أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 188

جلسة 23 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين شلقاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد، شكري جمعة حسين، عبد الجواد هاشم فراج وأحمد عبد الكريم نواب رئيس المحكمة.

(30)
الطعن رقم 104 لسنة 69 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش". عقد "عقد الإيجار: فسخ العقد". دستور "دستورية القوانين".
- الحكم بعدم دستورية نص م 40 ق 49 لسنة 1977. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره. مؤداه. فسخ عقد إيجار المستأجر الأصلي وزوال سند التأجير المفروش بحكم القانون. نشوء العقد المفروش وانتهائه قبل صدور الحكم بعدم دستورية النص المذكور. أثره. انتفاء خطأ المستأجر الأصلي. علة ذلك.
(2، 3) حكم "تسبيبه: عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". دفاع "الدفاع الجوهري".
(2) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم أو مجابهته له بما لا يصلح رداً سائغاً. قصور مبطل.
(3) تقديم الخصم مستندات مع التمسك بدلالتها. التفات الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما قد يكون لها من دلالة. قصور.
(4، 5) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: التأجير من الباطن". محكمة الموضوع. دفاع "الدفاع الجوهري".
(4) علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن وسكوته فترة طويلة دون اعتراض. جواز اعتباره تنازلاً عن استعمال حقه في طلب الإخلاء. تقدير ذلك. من سلطة محكمة الموضوع متى كان سائغاً.
(5) تمسك الطاعن بعدم أحقية المطعون ضدهم عدا الأخير في طلب إخلاء عين النزاع للتأجير من الباطن لمبادرته فور عودته من الخارج إلى طلب إخلاء المطعون ضده الأخير قبل صدور الحكم بعدم دستورية م 40 ق 49 لسنة 1977 وبسقوط حقهم في هذا الطلب لموافقتهم الضمنية لعلمهم بالتأجير من الباطن وسكوتهم فترة طويلة دون اعتراض وتدليله على ذلك بالمستندات. دفاع جوهري. قضاء الحكم المطعون فيه بالإخلاء استناداً إلى أسباب لا تصلح رداً سائغاً على هذا الدفاع وإطراحه المستندات المقدمة من الطاعن بما لها من دلالة. قصور وإخلال بحق الدفاع.
1 - نص المادة (40) من القانون رقم 49 لسنة 1977 أصبح لا يجوز تطبيقه اعتباراً من 28/ 11/ 1997 وهو اليوم التالي لنشر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته في القضية رقم (149) لسنة 18 ق. دستورية عليا بالجريدة الرسمية في العدد رقم (48) بتاريخ 27/ 11/ 1997 عملاً بالمادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا مثله في ذلك كأي تشريع جديد ألغى قانوناً بأثر رجعي سابقاً على صدوره ويترتب عليه فسخ عقد إيجار المستأجر الأصلي وزوال سند التأجير المفروش بحكم القانون نظراً لإلغاء نص المادة (40) سالفة البيان ويترتب على ذلك أنه إذا نشأ العقد المفروش وتم تنفيذه وانتهى في ظل الرخصة التي تخولها المادة (40) من القانون رقم 49 لسنة 1977 للمستأجر الأصلي وقبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ففي هذه الحالة لا تقصير على المستأجر الأصلي ولا خطأ في جانبه لأنه التزم بتطبيق نص كان له وجود فعلي في ذلك الوقت قبل القضاء بعدم دستوريته.
2 - إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم أو مجابهة هذا الدفاع بما لا يصلح رداً سائغاً يترتب عليه بطلان الحكم للقصور في أسبابه الواقعية.
3 - المقرر في قضاء محكمة النقض أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما يكون لها من الدلالة فإنه بكون معيباً بالقصور.
4 - المقرر في قضاء محكمة النقض أنه ولئن كان علم المؤجر الأصلي بواقعة التأجير من الباطن وسكوته فترة طويلة دون اعتراض يمكن اعتباره تنازلاً من جانبه عن استعمال حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر لهذا السبب، إلا أن تقدير ذلك متروك لسلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان تقديرها سائغاً.
5 - تمسك الطاعن بمذكرة دفاعه أمام المحكمة المطعون في حكمها بعدم أحقية المطعون ضدهم الستة الأول - المؤجرين - في طلب إخلاء الڤيلا محل النزاع منه للتأجير من الباطن بصدور الحكم بعدم دستورية نص المادة (40) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك لمبادرته فور عودته من الخارج بالتنبيه على المطعون ضده الأخير بتاريخ 19/ 12/ 1993 بإنهاء عقد الإيجار من الباطن المبرم بينهما والمؤرخ 1/ 2/ 1986 وإخلاء الفيلا محل النزاع ورفعه الدعوى المستعجلة رقم.... لسنة.... القاهرة لطرده منها والمقضى فيها بعدم سماع الدعوى وتأييد ذلك الحكم استئنافياً فأقام الدعوى الموضوعية بالإخلاء رقم..... لسنة..... إيجارات كلي شمال القاهرة المتداولة بالجلسات وذلك قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه كما تمسك بسقوط حقهم في هذا الطلب لعلمهم بالتأجير من الباطن من فترة طويلة تربو على الأربع سنوات سابقة على رفع دعواهم بالإخلاء المطعون في حكمها ذلك بمثابة موافقة ضمنية عليه كالمستفاد من المحضر الإداري رقم.... لسنة..... الزيتون غير أن الحكم المطعون فيه اجتزا في قضائه بإخلاء العين محل النزاع على ما أورده بمدوناته من "....... إن مجرد علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن لا يعتبر بذاته قبولاً لها يتضمن النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الايجابي عن الإرادة ومن ثم فلا يقبل الادعاء بصدور موافقة ضمنية مستفادة من علمهم بذلك وعدم اعتراضهم عليه إذ خلت الأوراق من ثمة قرينة أو دليل قاطع على موافقة المستأنفين على واقعة التأجير من الباطن ومن ثم يكون الثابت أن التأجير من الباطن قد تم دون موافقة المستأنفين وحيث إنه عما أثاره المستأنف عليه الأول من أن واقعة التأجير من الباطن تستند إلى الرخصة المخولة له بالمادة 40/ 1 من القانون 49 لسنة 1977 فمردود بأنه قضى من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 40 ق 49 لسنة 1977.... ومن ثم يكون ما قرره المستأنف عليه في هذا الصدد على غير سند من القانون مما تلتفت عنه المحكمة..." وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يصلح رداً سائغاً على دفاع الطاعن الجوهري سالف البيان في شقيه لعدم تمحيصه لفحواه ومؤداه في ضوء النظر المتقدم والذي - إن صح - يتغير به وجه الرأي في الدعوى مطرحاً المستندات المقدمة من الطاعنين والمبينة آنفاً ودلالتها التي تمسك بها الطاعن والتي لا يبين أنه فحصها أو أطلع عليها مما يصمه بعوار القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الستة الأول وأخرى أقاموا على الطاعن والمطعون ضده الأخير الدعوى رقم 765 لسنة 1994 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الفيلا المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 23/ 2/ 1981 على سند من أنه بموجب هذا العقد المستأجر الطاعن منهم تلك الفيلا وملحقاتها لاستعمالها في النشاط التجاري لقاء أجرة شهرية مقدارها (مائة جنيهاً) وإذ قام بتأجيرها من الباطن دون إذن كتابي منهم للمطعون ضده الأخير الذي أساء - ومن سبقه - استعمالها كورش لحام وسمكرة ودوكو السيارات بما يثير الضجيج ويضر بالعين المؤجرة بالمخالفة لشروط العقد فأقاموا الدعوى. أقام المطعون ضده الأخير على المطعون ضدهم الستة الأول وأخرتين الدعوى رقم 7999 لسنة 1996 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية فيما بينهم عن ذات الفيلا محل النزاع اعتباراً من 1/ 3/ 1980 لاستئجارها منهم ورفضهم تحرير عقد إيجار له بالمخالفة لحكم المادة (24) من القانون رقم 49 لسنة 1977. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى الأولى وبعد أن أودع تقريره تدخل الطاعن هجومياً في الدعوى الثانية طالباً رفضها. أمرت المحكمة بضم الدعويين وحكمت برفضهما. استأنف المطعون ضدهم الستة الأول الحكم الصادر في الدعوى الأولى بالاستئناف رقم 5343 لسنة 1 ق القاهرة. وبتاريخ 16/ 12/ 1998 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء والتسليم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً بالنسبة للطاعن. وإذ عُرِض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم أحقية المطعون ضدهم الستة الأول في طلب إخلاء الفيلا محل النزاع لتأجيره لها من الباطن للمطعون ضده الأخير حال سفره للخارج عملاً بالرخصة المخولة له بنص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 إذ يترتب على القضاء بعدم دستوريتها فسخ عقد إيجار المستأجر من الباطن دون عقد إيجار المستأجر الأصلي طالما لم يتراخ الأخير في طلب إنهاء العقد الأول خلال مدة معقولة فور صدور الحكم بعدم دستوريتها وإذ أنذر المطعون ضده الأخير عقب عودته من الخارج بالتنبيه المؤرخ 9/ 12/ 1993 بإخلاء العين محل النزاع وبادر باختصامه بالدعوى المستعجلة رقم 1197 القاهرة لطرده منها وقضى فيها بعدم السماع وتأييد ذلك استئنافياً فأقام عليه دعوى الإخلاء الموضوعية رقم 8520 لسنة 1996 إيجارات كلي شمال القاهرة قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه كما تمسك أيضاً بسقوط حقهم في طلب الإخلاء للتأجير من الباطن لموافقتهم الضمنية على ذلك التأجير لعلمهم به لمدة طويلة سابقة على رفع دعواهم كالثابت بالمحضر الإداري رقم 4171 لسنة 1990 الزيتون وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري والذي من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ملتفتاً عن المستندات المشار إليها ودلالتها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن نص المادة (40) من القانون رقم 49 لسنة 1977 أصبح لا يجوز تطبيقه اعتباراً من 28/ 11/ 1997 وهو اليوم التالي لنشر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته في القضية رقم (149) لسنة 18 ق. دستورية عليا بالجريدة الرسمية في العدد رقم (48) بتاريخ 27/ 11/ 1997 عملاً بالمادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا مثله في ذلك كأي تشريع جديد ألغى قانوناً بأثر رجعي سابقاً على صدوره ويترتب عليه فسخ عقد إيجار المستأجر الأصلي وزوال سند التأجير المفروش بحكم القانون نظراً لإلغاء نص المادة (40) سالفة البيان ويترتب على ذلك أنه إذا نشأ العقد المفروش وتم تنفيذه وانتهى في ظل الرخصة التي تخولها المادة (40) من القانون رقم 49 لسنة 1977 للمستأجر الأصلي وقبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ففي هذه الحالة لا تقصير على المستأجر الأصلي ولا خطأ في جانبه لأنه التزم بتطبيق نص كان له وجود فعلي في ذلك الوقت قبل القضاء بعدم دستوريته. كما أن إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم أو مجابهة هذا الدفاع بما لا يصلح رداً سائغاً يترتب عليه بطلان الحكم للقصور في أسبابه الواقعية. وإنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما يكون لها من الدلالة فإنه يكون معيباً بالقصور. كما أن المقرر أيضاً أنه ولئن كان علم المؤجر الأصلي بواقعة التأجير من الباطن وسكوته فترة طويلة دون اعتراض يمكن اعتباره تنازلاً من جانبه عن استعمال حقه في طلب إخلاء لهذا السبب، إلا أن تقدير ذلك متروك لسلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان تقديرها سائغاً. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق تمسك الطاعن بمذكرة دفاعه بجلسة 6/ 6/ 1998 أمام المحكمة المطعون في حكمها بعدم أحقية المطعون ضدهم الستة الأول - المؤجرين - في طلب إخلاء الفيلا محل النزاع منه للتأجير من الباطن بصدور الحكم بعدم دستورية نص المادة (40) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك لمبادرته فور عودته من الخارج بالتنبيه على المطعون ضده الأخير بتاريخ 19/ 12/ 1993 بإنهاء عقد الإيجار من الباطن المبرم بينهما والمؤرخ 1/ 2/ 1986 وإخلاء الفيلا محل النزاع ورفعه الدعوى المستعجلة رقم 1197 لسنة 1994 القاهرة لطرده منها والمقُضى فيها بعدم سماع الدعوى وتأييد ذلك الحكم استئنافياً فأقام الدعوى الموضوعية بالإخلاء رقم 8520 لسنة 1996 إيجارات كلي شمال القاهرة المتداولة بالجلسات وذلك قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه كما تمسك بسقوط حقهم في هذا الطلب لعلمهم بالتأجير من الباطن من فترة طويلة تربو على الأربع سنوات سابقة على رفع دعواهم بالإخلاء المطعون في حكمها ذلك بمثابة موافقة ضمنية عليه كالمستفاد من المحضر الإداري رقم 4171 لسنة 1990 الزيتون غير أن الحكم المطعون فيه اجتزا في قضائه بإخلاء العين محل النزاع على ما أورده بمدوناته من "..... أن مجرد علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن لا يعتبر بذاته قبولاً لها يتضمن النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الايجابي عن الإرادة ومن ثم فلا يقبل الادعاء بصدور موافقة ضمنية مستفادة من علمهم بذلك وعدم اعتراضهم عليه إذ خلت الأوراق من ثمة قرينة أو دليل قاطع على موافقة المستأنفين على واقعة التأجير من الباطن ومن ثم يكون الثابت أن التأجير من الباطن قد تم دون موافقة المستأنفين وحيث إنه عما أثاره المستأنف عليه الأول من أن واقعة التأجير من الباطن تستند إلى الرخصة المخولة له بالمادة 40/ 1 من القانون 49 لسنة 1977 فمردود بأنه قضي من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 40 ق 49 لسنة 1977.... ومن ثم يكون ما قرره المستأنف عليه في هذا الصدد على غير سند من القانون مما تلتفت عنه المحكمة..." وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يصلح رداً سائغاً على دفاع الطاعن الجوهري سالف البيان في شقيه لعدم تمحيصه لفحواه ومؤداه في ضوء النظر المتقدم والذي - إن صح - يتغير به وجه الرأي في الدعوى مطرحاً المستندات المقدمة من الطاعنين والمبينة آنفاً ودلالتها التي تمسك بها الطاعن والتي لا يبين أنه فحصها أو أطلع عليها مما يصمه بعوار القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.