أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 130

جلسة 17 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف، يوسف عبد الحليم الهته، خالد يحيى دراز وسيد عبد الرحيم الشيمي نواب رئيس المحكمة.

(20)
الطعنان رقما 7639 لسنة 63 القضائية و 2929 لسنة 65 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: الإضرار بسلامة المبنى". إثبات "طرق الإثبات". حكم "حجية الحكم: حجية الحكم الجنائي". نقض.
(1) حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. أن الفعل غير المشروع الذي أقيمت الدعوى الجنائية طلباً للعقاب عنه هو ذاته الذي أقيمت الدعوى المدنية لتقرير المسئولية المدنية عنه. المادتان 456 إجراءات جنائية، 102 ق إثبات. الحكم الجنائي الذي فصل في وقوع فعل غير مشروع نشأ عنه إتلاف منقولات ونسبته إلى فاعله. يعد حجة في دعوى إثبات الإضرار بسلامة المبنى المقامة من المؤجر على المستأجر. شرطه. أن يكون الفعل غير المشروع الذي نشأ عنه إتلاف المنقولات ورفعت عنه الدعوى الجنائية هو بذاته الفعل الذي نسبه المؤجر إلى المستأجر على أنه استعمال للمكان المؤجر أدى إلى الإضرار بسلامة المبنى. اختلاف الضرر في الدعويين. لا أثر له. علة ذلك. "مثال لتسبيب معيب".
(2) نقض الحكم. أثره. إلغاء كافة الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها. م 271/ 1 مرافعات.
1 - مؤدى النص في المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن مناط حجية الحكم الجنائي ليست وحدة الموضوع في الدعويين لأن موضوع الدعوى الجنائية دائماً هو عقاب المتهم وهو ما لا شأن للمحاكم المدنية به، وإنما مناط الحجية أن الفعل غير المشروع ذاته الذي أقيمت الدعوى الجنائية طلباً للعقاب عنه هو ذاته الذي أقيمت الدعوى المدنية لتقرير المسئولية المدنية عنه فإذا كان الفعل غير المشروع الذي نشأ عنه إتلاف المنقولات ورفعت عنه الدعوى الجنائية هو بذاته الفعل الذي نسبه المؤجر إلى المستأجر على أنه استعمال للمكان المؤجر أدى إلى الإضرار بسلامة المبنى، فإن الحكم الجنائي الذي يفصل في وقوع هذا الفعل ونسبته إلى فاعله يكون حجة في دعوى إثبات الضرر بصرف النظر عن أن الدعوى الجنائية رفعت طلباً عن إتلاف المنقولات بينما دعوى إثبات الضرر تخص سلامة المبنى لأنه لا عبرة باختلاف الضررين مادام أنهما ناشئان عن فعل واحد، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد رفع الدعوى ابتداءً بطلب إثبات الضرر الذي أصاب المبنى نتيجة ترك الطاعن لصنابير المياه مفتوحة مما أسقط سقف السندرة الواقعة أسفل عين النزاع وهذا الفعل ذاته هو الذي حوكم عنه الطاعن في المخالفة 803 لسنة 1988 دمياط لأن سقوط ذلك السقف أتلف منقولات للمطعون ضده فحكمت المحكمة الجنائية ببراءته لأن الفعل المنسوب للطاعن لم يثبت لأن الشقة كانت في السنة السابقة مغلقة ولم يستهلك مياهاً أو كهرباء، فإن الحكم الجنائي يكون قد فصل فصلاً لازماً في الأساس المشترك بين الدعويين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن موضوع الدعوى الجنائية كان عن تلف المنقولات في حين أن موضوع الدعوى الراهنة قد اتسع إلى طلب التعويض عن الأضرار التي حاقت بالمبنى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2- إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 271 من قانون المرافعات تنص على أنه "يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام، أياً كانت الجهة التي أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها" وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم موضوع الطعن 7639 لسنة 63 ق كان أساساً لها، فإنه يتعين اعتبار الحكم المطعون فيه ملغياً ونقضه على هذا الأساس إعمالاً لنص المادة 271/ 1 سالفة البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده فيهما أقام الدعوى 1092 لسنة 1988 مدني دمياط الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بثبوت الضرر لسوء استعماله للشقة المؤجرة له وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ عشرة آلاف جنيه قيمة التلفيات، ومحكمة أول درجة رفضت الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف 254 لسنة 21 ق المنصورة "مأمورية دمياط" ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 19/ 8/ 1993 بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت الضرر وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 500 جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 7639 لسنة 63 ق. ثم أقام نفس المطعون ضده الدعوى 715 لسنة 1993 إيجارات دمياط الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإخلائه من الشقة المبينة بالأوراق على سند من أنه أساء استعمال العين المؤجر على النحو الثابت بالدعوى 1092 لسنة 1988 واستئنافها سالفي البيان، ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 710 لسنة 26 ق المنصورة "مأمورية دمياط"، وبتاريخ 22/ 2/ 1995 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 2929 لسنة 65 ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل طعن أبدت فيهما الرأي برفضهما، وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في الطعن 7639 لسنة 63 ق على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أنه أهدر حجية الحكم الجنائي الصادر في المخالفة 803 لسنة 1988 دمياط بالبراءة من تهمة الإتلاف تأسيساً على عدم اطمئنان المحكمة إلى ما قرره المطعون ضده من أن الطاعن ترك صنابير المياه مفتوحة وهي التي تسببت في سقوط سقف دورة المياه الخاصة به على سندرة الشاكي، وهو أمر كان لازماً لهذا القضاء ويتضمن الفصل في الأساس المشترك بين الدعويين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ونفى حجية هذا الحكم وانتهى إلى ثبوت إساءته لاستعمال عين النزاع دون بيان لخطئه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مؤدى النص في المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية على أن (يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة، سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة. ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون) وفي المادة 102 من قانون الإثبات على أنه (لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً) أن مناط حجية الحكم الجنائي ليست وحدة الموضوع في الدعويين، لأن موضوع الدعوى الجنائية دائماً هو عقاب المتهم. وهو ما لا شأن للمحاكم المدنية به، وإنما مناط الحجية أن الفعل غير مشروع ذاته الذي أقيمت الدعوى الجنائية طلباً للعقاب عنه هو ذاته الذي أقيمت الدعوى المدنية لتقرير المسئولية المدنية عنه فإذا كان الفعل غير المشروع الذي نشأ عنه إتلاف المنقولات ورفعت عنه الدعوى الجنائية هو بذاته الفعل الذي نسبه المؤجر إلى المستأجر على أنه استعمال للمكان المؤجر أدى إلى الإضرار بسلامة المبنى، فإن الحكم الجنائي الذي يفصل في وقوع هذا الفعل ونسبته إلى فاعله يكون حجة في دعوى إثبات الضرر بصرف النظر عن أن الدعوى الجنائية رفعت طلباً للعقاب عن إتلاف المنقولات بينما دعوى إثبات الضرر تخص سلامة المبنى لأنه لا عبرة باختلاف الضررين ما دام أنهما ناشئان عن فعل واحد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد رفع الدعوى ابتداءً بطلب إثبات الضرر الذي أصاب المبنى نتيجة ترك الطاعن لصنابير المياه مفتوحة مما أسقط سقف السندرة الواقعة أسفل عين النزاع وهذا الفعل ذاته هو الذي حوكم عنه الطاعن في المخالفة 803 لسنة 1988 دمياط لأن سقوط ذلك السقف أتلف منقولات للمطعون ضده فحكمت المحكمة الجنائية ببراءته لأن الفعل المنسوب للطاعن لم يثبت لأن الشقة كانت في السنة السابقة مغلقة ولم يستهلك مياهاً أو كهرباء، فإن الحكم الجنائي يكون قد فصل فصلاً لازماً في الأساس المشترك بين الدعويين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن موضوع الدعوى الجنائية كان عن تلف المنقولات في حين أن موضوع الدعوى الراهنة قد اتسع إلى طلب التعويض عن الأضرار التي حاقت بالمبنى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده قد تمسك في صحيفة استئنافه بأن الطاعن قد قصر في صيانة العين المؤجرة فأضاف سبباً جديداً وهو ما انتهى إليه الخبير المنتدب من محكمة الاستئناف ولكنه لم يبين في تقريره ما هي الترميمات التي كان عليه القيام بها ولم يستظهر الحكم المطعون فيه ما إذا كانت تعد من الترميمات الضرورية التي يلتزم بها المؤجر أم من الترميمات التأجيرية، فإن الحكم المطعون فيه إذ اكتفى بالإحالة إلى تقرير الخبير فإنه يكون قد شابه القصور بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه عن الطعن 2929 لسنة 67 ق، فإنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 271 من قانون المرافعات تنص على أنه "يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام، أياً كانت الجهة التي أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها" وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم موضوع الطعن 7639 لسنة 63 ق كان أساساً لها، فإنه يتعين اعتبار الحكم المطعون فيه ملغياً ونقضه على هذا الأساس إعمالاً لنص المادة 271/ 1 سالفة البيان.