مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والأربعون (من أول أكتوبر سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1999) - صـ 1117

(110)
جلسة 14 من أغسطس سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان عزوز - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: د. إبراهيم علي حسن، وفريد نزيه تناغو، ومحمد عادل حسيب، ومعتز كامل مرسي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4301 لسنة 42 قضائية عليا

دعوى - دعوى إلغاء - ميعاد رفعها - اتخاذ السلطات المختصة مسلكاً إيجابياً نحو تحقيق التظلم - أثره في حساب ميعاد رفع الدعوى.
المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
إن كان الأصل أن فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة يكون بمثابة قرار بالرفض، غير أنه لا يكفي في تحقيق معنى الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن السلطات المختصة لم تهمل التظلم وأنها اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً نحو تحقيق تظلمه فإنه ينبغي حساب ميعاد رفع دعوى الإلغاء في هذه الحالة من التاريخ الذي تكشف فيه السلطات المختصة عن موقفها النهائي في هذا الشأن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 29/ 5/ 1996 أودع الأستاذ/ ......... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ............. المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ .......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4301 لسنة 42 قضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها بجلسة 30/ 6/ 1996 في الطعن رقم 105 لسنة 29 قضائية المقام من الطاعن السيد/ ........ ضد السيد/ وزير الداخلية بصفته والقاضي أولاً: بعدم قبول الطعن شكلاً فيما تضمنه القرار المطعون فيه من مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه لرفعه بعد الميعاد ثانياً: بقبول الطعن شكلاً فيما تضمنه القرار المطعون فيه من تحميل الطاعن بمبلغ 3709.20 جنيه ورفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المتظلم منه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 3/ 6/ 1996 على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن الأصلي رقم 105 لسنة 29 قضائية شكلاً وإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26/ 9/ 1998 والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضر الجلسات وحضر الطاعن ومحامي هيئة قضايا الدولة، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة موضوع، حيث نظرت هذه المحكمة الطعن بجلسة 3/ 4/ 1999 والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث حضر محامي هيئة قضايا الدولة ومحامي الطاعن واستمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ذوي الشأن، ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والاستماع إلى الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الطعن رقم 105 لسنة 29 قضائية أمام المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها بالصحيفة المودعة بقلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 4/ 4/ 1995 والتي طلب الطاعن في ختامها الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 19/ 10/ 1994 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال الطاعن شرحاً لطعنه أنه يشغل درجة رائد بالشرطة، وقد صدر قرار مساعد أول وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة بتاريخ 19/ 10/ 1994 بمجازاته بخصم يوم من راتبه مع تحميله مبلغ 3709.20 مضافاً إليها 10% مصاريف إدارية قيمة جهاز اللاسلكي رقم 8892 ماركة توشيبا عهدته لما نسب إليه من إهماله في المحافظة عليه إبان عمله رئيساً لوحدة مباحث قسم باب الشعرية، مما ترتب عليه فقد الجهاز وأضاف الطاعن أنه تظلم من هذا القرار بتاريخ 26/ 10/ 1994 إلا أنه أخطر برفض تظلمه بتاريخ 26/ 3/ 1995 ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأسباب حاصلها أن التحقيقات التي بني عليها القرار المطعون فيه قد شابها القصور لعدم تحقيق دفاعه وأن الأسباب التي بني عليها القرار المذكور لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 30/ 3/ 1996 قضت المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها:
أولاً: بعدم قبول الطعن شكلاً فيما تضمنه القرار المطعون فيه من مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه لرفعه بعد الميعاد.
ثانياً: بقبول الطعن شكلاً فيما تضمنه القرار المطعون فيه من تحميل الطاعن مبلغ 3709.20 جنيه ورفضه موضوعاً.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 19/ 10/ 1994 وعلم به الطاعن بتاريخ 25/ 10/ 1994 فتظلم منه بتاريخ 26/ 10/ 1994 ثم أقام طعنه الماثل بتاريخ 4/ 4/ 1995 أي بعد مرور أكثر من مائة وعشرون يوماً من تاريخ تقديم تظلمه إلى الجهة الإدارية مما يكون معه الطعن قد أقيم بعد الميعاد القانوني مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد فيما تضمنه القرار الطعين من مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه.
وأضافت المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها أنه فيما يتعلق بشكل الطعن فيما تضمنه القرار المطعون فيه من تحميله مبلغ 3709.20 جنيه قيمة الجهاز اللاسلكي المفقود رقم 8892 ماركة توشيبا، فإنه لا يتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء. وإذ استوفى هذا الشق من الطعن أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
وأضافت المحكمة التأديبية أنه عن موضوع الطعن فيخلص حسبما يبين من الأوراق فيما أجرته مديرية أمن القاهرة قسم التحقيقات من تحقيق في المذكرة المقدمة من العميد/ ....... مفتش فرق الوسط بشأن ما نسب إلى الطاعن من عدم قيامه بتسليم جهاز اللاسلكي رقم 8892 ماركة توشيبا عهدته إبان عمله رئيساً لوحدة مباحث قسم باب الشعرية حيث سئل الطاعن فقرر أنه استلم الجهاز المذكور إبان عمله رئيساً لوحدة المباحث بقسم باب الشعرية وأنه قام بتسليم الجهاز للمساعد/ ........ بالبند رقم 104 ح قسم باب الشعرية بتاريخ 1/ 10/ 1989 ليقوم الأخير بتسليمه لإدارة البحث الجنائي بمديرية أمن القاهرة بناءً على طلبها وأن المساعد المذكور أفاده بتسليم الجهاز لإدارة البحث الجنائي بمديرية أمن القاهرة بالبند 13 ح في ذات اليوم، وبناءً على ذلك تم مخاطبة إدارة البحث الجنائي عن مدى تسلمها الجهاز المذكور فأفادت في تقريرها بعدم تسلمه وأنه تم تجديد سند العهدة للطاعن بشأن الجهاز بتاريخ لاحق على تاريخ التسليم المشار إليه، كما تم تشكيل لجنة برئاسة العقيد/ ........ نائب مأمور قسم باب الشعرية وعضوية كل من النقيب/ .......... معاون النظام بالقسم وأمين شرطة ممتاز/ ........ بلوكامين العمليات بالقسم لفحص عهدة القسم من دفاتر أحوال الخدمة خلال الفترة من يناير 1989 حتى 31/ 12/ 1992 فانتهت هذه اللجنة في تقريرها إلى أنه بالإطلاع على البند 104 ح تبين أن الجهاز اللاسلكي المسلم من وحدة مباحث باب الشعرية لإدارة البحث الجنائي يحمل رقم 353 وليس 8852 الجهاز المفقود. وقد خلصت الجهة الإدارية من تحقيقاتها إلى مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه مع تحميله مبلغ 3709.20 جنيه قيمة الجهاز المفقود شاملة المصاريف الإدارية لما نسب إليه من إهماله في المحافظة على الجهاز المشار إليه عهدته مما ترتب عليه فقده.
وأضافت المحكمة التأديبية للرئاسة أنه عن ركن الخطأ المتمثل في إهمال الطاعن في المحافظة على جهاز اللاسلكي رقم 8892 ماركة توشيبا عهدته إبان عمله رئيساً لوحدة مباحث قسم باب الشعرية مما ترتب عليه فقده فهو ثابت في حقه من واقع تقرير إدارة البحث الجنائي والذي أثبت عدم تسلمه للجهاز المذكور في التاريخ الذي ذكره الطاعن، ومن واقع ما انتهت إليه اللجنة التي شكلت لفحص عهدة القسم من دفتر أحوال الخدمة والتي انتهت في تقريرها إلى أن الجهاز المسلم من وحدة مباحث القسم لإدارة البحث الجنائي بالمديرية بالبند رقم 104 ح يحمل رقم 353 وليس الرقم 8892 الخاص بالجهاز المفقود، فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن الجهاز المذكور قد تم تسليمه للطاعن بتاريخ 29/ 8/ 1989 ثم تم تجديد سند عهدته في 1/ 7/ 1991 ثم في 1/ 7/ 1992 في تاريخ لاحق على التاريخ الذي قرر الطاعن بتسليم الجهاز فيه بإدارة البحث الجنائي، ومن حيث إن الخطأ الثابت في حق الطاعن على النحو المشار إليه قد نجم عنه ضرر تمثل في تكبيد الوزارة مبلغ 3709.20 جنيه قيمة الجهاز المفقود ومن ثم يكون ركن الضرر قد توافر بدوره في هذه الحالة، ولما كان الثابت أن هذا الضرر الذي أصاب جهة الإدارة قد ترتب مباشرة على الخطأ الثابت في حق الطاعن على النحو السالف البيان فمن ثم تكون علاقة السببية بين خطأ الطاعن والضرر الذي أصاب جهة الإدارة قد تحققت واكتملت بها أركان المسئولية التقصيرية للطاعن وإذ صدر القرار المطعون فيه متضمناً تحميله قيمة هذا الضرر فإنه يكون قد صدر صحيحاً قائماً على سببه متفقاً مع أحكام القانون، مما يتعين معه رفض طلب إلغاء هذا القرار. ومن ثم انتهت المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها إلى إصدار حكمها المتقدم ذكره.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أنه بالنسبة لما قضى به الحكم من عدم قبول الطعن شكلاً فيما تضمنه القرار المطعون فيه من مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه لرفعه بعد الميعاد، فإن الجهة الإدارية أحالت تظلمه إلى مفوض الدولة لوزارة الداخلية وعلم الطاعن أن مفوض الدولة رأى قبول التظلم وإلغاء القرار المتظلم منه، إلا أن لجنة شئون الضباط انتهت إلى رفض التظلم بعد فوات ميعاد رفع دعوى الإلغاء أمام المحكمة التأديبية، وأضاف الطاعن في مذكرة دفاعه في الطعن أنه بالنسبة لموضوع النزاع فإنه لا يوجد توقيع فيه على سند تجديد عهدته في 1/ 7/ 1990، 1/ 7/ 1992 ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الأول من أسباب الطعن والمتعلق بنعي الطاعن على الحكم المطعون فيه ما قضى به من عدم قبول طلب إلغاء قرار الجزاء المطعون فيه لرفعه بعد الميعاد. فإن المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1972 تنص على أن "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به. وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية. ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديمه وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً، ويعتبر مضى ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه. ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا يجرى على أنه ولئن كان الأصل أن فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دن أن تجيب عنه السلطات المختصة يكون بمثابة قرار بالرفض، غير أنه يكفي في تحقيق معنى الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن السلطات المختصة لم تهمل التظلم وأنها اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً نحو تحقيق تظلمه فإنه ينبغي حساب ميعاد رفع دعوى الإلغاء في هذه الحالة من التاريخ الذي تكشف فيه السلطات المختصة عن موقفها النهائي في هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت في الواقعة المعروضة أن وزارة الداخلية أصدرت قرارها بالجزاء المطعون فيه بتاريخ 19/ 10/ 1994 فتظلم منه الطاعن بتاريخ 26/ 10/ 1994 والثابت من الأوراق أن وزارة الداخلية رأت استطلاع رأي السيد مفوض الدولة في التظلم، الذي قام بإرسال كتابه إلى الوزارة بتاريخ 24/ 1/ 1995 برأيه بسحب القرار المتظلم منه، إلا أن الإدارة العامة للتفتيش والرقابة بالوزارات أشارت في مذكرتها المؤرخة 28/ 2/ 1995 التي استعرضت فيها رأي السيد مفوض الدولة والأسباب التي تدعوها إلى خلاف وانتهت إلى أنها ترى قبول التظلم شكلاً ورفضه موضوعاً وبالعرض على السيد الوزير رأي الموافقة على رأي الإدارة العامة للتفتيش والرقابة.
ومن ثم تم إخطار الطاعن بالرأي النهائي برفض تظلمه بتاريخ 27/ 3/ 1195 وعلى هذا المقتضى فإن الثابت أن الجهة الإدارية لم تهمل التظلم المقدم من الطاعن وإنما سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً نحو تحقيق تظلمه وبحثه وإحالته إلى السيد مفوض الدولة وانتظرت رأيه ثم استعرضت هذا الرأي والأسباب التي تراها لعدم الأخذ به وانتهت من ذلك كله إلى إخطار المتظلم بتاريخ 27/ 3/ 1995 برفض تظلمه موضوعاً ومن ثم فإنه ينتفي الافتراض بأن الإدارة رفضت التظلم ضمناً بمجرد مضي ستين يوماً على تقديمه إليها في 26/ 10/ 1994، ولا يحسب ميعاد رفع دعوى إلغاء هذا القرار إلا من تاريخ إخطار المتظلم في 27/ 3/ 1995 بالرأي النهائي برفض تظلمه ولما كان الطاعن قد رفع طعنه بطلب إلغاء قرار الجزاء المشار إليه أمام المحكمة التأديبية بتاريخ 4/ 4/ 1995 قبل انقضاء ستين يوماً على تاريخ إخطاره بالرأي النهائي للجهة الإدارية برفض تظلمه فإنه يكون قد أقام طعنه في الميعاد القانون المقرر. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى خلاف ذلك وقضى في البند الأول منه بعدم قبول الطعن على القرار المطعون فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه لرفعه بعد الميعاد المقرر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالفه مما يكون معه هذا الشق من الحكم المطعون فيه خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث أنه بالنسبة لموضوع النزاع المتعلق بمدى مشروعية قرار الجزاء المشار إليه ومدى مشروعية تحميل الطاعن بقيمة جهاز اللاسلكي المفقود. فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن سلم إليه جهاز اللاسلكي رقم 8892 ماركة توشيبا على سبيل العهدة بتاريخ 21/ 9/ 1989 إبان عمله كرئيس لوحدة المباحث بقسم باب الشعرية، فإنه لا يجدي الطاعن التمسك في دفاعه بأنه سلم هذا الجهاز بتاريخ 1/ 10/ 1989 إلى المساعد/ ....... بالبند رقم 104 أحوال قسم باب الشعرية قبل وفاته إلى رحمة الله ليقوم بتسليمه إلى إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن القاهرة ذلك أن الثابت من المستندات إقرار الطاعن بتاريخ لاحق باستمارة العهدة الشخصية لوزارة الداخلية بأن الجهاز ما زال في عهدته وذلك بتاريخ 1/ 7/ 1990، 1/ 7/ 1991، 1/ 7/ 1992 ومؤشر باعتماد السيد مأمور القسم لإقرارات الطاعن في هذا الشأن ومذيل بختم الدولة وهو الأمر الذي يثبت بأن الجهاز المشار إليه ما زال في عهدته في التواريخ المشار إليها، وقد توافر لهذا المستند وهو استمارة العهدة الشخصية. بما اشتمل عليه من بيانات رسمية صادرة من المختصين بتحريرها كافة مظاهر الصحة والسلامة ومن ثم فإنه يتعين حمل هذا المستند طبقاً للأصل العام على الصحة طالما لم يقم مطعن جدي على تزويره.
ومن حيث إن الثابت مما سلف أنه تم تجديد عهدة الطاعن الشخصية للجهاز المذكور على النحو السالف، فإنه يكون مسئولاً شخصياً بالحفاظ عليه، وتنعقد مسئوليته التأديبية والمدنية عن فقد هذا الجهاز والأضرار المترتبة على ذلك طالما لم يثبت توافر أي سبب أجنبي خارج عن إرادته ولم يكن في وسعه التحوط مما أدى إلى فقد هذا الجهاز. ومن ثم فإن قرار الجهة الإدارية بمجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه مع تحميله بقيمة هذا الجهاز يكون قراراً صحيحاً مطابقاً للقانون، وهو ما يتعين معه رفض الطعن الذي أقامه الطاعن على هذا القرار بشقيه موضوعاً لعدم استناده على أساس صحيح من القانون أو الواقع.
ومن حيث إن الحكم المطعون قد انتهى في بنده الثاني إلى رفض طلب إلغاء شق القرار المتعلق بتحميل الطاعن بقيمة الجهاز موضوعاً استناداً إلى مسئولية الطاعن الثابتة عن فقد هذا الجهاز والأضرار المترتبة على ذلك، فإنه يكون قد أصاب في هذا القضاء صحيح القانون، الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن على هذا الشق من الحكم موضوعاً لعدم استناده على أساس صحيح من القانون أو الواقع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع: أولاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به في بنده الأول من عدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه لرفعه بعد الميعاد، وبقبول هذا الطلب شكلاً ورفضه موضوعاً. ثانياً: برفض الطعن فيما عدا ذلك.