أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 1424

جلسة 19 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله، سيد عبد الباقي.

(270)
الطعن رقم 74 لسنة 47 القضائية

(1) بيع. تأمين.
تأمين المشترى علي السيارة المبيعة مع احتفاظ البائع بحق الملكية لحين سداد الثمن. استحقاق المؤمن له لقيمة ما يلحق من أضرار. حق البائع المستفيد من عقد التأمين. اقتصاره على مقابل للتأمين في حالة الهلاك الكلي.
(2) دعوى "الطلبات العارضة".
الطلب المقدم من المدعى عليه الذي يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو يحكم بها مقيده لمصلحة المدعى عليه. طلب عارض. وجوب الحكم فيه مع الدعوى الأصلية أو استبقاؤه للحكم فيه بعد تحقيقه.
1 - إذ كانت قيمة إصلاح الأضرار التي سببها هي من حق المؤمن له الذي صدرت الوثيقة باسمه وقام بسداد أقساط التأمين، ولأنه هو المستغل للسيارة ومن حقه أن تظل السيارة في حالة صالحة للاستعمال والاستغلال، أما الشركة البائعة فإن حقها في اقتضاء باقي الثمن إنما تضمنه السندات الإذنية الصادرة من المشتري، كما تضمنه السيارة ذاتها التي احتفظت بملكيتها، أما كونها هي المستفيدة من عقد التأمين فإن ذلك لا يعطيها إلا الحق في قبض مقابل التأمين في حالة الهلاك الكلي، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون في غير محله.
2 - للمدعى عليه وفقاً لنص المادة 125 من قانون المرافعات أن يقدم من الطلبات العارضة أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة لمصلحة المدعى عليه. فإذا طرحت على المحكمة طلبات عارضة تعين عليها أن تحكم في موضوعها مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك، وإلا استبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه، وذلك إعمالاً لنص المادة 127 من القانون سالف البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى رقم 1246 لسنة 1970 مدني كلي القاهرة - والتي قيدت بعد ذلك برقم 55 لسنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة - على الشركة الطاعنة وشركة الشرق للتأمين المطعون ضدها الثانية طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن تدفعا له مبلغ 2582 جنيهاً، وقال بياناً لذلك أن الشركة الطاعنة باعته - مع الاحتفاظ بحق الملكية - السيارة رقم 1316 أجرة غربية بعد أن استردتها من المشتري السابق الذي كان قد أمن عليها تأميناً شاملاً لدى الشركة المطعون ضدها الثانية لصالح الطاعنة البائعة التي أضافت إلى ثمن السيارة قيمة التأمين الشامل ومصاريف الإجراءات، وقامت بإخطار شركة التأمين ببيع السيارة ونقل ملكيتها له مع سريان الوثيقة حتى 15/ 4/ 1970. وإذ وقع للسيارة حادث بتاريخ 20/ 3/ 1969 حرر عنه محضر أحوال بمركز بنها فقد قام بإبلاغ الشركتين، وسلم شركة التأمين - بناء على طلبها - مقايسة بقيمة الإصلاحات في 25/ 3/ 1969 ولكنها امتنعت عن السداد بزعم أن وثيقة التأمين موقوفة اعتباراً من 25/ 2/ 1986 لعدم معاينة السيارة بعد الإصلاح من حادث وقع لها وهي في حيازة مشتريها السابق، فطالبها المطعون ضده الأول بالالتجاء إلى التحكيم إعمالاً لأحكام الوثيقة إلا أن الشركة راوغته فأقام الدعوى بطلباته السابقة. وبجلسة 23/ 5/ 1971 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بندب خبير قد تقريراً جاء به أن الحادث وقع بتاريخ 20/ 3/ 1969 أثناء سريان وثيقة التأمين الشامل على التي صدرت لمدة سنتين من 19/ 9/ 1967 حتى 18/ 9/ 1969 وأن الشركة الطاعنة تقاضت من المطعون ضده الأول قيمة التأمين الشامل على السيارة حتى 30 / 5/ 1971 تاريخ انتهاء التقسيط، وأنه ترتب على الحادث أضرار بالسيارة لم يتم إصلاحها تقدر قيمتها بمبلغ 755 جنيهاً، فضلاً عن الأضرار التي حاقت بالمطعون ضده الأول نتيجة تعطل السيارة وتقدر بواقع أربعة جنيهات يومياً بخلاف 200 جنيه مقدار النقص في قيمة السيارة. وجهت الشركة الطاعنة طلباً عارضاً إلى الشركة المطعون ضدها الثانية للحكم بإلزامها بأن تدفع لها المبلغ الذي قدره الخبير لإصلاح السيارة استناداً إلى أنها هي المستفيدة من وثيقة التأمين وما زالت السيارة مملوكة لها ولم يسدد المطعون ضده الأول ثمنها. وبتاريخ 4/ 3/ 1972 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول دعوى المطعون ضده الأول قبل الشركتين، وقبل الفصل في موضوع الطلب العارض باستجواب الشركة البائعة، ثم قضت بجلسة 1/ 4/ 1972 بإلزام شركة التأمين بأن تؤدي للشركة الطاعنة مبلغ 755 جنيهاً. استأنف المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 1938 لسنة 89 ق طالباً إلغاء الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 4/ 3/ 1972. واستأنفت شركة التأمين الحكم الصادر بتاريخ 1/ 4/ 1972 بالاستئناف رقم 1967 لسنة 89 ق وبعد أن قررت محكمة استئناف القاهرة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد قضت بتاريخ 23/ 11/ 1976 في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 4/ 3/ 1972 وإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 1135 جنيهاً ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وفي الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 1/ 4/ 1972 وبعدم قبول الطلبات العارضة. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه استند في إلغاء حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 4/ 3/ 1972 والقاضي بعدم قبول دعوى المطعون ضده الأول قبل الشركتين إلى أن التأمين الشامل قد تم لصالح المشتري والشركة البائعة مستدلاً على ذلك بقيام المشتري السابق بصرف التعويض عن حادث سابق للسيارة بمقتضى وثيقة التأمين الشامل، والصحيح أنه وإن كانت وثيقة التأمين تصدر باسم المشترى إلا أن التأمين يتم بناء على طلب الشركة البائعة ولصالحها لضمان قيمة السيارة المبيعة التي احتفظت الطاعنة بملكيتها لحين سداد قيمتها، وليس للمشتري حق في قبض قيمة التأمين إلا بعد سداد ثمن السيارة بالكامل ولذلك نصت وثيقة التأمين على أن الشركة البائعة هي المستفيدة في المقام الأول. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن قيمة إصلاح الأضرار التي سببها هي من حق المؤمن له الذي صدرت الوثيقة باسمه وقام بسداد أقساط التأمين، ولأنه هو المستغل للسيارة ومن حقه أن تظل السيارة في حالة صالحة للاستعمال والاستغلال، أما الشركة البائعة فإن حقها في اقتضاء باقي الثمن إنما تضمنه السندات الإذنية الصادرة من المشتري، كما تضمنه السيارة ذاتها التي احتفظت بملكيتها، أما كونها هي المستفيدة من عقد التأمين فإن ذلك لا يعطيها إلا الحق في قبض مقابل التأمين في حالة الهلاك الكلي، ويكون النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم ذهب في قضائه إلى الشركة الطاعنة إذ استولت على أقساط التأمين الشامل لنفسها ولم تقم بالعمل على تحويل عقد التأمين السابق إلى اسم المشترى الجديد (المطعون ضده الأول) فإنها تكون قد أخلت بالتزامها قبله ويحق له مطالبتها بالتعويض عن الأضرار التي لحقته من إجراء هذا الإخلال بالالتزام وهو تعويض يتمثل في قيمة المبالغ التي كان يحق له اقتضاؤها من شركة التأمين أثر وقوع الحادث فيما لو كانت الشركة البائعة قد نفذت التزامها قبله بالتأمين الشامل على السيارة لصالحه، وهذا الذي ذهب إليه الحكم يخالف الثابت بالأوراق وما انتهى إليه تقرير الخبير من أن وثيقة التأمين السابقة ظلت سارية ومنتجة لكافة أثارها وقت وقوع الحادث، كما لم يقم دليل على إخطار شركة التأمين للطاعنة بما يفيد وقف سريان تلك الوثيقة الأمر الذي يستوجب نقض الحكم.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تحصيل فهم والواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم إليها من أدلة وقرائن بما في ذلك تقارير أهل الخبرة، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلزام الشركة البائعة بالتعويض على ما استخلصه من إخلالها بالتزامها قبل المطعون ضده الأول بالتأمين على السيارة تأميناً شاملاً باسمه ولصالحه، وإذ أنها لم تنكر إطلاقاً طوال مراحل الدعوى أن المطعون ضده الأول عندما تعاقد معها على شراء السيارة موضوع النزاع سدد لها بالكامل قيمة أقساط التأمين الشامل عليها لمدة سنتين من تاريخ الشراء الحاصل في 31/ 5/ 1968 بل أقر وكيلها صراحة بهذه الواقعة إلا أن الشركة البائعة استولت لنفسها على أقساط التأمين الشامل التي سددها المطعون ضده الأول واكتفت بأن طلبت من شركة التأمين تحويل عقد تأمين سابق من اسم المشتري السابق إلى اسم المطعون الأول فرفضت الشركة الأخيرة هذا الطلب، وخلص الحكم من ذلك إلى أن الشركة البائعة تكون قد أخلت بالتزامها في هذا الصدد قبل المطعون ضده الأول ويحق له مطالبتها بالتعويض عن الأضرار التي لحقته من جراء هذا الإخلال بالالتزام وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن مجادلة الطاعنة في هذا الشأن تعتبر مجادلة موضوعية في سلطة محكمة الموضوع في تقديره الدليل تنحسر عنها رقابة محكمة النقض، ولا يغير من ذلك ما أثبته الخبير في تقديره من أن وثيقة التأمين السابقة ظلت سارية المفعول حتى وقوع الحادث وأنه وجد بملف التأمين أخطاراً عن الحادث في 22/ 3/ 1969 تم قبوله والتوقيع عليه من الباحث المختص، وأنه لم يجد أثر الخطاب المؤرخ 27/ 8/ 1968 المزعوم إرساله بوقف سريان الوثيقة بملف أي من الشركتين ذلك أن كل ما أثبته الخبير في تقريره لا ينهض دليلاً على قيام الشركة الطاعنة بتحويل الوثيقة من اسم المشتري السابق إلى اسم المطعون ضده الأول، أو بإبرام وثيقة تأمين شامل جديدة باسمه تنفيذاً لالتزامها بذلك ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث هو الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بعدم قبول الطلب العارض المقدم منها إلى أنه ليس من الطلبات الواردة في المادة 125 مرافعات رغم أنه يندرج تحت الطلبات التي نصت عليها الفقرة الثانية من هذه المادة إذ يترتب عليه عدم الحكم للمدعي بطلباته والحكم لها بطلباتها.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن للمدعى عليه وفقاً لنص المادة 125 من قانون المرافعات أن يقدم من الطلبات العارضة أي طلب يترتب على إجابته إلا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه. فإذا طرحت على المحكمة طلبات عارضة تعين عليها أن تحكم في موضوعها مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك وإلا استبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه وذلك أعمالاً لنص المادة 127 من القانون سالف البيان لما كان ذلك وكان الطلب الذي وجهته الطاعنة إلى المطعون ضدها الثانية - على ما أورده الحكم المطعون فيه بشأنه - ينطوي على طالب الحكم لها دون المطعون ضده الأول بإلزام شركة التأمين بأن تدفع لها المبلغ الذي قدره الخبير تعويضاً عن الأضرار التي أصابت السيارة بسبب الحادث وكان هذا - الطلب منها يعتبر دفاعاً في الدعوى الأصلية التي أقامها المطعون ضده الأول طالباً إلزامها مع شركة التأمين بالتضامن فيما ينهما بدفع التعويض المطلوب، ويرمي إلى تفادي الحكم بطلبات المطعون ضده الأول فإن هذا الطلب يدخل في نطاق الطلبات العارضة التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 125 من قانون المرافعات، وكانت الشركة الطاعنة قد تقدمت بطلبها إلى المحكمة بالإجراءات التي نصت عليها المادة 123 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي بعدم قبول طلب الشركة الطاعنة بمقولة أنه ليس من الطلبات العارضة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.