مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والأربعون (من أول أكتوبر سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1999) - صـ 453

(42)
جلسة 2 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ شفيق محمد سليم مصطفى - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، ود.أحمد محمود جمعة، ومحمد منير السيد أحمد جويفل، وسالم عبد الهادي محروس جمعة - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 541 لسنة 39 قضائية عليا

دعوى - دفوع في الدعوى - الدفع بالتقادم - مدى جواز إبدائه لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا.
المادة 387 من القانون المدني.
الدفع بالتقادم ليس من النظام العام - لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا باعتبارها قمة محاكم مجلس الدولة فالطعن أمامها يقاس على الطعن بطريق النقض.
فأوجه الطعن أمامها هي حالات مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وهي بذاتها أوجه الطعن بطريق النقض - وأحكام محكمة النقض قد جرت على أنه إذا لم يتمسك الطاعن بالتقادم أمام محكمة الموضوع فلا يصح التمسك بالتقادم لأول مرة أمام محكمة النقض - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 19 من ديسمبر سنة 1992 أودعت الأستاذة/ ......... المحامية نائبة عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) تقرير طعن ضد ورثة المرحومة/ ........ وهم (....... و....... و......... و........ و....... و...... و..... أولاد المرحوم/ ........) في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 22/ 10/ 1992 في الدعوى رقم 3171 لسنة 43 ق المرفوعة من المطعون ضدهم ضد الطاعن بصفته والذي قضى: -
أولاً: بإلغاء القرار السلبي بامتناع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي عن تنفيذ قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعين مبلغاً مقداره 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بجميع آثاره ومشتملاته مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى بشقيها الإلغاء والتعويض مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) جلسة 1/ 1/ 1997.
وتدول نظر الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 5/ 11/ 1997 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة - موضوع) لنظره بجلسة 6/ 1/ 1998 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو الموضح بمحاضرها وبجلسة 16/ 2/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني واستوفى باقي أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاًً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن وقائعه تتحصل في أن المطعون ضدهم (ورثة المرحومة/ ......) أقاموا الدعوى رقم 3171 لسنة 43 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات (ج)) بتاريخ 25/ 2/ 1989 ضد كل من:
1 - وزير الزراعة والإصلاح الزراعي بصفته.
2 - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته.
3 - رئيس الإدارة المركزية لشئون الملكية والحيازة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته رئيس قطاع الاستيراد والتوزيع.
4 - مدير عام مديرية الإصلاح الزراعي بالقليوبية.
5 - ورثة المرحوم/ ........
بطلب الحكم أولاً: بصفة مستعجلة: - بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن تنفيذ الحكم الصادر لصالحهم في الاعتراض رقم 852 لسنة 1964 المصدق عليه من مجلس إدارة الهيئة المدعى عليها.
ثانياً: إلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها تسليمهم الأرض البالغ مساحتها فدان والموضحة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وذلك في مواجهة المدعى عليهم الآخرين.
ثالثاً: التعويض المؤقت بمبلغ 51 جنيه عن عدم انتفاعهم بالأرض التي كان يضعون اليد عليها وطردوا منها بالتواطؤ ومساعدة المدعى عليهم.
رابعاً: إلزام المدعى عليهم المصروفات وأتعاب المحاماة.
وشرحاً للدعوى قال المدعون (المطعون ضدهم)، إن الهيئة المدعى عليها وزعت على مورثتهم مساحة مقدارها فدان واحد كائنة بالوحدة 26 حوش رقم (2) بحوض توب طما رقم (10) مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية وذلك من أملاك الخاضع/ ...... وأن مورثتهم قامت بالتعامل مع الجمعية الزراعية بالناحية وأدرجت تلك المساحة بالسجلات والدفاتر باسمها واستمرت تباشر زراعتها ولم ترتكب أي مخالفة غير أنها فوجئت بطردها من الأرض بمعرفة رجال الشرطة فحررت محضر الشرطة رقم 2103 لسنة 1964 شبين القناطر وتبين لها أن الطرد كان سببه شكوى مقدمة من مورث المدعى عليهم الأخيرين (.....) والذي سلمت إليه الأرض دون سند أو حق، وأقامت الاعتراض رقم 852 لسنة 1964 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي فأصدرت اللجنة القضائية في هذا الاعتراض بجلسة 16/ 11/ 1964 قراراً بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع بأحقية المعترضة (مورثة المطعون ضدهم) في التوزيع ضمن من وزعت عليهم أراضي الخاضع/ ....... بناحية توب طما مركز شبين الكوم بالقليوبية وصدق مجلس إدارة الهيئة الطاعنة على هذا القرار وأخطرت الهيئة مديرية القليوبية للإصلاح الزراعي لتنفيذ قرار اللجنة وإعادة تسليمها تلك المساحة إلا أن العاملين بالمديرية امتنعوا عن تنفيذه فشكوا إلى المسئولين بالهيئة فأخطرت الهيئة المديرية في عام 1972 بتنفيذ هذا الحكم وتسليمهم الأرض دون جدوى على الرغم من تقديم الشكاوي المؤرخة 21/ 10/ 1965 و15/ 12/ 1965 و19/ 12/ 1966 و19/ 8/ 1967 و16/ 11/ 1968 وأنه إزاء تراخي الهيئة المدعى عليها في تنفيذ الحكم المشار إليه والذي أصابهم بأضرار تتمثل في حرمانهم من الأرض التي هي مصدر رزقهم الوحيد ومن ثم فقد أقاموا دعواهم بطلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وبجلسة 9/ 11/ 1989 حكمت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعين المصروفات ثم بجلسة 22/ 10/ 1992 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والذي قضى:
أولاً: بإلغاء القرار السلبي المطعون فيه بامتناع الهيئة المدعى عليها عن تنفيذ قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: بإلزام المدعى عليه الثاني (رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته) بأن يؤدي للمدعين مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات وأقامت المحكمة حكمها على أن الثابت أنه تم التصديق على قرار اللجنة القضائية من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 28/ 5/ 1966 إلا أن الجهة الإدارية قد امتنعت عن تنفيذ القرار المشار إليه رغم شكاوى مورثة المدعين ومطالبتها بتنفيذه دون جدوى على حين أن هذا القرار واجب التنفيذ طبقاً لأحكام المادة (13 مكرراً) من المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي ومن ثم فإن امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذه يكون مخالفاً للقانون وأضافت المحكمة أن جهة الإدارة لم تدفع الدعوى بأي دفع أو دفاع ولذلك فلا يسوغ للمحكمة أن تتعرض من تلقاء نفسها لبحث مدى تقادم الحق في تنفيذ القرار الصادر لصالح مورثة المدعين على أساس أن التقادم ليس من النظام العام ويتعين على صاحب المصلحة أن يتمسك به وانتهت المحكمة من ذلك إلى أن القرار المطعون فيه قد خالف القانون وخرج على المشروعية بما يوصمه بالبطلان ويتعين إلغاؤه مع ما يترتب على ذلك من آثار وبالنسبة لما قضت به من تعويض مؤقت استندت المحكمة إلى أنه ثبت مما سلف أن جهة الإدارة قد أخطأت في قرارها السلبي المتمثل في الامتناع عن تنفيذ قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المشار إليه وأنه ترتب على هذا الخطأ إلحاق ضرر بالمدعين يتمثل في حرمانهم من تملكهم المساحة المحددة بقرار اللجنة والاستفادة بزراعتها والانتفاع بها وأنه بذلك تكون أركان المسئولية التقصيرية قائمة في حق جهة الإدارة من حيث الخطأ والضرر وعلاقة السببية مما يتعين معه جبر الضرر.
ومن حيث إن الهيئة الطاعنة تقيم طعنها الماثل بالنعي على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله بمقولة إنه طبقاً لأحكام المادة (172) من القانون المدني تسقط دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه كما تسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع وأن الثابت أن المطعون ضدهم قد علموا بقرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وامتناع جهة الإدارة عن تنفيذه منذ 25/ 11/ 1968 وأنه لذلك تسقط الدعوى القضائية بالمطالبة بالتعويض بعد انقضاء ثلاث سنوات من هذا التاريخ فضلاً عن سقوطها بمضي المدة الطويلة وهي خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع كما أنه لا يجوز المطالبة بالإلغاء والتعويض في نفس الوقت، لذلك فإنه يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي والتعويض مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل على الوجه سالف البيان أن الهيئة الطاعنة إنما تدفع في مرحلة الطعن أمام هذه المحكمة بتقادم الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه حيث إنها لم تدفع بهذا الدفع أمام محكمة القضاء الإداري التي أصدرت هذا الحكم.
ومن حيث إنه عن هذا الدفع فهو في غير محله قانوناً إذ لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا ذلك أنه ولئن كان الدفع بالتقادم ليس من النظام العام ولا يجوز لمحكمة أول درجة أن تقضي به من تلقاء نفسها إذا لم يتمسك به الخصوم كما يجوز التمسك به أمام المحكمة الاستئنافية المدنية وذلك طبقاً لأحكام المادة 387 من القانون المدني فيما نصت عليه بأنه (لا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يكون ذلك بناءً على طلب المدين أو بناءً على طلب دائنه أو أي شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين ويجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام المحكمة الاستئنافية) فإنه ولئن كان ذلك كذلك وفقاً لأحكام هذه المادة إلا أنه لا يجوز التمسك بهذا الدفع أمام المحكمة الإدارية العليا باعتبارها من محاكم مجلس الدولة كما أن الطعن أمامها يقاس على الطعن بطريق النقض من ناحية أوجه الطعن وهي حالات مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله فأوجه الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا هي بذاتها أوجه الطعن بطريق النقض وقد جرت أحكام محكمة النقض على أنه إذا لم يتمسك الطاعن بالتقادم أمام محكمة الموضوع فلا يصح له أن يتمسك بالتقادم لأول مرة أمام محكمة النقض (نقض مدني بجلسة 29/ 11/ 1962).
ومن حيث إنه متى كان لا يجوز للهيئة الطاعنة في الطعن الماثل أن تتمسك لأول مرة بالتقادم أمام المحكمة الإدارية العليا على النحو سالف البيان فإن الامتناع عن تنفيذ قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 852 لسنة 1964 المشار إليه بشكل قراراً إدارياً سلبياً بالامتناع مخالفاً للقانون يجوز الطعن عليه بدعوى الإلغاء والمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت المطعون ضدهم نتيجة لعدم قيامها بتنفيذه الأمر الذي يتوافر معه ركن الخطأ عن العمل غير المشروع الذي اتخذ موقف الامتناع عن تنفيذ قرار اللجنة المشار إليه بعد التصديق عليه من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على الوجه سالف البيان كما أنه ألحق بالمطعون ضدهم ضرراً يتمثل في حرمانهم من الاستمتاع بالمساحة موضوع قرار هذه اللجنة وكان الضرر على هذا الوجه نتيجة لذلك الخطأ بما تتوافر به علاقة السببية وبذلك تتكامل أركان المسئولية بالتعويض في جانب الهيئة الطاعنة مما يستوجب القضاء بتعويض المطعون ضدهم عن الأضرار الناتجة منه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى ذلك وقضى بإلغاء هذا القرار وبإلزام الهيئة المدعى عليها (الطاعنة) بأن تؤدي للمدعين (المطعون ضدهم) مبلغاً مقداره 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت فإن الحكم المطعون فيه يكون على هذا الوجه قد صادف صحيح حكم القانون ويكون النعي عليه من جانب الهيئة الطاعنة في غير محله قانوناً متعين الرفض.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإنه يتعين الحكم برفض الطعن موضوعاً وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.