصل فيها - ذلك أن المادة 410 من قانون المرافعات توجب على محكمة الدرجة الثانية أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة، وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى. ومقتضى ذلك أن الاستئناف المرفوع من الطاعنة عن الحكم القاضي ببطلان إجراءات التنفيذ من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف النزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره. ويعيد طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ويجب على تلك المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليهم (المطعون عليهم) قد تمسكوا بها أمام محكمة الدرجة الأولى سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحتهم ولما كان طلب المدينين المطعون عليهم من محكمة الدرجة الأولى بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب التي أوردوها في تقرير الاعتراض وأمام المحكمة يعتبر طلباً واحداً Chef de demandeمقاماً على أسس قانونية متعددة. ولا يعتبر كل اعتراض طلباً قائماً بذاته. وكان المشرع قد دل على هذا المعنى بجلاء في المادة 642 مرافعات إذ عبر عن المنازعات التي ترمي إلى بطلان إجراءات التنفيذ بعبارة "أوجه البطلان" لما كان ذلك، فإن محكمة الاستئناف إذ تعرضت للفصل في الاعتراض الخاص بسقوط الدين بالتقادم والذي كان مقدماً إلى محكمة الدرجة الأولى ولم تبحثه لا تكون قد خالفت القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى في باقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه أنه اعتبر أن فتح التوزيع ينتهي أثره في قطع التقادم بالتاريخ الذي تحرره فيه القائمة النهائية لا بإجراء الصرف - مستنداً في ذلك إلى أن الصرف عملية مادية بحته تجرى بين الدائن وقلم الكتاب وتتوقف على نشاط الدائن - في حين أن الثابت أن الطاعنة لم تهمل في اتخاذ إجراءات صرف ما خصها في التوزيع رقم 28 سنة 58 ق مختلط بل إن تأخير الصرف يرجع إلى دعوى قسمة أقامها الرامي عليه المزاد واستطال أمرها لمنازعة المطعون عليهم واستئنافهم الحكم الابتدائي - فلما صدر فيها الحكم الاستئنافي بتاريخ 8 ديسمبر سنة 1936 دعيت الوزارة للدخول في التوزيع رقم 541 سنة 61 ق مختلط - ولما انتهى هذا التوزيع الأخير بإعلان قائمته النهائية للطاعنة في 10 نوفمبر سنة 37 - قامت باتخاذ إجراءات الشطب الجزئي بالنسبة لمبلغ 1500 جنيه الذي اختصت به في التوزيع الأول. وصرفت هذا المبلغ في 17 مارس سنة 1938 وهذا الصرف هو الذي تنتهي به إجراءات التوزيع وما ترتبه من أثر في قطع التقادم - وقد خالف الحكم في هذا النظر ما هو مقرر في الفقه بشأن تحديد انتهاء أثر قطع التقادم الذي ترتبه إجراءات التوزيع - ووقع هذا الخطأ نتيجة قصور الحكم في إيراد أسبابه الواقعية - ذلك أنه أغفل واقعة دعوى القسمة وأثرها في التوزيع الأول. وواقعة إعلان القائمة النهائية وأثرها في التوزيع الثاني - ولم ينقض من تاريخ الصرف في التوزيع الأول وهو 17 مارس سنة 1938 أو تاريخ إعلان القائمة النهائية في التوزيع الثاني وهو 10 نوفمبر سنة 1937 لم ينقض بين أي من هذين التاريخين - وبين إعلان المطعون عليهم بتنبيه نزع الملكية في أكتوبر سنة 1952 مدة الخمسة عشر عاماً التي يسقط بها الدين.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان تقدم الطاعنة في التوزيع مطالبة باختصاصها بجزء من أموال مدينها هو مما ينقطع به التقادم في النظام القضائي المختلط على أساس أن المدين يعلن به - إلا أن الأثر المترتب على هذا الانقطاع ينتهي بقفل التوزيع - ولما كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه والتي لا تنازع فيها الطاعنة أن التوزيع الأول قد أقفل في 26 ديسمبر سنة 1933 وانقضى بين هذا التاريخ وبين إعلان المطعون عليهم بتنبيه نزع الملكية في أكتوبر سنة 1952 مده تزيد على خمسة عشر عاماً - فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى سقوط الدين المنفذ به لا يكون مخالفاً للقانون. ولا عبرة بتمسك الطاعنة بامتداد أثر انقطاع التقادم إلى التاريخ الذي تم لها فيه صرف ما اختصت به في التوزيع الأول وهو 17 مارس سنة 1938 لأن إجراءات الصرف ليس من شأنها امتداد أثر انقطاع التقادم المترتب على الدخول في التوزيع. إذ هي لا تعدو أن تكون إجراءات إدارية بحتة تجرى بين قلم الكتاب وبين الدائن. وليس المدين طرفاً فيها.
وحيث إنه عما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من إغفاله الرد على ما تمسكت به من أن دخولها في التوزيع الثاني - يقطع التقادم من جديد. فإنه لما كانت الطاعنة لم تقدم لهذه المحكمة ما يدل على تمسكها بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع - وكان الحكم المطعون فيه خلواً مما يشير إلى تمسكها بهذا الدفاع. فإن هذا النعي يكون عارياً من الدليل ولا عبرة بما قدمته الطاعنة من مستندات للتدليل على سبق تمسكها بهذا الدفاع - ما دام أن هذه المستندات (الصورة الرسمية للمذكرات) لم تقدم تقديماً صحيحاً. إذ كان يتعين على الطاعنة أن تقدمها عند التقرير بالطعن عملاً بالمادة 429 من قانون المرافعات.
وحيث إنه في خصوص ما تنعاه الطاعنة من إغفال الحكم الرد على دفاعها الخاص بأن دعوى القسمة قد أدت إلى تعطيل الصرف. فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بحق إلى أن إجراءات الصرف غير ذات أثر في امتداد أثر انقطاع التقادم المترتب على الدخول في التوزيع الأول. فإن النعي المتقدم لا تكون له جدوى.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم برفض الطعن.
وحيث إن الحاضر عن الطاعنة طلب في جلسة المرافعة شطب العبارات الجارحة التي تضمنتها المذكرة الأخيرة للمطعون عليهم في السطر الرابع من الصحيفة الرابعة والسطرين الثالث عشر والثامن عشر من الصحيفة الخامسة ويبين من الاطلاع على هذه المذكرة في المواضع المبينة قبلاً - أن المطعون عليهم قد رددوا فيها عبارات جارحة ولا يقتضيها الدفاع - وكان يجمل بهم ألا يوردوها - وترى المحكمة عملاً بنص المادة 127 من قانون المرافعات أن تأمر بمحو هذه العبارات من المذكرة المشار إليها.


[(1)] راجع نقض 1/ 6/ 1961 الطعن 8 س 28 ق السنة 12 ص 527.
[(2)] راجع نقض 23/ 5/ 1963 الطعن 330 س 27 ق العدد الحالي.