أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 1560

جلسة 28 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.

(292)
الطعن رقم 875 لسنة 46 القضائية

(1 و2) وقف. "الوقف الخيري".
(1) النظر على الوقف الخيري. لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه.
(2) اعتبار الوقف خيرياً. شرطه. أن يكون مصرفه جهة بر لا تنقطع . اعتباره إسلامياً. شرطه. أن يكون مصرفه براً في الشريعة الإسلامية. لا عبرة بديانة الواقف أو المستفيد.
1 - مؤدى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانونين رقمي 547 لسنة 1953 و296 لسنة 1954 والمادة الثالثة من ذات القانون والمادتين 1 و17 من القانون رقم 272 لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض [(1)] - أن المشرع أقام وزارة الأوقاف في النظر على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه وجعلها أحق بالنظر ممن شرط له الواقف ولو كان من ذريته أو أقاربه باعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات الخير وحمايتها وتوجيه الريع إلى المصارف ذات النفع العام وتحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله بالصدقة الجارية، فنص على أحقيتها في النظر في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953.
2 - لئن كان الوقف يعد خيرياً إذا كان مصرفه جهة من جهات البر التي لا تنقطع، ويعد إسلامياً إذا اعتبر مصرفه براً في شريعة الإسلام أياً كانت ديانة الواقف، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الواقف شرط في كتاب الوقف صرف مبلغ 500 ج لمستشفى الأقباط الخيري بالقاهرة لمداواة الفقراء من المسلمين والنصارى، ومبلغ 150 ج لجمعية التوفيق القبطية لتعليم الفقراء مجاناً بمدارسها، 100 ج لمدرسة الأقباط بمنفلوط لإعانة فقرائها، ولملجأ الأيتام الخيري بأسيوط. لما كان ذلك، وكان الحكم قد جرى في قضائه على أن هذه الجهات تعتبر جهات بر عام، وتندرج ضمن المصارف الإسلامية ولا تدخل ضمن الجهات التي استثنتها المادة الأولى من القانون رقم 264 لسنة 1960 من أحكام القانون رقم 152 لسنة 1957 والتي لا تعتبر جهة بر إسلامية، ورتب على ذلك أن وزارة الأوقاف هي صاحبة الحق في النظر على الوقف على تلك الجهات الواردة بكتاب الوقف على ما سلف بيانه بغير نظر إلى ديانة المستفيد من الصرف على جهات البر المذكورة، وكان تفسيره في هذا الشأن سائغاً له أصله الثابت في الأوراق، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 219/ 969 مدني كلي أسيوط بطلب الحكم بمنع تعرض المطعون عليه له في مساحة 86 ف و14 ط المبينة بصحيفة الدعوى وقال شرحاً لدعواه أن وقف دير السيدة العذراء الشهير بالدير المحرق يمتلك تلك العين بحجة وقفه وبطريق البدل من المرحوم...... وقد اعتبر المطعون عليه أن المساحة السالفة تغل ريعاً قدره ألفي جنيه مقدار حصة الخيرات التي يضمها الوقف، وطلب تسليمه إياها، وكذا مساحة 14 ف من وقف..... المتبادل به، وهذا من المطعون عليه يعد تعرضاً لحيازته لتلك الأعيان. وبتاريخ 18/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بمنع تعرض المطعون عليه للطاعن في أطيان النزاع، استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 212 س 45 ق أسيوط. وبتاريخ 3/ 6/ 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى بمنع التعرض. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب من الأول للثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن المرصود على مستشفى الأقباط الخيري بالقاهرة ومداواة الفقرة من المسلمين والنصارى، وعلى جمعية التوفيق القبطية لتعليم الفقراء مجاناً بمدارسها وعلى مدرسة الأقباط بمنفلوط، وعلى ملجأ الأيتام الخيري بأسيوط، يدخل في المصارف الإسلامية باعتبار مصرفه جهة بر عامة، فيكون لوزارة الأوقاف حق النظر على تلك الأوقاف أياً كانت ديانة الواقف، في حين أن المادة الأولى من القانون رقم 264 سنة 1960 استثنت من أحكام القانون رقم 152 سنة 1957 الأراضي الموقوفة على جهات التعليم القبطية وجهات البر الأخرى المتعلقة بالأقباط، هذا وقد صدر الوقف موضوع الدعوى من غير ملم وكان مصرف الجزء الخيري على الجهات سالفة البيان وهي جهات بر مسيحية ولم يشترط الواقف النظر لوزارة الأوقاف في كتاب الوقف بالتطبيق لحكم المادة الأولى من القانون رقم 272 لسنة 1959 بما لا يجيز إعطاء حق النظر للمطعون عليه فضلاً عن أنه لم صح أن ما ينصرف على المسلمين يعتبر مصرفه إسلامياً وتتولى النظر عليه وزارة الأوقاف لتعين تحديده وفرزه فيما يخص المسيحيين.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانونين رقمي 547 لسنة 1953، 296 لسنة 1954، والمادة الثالثة من ذات القانون والمادتين 1، 17 من القانون رقم 272 لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أقام وزارة الأوقاف في النظر على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه، وجعلها أحق بالنظر ممن شرط له الواقف ولو كان من ذريته أو أقاربه باعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات الخير وحمايتها وتوجيه الريع إلى المصاريف ذات النفع العام وتحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله بالصدقة الجارية، فنص على أحقيتها في النظر في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953، لما كان ذلك، وكان الوقف يعد خيرياً إذا كان مصرفه جهة من جهات البر التي لا تنقطع، ويعد إسلامياً إذا اعتبر مصرفه براً في شريعة الإسلامية أياً كانت ديانة الواقف، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه، أن الواقف شرط في كتاب الوقف صرف مبلغ 500 ج لمستشفى الأقباط الخيري بالقاهرة لمداواة الفقراء من المسلمين والنصارى، ومبلغ 150 ج لجمعية التوفيق القبطية لتعليم الفقراء مجاناً بمدارسها، 100 ج لمدرسة الأقباط بمنفلوط لإعانة فقرائها ولملجأ الأيتام الخيري بأسيوط، لما كان ذلك، وكان الحكم قد جرى في قضائه على أن هذه الجهات تعتبر جهات بر عامة وتندرج ضمن المصاريف الإسلامية ولا تدخل ضمن الجهات التي استثنتها المادة الأولى من القانون رقم 264 لسنة 1960 من أحكام القانون رقم 152 لسنة 1957 والتي لا تعتبر جهة بر إسلامية، ورتب على ذلك أن وزارة الأوقاف هي صاحبة الحق في النظر على الوقف على تلك الجهات الواردة بكتاب الوقف على ما سلف البيان بغير نظر إلى ديانة المستفيد من المصرف على جهات البر المذكورة، وكان تفسيره في هذا الشأن سائغاً وله أصله في الأوراق، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بصحة إجراءات استيلاء المطعون عليه على عين النزاع على أنه قد صدر له قرار بذلك في حدود الاختصاص المنوط باللجنة المشكلة وفقاً للقانون، وفي حين أن القرار صدر ممن لا يملك إصداره، فيكون الاستيلاء على تلك الأعيان بغير سند، مما يعد غصباً لحيازته.
وحيث إنه لما كان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من القرار المشار إليه بسبب النعي كما تتحقق المحكمة ممن صدر ومدى اختصاصه بذلك، وكان الحكم المطعون فيه وقد أورد في مدوناته أن القرار صدر من لجنة بحث الأوقاف المشكلة بالقرار الوزاري رقم 45 لسنة 1953 تنفيذاً للقانون، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لاستناده لقرار صادر من لجنة لا تملك إصداره، يكون عارياً عن دليله.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الخامس والسادس، أن الحكم المطعون فيه قد عابه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون عليه لم يستصدر حكماً بفرز أعيان النزاع وتجنبها لدرء الاستيلاء على أطيان يمتلكها الطاعن بطريق البدل، وأن أعيان الوقف كانت مملوكه أصلاً للدير والهدف الأساسي من وقفها منع التصرف فيها، وقد أغفل الحكم هذه الحقيقة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وقد خلت الأوراق مما يدل على سبق تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة أمام الموضوع، فإن ما تضمنه وجه النعي يكون سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك أن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على أن أعيان النزاع لا يمكن تملكها بالتقادم، ومن ثم فلا تقبل دعاوى اليد بشأنها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى صحيحاً إلى أن وزارة الأوقاف هي صاحبة الحق في النظارة على الأعيان مثار الحلف، وأنها سلكت الإجراء القانوني في استلامها تلك الأعيان، وهذا الذي أورده الحكم يكفي لحمل قضائه، ومن ثم فإن مصلحة الطاعن في التمسك بخطأ الحكم في قضائه بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن الأعيان سالفة البيان لا يجوز تملكها بالتقادم المكسب لو صح، تكون مصلحة نظرية بحتة، ويكون النعي بهذا السبب غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 16/ 1/ 1980 مجموعة المكتب الفني السنة 31 ص 186.