أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 22 - صـ 669

جلسة 20 من مايو سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(109)
الطعن رقم 19 لسنة 37 القضائية

( أ ) إثبات. "الاستجواب". خبرة. محكمة الموضوع. حكم.
رفض طلب استجواب الخصم أو تعيين خبير أو أكثر في الدعوى. من سلطة قاضي الموضوع. طالما أقام رفض هذا الطلب على أسباب مبررة.
(ب) حكم "تسبيب الحكم" خبرة.
لا يعيب الحكم وقد أخذ بتقرير الخبير المنتدب، إلا يرد بأسباب خاصة على ما ورد بالتقرير الاستشاري.
(ج) حكم "تسبيب الحكم" إثبات "طلب تقديم أوراق".
إشارة الخصم في دفاعه إلى أن الطرفين تاجران ويمسكان دفاتر حسابية. لا يعد طلباً صريحاً بتقديم الدفاتر. لا تلتزم المحكمة ببيان سبب رفضها له.
1 - إجابة طلب استجواب الخصم أو تعيين خبير أو أكثر في الدعوى، من الرخص المخولة لقاضي الموضوع الذي له أن يلتفت عنه، إن وجد في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدته بغير حاجة لاتخاذه، وكان رفضه إجابته قائماً على أسباب مبررة له.
2 - لا يعيب الحكم وقد أخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى ألا يرد بأسباب خاصة على ما ورد في التقرير الاستشاري بعد أن أفصح عن أنه لم يرد فيه ما ينال من صحة تقرير الخبير الذي اطمأن إليه وأخذ به.
3 - إذا كان الطاعن قد أشار في دفاعه إلى أن الطرفين تاجران، ويمسكان دفاتر حسابية مبيناً بها المبالغ التي يداينون بها الغير، وكانت هذه الإشارة لا تعتبر طلباً صريحاً منه بتقديم الدفاتر، بل إن الطلب الذي تلتزم المحكمة ببيان سبب رفضها له أو الرد عليه هو الطلب الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة، تدل على تصميم صاحبه عليه فإن النعي يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن أحمد إسماعيل سليمان الحلواني استصدر في 3/ 1/ 1963 أمر الأداء رقم 7 سنة 63 المنيا بإلزام حسين السيد حسين الحلواني بأن يدفع له مبلغ 1979 ج قيمة الباقي من سند إذني مؤرخ 8/ 6/ 1961 يستحق السداد بعد ثلاثة أيام من تاريخ تحريره وأقام حسين السيد حسين التظلم رقم 63 سنة 63 كلي المنيا استناداً إلى أن السند مزور عليه وطعن عليه بالتزوير في 25/ 5/ 1963 وأعلن خصمه بمذكرة الشواهد التي ختمها بطلب الحكم برد وبطلان السند وإلغاء أمر الأداء المتظلم منه، وفي 23/ 1/ 1964 حكمت المحكمة بقبول مذكرة شواهد التزوير شكلاً وقبول الشاهد الأول وندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بوزارة العدل بأسيوط ليندب من يراه من خبراء الخطوط لاستكتاب المتظلم ولإجراء المضاهاة، وقدم الخبير المنتدب تقريراً انتهى فيه إلى أن المتظلم هو الكاتب للتوقيع الموجود على السند؛ وفي 13/ 2/ 1965 حكمت المحكمة برفض الادعاء بالتزوير وبصحة الورقة المدعى بتزويرها وبتغريم المتظلم 25 ج للخزانة وبإعادة الدعوى للمرافعة لجلسة 13/ 3/ 1965 ليبدي الطرفان دفاعهما في الموضوع ثم عادت وبتاريخ 25/ 12/ 1965 فحكمت برفض التظلم وتأييد أمر الأداء رقم 7 سنة 1963 المنيا المتظلم منه، واستأنف حسين السيد حسين هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف طالباً (أولاً) إلغاء الحكم الصادر في 13/ 2/ 1965 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة الورقة المدعى بتزويرها والقضاء برد وبطلان السند المؤرخ 8/ 6/ 1961 (ثانياً) وفي موضوع الدعوى رقم 63 سنة 1963 بإلغاء أمر الأداء رقم 7 سنة 1963 كلي المنيا واعتباره كأن لم يكن وفي 14/ 11/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفع من وجهين (أولهما) أنه طلب استجواب المطعون عليه عن أسباب المديونية موضوع السند المطعون عليه بالتزوير وتقديم دفاتره المثبت بها ذلك الدين وندب خبير أو أكثر لتحقيق ما تبين من وجود توقيعين على السند رأى قسم أبحاث التزييف والتزوير أن أحدهما صحيح والآخر مزور وما تبين من أنه قد أثبت على ظهره سداد مبلغ 2243 ج ومبلغ 3000 ج في يوم واحد مما يؤكد شبهة التزوير، إلا أن محكمة الاستئناف لم ترد على هذا الدفاع بأسباب مقبولة ولا على ما أكده تقرير الخبير الاستشاري من ثبوت التزوير وكيفيته بالقول بأنها تثق في تقرير مكتب أبحاث التزييف والتزوير فجاء حكمها معيباً ومخلاً بحق الدفاع (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالرد على ما تمسك به الطاعن من أن السند يحمل توقيعين أحدهما صحيح في نظر قسم أبحاث التزوير والآخر مزور بقوله إن ثمة توقيعاً ثالثاً قد أضيف بقصد إفساد التوقعيين الأصليين دون أن يبين كيفية إضافة هذا التوقيع مع وجود السند في حيازة المطعون عليه فجاء معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد أسباب الحكم الابتدائي أقام قضاءه على قوله "إن المحكمة ترى أن الحكم المستأنف سواء الصادر بتاريخ 13/ 2/ 1965 والقاضي برفض الادعاء بالتزوير وبصحة الورقة المدعى بتزويرها والحكم الصادر في موضوع الدعوى الصادر بجلسة 25/ 12/ 1965 والذي قضى برفض التظلم وتأييد أمر الأداء رقم 7 سنة 1963 في محلهما للأسباب التي بنيا عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتؤيدها وتضيف إليها أن الأسس التي استند عليها الخبير المنتدب من المحكمة والتي بني عليها تقريره هي أسس سليمة تطمئن إليها المحكمة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ولا يوجد بذات التقرير ما يفسد أو ينال منه أو يشكك المحكمة فيه، كما لا تعول المحكمة على التقرير الاستشاري الذي خلا من مطاعن جدية على تقرير الخبير المنتدب من المحكمة، كما ترى أن عدم إجابة محكمة أول درجة طلب المستأنف ندب ثلاثة خبراء ليس بأمر لازم ما دامت هي قد اطمأنت إلى تقرير الخبير المنتدب وأخذت به وردت على مستأهل الرد من دفاع المستأنف، وأن المستأنف لم يأت بجديد جدير بالرد ولا ترى المحكمة إجابته إلى طلبه فتح باب المرافعة للمناقشة حيث إن دين المستأنف ضده ثابت بالكتابة..." ولما كان طلب استجواب الخصم أو تعيين خبير أو أكثر في الدعوى من الرخص المخولة لقاضي الموضوع الذي له أن يلتفت عنه إن وجد في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدته بغير حاجة لاتخاذه وكان رفضه إجابته قائماً على أسباب مبررة له، وإذ كانت الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه تؤدي إلى ما انتهى إليه من رفض هذه الطلبات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون مجادلة منه في تقدير المحكمة للأدلة المقدمة لها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم وقد أخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن لا يرد بأسباب خاصة على ما ورد في التقرير الاستشاري بعد أن أفصح عن أنه لم يرد فيه ما ينال من صحة تقرير الخبير الذي اطمأن إليه وأخذ به، وكان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن قد تعهد بسداد الدين موضوع السند المؤرخ 8/ 6/ 1961 خلال ثلاثة أيام من تاريخ تحريره وأنه قد استنزل على ظهره 2243 ج في 9/ 6/ 1961، 3000 ج في 17/ 6/ 1961 لا في يوم واحد كما ذكر الطاعن، وكان الطاعن - على ما ثبت من مدونات الحكم أيضاً - قد أشار عند إبداء طلب الاستجواب إلى أن الطرفين تاجران يمسكان دفاتر حسابية مبيناً بها المبالغ التي يداينون بها الغير وكانت هذه الإشارة لا تعتبر طلباً صريحاً منه بتقديم الدفاتر، بل إن الطلب الذي تلتزم المحكمة ببيان سبب رفضها له أو الرد عليه هو الطلب الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه، فإن النعي بهذا الوجه يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن النعي في الوجه الثاني غير منتج، ذلك أنه وقد انتهى الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه، وأحال إليه في أسبابه إلى أن التوقيعين الأصليين الموقع بهما على السند المطعون عليه بالتزوير صحيحان، فإنه لا جدوى من بيان كيفية إضافة التوقيع الثالث الذي لم يثبت صحته خاصة بعد أن خرج السند من حيازة الدائن منذ تقديمه لاستصدار الأمر به.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت في الأوراق، إذ أنه جرى في قضائه على أن الطاعن يحاول إثبات التخالص بالبينة خلافاً لما أبداه من دفاع، في حين أنه لم يتمسك في أية مرحلة من مراحل دفاعه بطلب إثبات التخالص بالبينة، بل تمسك بتحقيق التزوير بكافة الطرق الموصلة إليه من استجواب أو تقديم الدفاتر أو ندب خبير أو أكثر خاصة بعد أن تبين من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن السند يحمل توقيعين أحدهما صحيح والآخر مزور ومن ثم فقد انطوى ما قرره الحكم على خطأ في تطبيق القانون فضلاً عن مخالفته للثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى صحة السند المطالب بصحته على ما جاء في الرد على السببين الأول والثاني والتزم فيما يتعلق بالادعاء بإثبات التخالص من الدين حكم المادتين 400، 401 من القانون المدني، فإن النعي عليه بما جاء بهذا السبب يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.