أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 896

جلسة 20 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

(127)
الطعن رقم 291 لسنة 28 القضائية

( أ ) إحالة. "سلطة المحكمة في الإحالة إلى محكمة أخرى". "مناطها". اختصاص.
اقتصار استعمال الرخصة المخولة للمحكمة عند الأمر بالإحالة على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي. م 135 مرافعات. يستوي في ذلك أن يكون الاختصاص للمحكمة المحيلة أو المحكمة المحال إليها محكوماً بقانون المرافعات أو أي قانون خاص آخر.
(ب) إحالة. "الحكم بالإحالة".
على المحكمة المحال إليها الدعوى نظرها بحالتها التي أحيلت بها. بقاء ما تم صحيحاً من إجراءات قبل الإحالة بما في ذلك إجراءات رفع الدعوى. تهيئة الدعوى للمرافعة بإجراءات صحيحة أمام المحكمة المحيلة لا يقتضي اتخاذ إجراءات جديدة لتحضيرها بمعرفة المحكمة المحال إليها.
(ج) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "تقرير التلخيص".
لا محل لإعداد تقرير تلخيص وتلاوته ما دامت الدعوى قد تهيأت للمرافعة دون عرضها على قاضي التحضير. تقرير التلخيص لا يلزم إلا عند إحالة القضية من قاضي التحضير إلى المرافعة.
(د) رسوم. "رسوم قضائية". "عدم دفع الرسم النسبي". دعوى.
عدم دفع الرسم النسبي لا يترتب عليه البطلان. لا يترتب على المخالفة المالية في القيام بعمل إجرائي بطلان العمل إلا بنص.
(هـ) حكم "عيوب التدليل". "ما لا يعد كذلك". إجارة.
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى قعود المستأجر عن سداد الإيجار المتأخر، وجوب الحكم بالإخلاء سواء أقيم على أساس من الشرط الفاسخ الضمني أو الشرط الفاسخ الصريح، لا يعيب الحكم بالإخلاء عدم إفصاحه عن أي منهما تضمنه عقد الإيجار.
(و) دعوى. "أساس الدعوى". إجارة. "التزام المستأجر بالوفاء بالأجرة".
طلب الإخلاء استناداً إلى إخلال المستأجر بالتزامه بالوفاء بالأجرة ينسحب ضمناً إلى طلب الفسخ المتلازم بينهما.
(ز) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة". "وقف الدعوى".
وقف الدعوى استناداً إلى المادة 293 مرافعات أمر جوازي للمحكمة.
(ح) حكم. "تسبيب كاف". "الإحالة على تقرير الخبير". إثبات.
تكفل تقرير الخبير بالرد على اعتراضات الطاعن. إحالة الحكم إلى تقرير الخبير فيه الرد الضمني على تلك الاعتراضات - الجدل في ذلك موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(ط) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
النعي على الحكم بخلو أوراق الدعوى من توكيل الحاضر عن المطعون عليه مع عدم التمسك بذلك أمام محكمة الموضوع، يعتبر سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض.
1 - مفاد نص المادة 135 من قانون المرافعات من أنه يجوز للمحكمة إذا حكمت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، أن عدم الاختصاص الذي عنته هذه المادة هو عدم الاختصاص النوعي أو المحلي، ومن ثم فإن المحكمة متى قضت بعدم اختصاصها نوعياً ثم أمرت بالإحالة إلى المحكمة المختصة فإن تلك الإحالة ليست إلا استعمالاً للرخصة المخولة لها قانوناً سواء كان الاختصاص معقوداً للمحكمة المحيلة أو المحكمة المحال إليها طبقاً لقانون المرافعات أو أي قانون خاص آخر.
2 - على المحكمة المحال إليها الدعوى تنظرها بحالتها التي أحيلت بها، ومن ثم فإن ما تم صحيحاً من إجراءات قبل الإحالة يبقى صحيحاً بما في ذلك إجراءات رفع الدعوى، وتتابع الدعوى سيرها أمام المحكمة المحال إليها الدعوى من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة التي أحالتها فإذا ما تمت تهيئة الدعوى للمرافعة بإجراءات صحيحة أمام المحكمة المحيلة فلا يقتضي الأمر من المحكمة المحال إليها اتخاذ إجراءات جديدة لتحضيرها.
3 - لا محل لإعداد تقرير تلخيص وتلاوته ما دامت الدعوى قد تهيأت للمرافعة دون عرضها على قاضي التحضير، إذ أن تقرير التلخيص لا يكون إلا عند إحالة القضية من قاضي التحضير إلى المرافعة.
4 - عدم دفع الرسم النسبي لا يترتب عليه البطلان لما هو مقرر من أن المخالفة المالية في القيام بعمل إجرائي لا يترتب عليها بطلان هذا العمل ما لم يرتب القانون البطلان.
5 - متى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قعد عن سداد الإيجار المتأخر، فإن الحكم بالإخلاء كان متعيناً سواء أقيم على أساس من الشرط الفاسخ الضمني أو الشرط الفاسخ الصريح، ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم إفصاحه عن أي من هذين الشرطين تضمنه عقد الإيجار ما دام أن إعمال كل منهما يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
6 - إذا اعتبر الحكم المطعون فيه الفسخ مطلوب ضمناً في طلب الإخلاء فإنه لا يكون قد خالف القانون للتلازم بين طلب الإخلاء والفسخ المؤسس على إخلال المستأجر بالتزامه بالوفاء بالأجرة.
7 - وقف الدعوى طبقا للمادة 293 مرافعات أمر جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديتها.
8 - متى كان يبين من تقرير الخبير أنه قد تكفل بالرد على جميع الاعتراضات التي أوردها الطاعن في سبب النعي، فإن الحكم المطعون فيه إذ أحال إلى تقرير الخبير مقاماً على أسبابه يكون قد تضمن الرد على تلك الاعتراضات ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - النعي على الحكم بخلو أوراق الدعوى من توكيل للحاضر عن المطعون عليه مع عدم التمسك بذلك أمام محكمة الموضوع يعتبر سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الشركة المطعون عليها رفعت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 2514 سنة 1952 أمام محكمة القاهرة الابتدائية (دائرة الإيجارات) طالبة الحكم بإخلاء العين المؤجرة الموضحة بالصحيفة قائلة في تبيان دعواها إنها تملك هذه العين بموجب عقد بيع مسجل في 30 من يونيو سنة 1934 وأنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 15 من أغسطس سنة 1948 أجرتها إلى الطاعنة وهي عبارة عن قطعة أرض فضاء وملحقاتها بشارع شاكر الجندي رقم 7 بغمرة لمدة ثلاث سنوات تنتهي في 14 أغسطس سنة 1951 بإيجار سنوي قدره 432 جنيهاً يدفع على قسطين في أول مارس وأول سبتمبر من كل عام وقد نص في عقد الإيجار على أن يتجدد سنة فسنة إذا لم يخطر أحد الطرفين الآخر برغبته في الإخلاء قبل انتهاء المدة بثلاثة شهور كما جاء في البند الخامس منه أنه "في حالة عدم قيام المستأجر بدفع ولو جزء من قسط الإيجار المستحق وملحقاته احتسبت عليه الفوائد فوراً باعتبار 8% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وفي هذه الحالة للمؤجر إذا شاء أن يفسخ الإجارة فوراً دون اتخاذ أي إجراء سوى إخطار بواسطة المحضر مع التنبيه بدفع الإيجار المستحق في ظرف 24 ساعة فإذا ما انقضت مدة الأربع والعشرين ساعة حق للمؤجر أن يتخذ الإجراءات لاستلام العين المؤجرة أمام قاضي المواد المستعجلة وهو اختصاص متفق عليه من الآن بين الطرفين" وإذ تأخرت الطاعنة في سداد الأجرة المستحقة فقد نبهت عليها بالسداد خلال خمسة عشر يوماً ولكنها رغم ذلك لم تسدد ثم رفعت الدعوى طالبة الحكم بإخلاء العين المؤجرة - دفعت الطاعنة الدعوى بأن العقار رقم 7 شارع شاكر الجندي المطلوب إخلاءه مملوك لها بموجب عقد بيع مؤرخ 21/ 3/ 1947 وأما العقار الذي تستأجره من المطعون عليها فهو العقار رقم 14 شارع شاكر الجندي وإزاء ذلك أصدرت المحكمة بتاريخ 17 من نوفمبر سنة 1952 حكماً قضى بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى العقار المؤجر إلى المدعى عليها (الطاعنة) والمطلوب إخلاءه ومعاينة العقارين رقمي 7، 14 شارع شاكر الجندي بغمرة وتطبيق أولاً عقد الإيجار المؤرخ 15/ 8/ 1948 سند الدعوى. وثانياً - عقد البيع المؤرخ 30 من يونيه سنة 1934 سند ملكية المدعية (المطعون عليها) وعليها وبيان ما إذا كان أحدهما أو كلاهما ينطبق على أيهما أو لا ينطبق وفي الحالة الأخيرة بيان موقع العقار ملك المدعية (المطعون عليها) المؤجر إلى المدعى عليها (الطاعنة) وحدوده ورقمه إن كان وقد باشر الخبير المنتدب المأمورية التي عهد إليه بها وقدم تقريره الذي انتهى فيه إلى أن كلاً من عقد البيع المؤرخ 30/ 6/ 1934 وعقد الإيجار المؤرخ 15/ 8/ 1948 ينطبق على العقار رقم 7 شارع شاكر الجندي. دفعت الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن العين المؤجرة قطعة أرض فضاء لا تسري عليها أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وفي 21 من نوفمبر سنة 1955 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى باعتبارها دائرة إيجارات وبإحالتها إلى الدائرة نفسها باعتبارها دائرة مدنية من دوائر المحكمة الابتدائية ثم قضت في 21 من ديسمبر سنة 1955 حضورياً بإلزام المدعى عليها (الطاعنة) بإخلاء العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وتسليمها للشركة المدعية (المطعون عليها) رفعت الطاعنة استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 265 سنة 73 قضائية ومحكمة استئناف القاهرة قضت أول إبريل سنة 1958 بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه وقوع بطلان في الإجراءات أثر فيه حين أيد الحكم الابتدائي الذي صدر بناء على إجراءات باطلة وفي بيان ذلك تقول إن الشركة المطعون عليها رفعت الدعوى أصلاً أمام دائرة الإيجارات بموجب طلب تقدمت به إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية طالبة إخلاء العين المتنازع عليها تأسيساً على أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 فقضت المحكمة في 21/ 11/ 1955 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لخروج النزاع عن نطاق أحكام القانون المشار إليه وبإحالة الدعوى إلى نفس الدائرة باعتبارها دائرة مدنية ومن دوائر المحكمة الابتدائية محددة لنظرها جلسة من جلسات المرافعة. والحكم بالإحالة في نظر الطاعنة مخالف للقانون إذ لا يجوز الحكم بها إلا عند مخالفة قواعد الاختصاص النوعي والمحلي الواردة بقانون المرافعات وبشرط أن يكون الاختصاص معقوداً لكل من المحكمة التي أحالت الدعوى والمحكمة المحال إليها طبقاً لأحكام قانون المرافعات ومن ثم فلا تجوز الإحالة من محكمة استثنائية كمحكمة الإيجارات إلى محكمة عادية لاختلاف طريقة رفع الدعوى في كليهما. وقد ترتب على الإحالة إلى جلسة المرافعة مباشرة عدم عرض القضية على قاضي التحضير وعدم إعداد تقرير تلخيص عنها وتلاوته وذلك بالمخالفة لأحكام المواد من 110 إلى 116 من قانون المرافعات مع أن هذه الإجراءات من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان - وتضيف الطاعنة قائلة إن الدعوى وقد سدد عنها رسم ثابت عند رفعها أمام دائرة الإيجارات فقد كان يتعين بعد إحالتها أن يسدد عنها رسم نسبي إعمالاً لحكم الفقرة السادسة من المادة 57 من القانون رقم 90 سنة 1944 وإلا أمرت المحكمة باستبعادها من رول الجلسة عملاً بنص المادة 13 من القانون المشار إليه وإذ صدر الحكم الابتدائي دون حصول ذلك فإنه يكون باطلاً لعدم استيفاء الرسوم المستحقة ولما كانت كل هذه الإجراءات الباطلة قد أثرت في الحكم الابتدائي فشابته بالبطلان فإن هذا البطلان يسرى أيضاً على الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذه النعي مردود بأن المادة 135 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز للمحكمة إذا حكمت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة...." وعدم الاختصاص الذي عنته هذه المادة - كما جاء بالمذكرة الإيضاحية - هو عدم الاختصاص النوعي أو المحلي ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي القاضي بالإحالة لا يكون مبنياً على إجراء باطل ذلك أنه متى حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً ثم أمرت بالإحالة إلى المحكمة المختصة فإن تلك الإحالة ليست إلا استعمالاً للرخصة المخولة لها بناء على المادة 135 المشار إليها - وذلك بغض النظر عما إذا كان الاختصاص معقوداً للمحكمة المحيلة أو المحكمة المحال إليها طبقاً لقانون المرافعات أو أي قانون خاص آخر إذ لا تخصيص بلا مخصص - وإذ جرى النص على أن المحكمة تأمر بإحالة الدعوى بحالتها فإن مفاد ذلك أن المحكمة المحال إليها الدعوى تنظرها بحالتها التي أحيلت بها ومن ثم فإن ما تم صحيحاً من إجراءات قبل الإحالة يبقى صحيحاً بما في ذلك إجراءات رفع الدعوى وتتابع الدعوى سيرها أمام المحكمة المحال إليها من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة التي أحالتها فإذا ما تمت تهيئة الدعوى للمرافعة بإجراءات صحيحة أمام المحكمة المحيلة فلا يقتضي الأمر من المحكمة المحال إليها اتخاذ إجراءات جديدة لتحضيرها - ولما كانت الدعوى قد صدر فيها من دائرة الإيجارات حكم بندب خبير وظلت أمامها وقتاً طويلاً تهيأت فيه للمرافعة فلم يكن هنالك محل لأن تبدأ سيرها أمام قاضي التحضير بعد إحالتها مهيأة للمرافعة كما أنه لا محل لإعداد تقرير تلخيص وتلاوته ما دامت الدعوى قد تهيأت للمرافعة دون عرضها على قاضي التحضير إذ أن تقرير التخليص لا يكون إلا عند إحالة القضية من قاضي التحضير إلى المرافعة - كذلك فإن عدم دفع الرسم النسبي لا يترتب عليه البطلان لما هو مقرر من أن المخالفة المالية في القيام بعمل إجرائي لا يترتب عليها بطلان هذا العمل ما لم يرتب القانون البطلان على هذه المخالفة ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه بالإخلاء على البند الخامس من عقد الإيجار دون أن يفصح عما إذا كان هذا البند قد تضمن شرطاً فاسخاً صريحاً أو انطوى على شرط فاسخ ضمني مع اختلاف الشرطين طبيعة وحكماً ومن ثم فلم يبين الأساس القانوني الذي أقام عليه قضاءه كما تنعى بالوجه الثاني أن أسبابه جاءت متضاربة متهاترة إذ أيد الحكم الابتدائي لأسبابه مع أن ذلك الحكم قد أقام قضاءه بالإخلاء على أسباب ثلاثة مجتمعة هي تضمن عقد الإيجار شرطاً فاسخاً ضمنياً وشرطاً فاسخاً صريحاً وعلى أن عقد الإيجار قد انتهت مدته رغم اختلاف الشرطين طبيعة وحكماً ورغم عدم تصور الحكم بفسخ عقد انتهت مدته أو بانتهاء مدة عقد حصل انفساخه - كما ينعى بالوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ اعتبر الفسخ مطلوباً ضمنياً تبعاً لطلب الإخلاء المؤسس على القانون رقم 121 لسنة 1947 مع منافاة طلب الفسخ الضمني لطلب الإخلاء على الأساس المذكور.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأنه قد ثبت بالحكم المطعون فيه أن الطاعنة ظلت حتى صدور ذلك الحكم قاعدة عن سداد الإيجار المتأخر مركزه دفاعها في طلب رفض الإخلاء على ملكيتها للعين المؤجرة ومن ثم كان الحكم بالإخلاء متعيناً سواء أقيم على أساس من الشرط الفاسخ الضمني أو الشرط الفاسخ الصريح ولذلك لا يعيب الحكم عدم إفصاحه عن أي من هذين الشرطين تضمنه البند الخامس من عقد الإيجار ما دام أن كلاً منهما يؤدي أعماله إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم والنعي مردود في وجهه الثاني بما سبق الرد به على الوجه الأول ولأنه لما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم الطعون فيه قد أقام قضاءه بالفسخ والإخلاء على عدم وفاء المستأجر بالأجرة المستحقة فذلك كفاؤه لإقامة قضائه أما النعي بأن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بالإخلاء على انتهاء عقد الإيجار بعد أن قرر بانفساخ العقد مع أن الانتهاء لا يرد على عقد فسخ فمردود بأن ما عرض له الحكم في خصوص انتهاء عقد الإيجار كان استطراداً زائداً لم تكن بالحكم حاجة إليه ومن ثم فلا يعيبه - والنعي مردود في وجهه الثالث بأن الحكم حين قرر أن الفسخ مطلوب ضمناً في طلب الإخلاء لم يكن مخالفاً بالقانون للتلازم بين طلب الإخلاء والفسخ المؤسس على إخلال المستأجر بالتزامه بالوفاء بالأجرة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن العين المطلوب إخلاؤها رقم 7 شارع شاكر الجندي مملوكة لها بموجب عقد بيع مؤرخ 21/ 3/ 1947 وليست مملوكة للشركة المطعون عليها وأما العين التي تستأجرها من الشركة المطعون عليها فهي العين رقم 14 شارع شاكر الجندي وليس رقم 7 مستندة في ذلك إلى إقرارات صادرة من الشركة المطعون عليها في منازعات قضائية متعددة كانت مرددة بينها وبين الشركة المطعون عليها - ورغم قيام النزاع على ملكية العين المطلوب إخلاؤها وعلى حقيقة العين المؤجرة وهل هي رقم 7 أم رقم 14 والذي كان يقتضي على المحكمة من تلقاء نفسها وقف الدعوى حتى يفصل في الملكية بدعوى ترفع بالطريق المعتاد فإن دائرة الإيجارات التي رفعت أمامها الدعوى أصلاً لم تجب الطاعن إلى طلب الوقف وقضت بندب خبير لأداء المأمورية المشار إليها وتابعتها في ذلك الدائرة المدنية بعد الإحالة ومحكمة الاستئناف وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ فصل في الدعوى بحالتها دون أن يتبع في الفصل في الملكية أحكام القانون - كما أنه لم يرد على ما تمسكت به الطاعنة من مستندات تؤيد ملكيتها للعين المطلوب إخلاؤها كما تؤيد أن العين المؤجرة هي رقم 14 وليست رقم 7 يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول الخاص بعدم وقف الدعوى بأن وقف الدعوى طبقاً للمادة 293 من قانون المرافعات أمر جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديتها - أما ما تنعاه الطاعنة من أن المحكمة أغفلت طلب الوقف المقدم منها فإن هذا النعي غير مقبول لأن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أنها تمسكت بطلب الوقف أمام محكمة الموضوع. ومردود في شقه الثاني بأنه يبين من تقرير الخبير أنه انتهى إلى أن عقدي البيع والإيجار سندي المطعون عليها ينطبقان على العقار رقم 7 - وفند - ما أثارته الطاعنة من دفاع يهدف إلى أن حقيقة العقار المؤجر هو رقم 14 وليس رقم 7 - ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد تقرير الخبير مقاماً على أسبابه فإن ذلك يكفي لتسبيب قضائه بالإخلاء المؤسس على عدم الوفاء بالأجرة وذلك بغض النظر عن ملكية العين المؤجرة ومن ثم يكون النعي عليه بالقصور لا أساس له.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه البطلان لقصوره في التسبيب ذلك أنه وجه إلى تقرير الخبير الذي اعتمده الحكم المطعون فيه عدة اعتراضات جوهرية تؤدي إلى بطلانه وعلى ذلك فقد اعتمد الحكم المطعون فيه تقرير الخبير مقدراً - على نقيض الواقع - أن هذا التقرير قد تكفل بالرد على هذه الاعتراضات مع أنه كان من الواجب على الحكم أن يرد بنفسه على هذه الاعتراضات وإذا لم يفعل فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من تقرير الخبير أنه قد تكفل بالرد على جميع الاعتراضات التي فصلتها الطاعنة في سبب النعي - ولما كان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى تقرير الخبير مقاماً على أسبابه فإن الحكم قد تضمن الرد على تلك الاعتراضات ويكون ما تثيره الطاعنة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على محكمة الاستئناف الإخلال بحقها في الدفاع ذلك أن المحكمة قررت بجلسة 18/ 3/ 1958 حجز القضية للحكم لجلسة 1/ 4/ 1958 لكن محامي الطاعنة تقدم بعد ذلك بمذكرة تنفيذاً لقرار المحكمة وأرفق بها طلباً بفتح باب المرافعة لتقديم المستندات التي كان قد سحبها بإذن المحكمة لتقديمها في قضية أخرى بين الطاعنة والمطعون عليها أو مد أجل الحكم مع قبول المستندات المبينة بالحافظة المرفقة بالطلب لكن المحكمة رفضت هذا الطلب مقررة استبعاد الحافظة المتضمنة لمستندات جوهرية يتوقف عليها الفصل في موضوع الاستئناف وفي ذلك إخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه حيث ورد بها. "وحيث إنه عن طلب الشركة المستأنفة بإعادة القضية إلى المرافعة لإعادة المستندات التي كانت بالملف الابتدائي فإن الدعوى رفعت في 11 مارس سنة 1956 وظلت بقلم الكتاب لتحضيرها إلى 15/ 10/ 1957 حين تحدد لها جلسة 24/ 12/ 1957 للمرافعة وفيها تأجلت لجلسة 25 فبراير سنة 1958 لإيداع المستندات ثم تأجلت لجلسة 18 مارس سنة 1958 وفي الجلسة الأخيرة حجزت للحكم لجلسة اليوم فكان لدى الشركة المستأنفة متسعاً من الوقت وفرصاً عديدة لتقديم ما تشاء من مستندات أما وهي لم تقدم رغم ذلك فإن طلبها إعادة القضية للمرافعة ترى المحكمة أن الغرض منه مد أجل التقاضي بدون مبرر وخصوصاً أن هذا النزاع قد طال أمده يضاف إلى هذا أنه بالاطلاع على الحوافظ المقدمة من الشركة المستأنفة بالملف الابتدائي تبين أن المستندات التي سحبتها هي إنذارات معلنة كطلب الشركة المستأنف ضدها إليها بالتنبيه بسداد الإيجار وإعلانات دعاوى طرد والأحكام السابق صدورها في هذا النزاع وجميع هذه الأوراق معترف بها من الخصوم ولم تبن الشركة المستأنفة استئنافها على شيء من هذه الأوراق لا في عريضة استئنافها ولا في مذكراتها" وهذا الذي قررته المحكمة في خصوص طلب الطاعنة يسوغ ما رأته من رفض هذا الطلب ومن ثم فإنها لا تكون قد أخلت بحق الدفاع.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه البطلان: أولاً - لصدوره لمصلحة شركة فرنسية لا صفة لها في التقاضي بحكم القانون وبحكم وضعها تحت الحراسة القانونية أثناء سير الدعوى المطعون على حكمها. ثانياً - أن الشركة المطعون عليها لم تكن ممثلة تمثيلاً قانونياً أثناء التقاضي لأن الحاضر عنها قرر أنه موكل عنها بموجب توكيل مودع بالمفردات مع أنه لم يكن بالمفردات مثل هذا التوكيل مما يجعل الحكم باطلاً.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الحاضر عن الطاعنة قرر بجلسة 24/ 12/ 1957 أمام محكمة الاستئناف أن الشركة المطعون عليها وضعت تحت الحراسة وطلب التأجيل لإعلان الحارس العام وقد أجابته المحكمة إلى طلبه وأجلت الدعوى لجلسة 25/ 2/ 1952 فطلب التأجيل ثانية للتحري عن الحارس وإذ ذاك قرر الحاضر عن الشركة المطعون عليها أن الشركة لم توضع تحت الحراسة ولم يجادل الحاضر عن الطاعنة في ذلك ولما كانت الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن الشركة المطعون عليها هي شركة فرنسية ينطبق عليها الأمر العسكري رقم 5 سنة 1956 الخاص بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم ومن ثم يكون هذا النعي عارياً عن الدليل - والنعي مردود في شقه الثاني بأن ما تثيره الطاعنة من خلو المفردات من توكيل للحاضر عن الشركة المطعون عليها فإنه لم يسبق لها أن عرضته على محكمة الموضوع ومن ثم يعتبر سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.