أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 22 - صـ 823

جلسة 24 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي.

(134)
الطعن رقم 27 لسنة 37 القضائية

( أ ) نقض. "إيداع الأوراق". أمر الأداء.
عدم التزام الطاعن بإيداع صورة رسمية من أمر الأداء الذي قضى الحكم المطعون فيه بتأييده. علة ذلك.
(ب) عقد. "سبب العقد". إثبات. "عبء الإثبات". صورية.
السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي. قيام الدليل على صورية السبب. على الدائن عبء إثبات أن للعقد سبباًً حقيقياً مشروعاً. م 137 مدني.
1 - توجب المادة 432 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 على الطاعن أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال عشرين يوماً من تاريخ الطعن صورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه، وذلك لأن أسبابه في هذه الحالة تعتبر متممة لأسباب الحكم المطعون فيه - وإذا كان أمر الأداء يصدر بغير أسباب على إحدى نسختي العريضة المقدمة من الدائن والمرفق بها سند الدين، فإنه لا تكون ثمة إحالة إليه تجعله متمماً لأسباب الحكم المطعون فيه وبالتالي فلا يكون ثمة إلزام بإيداع صورة منه لدى الطعن بالنقض.
2 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 137 من القانون المدني أنه إذا ذكر في سند الدين أن قيمته دفعت نقداً، ثم قام الدليل على انتفاء القرض، فإن على الدائن أن يقيم الدليل على أن للسند سبباً حقيقاً مشروعاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدة/ زينب علي جودت استصدرت بتاريخ 21/ 2/ 1960 ضد الأستاذة عصمت إسماعيل الطوبجي والسيدين حسن صلاح الدين وجودت إسماعيل أمر أداء بإلزامهم بأن يدفعوا لها من تركة مورثهم المرحوم إسماعيل حسن الطوبجي مبلغ خمسة آلاف جنيه استناداً إلى سند إذني مؤرخ 23 نوفمبر سنة 1953 منسوب صدوره من المورث، ومذكور فيه أن محرره تسلم المبلغ نقداً، وقد عارض فيه الأولان لدى محكمة القاهرة الابتدائية، وقيدت معارضتهما برقم 1023 سنة 1960 مدني كلي القاهرة، وطعنا في السند بالتزوير وسلكا في ذلك طريق الادعاء به، وأعلنا صحيفة شواهد التزوير متضمنة أن المورث لم يوقع على السند، وأن السند لا سبب له فندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، وقدم هذا القسم تقريراً انتهى فيه إلى صحة الإمضاء وقدم المعارضان تقريراً استشارياً بتزويره فندبت المحكمة خبيراً مرجحاً من الجدول وقد أيد التقرير الاستشاري، ثم عادت المحكمة وندبت ثلاثة خبراء من مصلحة الطب الشرعي، وقدم هؤلاء تقريراً أيدوا فيه تقرير خبير تلك المصلحة، وبتاريخ 27/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برد وبطلان السند المطعون فيه بالتزوير وبإلغاء أمر الأداء المعارض فيه ورفض الدعوى، واستأنفت السيدة زينب علي جودت هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافهما برقم 704 سنة 83 ق، وبتاريخ 23 نوفمبر سنة 1966 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول التظلم من أمر الأداء وبرفض الادعاء بالتزوير موضوعاً وبتغريم مدعييه خمسة وعشرين جنيهاً وبتأييد أمر الأداء المتظلم منه، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ودفعت المطعون عليها الأولى بعدم قبول الطعن لعدم إيداع صورة من أمر الأداء مع أن الحكم الاستئنافي أحال إليه وقضى بتأييده، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليها الأولى هو أن الطاعنين لم يودعا صورة رسمية من أمر الأداء مع أن الحكم الاستئنافي أحال إليه وقضى بتأييده.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن المادة 432 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 - وهي التي تحكم هذا الطعن - توجب على الطاعن أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال عشرين يوماً من تاريخ الطعن صورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه، لأن أسبابه في هذه الحالة تعتبر متممة لأسباب الحكم المطعون فيه، وإذا كان ذلك وكان أمر الأداء يصدر بغير أسباب على إحدى نسختي العريضة المقدمة من الدائن والمرفق بها سند الدين، فإنه لا تكون ثمة إحالة إليه تجعله متمماً لأسباب الحكم المطعون فيه، وبالتالي فلا يكون ثمة إلزام بإيداع صورة منه لدى الطعن بالنقض، ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا في دفاعهما لدى محكمتي الموضوع ببطلان السند، وأقاما دفاعهما في هذا الصدد على دعامتين (الأولى) هي تزويره (والثانية) هي انعدام سببه القانوني، وأن السبب المذكور في السند لا حقيقة له واستند في التدليل على ذلك بإقرار للمطعون عليها في إجراءات الحجر على المورث بأنها غير دائنة له، وإقرارها الوارد في المذكرة المقدمة منها بأنها لم تقرض المورث ذلك المبلغ، وقد بحثت محكمة أول درجة هاتين الدعامتين ونفت عن السند سببه، فلما استأنفت المطعون عليها الحكم الابتدائي كان دفاعهما سالف الذكر قائماً أمام محكمة الاستئناف، بل إنهما صرحا به في مذكرتهما المقدمة لجلسة 23/ 11/ 1966 وذهبت المطعون عليها في مذكرتها إلى أن المورث كان قد أرغمها على أن تبيعه عمارة وأطياناً لها بثمن تافه، وأنه أحس بفداحة ما ارتكبه فحرر لها السند المطعون فيه وغيره من السندات الأخرى تعويضاً لها عن الغبن الذي لحق بها، وهو منها إقرار بأن السبب المذكور في السند وهو القرض غير صحيح، وعلى ذلك كان على المطعون عليها أن تثبت للسند السبب الذي تدعيه، ولكن الحكم المطعون فيه لم يحفل لهذا الدفاع وقرر أنه لا محل لبحث الصورية التي تصدت لها محكمة أول درجة لأن أحداً من المستأنف عليهم لم يثرها، كما أنه من غير المتصور قيامها مع الطعن بتزوير التوقيع على السند تزويراً، مادياً وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب يوجبان نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 137 من القانون المدني قد نصت على أنه "يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سبباً آخر مشروعاً أن يثبت ما يدعيه" ومفاد هذا النص أنه إذا ذكر في سند الدين أن قيمته دفعت نقداً، ثم قام الدليل على انتفاء القرض فإن على الدائن أن يقيم الدليل على أن للسند سبباً حقيقياً مشروعاً، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد تمسكا لدى محكمة الموضوع بأن السبب المذكور في السند لا حقيقة له، واستدلا على ذلك بأنه لا مال لها وبأنها ذكرت في إجراءات الحجز على المدين، وهي لاحقة لتاريخ السند بأنه غير مدين لها وبأنها ذكرت أيضاً في مذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف بتاريخ 2/ 11/ 1966 أن المدين حرر ذلك السند تعويضاً لها عن الثمن التافه الذي دفعه لها مقابل شرائه منها عمارة، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الذي له أصلة الثابت في الأوراق، مع أنه دفاع جوهري لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى وتحجب عن بحثه بما قرره من "أنه لا محل لبحث الصورية التي تصدت لها محكمة أول درجة بدحضها لأن أحداً من المستأنف عليهم لم يثرها كما أنه من غير المتصور قيامها مع الطعن بتزوير التوقع على السند" وهو قول مخالف للثابت بالأوراق من تمسك الطاعنين بهذا الدفاع، وغير صحيح في القانون لأن الطعن بتزوير السند لا يتعارض مع الادعاء بانعدام سببه، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون وشابه القصور.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.