مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والأربعون (من أول أكتوبر سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1999) - صـ 321

(30)
جلسة 31 من يناير سنة 1999 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5671 لسنة 43 قضائية عليا

آثار - المجلس الأعلى للآثار - اختصاصات الأمين العام ومجلس الإدارة.
المادة 30 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، المواد أرقام 1، 2، 3، 4، 5، 8، 15 من القرار الجمهوري رقم 82 لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للآثار.
المشرع نظم على سبيل الحصر اختصاصات الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار - لم يخوله أي اختصاص يتصل بترميم الآثار أو صيانتها أو أي قرارات تتعلق بذلك في ذات الوقت الذي خول فيه المجلس الأعلى للآثار باعتباره هيئة قومية إصدار القرارات اللازمة لحفظ أو حماية الآثار - لمجلس إدارة المجلس المذكور اعتماد خطط الترميم والأبحاث والحفائر وتوفير الاعتمادات اللازمة لها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 4/ 8/ 1997 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5671 لسنة 43 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4504 لسنة 50 ق بجلسة 8/ 6/ 1997 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بصفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ القرار رقم 2950 لسنة 1994 وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون الجلسة 1/ 12/ 1997 وبجلسة 15/ 6/ 1998 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4517 لسنة 1995 مستعجل القاهرة بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بتاريخ 29/ 6/ 1995 طلب الحكم في ختامها بوقف القرار رقم 2950 الصادر من هيئة الآثار بتاريخ 3/ 11/ 1994 بإخلاء وكالة السلحدار بخان الخليلي رقم 604 الذي يشغله (43) محلاً مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وإلزام المستشكل ضدهم المصاريف وأتعاب المحاماة. وقال شرحاً للدعوى إن هيئة الآثار أصدرت القرار رقم 2950 لسنة 1994 بإخلاء وكالة السلحدار بخان الخليلي من جميع الشاغلين لها بصفة مؤقتة لحين إجراء الترميمات اللازمة التي تقتضيها حالة الضرورة. وينعى المدعي على هذا القرار مخالفة الواقع والقانون نظراً لأنه يشغل المحل رقم (5) شارع خان الخليلي وهو محل سليم وليست به أية آثار من الزلزال وأن المختص بإصدار قرارات الإزالة والإخلاء هي محافظة القاهرة ولم يصدر قرار من حي الجمالية أو من المحافظة بإخلاء هذا المحل أو إخلاء العقار. وهذا العقار لا يخضع لهيئة الآثار وليست هناك أية صلة بين الهيئة وملاك العقار وكذلك شاغلي العقار.
وبجلسة 7/ 1/ 1996 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت لديها برقم 4504 لسنة 50 ق.
وبجلسة 8/ 6/ 1997 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن مفاد نصوص المواد 13، 29، 30 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار أن المشرع ناط بهيئة الآثار المصرية الاختصاص بإجراء أعمال الصيانة والترميم التي تراها لازمة للمحافظة على جميع الآثار والمباني التاريخية واتخاذ ما تراه لازماً لذلك بالطريق الإداري تحقيقاً لأغراضها.
وأن البادي من ظاهر الأوراق أن وكالة السلحدار سجلت ضمن الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة تحت رقم 604 وتم نشر القرار الصادر بذلك بالوقائع المصرية العدد رقم 115 في 17/ 12/ 1951 وأنه على أثر الهزة الأرضية التي أصابت البلاد في أكتوبر سنة 1992 تعرضت المحال الكائنة بتلك الوكالة ومنها المحل الذي يستغله المدعي لبعض الشروخ والتشققات كما أثبتت لجنة المعاينة أيضاً وجود تآكل في بعض الأحجار وتهالك بياض الواجهات وعليه فقد صدر قرار الهيئة المدعى عليها رقم 2658 لسنة 1992 بإخلاء الوكالة المشار إليها والتي يشغلها عدد (43) محلاً من جميع شاغليها بصفة مؤقتة لحين إجراء الترميمات اللازمة والعاجلة التي تقتضيها حالة الضرورة وإزالة الخطورة الناجمة عن الهزة الأرضية غير أنه لم يتم تنفيذ هذا القرار. وعلى أثر المعاينة التي أجريت لهذه الوكالة بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض والتي خلصت في تقريرها المؤرخ 17/ 7/ 1995 إلى التوصية بسرعة إجراء الترميمات اللازمة فقد صدر القرار المطعون فيه رقم 2950 لسنة 1994 بإخلاء الوكالة من جميع شاغليها لإجراء الترميمات اللازمة وإذ صدر هذا القرار من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار واعتمد من رئيس هيئة
الآثار فإنه يكون صادراً من مختص وقائماً على أسبابه المبررة قانوناً وبذلك يضحى الطعن فيه على غير سند صحيح من الواقع أو القانون ومن ثم ينتفي ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ مما يتعين رفض الطلب دون حاجة لبحث ركن الاستعجال.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لصدور القرار المطعون فيه من غير مختص حيث صدر من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وقد ذكر الحكم المطعون فيه أن القرار اعتمد من رئيس هيئة الآثار. وواقع الأمر أن القرار المطعون فيه رقم 2950 الصادر بتاريخ 3/ 11/ 1994 لم يتضمن توقيعاً يفيد اعتماد رئيس هيئة الآثار كما في هذا التاريخ كان قد تم إلغاء منصب رئيس هيئة الآثار بالقرار الجمهوري رقم 82 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 6/ 3/ 1994 ونشر بالجريدة الرسمية في 10/ 3/ 1994 وحل المجلس الأعلى للآثار محل هيئة الآثار في مباشرة اختصاصاتها وأصبح مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار هو صاحب الاختصاص في إصدار القرارات المتعلقة بالترميم وليس الأمين العام وذلك وفقاً للمادة (5) من القرار الجمهوري رقم 82 لسنة 1994 ولم يرد في القرار أن المجلس الأعلى للآثار قد فوض أمين عام المجلس في اختصاص مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار.
كذلك فإن القانون رقم 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار لم يخول هيئة الآثار ومن بعدها المجلس الأعلى للآثار سلطة إخلاء المباني وإن أعطاها سلطة القيام بأعمال الصيانة والترميم إلا أن السلطة في الإخلاء لا تستفاد ضمناً من الاختصاص بالترميم باعتبار أن الترميم قد يتطلب الإخلاء بل يتعين النص على الإخلاء صراحة كذلك فإن قرار الإخلاء ولو مؤقتاً ينطوي على مساس جسيم بالحقوق والحريات التي كفلها الدستور لما فيه من حرمان (43) محلاً من العمل وحقهم في ممارسة التجارة ومن ثم نظم المشرع في القانون رقم 49 لسنة 1977 بتأجير وبيع الأماكن قواعد الإخلاء بغرض الترميم وأضاف الطاعن أن الجهة الإدارية قامت بالمعاينة بتاريخ 17/ 7/ 1995 في حين أن قرار الإخلاء صدر بتاريخ 3/ 11/ 1994 أي أن المعاينة تمت بعد صدور القرار بالفعل ومن ثم يكون القرار باطلاً لانتفاء سببه وقت صدوره. كما أن لجنة المعاينة لم تشر مطلقاً إلى ضرورة أو إمكانية إخلاء الوكالة من شاغليها وهو الأمر الذي يعني أنها لم تر ضرورة إخلاء الوكالة من شاغليها كما أن الحكم المطعون فيه تخلى عن ممارسة رقابته على ملاءمة وضرورة القرارات الصادرة في مجال الضبط الإداري إذ تبين للمحكمة من محضر المعاينة انتفاء الخطورة على الأرواح أو الأموال أو المبنى في حد ذاته إذ لم تبحث المحكمة ما إذا كانت حالة المبنى وما يتطلبه من ترميم تقتضي بالضرورة إخلاء شاغليه منه أم لا خاصة أن الطاعن ومعه كل شاغلي وكالة السلحدار أبدوا استعدادهم التام لإجراء كل ما تأمرهم به جهة الإدارة من أعمال الترميم على نفقتهم وتحت إشراف السلطات المسئولة ولكن جهة الإدارة رفضت.
ومن حيث إن المادة (30) من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 تنص على أن (تختص الهيئة دون غيرها بأعمال الصيانة والترميم اللازمة لجميع الآثار والمواقع والمناطق الأثرية والمباني التاريخية المسجلة....... ويجوز لرئيس مجلس إدارة الهيئة بعد موافقة اللجنة الدائمة المختصة أن يرخص للهيئات والبعثات العلمية المتخصصة بأداء عملية الترميم والصيانة تحت إشراف الهيئة كما يجوز الترخيص كتابة بها للأفراد المتخصصين.
ومن حيث إن القرار الجمهوري رقم 82 لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للآثار الصادر بتاريخ 6/ 3/ 1994 ينص في المادة الأولى على أن: تنشأ هيئة عامة قومية تسمى "المجلس الأعلى للآثار" تكون لها الشخصية الاعتبارية ومقرها مدينة القاهرة وتتبع وزير الثقافة"
وتنص المادة الثانية على أن "يهدف المجلس إلى المشاركة في التوجيه القومي وتنفيذ مسئوليات وزارة الثقافة في مجالات الآثار المصرية والإسلامية والقبطية وغيرها وللمجلس في سبيل ذلك القيام بجميع الأعمال التي تؤدي إلى تحقيق أغراضه وعلى الأخص ما يأتي: 1 - ....... 2 - إصدار التوجيهات والقرارات اللازمة لحفظ وحماية الآثار من مختلف العصور والبحث والتنقيب عنها وتشجيع البحوث الأثرية وإقامة المتاحف الأثرية وتنظيمها وإدارتها 3 - .......
وتنص المادة الثالثة على أن "يتكون المجلس من: 1 - الأمانة العامة.
2 - ....... وتنص المادة الرابعة على أن "يشكل مجلس إدارة المجلس برئاسة وزير الثقافة وعضوية كل من: - أمين عام المجلس........"
وتنص المادة الخامسة على أن "مجلس إدارة المجلس هو السلطة العليا المهيمنة على شئون الجهات التابعة لها وتصريف أمورها واقتراح السياسة العامة التي تسير عليها وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذي قامت من أجله وعلى الأخص: 1 - ........ 2 - ....... 3 - .........
4 - اعتماد خطط الترميم والأبحاث والحفائر وتوفير الاعتمادات اللازمة لها من صندوق تمويل الآثار.
وتنص المادة الثامنة على أن "يكون للمجلس أمين عام يصدر بتعيينه وتحديد مرتباته وبدلاته قرار من رئيس الجمهورية - بناءً على عرض وزير الثقافة - ويتولى المهام الآتية:
1 - تصريف الشئون المالية والإدارية للمجلس.
2 - الإشراف على إعداد مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي للمجلس.
3 - مراجعة الدراسات والخطط والبرامج التي تعرض على مجلس الإدارة والإشراف على إعداد جدول المجلس ومحاضر جلساته.
4 - مراقبة ومتابعة تنفيذ قرارات وسياسات مجلس الإدارة.
5 - مباشرة الاختصاصات التي يعهد بها إليه مجلس إدارة المجلس أو رئيس مجلس الإدارة".
وتنص المادة الخامسة عشر على أن "تلغي هيئة الآثار المصرية المنشأة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2828 لسنة 1971 المشار إليه ويحل المجلس الأعلى للآثار محل الهيئة الملغاة في مباشرة اختصاصاتها أينما وردت ويئول للمجلس ما لها من حقوق وما عليها من التزامات......"
ومن حيث إنه بالرجوع إلى القرار الجمهوري المشار إليه يتبين أنه نظم على سبيل الحصر اختصاصات الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ولم يخوله أي اختصاص يتصل بترميم الآثار أو صيانتها أو أي قرارات تتعلق بذلك، في ذات الوقت الذي خول المجلس الأعلى للآثار باعتباره هيئة عامة قومية إصدار القرارات اللازمة لحفظ وحماية الآثار ولمجلس إدارة المجلس المذكور اعتماد خطط الترميم والأبحاث والحفائر وتوفير الاعتمادات اللازمة لها.
ومن ثم اعتباراً من تاريخ العمل بالقرار الجمهوري رقم 82 لسنة 1994 فلا اختصاص لأمين عام المجلس الأعلى في نطاق ترميم الآثار وإذ صدر القرار الطعين رقم 2950 بتاريخ 2/ 11/ 1994 بعد العمل بالقرار الجمهوري المشار إليه من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ولم يعتمد من رئيس مجلس إدارة المجلس ومن ثم فإن القرار يغدو صادراً من غير مختص جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إنه طبقاً لما تقدم يغدو القرار الطعين رقم 2950 لسنة 1994 مخالفاً للقانون ويتوافر بالتالي ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه كما يتوافر ركن الاستعجال لما في الإخلاء من المساس بمورد رزق الطاعن ومن ثم يتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يغدو مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.