أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 1545

جلسة 28 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، أمين طه أبو العلا، محمد زغلول عبد الحميد، والدكتور منصور وجيه.

(289)
الطعن رقم 765 لسنة 45 القضائية

(1 - 3) ارتفاق. بيع. شفعة.
(1) حق الجار للأرض المبيعة في الأخذ بالشفعة. شرطه.
(2) شراء الأرض المشفوع فيها بعقد مستقل عن عقد شراء المسقاة لري الأرض. طلب أخذ الأرض بالشفعة دون المسقاة. لا يعد تبعيضاً لصفقة واحدة.
(3) التنازل عن حق الارتفاق. وجوب شهره. حق الشفيع. ثبوته بمجرد إعلان رغبته تنازل الجار البائع عن حق الارتفاق بالري من المسقاة الفاصلة بعد رفع الشفعة. لا أثر له.
1 - المادة 936 من القانون المدني قد جرى نصها على أن يثبت الحق في الشفعة للجار المالك في الأحوال الآتية (1)...... (2) إذا كان للأرض المبيعة ارتفاق على أرض الجار أو كان حق الارتفاق لأرض الجار على الأرض المبيعة. (3)...... ومفاده أنه يجب لقيام حق الجار في الأخذ بالشفعة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تكون الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها متلاصقين وأن يكون لأي من الأرضين حق ارتفاق على الأخرى بحيث يترتب على الأخذ بالشفعة أن يزول حق الارتفاق في الغرضين لما كان ذلك، فإن تمسك الطاعن بملكيته للمسقاة لا يجديه في القول بتوافر شروط الشفيع فيه إذ أن ملكية المسقاة وحدها لا تتحقق بها صفة الجوار المثبتة للحق في الشفعة.
2 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قاعدة الشفعة لا تتجزأ تعني أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في صفقة واحد بعض المبيع دون البعض الآخر حتى لا يضار المشتري بتبعيض الصفقة والثبات بالحكم المطعون فيه أن شراء الأرض المشفوع بها كان بعقد مستقل في عقد شراء المسقاة فثمت صفقتين ويحق للشفيعين أن يأخذ الشفعة دون المسقاة.
3 - وجوب أن يتم التنازل عن حق الارتفاق وفقاً للقانون فهو لا يتم إلا إذا كان قد أشهر وفقاً لقانون الشهر العقاري 114 لسنة 1946 ولا يغني عن ذلك مجرد التقرير بالتنازل عن حق ارتفاق في دعوى الشفعة بعد رفعها ذلك أن حق الشفيع يثبت بمجرد إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إذ تكون عناصر الشفعة قد تكاملت ويحل محل المشتري في البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة وليس رفع دعوى الشفعة من ذلك وصدور الحكم بثبوت الشفعة إلا تقريراً لما تم من أثر قانوني ترتب مباشرة على إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة - مما يسوغ الالتفات عما يقرره الطاعن في مذكرة دفاعه أمام محكمة الاستئناف من أن البائع له قد سبق له التنازل عن حق الارتفاق الري من المسقاة الفاصلة وأن دليله على ذلك هو إنشاء المسقاة الأخرى التي اشتراها الطاعن لري الأرض دون أو يقدم ما يثبت حصول شهر هذا التنازل قبل رفع الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 205 سنة 1971 مدني كلي طنطا على الطاعن والمطعون ضدهما الثالثة والرابع وطلبا فيها الحكم بأحقيتهما في أخذ أطيان مبيعة بالشفعة مع ما يترتب على ذلك قانوناً من نقل الملكية لهما وتسليمهما الأطيان المبيعة مقابل ما أودعاه خزانة محكمة طنطا الابتدائية من ثمن قدره 1876 ج و60 م وما يقضي به من مصروفات رسمية وملحقات، وقالا شرحاً لها أن المطعون ضدهما الثالثة والرابع باعا إلى الطاعن 4 ف و1 ط و18 س من الأطيان الزراعية لقاء ثمن قدره 1876 ج و560 م وتم شهر التصرف برقم 3658 في 27/ 9/ 1970 ولما كان البائعان لم ينذرهما بالبيع رغم ملكيتهما لأطيان تجاوز تلك المشفوع فيها وأرضهما مجملة بحق اتفاق بالري وقد أودعا الثمن بخزانة المحكمة فإنهما يعلنان رغبتهما بموجب الصحيفة في أخذ الأطيان المبيعة بالشفعة، ومحكمة أول درجة بعد ندبت خبير في الدعوى وتحقيق أجرته قضت بتاريخ 6/ 11/ 1974 بأحقية المدعين في أخذ الأطيان المبيعة بالشفعة مقابل ما أودعاه بخزانة المحكمة من الثمن وقدره 1876 ج و500 م والتسليم فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 350 لسنة 24 ق طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وبتاريخ 28/ 4/ 1975 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه رفع الدعوى أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنه تملك المسقى بالقطعة رقم 32 المعدة لري الأطيان المشفوع فيها وتوافرت له بذلك شروط الشفيع طبقاً للمادة 936 من القانون المدني ومن ثم فهو يفضل الشفيعين (المطعون ضدهما الأولين) إعمالاً لحكم المادة 937/ 3 من القانون المدني، وما قاله حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه رداً على هذا الدفع - من أن مجرد ملكيته وحدها وهي جزء ضئيل يمر بجوار الأرض لا يصح أن يعتبر به جاراً تتوافر له شرائط الشفعة بالمعنى الذي قصده المشرع في المادة المذكورة - وجاء مخالفاً لما استقر عليه الفقه والقضاء من أن التلاصق ولو بشبر واحد يكفي، وعلى ذلك فقد جاء قضاء الحكم المطعون فيه والذي يفيد اشتراط أن يكون الجوار بطول الحد أو بجزء كبير منه مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المادة 936 من القانون المدني قد جرى نصها على أن "يثبت الحق في الشفعة - للجار المالك في الأحوال الآتية: (1)....... (2) إذا كان للأرض المبيعة حق ارتفاق على أرض الجار أو كان حق الارتفاق لأرض الجار على الأرض المبيعة. (3)......" ومفاده أنه يجب لقيام حق الجار في الأخذ بالشفعة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تكون الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها متلاصقتين وأن يكون لأي من الأرضين حق ارتفاق على الأخرى بحيث يترتب على الأخذ الشفعة أن يزول حق الارتفاق في الغرضين. لما كان ذلك، فإن تمسك الطاعن بملكيته للمسقاة الكائنة بالقطعة رقم 32 لا يجديه في القول بتوافر شروط الشفيع فيه إذ أن ملكية المسقاة وحدها لا تتحقق بها صفة الجوار المثبتة للحق في الشفعة.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني أيضاً مخالفة القانون ويقول بياناً لذلك أنه دفع الدعوى أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم القبول بمقولة أنه اشترى المسقاة بالقطعة رقم 32 لري الأرض المشفوع فيها ولم يطلب المطعون ضدهما الأول والثاني في أخذها بالشفعة وفي ذلك تجزئ للصفقة مما هو ممنوع قانوناً وأنه وقد تملك أرض المسقاة فإنه يكون أولى بالشفعة - فضلاً عن أن بعض القطع المشتراة لا يتوافر جوارها للأرض المشفوع بها وينصب حق الشفيع في هذه الحالة على القطع المتوافر فيها شروط الأخذ بالشفعة دون الأخرى ما لم يطلب المشفوع منه عدم تجزئة الصفقة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير سديد ذلك بأن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قاعدة أن الشفعة لا تتجزأ تعني أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في صفقة واحدة بعض المبيع دون البعض الآخر حتى لا يضار المشتري بتبعيض الصفقة، والثالث بالحكم المطعون فيه أن شراء الأرض المشفوع فيها كان يعقد مستقل عن عقد شراء المسقاة فثمة صفقتان ويحق للشفيعين أن يأخذا الأرض بالشفعة دون المسقاة، وهو غير مقبول في وجهه الثاني المنصب على أن بعض القطع المشتراة لم تكن متصلة ولا يتحقق معها الجوار ذلك بأنه يقوم على ما لم يسبق للطاعن إبداؤه أمام محكمة الموضوع ولا يجوز له إبداؤه لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث عدم الرد على دفاع جوهري، وقال بياناً لذلك إنه دفع الدعوى أمام محكمة الاستئناف - بوجود مسقى بين القطعتين 47، 46 لا تدخل ضمن الأرض المشفوع بها أو المشفوع فيها وإنما هي ملك خاص للبنك العقاري المصري وأن الأرض المشفوع فيها ليس لها طريق للري سوى المسقى المشتراة بمعرفته - وأنه تمسك في مذكرة دفاعه بتنازله عن الاتفاق المقرر لمصلحته على المسقى الفاصلة بين الأرض الشافعة والمشفوع فيها وأن من حقه التمسك بهذا التنازل ما دام قد صدر منه قبل الحكم النهائي بالشفعة - كما تمسك أيضاً بندب خبير لتحقيق أن طريق ري الأطيان المشفوع فيها هي المسقى المملوكة له التي تقع شمال الأطيان المشفوع فيها وهو دفاع جوهري كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تتناوله بالرد وألا تطرحه دون أن تورد في حكمها ما يبرر هذا الإطراح بأسباب خاصة فإن هي سكتت عن بحث المستندات التي قدمها أمامها لأول مرة كان حكمها باطلاً لقصور أسبابه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن فيما خلص إليه الحكم الابتدائي المؤيد الحكم المطعون فيه استنباطاً من أوراق الدعوى وتقرير الخبير وأقوال الشهود من أن المسقاة - الفاصلة بين الأرضين مملوكة ملكية مشتركة لمالك الأرض المشفوع بها والمشفوع فيها وأنها تروي الأرضين معاً، مع ما لمحكمة الموضوع - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مطلق الحرية في تقدير الأدلة المطروحة عليها دون أن تكون ملزمة بإبداء أسباب ترجيحها دليلاًَ على آخر ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - الرد الضمني على ما أثير من أوجه الدفاع الأخرى، فضلاً عما هو مقرر من وجوب أن يتم التنازل عن حق الارتفاق وفقاًَ للقانون، فهو لا يتم إلا إذا كان قد أشهر وفقاًَ لقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ولا يغني عن ذلك مجرد التقرير بالتنازل عن حق الارتفاق في دعوى الشفعة بعد رفعها ذلك أن حق الشفيع يثبت بمجرد إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إذ تكون عناصر الشفعة قد تكاملت ويحل محل المشتري في البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة وليس رفع دعوى الشفعة من ذلك وصدور الحكم بثبوت الشفعة إلا تقريراً لما تم من أثر قانوني ترتب مباشرة على إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة، مما يسوغ الالتفات عما يقرره الطاعن - في مذكرة دفاعه أمام محكمة الاستئناف - من أن البائع له قد سبق له التنازل عن حق الارتفاق بالري من المسقاة الفاصلة وأن دليله على ذلك هو إنشاء المسقاة الأخرى التي اشتراها الطاعن لري الأرض، دون أو يقدم ما يثبت حصول شهر هذا التنازل قبل رفع الدعوى.