أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 263

جلسة 6 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين شلقاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري جمعة حسين، عبد الجواد هاشم فراج، أحمد عبد الكريم نواب رئيس المحكمة ومحمد محمد زكي.

(45)
الطعن رقم 2340 لسنة 68 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار". استئناف. نقض. حكم. "تسبيبه". محكمة الموضوع" "أمور الواقع".
(1) تقدير الإقامة المستقرة. واقع. تستقل به محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً وألا تخرج بأقوال الشهود عن حدودها ولا إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها. اتخاذ محكمة النقض في تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها منحَّى معين. وجوب. اتباع محكمة الاستئناف الحكم الناقض في هذا الخصوص وألا تقيم قضاءها على خلاف هذا المنحى. علة ذلك.
(2) انتهاء الحكم الناقض إلي فساد الحكم في الاستدلال لنفيه وصف الإقامة المستقرة للطاعنة بعين النزاع مع أبيها حتى وفاته على اطمئنانه لأقوال شاهدي المطعون ضده من أن الباعث عليها رعاية والدها المريض رغم أن أحدهما أقر برؤيته لها يومياً ولا ينفي برها بأبيها قصد اتخاذها العين موطناً لها. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف استناداً إلى اطمئنانه لذات أقوال الشاهدين مستخلصاً أن إقامة الطاعنة إقامة عارضة. خطأ وقصور وفساد في الاستدلال. علة ذلك.
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان تقدير الإقامة المستقرة من مسائل الواقع وتدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن يكون استخلاصها سائغاً وألا تخرج بأقوال الشهود عن حدودها ولا إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها ولازم ذلك أنه متى ذهبت محكمة النقض في تقدير أقوال الشهود في الدعوى واستخلاص الواقع منها منحى معين فإن على محكمة الاستئناف إن نقض الحكم لهذا السبب أن تتبع حكم النقض فيما ذهب إليه بالنسبة لتلك الأقوال وألا تقيم قضاءها على خلاف هذا المنحَّى.
2 - إذ كان الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ / / في الطعن رقم.... لسنة.... ق قد أقام قضاءه بنقض الحكم السابق صدوره من المحكمة المطعون في حكمها في / / على ما شابه من عوار الفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون حين نفى وصف الاستقرار عن إقامة الطاعنة بالشقة محل النزاع من اطمئنانه لأقوال شاهدي المطعون ضدهم من أن الباعث عليها رعاية أبيها المريض رغم إقرار أحدهما برؤيته لها يومياً بها فضلاً عن أن برها بأبيها المريض بمجرده ليس من شأنه أن ينفي عنها قصدها باتخاذها موطناً لها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا المنحى وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على اطمئنانه لذات أقوال هذين الشاهدين مستخلصاً منها نفي وصف الاستقرار عن إقامة الطاعنة بالشقة محل النزاع لكونها تتردد على والدها مما مفاده الإقامة العارضة بالمخالفة لما انتهى إليه الحكم الناقض في هذا الصدد فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنة الدعوى رقم 1709 لسنة 1994 إيجارات كلي الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1987 وإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم على سند من أنه بموجب هذا العقد استأجر مورث الطاعنة من مورثهم الشقة محل النزاع وإذ توفى بتاريخ 9/ 1/ 1994 دون أن يقيم معه أحد إلا أنهم فوجئوا بإقامة الطاعنة بها بعد وفاة والدها دون سند رغم إقامتها مع زوجها وأولادها بمسكن آخر فأقاموا الدعوى. أقامت الطاعنة على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1489 لسنة 1995 إيجارات كلي الجيزة الابتدائية طالبة الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية وإلزامهم بتحرير عقد إيجار لها عن تلك الشقة استناداً لحقها في الاستمرار في شغلها بعد وفاة والدها المستأجر الأصلي. أحالت المحكمة الدعوى الأولى للتحقيق وبعد سماع شاهدي الطرفين أمرت بضم الدعويين وحكمت في الدعوى الأولى بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1987 والإخلاء والتسليم وفي الدعوى الثانية برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 18178 لسنة 112 ق. القاهرة وبتاريخ 5/ 11/ 1996 حكمت المحكمة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 15 لسنة 67 ق. وبتاريخ 19/ 1/ 1998 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، عجلت الطاعنة السير في الاستئناف وبتاريخ 26/ 8/ 1998 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في الحكم الأخير بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرِض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه أقام قضاءه بتأييد حكم محكمة أول درجة على سبب واحد هو شهادة شاهدي المطعون ضدهم رغم تضمن شهادة أحدهما رؤيته لها يومياً بالشقة محل النزاع قبل وفاة والدها المستأجر الأصلي مطرَّحاً أقوال شاهديها القاطعة في الدلالة على إقامتها المستقرة بها منذ خمس سنوات سابقة على وفاته مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان تقدير الإقامة المستقرة من أمور الواقع وتدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن يكون استخلاصها سائغاً وألا تخرج بأقوال الشهود عن حدودها ولا إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها ولازم ذلك أنه متى ذهبت محكمة النقض في تقدير أقوال الشهود في الدعوى واستخلاص الواقع منها منحى معين فإن على محكمة الاستئناف أن نقض الحكم لهذا السبب أن تتبع حكم النقض فيما ذهب إليه بالنسبة لتلك الأقوال وألا تقيم قضاءها على خلاف هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 19/ 1/ 1998 في الطعن رقم 15 لسنة 67 ق قد أقام قضاءه بنقض الحكم السابق صدوره من المحكمة المطعون في حكمها في 5/ 11/ 1996 على ما شابه من عوار الفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون حين نفى وصف الاستقرار عن إقامة الطاعنة بالشقة محل النزاع من اطمئنانه لأقوال شاهدي المطعون ضدهم من أن الباعث عليها رعاية أبيها المريض رغم إقرار أحدهما برؤيته لها يومياً بها فضلاً عن أن برها بأبيها المريض بمجرده ليس من شأنه ينفي عنها قصدها باتخاذها موطناً لها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا المنحى وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على اطمئنانه لذات أقوال هذين الشاهدين مستخلصاً منها نفي وصف الاستقرار عن إقامة الطاعنة بالشقة محل النزاع لكونها تتردد على والدها مما مفاده الإقامة العارضة بالمخالفة لما انتهى إليه الحكم الناقض في هذا الصدد فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية ولذات السبب وعملاً بنص المادة 269/ 3 مرافعات فإن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم - فإن المحكمة تطمئن إلى أقوال شاهدي الطاعنة من إقامتها الدائمة بالشقة محل النزاع منذ حوالي خمس سنوات سابقة على وفاة والدها المستأجر الأصلي وأن ذلك هو مرد خلافها مع زوجها والسبب المباشر لطلاقها مما يتعين معه القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإجابة الطاعنة لطلباتها ورفض دعوى المطعون ضدهم.