أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 1663

جلسة 3 من يونيه سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، عبد الحميد المنفلوطي، جلال الدين أنسي وأحمد كمال سالم.

(309)
الطعن رقم 476 لسنة 47 القضائية

(1) دعوى. شفعة. قانون "سريان القانون من حيث الزمان".
اعتبار الدعوى مرفوعة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة. م 63 مرافعات. سريان ذلك على دعوى الشفعة. لا محل لأعمال أحكام قانون المرافعات السابق الساري وقت صدور القانون المدني.
(2) شفعة.
البناء أو الغراس الذي يجريه المشتري في العقار المشفوع فيه. عدم التزام الشفيع بإيداع قيمته خزينة المحكمة. كفاية إيداعه كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، المادتان 942، 946 مدني.
(3) بيع. التزام "حق الحبس".
حق الحبس. لا تملك المحكمة إعمال أحكامه ما لم يطلبه صراحة صاحب الحق فيه.
1 - الأصل أن ترفع الدعوى بالطريق المحدد في قانون المرافعات الساري وقت رفعها، ولما كانت المادة 63 من قانون المرافعات الحالي تقضي بأن ترفع الدعوى إلى المحكمة بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير، ذلك وكان القانون لم يستثن دعوى الشفعة من الطريق العادي لرفع الدعاوى، وكانت المادة 943 من القانون المدني قد اكتفت بالنص على رفع دعوى الشفعة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة دون أن تحيل صراحة إلى قواعد رفع الدعوى التي كان معمولاً بها وقت صدور القانون المدني أو ترسم طريقاً معيناً لرفعها. إذ كان ذلك، فإن دعوى الشفعة تعتبر مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق قانون المرافعات الحالي المنطبق على واقعة الدعوى.
2 - بينت المادة 946 من القانون المدني ما يحق للمشتري اقتضاءه من الشفيع مقابل البناء أو الغراس الذي يجريه المشتري في العقار المشفوع به والمادة 942 من هذا القانون حددت ما يجب على الشفيع إيداعه بأنه "كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ورتبت على مخالفة ذلك سقوط حق الأخذ بالشفعة، وعبارة "كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع" لا تتسع لأن يكون المستحق للمشتري مقابل البناء أو الغراس هو مما يجب على الشفيع إيداعه، ومن ثم فإن عدم إيداع الشفيع لهذا المقابل لا ينبني عليه سقوط حق الأخذ بالشفعة، إذ القول بغير ذلك فيه إضافة لإجراء من إجراءات الشفعة لا يتطلبه القانون وإعمال للجزاء في غير النطاق الذي حدده.
3 - المحكمة لا تملك إعمال أحكام حق الحبس ما لم يطلبه صراحة صاحب الحق فيه، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعنين - المشترين - قد قصروا دفاعهم أمام محكمة الموضوع على الدفع بسقوط حق الأخذ بالشفعة لتنازل الشفعاء عنه ولعدم إيداعهم قيمة البناء الذي أقامه الطاعنون في الأرض المشفوعة، وكان هذا الدفاع، وطلب الطاعنين رفض الدعوى استناداً إليه لا يفيد تمسكهم بحق الحبس، فإن النعي على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 1279 لسنة 1972 مدني كلي الجيزة ضد الطاعنين والمطعون عليه الأخير للحكم بأحقيتهم في أخذ الأرض الموضحة بالصحيفة بالشفعة وتسليمها إليهم لقاء الثمن المودع وقدره 6553 ج و800 م تأسيساً على أنهم يملكون العقار المجاور لهذه الأرض. دفع الطاعنون "المشترون" بسقوط الحق في الشفعة للنزول عنه قبل البيع ولأن الشفعاء لم يودعوا مع ثمن الأرض قيمة المباني التي أقامها الطاعنون عليها. وفي 21/ 1/ 1973 قضت المحكمة للمدعيين بطلباتهم. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 697 سنة 90 ق القاهرة. وبتاريخ 7/ 2/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن المشرع عند وضع القانون المدني القائم أراد التضييق من حق الشفعة بأن وضع قيوداً عليه، منها ما نصت عليه المادة 943 من وجوب رفع دعوى الشفعة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة وإلا سقط الحق فيها، ولما كان رفع الدعوى لا يتم وفقاًَ لقانون المرافعات الساري وقت صدور القانون المدني إلا بإتمام إعلان صحيفتها إلى المدعى عليهم، فإن المشرع يكون قد قصد برفع الدعوى في مفهوم المادة المذكورة أن يتم إعلان صحيفتها إلى البائع والمشتري خلال ذلك الميعاد، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن الدعوى قد تم رفعها في الميعاد لمجرد إيداع صحيفتها قلم كتاب خلاله، مع أن إعلانها للمدعى عليهم لم يتم إلا بعد انقضائه مما كان يجب معه على المحكمة أن تقضي بسقوط الحق في الشفعة إعمالاً للمادة 943 سالفة الذكر.
وحيث هذا النعي مردود، ذلك أن الأصل أن ترفع الدعوى بالطريق المحدد في قانون المرافعات الساري وقت رفعها، ولما كانت المادة 63 من قانون المرافعات الحالي تقضي بأن ترفع الدعوى إلى المحكمة بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك، وكان القانون لم يستثن دعوى الشفعة من الطريق العادي لرفع الدعاوى، وكانت المادة 943 من القانون المدني قد اكتفت بالنص على رفع دعوى الشفعة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة دون أن تحيل صراحة إلى قواعد رفع الدعوى التي كان معمولاً بها وقت صدور القانون المدني أو ترسم طريقاً معيناً لرفعها. إذ كان ذلك، فإن دعوى الشفعة تعتبر مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق قانون المرافعات الحالي المنطبق على واقعة الدعوى. ولما كان المطعون عليهم قد أعلنوا الطاعنين والبائع برغبتهم في الأخذ بالشفعة في 19/ 7/ 1972 وأودعوا صحيفة الدعوى قلم الكتاب في 31/ 7/ 1972، فإنها تكون قد رفعت في الميعاد المحدد بالمادة 943 السالفة الذكر، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل الشق الأول من السبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بسقوط حق الأخذ بالشفعة لأن المطعون عليهم الثلاثة الأول لم يودعوا مع الثمن قيمة البناء الذي أقامه الطاعنون على الأرض المشفوعة والتي بلغت 72000، ورفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع، مع أن قيمة هذا البناء تعد جزءاً من الثمن الذي يجب على الشفيع إيداعه وإلا سقط حقه في الشفعة عملاً بالمادة 942 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كانت المادة 946 من القانون المدني ما يحق للمشتري اقتضاءه من الشفيع مقابل البناء أو الغراس الذي يجريه المشتري في العقار المشفوع إلا أنه لما كانت المادة 942 من هذا القانون حددت ما يجب على الشفيع إيداعه بأنه "كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع" ورتبت على مخالفة ذلك سقوط حق الأخذ بالشفعة، وعبارة "كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع" لا تتسع لأن يكون المستحق للمشتري مقابل البناء أو الغراس هو ما يجب على الشفيع إيداعه، ومن ثم فإن عدم إيداعه الشفيع لهذا المقابل لا ينبني عليه سقوط حق الأخذ بالشفعة، إذ القول بغير ذلك فيه إضافة لإجراء من إجراءات الشفعة لا يتطلبه القانون وإعمال للجزاء في غير النطاق الذي حدده. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل الشق الثاني من السبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بتسليم الأرض للمطعون عليهم الثلاثة الأول برغم أنه يحق للطاعنين حبسها حتى يؤدي لهم الشفعاء ما يلتزمون بأدائه من قيمة البناء، وأنه وإن لم يتمسك الطاعنون بحق الحبس بلفظه إلا أنهم استندوا في طلب رفض الدعوى إلى عدم أدائهم لتلك القيمة مما يدل بطريق اللزوم على تمسكهم بالحق في الحبس مما كان يوجب رفض طلب التسليم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المحكمة لا تملك إعمال أحكام حق الحبس ما لم يطلب صراحة صاحب الحق فيه، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قد قصروا دفاعهم أمام محكمة الموضوع على الدفع بسقوط حق الأخذ بالشفعة لتنازل الشفعاء عنه ولعدم إيداعهم قيمة البناء الذي أقامه الطاعنون في الأرض المشفوعة، وكان هذا الدفاع وطلب الطاعنين رفض الدعوى استناداً إليه لا يفيد تمسكهم بحق الحبس، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الشق يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.