أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 1235

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي.

(178)
الطعن رقم 100 لسنة 29 القضائية

دعوى. "تدخل النيابة العامة". بطلان. نيابة عامة. جنسية.
وجوب تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بالجنسية. يستوي في ذلك أن ترفع الدعوى أصلاً بوصفها دعوى جنسية، أو ترفع بوصفها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة الجنسية كمسألة أولية. فوات ذلك مبطل للحكم.
توجب المادة 99 من قانون المرافعات تدخل النيابة في كل دعوى تتعلق بالجنسية وإلا كان الحكم باطلاً. وإذ كانت هذه المادة لم تفرق بين حالة وأخرى بل أطلقت النص، فيستوي في هذا أن تكون الدعوى رفعت أصلاً بوصفها دعوى جنسية أو رفعت بوصفها دعوى مدنية متى كانت قد أثيرت فيها مسألة أولية من مسائل الجنسية تقتضي تدخل النيابة في الدعوى [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى رقم 740 سنة 1946 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعنة طلبوا فيها بطلان عقد الهبة الرسمي رقم 1135 سنة 1954 المسجل بقلم رهون محكمة الإسكندرية المختلطة برقم 2173 في 5 من مايو سنة 1954 ومحو تسجيله وما ترتب عليه من آثار وتسجيلات، وقالوا في بيان دعواهم أنهم أولاد أخ المرحوم شكري كركور الذي توفى في الإسكندرية في 21 من مايو سنة 1954 بعد زواجه من الطاعنة ببضعة شهور وكان يبلغ من العمر تسعين عاماً وأنه في أثناء مرضه الأخير وقبل وفاته بأيام معدودات صدر منه عقد هبة رسمي عن منزلين بمدينة الإسكندرية إلى الطاعنة ولما كان هذا العقد قد صدر باطلاً ولما كانوا يرثون في عمهم هذا ثلاثة أرباع التركة فإنه يحق لهم المطالبة بما طلبوا - دفعت الطاعنة الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة منكرة على المطعون عليهم وراثتهم للمرحوم شكري كركور فأوقفت الدعوى حتى يفصل من الجهة القضائية المختصة في هذه المنازعة ولجأ المطعون عليه الأول إلى المحكمة الشريعة واستصدر حكماً بثبوت أنه من ورثة المرحوم شكري كركور بصفته ابن أخ شقيق وأنه يستحق في ميراثه أربعة قراريط ونصف القيراط من أربعة وعشرين قيراطاً واستأنفت الطاعنة هذا الحكم وتأيد استئنافياً فجعل المطعون عليهم الدعوى رقم 740 سنة 1946 مدني كلي إسكندرية وبتاريخ 29 من يونيو سنة 1953 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وعقب ذلك دفعت الطاعنة الدعوى: أولاً - بأنه ليس للمدعين (المطعون عليهم) حق التقاضي أمام المحاكم المصرية لأنهم أجانب يقيمون بالبرازيل وليس لهم محل إقامة بمصر. ثانياً - أنه لا ميراث مع اختلاف الوارثين. ثالثاً - أن استلام الميراث لا يكون إلا لمن تثبت له شخصياً الحكم بوراثته. رابعاً - لا تركة إلا بعد سداد الديون. خامساً - ضرورة تمثيل النيابة العمومية في الدعوى. وبتاريخ 27 من فبراير سنة 1954 حكمت المحكمة ببطلان عقد الهبة الصادر من المرحوم شكري كركور لصالح المدعى عليها (الطاعنة) الموثق بتاريخ 3 مايو سنة 1954 والمسجل بقلم الرهون بمحكمة الإسكندرية المختلطة في يوم 5 من مايو سنة 1954 برقم 1373 ومحو تسجيله وما ترتب عليه من آثار وألزمت الطاعنة المصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وقالت المحكمة في أسباب حكمها عن طلب ضرورة تمثيل النيابة في الدعوى بأن قانون المرافعات حدد الأحوال التي تحضر فيها النيابة والقضايا التي تتدخل فيها في المواد من 99 إلى 107 وليست الدعوى الحالية بإحداها - استأنف الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وتقيد استئنافها برقم 165 سنة 11 ق وكان مما أثارته في صحيفة الاستئناف وفي مذكراتها أن محكمة الدرجة الأولى قد فاتها رغم أنها كانت في صدد مسألة من مسائل الأحوال الشخصية أن تستكمل الشكل القانوني وتأمر بتدخل النيابة في الدعوى عملاً بالمادة 99 من قانون المرافعات وهو إجراء جوهري ترتب عليه بطلان حكمها وطلبت من محكمة الاستئناف أن تأمر بتدخل النيابة. وبتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1958 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف ولم تتحدث في حكمها عن طلب تدخل النيابة. وتعرضت لبحث جنسية المرحوم شكري كركور وقالت إنه لم يكن لبناني الجنسية كما تزعم المستأنفة (الطاعنة) بل كان غير معروف الجنسية ومن ثم يكون القانون الواجب التطبيق في شأن تركته هو قانون الموطن أي القانون المصري - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ في 5 من مارس سنة 1959 وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وذلك لعدم تدخل النيابة في الدعوى تطبيقاً لنص المادة 99 من قانون المرافعات وبجلسة 27 من أكتوبر سنة 1962 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها وفيها قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وتحدد لنظره جلسة 12 من ديسمبر سنة 1963 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان الحكم المطعون فيه بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وذلك لعدم تدخل النيابة في الدعوى تطبيقاً لنص المادة 99 من قانون المرافعات الذي جرى بأنه "على النيابة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية أو الجنسية وإلا كان الحكم باطلاً.. كما أضافت الطاعنة هذا السبب إلى الأسباب التي أوردتها في تقرير الطعن باعتباره سبباً جديداً يصح إبداؤه في أي وقت أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام مقررة أنه ما دامت المحكمة قد تعرضت لمسألة جنسية مورث الطاعنة والمطعون عليهم فإنه كان واجباً عليها أن تأمر بإدخال النيابة أما والثابت من الحكم أن النيابة لم تتدخل وبالتالي لم تبد رأياً في ذلك فإن الحكم يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة دفعت دعوى بطلان عقد الهبة الصادر إليها من زوجها المرحوم شكري كركور لصدوره في مرض الموت بأنه لم يصدر في مرض الموت وبفرض صدوره في مرض الموت فإن ذلك لا يؤثر على العقد لأن المرحوم شكري كركور كان لبناني الجنسية والقانون اللبناني وهو الواجب التطبيق يجعل الهبة الصادرة في مرض الموت في حكم الوصية وهى طبقاً للقانون المذكور جائزة للزوجة في كل التركة إذا مات المورث عنها ولم يترك أباً أو أماً أو أخوة أو أخوات، وقد توفى المورث ولم يترك أحداً من هؤلاء سواها، وقد عرض الحكم لهذا الدفاع وفصل في جنسية المورث لتبين القانون الواجب التطبيق واستبعد عنه الجنسية اللبنانية وقال إنه كان منعدم الجنسية وخلص من ذلك إلى أن القانون الواجب التطبيق هو الشريعة الإسلامية بوصف أنها قانون الموطن وهى لا تجيز الوصية لوارث بغير إجازة الورثة - ولما كان ذلك، وكانت المادة 99 من قانون المرافعات توجب تدخل النيابة في كل دعوى تتعلق بالجنسية وإلا كان الحكم باطلاً وكانت هذه المادة لم تفرق بين حالة وأخرى بل أطلقت النص فيستوي في هذا أن تكون الدعوى رفعت أصلاً بوصفها دعوى جنسية أو رفعت بوصفها دعوى مدنية بطلب بطلان عقد هبة متى كانت قد أثيرت فيها مسألة أولية من مسائل الجنسية تقتضي تدخل النيابة في الدعوى - لما كان ذلك، وكان الثابت أن النيابة لم تتدخل في الدعوى لتبدي رأيها فيها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد وقع باطلاً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] راجع نقض 1/ 11/ 1962 الطعن رقم 153 لسنة 27 ق السنة 13 ص 965.