مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والأربعون (من أول أكتوبر سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1999) - صـ 791

(76)
جلسة 9 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2619 لسنة 40 قضائية عليا

نقابات - انتخابات نقابية - دور اللجنة القضائية - حدوده
المادة (6) من القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديموقراطية التنظيمات النقابية المهنية.
المشرع ضماناً لإجراء الانتخابات النقابية بجميع مستوياتها في جو من الحيدة بين المرشحين ورغبة في أن تكون الانتخابات تعبيراً صادقاً عن إرادة الناخبين - ناط المشرع بلجنة قضائية برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها الانتخاب وعضوية أربعة من الرؤساء بالمحكمة ذاتها الإشراف على عملية الانتخاب على أن تنتهي مهمتها بإعلان النتيجة - المشرع أوكل إلى هذه اللجنة الإشراف على الانتخابات كما عهد إليها بالفصل في كافة المسائل المتعلقة بهذه العملية وهو تعبير واسع يشمل كل ما يتصل بهذه العملية أو يكون مؤدياً إليها أو محققاً لهدف إعلان النتيجة بما يعبر عن إرادة الناخبين - اللجنة القضائية إذا ما أصدرت قرارها بتأجيل الانتخابات إلى أجل يحدد فيما بعد في ضوء أسباب قامت لديها وارتأت معها أن إجراء الانتخابات في الميعاد الذي تقرر إجراؤها فيه لا يتحقق بشأنه ما تطلبه القانون من شروط وضمانات لصحة العملية الانتخابية يتعين الفصل فيها وتحديدها قبل بدء الانتخابات فإن قرارها بهذا التأجيل يكون مصادفاً لصحيح حكم القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 29/ 5/ 1994 أودع الأستاذ/ ........ المحامي عن الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 2691 لسنة 40 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد بجلسة 31/ 3/ 1994 في الدعوى رقم 1835 لسنة 48 ق والقاضي أولاً: بقبول تدخل كل من/.....، ....... خصماً منضماً لجهة الإدارة، ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعين مصروفات هذا الطلب وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الأمر بوقف تنفيذ الحكم الطعين والحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار الإداري الصادر في 19/ 12/ 1993 بتأجيل انتخابات نقابة المهندسين مع ما يترتب على ذلك من آثار مع تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أمام المحكمة التي قررت بجلسة 4/ 5/ 1998 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع) لنظره بجلسة 14/ 6/ 1998 حيث نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 23/ 12/ 1993 أقام المدعون دعواهم بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 23/ 12/ 1993 طلبوا في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار والأمر بتنفيذ الحكم الصادر في هذا الشق بمسودته ودون إعلان وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الشقين، وقالوا شرحاً لدعواهم إنه تحدد يوم الاثنين الموافق 20/ 12/ 1993 موعداً لإجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة المهندسين وكذا انتخابات مجلس الشعب - وجميعهم من المرشحين فيها - ومجالس النقابات الفرعية وبتاريخ 19/ 12/ 1993 أصدرت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات قراراً بتأجيلها إلى أجل غير مسمى هو انتهاء النيابة العامة من تحقيقات تجريها في شكاوى قدمت إليها، وموافاة اللجنة بما سبق طلبه من السيد نقيب المهندسين وجاء بمتن قرار التأجيل أن نقيب المهندسين لم يرد على كتاب رئيس اللجنة المؤرخ 14/ 12/ 1993 وأن المكتب الفني للنائب العام أفاد بكتابيه المؤرخين 16/ 12/ 1993، 19/ 12/ 1993 بوجود تحقيقات تحت رقم 22 لسنة 1993 حصر تحقيق المكتب الفني تتعلق بالطعن بالتزوير على كشوف الجمعية العمومية لنقابة المهندسين وعلى من لهم حق الانتخاب وأن اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات النقابات الفرعية بدوائر محكمة الإسكندرية وبنها ودمياط الزقازيق وبور سعيد والإسماعيلية وشمال سيناء والسويس وجنوب سيناء والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وأسوان والجيزة وشمال القاهرة وكفر الشيخ وشبين الكوم قد أخطرت المدعى عليه الأول باتخاذها قراراً بتأجيل انتخابات النقابات الفرعية التابعة لها حتى انتهاء التحقيقات الجارية بالمكتب الفني للنائب العام وإحضار نقيب المهندسين للبيانات المطلوبة منه، وأضاف المدعون أن هذا كله مردود عليه بما يلي:
أولاً: أنه تم الرد على الكتاب المؤرخ في 14/ 12/ 1993 من المهندس/ ........ أكبر وكيلي النقابة سناً وذلك لوجود نقيب المهندسين خارج القاهرة، وأن تطلب الرد من النقيب شخصياً ينطوي على تحكم لا أساس له.
ثانياً: أن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بشأن كشوف أعضاء الجمعية العمومية لنقابة المهندسين المدعي بتزويرها، لا تنهض سنداً لتأجيل الانتخابات لأن الطعن على هذه الكشوف ينطوي على طعن في قرار إداري ينعقد الاختصاص بنظره لمحكمة القضاء الإداري.
ثالثاً: أن ما تضمنه القرار المطعون فيه من أن اللجان القضائية بالمحافظات أخطرت اللجنة مصدرة القرار بأن تلك اللجان قررت تأجيل الانتخابات كل في دائرة اختصاصها هو أمر يثير العجب لأن بعض المحافظات الوارد ذكرها في نص القرار ليس بها نقابات فرعية لتجري فيها انتخابات.
وأضاف المدعون أنه فضلاً عما سلف فإن القرار المطعون فيه ولد معدوماً ويتضمن غصباً لسلطة مجلس نقابة المهندسين الذي أناط به القانون وحده تحديد الموعد الذي تجرى الانتخابات فيه فإذا جاءت اللجنة القضائية للإشراف على الانتخابات وتجاوزت حدود ما اختصها القانون به فإن قرارها يكون والعدم سواءً.
وقد نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسة 30/ 12/ 1993 حيث تدخل المهندس/ ....... والمهندس/ ........ خصمين منضمين للجهة الإدارية في طلباتها وتدول نظر الشق المستعجل إلى أن أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بجلسة 13/ 3/ 1994.
وأسست المحكمة حكمها على أن القرار المطعون فيه تأسس على سببين: أولهما تقديم شكاوى من بعض المهندسين في كشوف الجمعية العمومية وإجراء تحقيق فيها بمعرفة النيابة العامة وثانيهما عدم موافاة اللجنة برد من نقيب المهندسين شخصياً على كتابها المؤرخ 14/ 12/ 1993 والذي تم استعجاله بالكتاب المؤرخ 16/ 12/ 1993، وأن السبب الأول وهو إجراء النيابة العامة تحقيقاتها فإن هذه التحقيقات تنصب على ثلاث شكاوى تتعلق بعدم صحة القيد في بعض كشوف الناخبين المعدة بمعرفة نقابة المهندسين وليس من شك في أن حجم هذه الشكاوى والتحقيق الذي يجرى بشأنها لا ينهض سنداً يبرر إصدار القرار المطعون فيه خاصة وأن كشوف الناخبين سبق الإعلان عنها ولم يرد بشأنها أية شكاوى والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة يأباها المنطق القانوني حيث يمكن للبعض تقديم شكاوى مماثلة على نحو متعاقب وبذلك لا تجرى الانتخابات ويستمر تأجيلها إلى ما لا نهاية وهو ما لم يمكن قبوله.
وأضافت المحكمة أنه بالنسبة إلى السبب الثاني فإن السيد المستشار رئيس اللجنة القضائية أرسل إلى السيد نقيب المهندسين كتاباً مؤرخاً 14/ 12/ 1993 أشار فيه إلى أن أوراق الانتخابات وردت إلى اللجنة دون التوقيع عليها من النقيب مع لزوم ذلك، وأن أعداد المهندسين الواردة بكشوف الجمعية العمومية تتجاوز المائتي ألف، حال أن من لهم حق الانتخابات دون ذلك بكثير وأنه من الواجب مطابقة الكشوف للواقع، وأن إجراء الانتخابات بالصورة المرسلة من النقابة تحوي ثلاث انتخابات في يوم واحد على مستوى الجمهورية الأمر الذي يستتبع تعطيل عمل المحاكم لأيام قد تزيد على ثلاثة حتى يمكن إجراء الفرز وإعلان النتيجة فضلاً عن أن حساب نسب الحضور الواجبة لصحة الانتخابات في كل نوع يتعذر إجراؤها مع احتمال تعرض الأصوات للبطلان لاحتواء بطاقة الرأي على أكثر من نوع وأن القانون يستلزم وجود مقار الانتخاب في أماكن تجمع الناخبين وأن اللجنة ترى أن ظروف مهندسي القوات المسلحة تستدعي تواجدهم في الأماكن المقترحة منهم، ورغم عدم تلقي اللجنة رداً على كتابها فقد أرسلت إلى النقيب استعجالاً إلا أن النقيب لم يحرك ساكناً اكتفاءً بإرسال رد في 15/ 12/ 1993 يحمل توقيعاً عن النقيب يتضمن أنه تم تشكيل لجنة عليا تتولى الإشراف على الانتخابات واستطردت المحكمة أن المسائل التي أثارها رئيس اللجنة القضائية جميعها من الأمور الجوهرية وكان يتعين على النقيب الرد عليها نزولاً على حكم القانون الذي أناط به وحد تمثيل النقابة ولا حجة في القول بوجود النقيب خارج القاهرة وأن كتاب النقابة بالرد المؤرخ 15/ 12/ 1993 يحمل توقيع وكيل النقابة إذ أن حلول الوكيل محل النقيب لا يكون إلا في حالة خلو منصب النقيب، وأن ذلك كله يعني سلامة السبب الثاني من أسباب القرار المطعون فيه وهو سبب كاف لحمل القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الحكم الطعين قد خالف القانون رقم 100 لسنة 1993 حين ذهب إلى أن اللجنة القضائية قد أنيط بها العديد من الاختصاصات ومنها كافة المسائل المتعلقة بالعملية الانتخابية ذلك أن نص المادة السادسة من القانون المذكور لا يتسع لأن تحل اللجنة محل مجلس النقابة في تحديد موعد الانتخابات. وليس في سلطة المشرف على الانتخابات إلغاؤها وليس في سلطته ما يبيح له مراجعة كشوف الناخبين.
وقد أخطأ الحكم حين ذهب إلى أن قرار التأجيل صدر ممن يملك إصداره كما خالف نص المادة (41) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 66 لسنة 1974 من اختصاص وكيلي النقابة بعمل النقيب عند غيابه وهو ما لم يتعرض الحكم الطعين له.
وأضاف تقرير الطعن أن الحكم الطعين قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال إذ أقام الحكم قضاءه على وجود توقيع النقيب على بعض أوراق الانتخاب دون نظر إلى نظم العمل حال غياب النقيب، كما لم يورد الحكم الطعين في أسبابه واحداً من أهم أوجه الطعن على القرار وهو صدوره مستنداً إلى قرارات زعم صدورها من رؤساء اللجان القضائية ببعض المحافظات وأن بعضها ليس به نقابة فرعية أصلاً حتى يصدر القاضي المشرف قراراً أو تشكل فيها لجنة قضائية أصلاً.
واستطرد تقرير الطعن إلى أن الحكم الطعين قد خالف الثابت بالأوراق فطرفاً الخصومة لم يختلفا على واقعة أن النقيب كان خارج القاهرة كما أن استناد الحكم إلى ما ذكرته اللجنة من أن إجراء انتخابات في يوم واحد يستتبع تعطيل عمل المحاكم لأيام قد تزيد على ثلاثة هو مغالطة صريحة ما كان يجوز أن تفوت على القضاء الإداري لأن إجراء الانتخابات في يوم واحد لا تقتضي إشرافاً قضائياً إلا في هذا اليوم.
ومن حيث إن المادة (23) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين تنص على أن "ينتخب أعضاء النقابة الذين لهم حق حضور الجمعية العمومية النقيب والأعضاء المكملين على مستوى الجمهورية في الموعد الذي يحدده مجلس النقابة على أن يكون الانتخاب في وقت واحد بدار النقابة بالقاهرة ومقار النقابات واللجان الفرعية"، وتنص المادة 24 على أن "يمثل النقيب النقابة لدى الجهات القضائية والإدارية ويقوم بتنفيذ قرارات مجلس النقابة وله أن ينيب عنه غيره من أعضاء المجلس في بعض اختصاصاته، وتنص المادة (26) على أنه "إذا خلا مكان النقيب حل محله الوكيل الأكبر سناً على أن تنتخب الجمعية العمومية خلفاً له لباقي مدته في أول اجتماع تال.... وتنص المادة (35) على أنه "ينتخب مجلس الشعبة من بين أعضائه كل أربع سنوات رئيساً للشعبة ووكيلاً وأميناً لها كما ينتخب مندوبي الشعبة بمجلس النقابة طبقاً للشروط والأوضاع التي بينها النظام الداخلي" وتنص المادة (40) على أن "تنتخب الجمعية العمومية للنقابة الفرعية رئيساً ومجلساً لإدارتها كل أربع سنوات يراعي فيه تمثيل الشعب ويبين النظام الداخلي طريقة الانتخاب وعدد الأعضاء وكيفية تمثيل الشعب.
وتنص المادة السادسة من القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية على أن "تجرى الانتخابات لجميع المستويات النقابية عن طريق الانتخاب بالاقتراع المباشر السري ويشرف على الانتخابات بجميع المستويات لجنة قضائية برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها الانتخاب وعضوية أقدم أربعة من الرؤساء بالمحكمة ذاتها وإذا اعتذر أحدهم أو قام به مانع حل محله الأقدم فالأقدم وتحدد هذه اللجنة مقار الانتخابات وتشكل لجان الانتخابات برئاسة أحد أعضاء الهيئات القضائية وعدد من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة ويصدر باختيار رئيس اللجنة قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس القضائي المختص كما تتولى اللجنة الفصل في كافة المسائل المتعلقة بعملية الانتخاب وتنتهي مهمة اللجنة بإعلان نتيجة الانتخاب ويعلن رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية النتيجة العامة للانتخاب وعدد ما حصل عليه كل مرشح من أصوات وتخصص لجنة انتخاب فرعية... على أن يراعى في ذلك موطن العضو ومقر عمله بقدر الإمكان.
ومن حيث إن مفاد نص المادة السادسة المشار إليها أن المشرع ضماناً لإجراء الانتخابات النقابية بجميع مستوياتها في جو من الحيدة بين المرشحين ورغبة في أن تكون الانتخابات تعبيراً صادقاً عن إرادة الناخبين واستجابة لدعوة تكررت لإشراف الهيئات القضائية على الانتخابات حرصاً على نزاهتها وتقليلاً من المطاعن التي قد توجه إليها. أناط المشرع بلجنة قضائية برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها الانتخاب وعضوية أربعة من الرؤساء بالمحكمة ذاتها الإشراف على عملية الانتخاب بجميع مستوياته وتحديد مقار اللجان كما عقد لها مهمة الفصل في كافة المسائل المتعلقة بعملية الانتخاب على أن تنتهي مهمتها بإعلان نتيجة هذا الانتخاب وعلى ذلك فإن المشرع وإن أوكل إلى هذه اللجنة الإشراف على الانتخابات فإنه أيضاً قد عهد إليها بالفصل في: كافة المسائل "المتعلقة بهذه العملية وهو تعبير واسع يقتضي القول في ضوء طبيعة العملية الانتخابية وما تقتضيه من إعداد وتحضير وفي ضوء ما استهدفه المشرع بالقانون رقم 100 لسنة 1993 وأخيراً في ضوء الإشراف القضائي على الانتخابات أنه يشمل كل ما يتصل بهذه العملية أو يكون مؤدياً إليها أو محققاً لهدف إعلان النتيجة بما يعبر عن إرادة مجموع الناخبين، ويشمل ذلك وبلا شك التأكد من صحة كشوف الناخبين وضمان إجراء الانتخابات في ظروف مناسبة وفي التأكد من تطبيق أحكام القوانين واللوائح تطبيقاً سليماً.
وعلى ذلك فإن اللجنة القضائية إذا ما أصدرت قرارها بتأجيل الانتخابات إلى أجل يحدد فيما بعد في ضوء أسباب قامت لديها وارتأت معها أن إجراء الانتخابات في الميعاد الذي تقرر إجراؤها فيه لا يتحقق بشأنه ما تطلبه القانون من شروط وضمانات لصحة العملية الانتخابية يتعين الفصل فيها وتحديدها قبل بدء الانتخابات، فإن قرارها بهذا التأجيل يكون مصادفاً لصحيح حكم القانون ومحققاً للهدف الذي يبغيه المشرع من إشراف لجنة قضائية على الانتخابات وكافة المسائل المتعلقة بهذه العملية، ولا شك أن قرار اللجنة القضائية بتأجيل عملية الانتخاب هو قرار يجب أن يقوم على سبب حقيقي ومبرر وله أصل ثابت ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها اللجنة القضائية بقرارها.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن نقابة المهندسين قد طلبت من اللجنة القضائية المشرفة على إجراء الانتخابات بالنقابات المهنية أن تجري انتخابات التجديد النصفي بالنسبة إلى النقابة العامة، وأن تجري انتخابات النقابات الفرعية وانتخابات الشعب على مستوى الجمهورية يوم 20/ 12/ 1993 إلا أن اللجنة القضائية قامت بإخطار نقيب المهندسين في 14/ 12/ 1993 بعدة أمور وملاحظات يتعين تحقيقها وبحثها لإمكان إجراء الانتخابات في الميعاد المقترح وهي تخلص في الآتي:
1 - أن أوراق الانتخابات وردت إلى اللجنة القضائية دون توقيع من النقيب وهو أمر لازم.
2 - أن أعداد المهندسين الواردة بكشوف الجمعية العامة تتجاوز 200.000 (مائتي ألف مهندس)، حال أن كشوف من لهم حق الانتخاب دون ذلك بكثير مما يستدعي معرفة الأرقام الحقيقية لأعضاء الجمعية العامة ومن لهم حق الانتخاب خاصة وأن هناك أعداداً كبيرة من المهندسين قد استحدث قيدهم بالنقابة مما يقتضي تأكد النقيب بصفته من الكشوف المرسلة.
3 - أنه من الواجب والطبيعي إعلان كشوف الجمعية العمومية ومن له حق الانتخاب في جميع مقار النقابة العامة والنقابات الفرعية، حتى يمكن الراغب في الطعن من القيام بذلك.
4 - أن إجراء الانتخابات بالصورة المرسلة تعني إجراء ثلاث انتخابات في يوم واحد على مستوى الجمهورية الأمر الذي يستتبع تعطيل المحاكم لأيام قد تزيد عن ثلاثة أيام، حتى يمكن إجراء الفرز وإعلان النتيجة.
5 - أن احتواء بطاقة إبداء الرأي على أكثر من نوع يعرض الأصوات للبطلان ويتعذر معه حساب نسبة الحضور الواجبة.
6 - أن اللجنة القضائية ترى بالنسبة لمهندسي القوات المسلحة، نظراً لظروفهم وأعدادهم الاستجابة لمطالبهم بإقامة مقار انتخابية لهم إلا أن اختيار المقار المقترحة من النقابة لا تحقق هذا الهدف.
وقد قامت اللجنة القضائية باستعجال نقيب المهندسين في 19/ 12/ 1993 بالرد على ما جاء بكتاب اللجنة في 14/ 12/ 1993 وفي 19/ 12/ 1993 أصدرت اللجنة قرارها بتأجيل الانتخابات بكافة مستوياتها إلى أجل يحدد فيما بعد على ضوء ما تسفر عنه تحقيقات النيابة وموافاة اللجنة بما سبق طلبه من السيد نقيب المهندسين.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على قرار اللجنة القضائية المطعون فيه أنه انبنى ضمن ما انبنى عليه من أسباب إلى انتظار تصرف النيابة العامة في التحقيقات التي تجريها بشأن ما وجه من طعن بالتزوير على كشوف الجمعية العامة ومن لهم حق الانتخاب، ولا شك أن تقديم شكاوى محدودة (ثلاث شكاوى) إلى النيابة العامة وطعناً بالتزوير في كشوف الناخبين لا يمكن أن يترتب عليه وقف إجراء الانتخابات، ذلك أن حق الشكوى ومخاطبة السلطات العامة هو حق مكفول للجميع بموجب نصوص الدستور إلا أنه لا يجوز أن يترتب على ممارسة هذا الحق الإخلال بحقوق دستورية وقانونية أخرى كحق الانتخاب والترشيح للنقابات العامة ومن المتصور دائماً في نقابة كنقابة المهندسين يبلغ عدد أعضائها عشرة آلاف أن تجئ كشوف الناخبين - نظراً للإضافة فيها بانضمام أعضاء جدد وللحذف بخروج أعضاء للوفاة أو عدم ممارسة المهنة أو لوقوف حق الانتخاب لسبب أو لآخر كعدم سداد الاشتراكات - متضمنة لبعض الأخطاء التي يمكن دائماً تصحيحها عن طريق السلطات النقابية المختصة وعن طريق اللجنة المشرفة على الانتخابات خاصة وأن تلك الكشوف معلنة ويتاح الاطلاع عليها لكافة أعضاء الجمعية العمومية.
ومن حيث إنه عن الأسباب الأخرى التي استندت إليها اللجنة في قرارها المطعون فيه من عدم موافاتها بما سبق أن طلبته من نقيب المهندسين، فإن الثابت من الأوراق أن اللجنة المشرفة على الانتخابات قد طلبت من نقيب المهندسين التوقيع بصفته نقيباً على أوراق الانتخابات طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1993 باعتبار أن النقيب يمثل النقابة لدى الجهات الإدارية والقضائية كما كان الاختلاف البين بين أسماء أعضاء الجمعية العمومية (مائتي ألف) وكشوف من لهم حق الانتخاب موضع تساؤل واستيضاح من اللجنة التي طلبت من النقيب التأكد من مطابقة الكشوف المرسلة من النقابة للواقع كما أن اعتراض اللجنة على بطاقة إبداء الرأي لاحتواء تلك البطاقة على ثلاثة أنواع من الانتخابات وتعذر حساب نسب الحضور الواجبة لصحة الانتخابات في كل نوع، وهي أمور كلها على درجة كبيرة من الأهمية وتؤدي إلى حرمان عدد من الناخبين من إبداء رأيهم أو قيام من لا حق لهم في الانتخابات بإبداء الرأي أو عدم صحة العملية الانتخابية وتعبيرها بصدق عن إرادة الناخبين أو عدم الدقة في إجراءات الفرز وإعداد النتيجة.
ومن حيث إن السيد نقيب المهندسين، ورغم طلب رئيس اللجنة المشرف على الانتخابات لم يواف اللجنة بصفته نقيباً بما سبق أن طلبته اللجنة من تعديلات وإيضاحات جوهرية لا يمكن بدونها تحقيق سلامة الانتخابات، وتصدى السيد وكيل النقابة - رغم أن القانون ينيط بالنقيب تمثيل النقابة والتعبير عن إرادتها لدى الجهات القضائية والإدارية - للرد على اللجنة كما أن كتاب السيد وكيل النقابة أسهب في شرح الأسباب المؤدية إلى أن عدد المهندسين يزيد على مائتي ألف وأقر بأن منهم من توفى إلى رحمة الله ومنهم من لم يسدد الاشتراكات وانتهى إلى نتيجة - تتعارض مع ما أسرف في ذكره من مقدمات لأسباب الاختلاف البين في عدد أعضاء النقابة ومن لهم حق التصويت طبقاً للكشوف - وهي مطابقة الجداول للواقع وشمولها لمن لهم حق التصويت وهو رد لا يقدم مبرر كافياً للتفاوت الشديد بين العددين ولا يجوز اعتباره رداً مقنعاً أو استجابة من النقيب لمطلب جوهري بالتأكد من مطابقة الكشوف للواقع، كما لم يتضمن خطاب وكيل النقابة أي رد بشأن ما أثارته اللجنة من تعذر حساب النسبة المقررة لصحة الانتخابات في يوم واحد وببطاقة واحدة لأكثر من انتخاب.
ومن حيث إن السبب الثاني من الأسباب التي أوردتها اللجنة القضائية المشرفة على الانتخاب وهو عدم موافاتها بما طلبته من السيد نقيب المهندسين - وهو يحوي في طياته في واقع الأمر - عديداً من الأسباب منها ضرورة معرفة الأرقام الحقيقية لأعضاء الجمعية العامة ومن لهم حق الانتخاب خاصة، يكفي بذاته لحمل القرار المطعون فيه إلى ما انتهى إليه من نتيجة ويكون القرار المطعون فيه قد قام على سببه المبرر له من الواقع والقانون ويكون الحكم المطعون فيه وإذ انتهى إلى هذا النظر قد قام على أساس سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.