أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 959

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد المصري، وأحمد فتحي مرسي.

(161)
الطعن رقم 53 لسنة 37 القضائية

بطلان. "بطلان التصرفات". حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصورا". نقابات. غير.
تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية. لها نفس آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شانها أن تولد الاعتقاد العام بمطابقة هذا المركز للحقيقية. قضاء الحكم ببطلان تصرفات صاحب المركز الظاهر دون بحث دفاع الطاعن وتحقيق عناصره بمقولة إن نظرية الموظف الفعلي مختلف عليها ولا محل للاستدلال بها. خطأ وقصور.
يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر المخالف للحقيقة إلى الغير حسن النية ما يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الحقيقي، متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد العام بمطابقة هذا المركز للحقيقة. وإذ كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه وإن صح أن نقابة مستخدمي قناة السويس قد زال وجودها القانوني بصدور قانون تأميم الشركة العالمية لقناة السويس إلا أن وجودها الفعلي قد ظل قائماً حتى صدور قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 21 لسنة 1959، حيث ظلت تباشر نشاطها حتى هذا التاريخ، وأن هذا الوجود الفعلي الظاهر الذي كان معترفاً به من هيئة قناة السويس ومن مكتب العمل، ومن الوزارة المطعون ضدها من شأنه أن يجعل التصرف الصادر من النقابة إليه في هذه الفترة صحيحاً، مثله في ذلك مثل التصرف الذي يصدر من الموظف الذي يستمر في أداء وظيفته بعد انتهاء ولايته، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطلق القول ببطلان التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر، وأغفل بحث دفاع الطاعن وتحقيق عناصره بمقولة إن نظرية الموظف الفعلي مختلف عليها ولا محل للاستدلال بها، يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن في أن المطعون ضده بصفته وزيراً للشئون الاجتماعية أقام الدعوى رقم 3946 مدني كلي القاهرة طالباً القضاء بإلزام الطاعن بأن يؤدي إليه مبلغ 1669 ج و100 م، وقال بياناً لدعواه إن الطاعن كان قد أنتخب رئيساً لمجلس نقابة مستخدمي هيئة إدارة قناة السويس في 28 فبراير سنة 1956، وفي 26 يوليه سنة 1956 صدر القانون رقم 285 سنة 1956 بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس وترتب عليه أن أصبحت نقابة مستخدمي هيئة قناة السويس منحلة منذ صدور هذا القانون نظرا لأن جميع العاملين بالهيئة أصبحوا من الموظفين العموميين المحظور عليهم تكوين النقابات، ثم صدر قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 21 سنة 1959 ونص في مادته الأولى على اعتبار نقابة مستخدمي هيئة قناة السويس قد انقضت منذ 26 يوليه سنة 1956 كما نص في مادته الثانية على أنه لا يجوز للنقابة مباشرة نشاطها وعليها تسليم أموالها إلى وزارة الشئون الاجتماعية، ونظراً لأن مجلس النقابة كان قد قرر صرف مبلغ 1564 ج و10 م للطاعن من جملة المبالغ التي كانت خالصة لوزارة الشئون الاجتماعية منذ 26 يوليه سنة 1956 فإن قرار الصرف يكون باطلاً لصدوره عن شخص معدوم لا ولاية له، ويكون من حق وزارة الشئون الاجتماعية استرداد هذا المبلغ من الطاعن، وفي 10 ديسمبر سنة 1963 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده بصفته مبلغ 1569 ج و100 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 112 سنة 81 ق القاهرة، ومحكمة استئناف القاهرة قضت في أول ديسمبر سنة 1966 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وإن كان لا خلاف في أن الوجود القانوني لنقابة مستخدمي قناة السويس قد زال بصدور القانون الخاص بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس إلا أن الوجود الفعلي الظاهر لهذه النقابة قد ظل قائماً حتى صدور القرار الوزاري رقم 21 لسنة 1959، وأن هذا الوجود الفعلي ثابت من تسليم مكتب العمل بوجودها تسليماً مستفاداً من حضور مندوبه اجتماعاتها، كما أنه ثابت من اعتراف هيئة قناة السويس بعد التأميم بوجودها واعتبارها جهة ذات شأن في إبداء الرأي في لائحة موظفي الهيئة، وإذ كان من المقرر أن الظاهر المسلم للوجود الفعلي يترتب عليه ما يترتب على الوجود القانوني من حيث صحة التصرف، وعلى أساس هذا النظر أقام الفقه الإداري نظرية الموظف الفعلي، ورتب عليها صحة التصرف الصادر من الموظف الذي اعتبر تعيينه باطلاً، خلال المدة التي كان قائماً فيها بأعباء الوظيفة فعلاً، وكان لا فارق بين الوجود الفعلي للموظف وبين الكيان الواقعي للنقابة بعد صدور قانون التأميم، فإن الحكم المطعون فيه، إذ استبعد إعمال هذا القياس، وانتهى إلى بطلان قرار النقابة لانعدام وجودها القانوني، يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه، أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه وإن صح أن نقابة مستخدمي قناة السويس قد زال وجودها القانوني بصدور قانون تأميم الشركة العالمية لقناة السويس إلا أن وجودها الفعلي قد ظل قائماً حتى صدور قرار وزير الشئون رقم 21 لسنة 1959 حيث ظلت تباشر نشاطها حتى هذا التاريخ، وأن هذا الوجود الفعلي الظاهر الذي كان معترفاً به من هيئة قناة السويس، ومن مكتب العمل ومن الوزارة المطعون ضدها من شأنه أن يجعل التصرف الصادر من النقابة إلى الطاعن في هذه الفترة صحيحاً مثله في ذلك مثل التصرف الذي يصدر من الموظف الذي يستمر في أداء وظيفته بعد انتهاء ولايته. لما كان ذلك، وكان يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر المخالف للحقيقة إلى الغير حسن النية، ما يترتب التصرفات الصادرة من صاحب المركز الحقيقي، متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد العام بمطابقة هذا المركز للحقيقة، فإن الحكم المطعون فيه. إذ أطلق القول ببطلان التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر، وأغفل بحث دفاع الطاعن وتحقيق عناصره بمقولة إن نظرية الموظف الفعلي مختلف عليها ولا محل للاستدلال بها، يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.