أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 289

جلسة 8 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع نائبي رئيس المحكمة، عبد المنعم محمود عوض وعز العرب عبد الصبور.

(51)
الطعن رقم 338 لسنة 63 القضائية

(1، 2) محكمة الموضوع "سلطتها بشأن استخلاص حسن النية وسوئها: الجدل الموضوعي". نقض "أسباب الطعن: الأسباب الموضوعية".
(1) لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص حسن النية أو سوئها من مظانها ومما تستشفه من ظروف الدعوى وملابساتها. شرطه. قيام استخلاصها على أسباب تكفي لحمل قضائها.
(2) استخلاص الحكم المطعون فيه سائغاً من المحاضر الإدارية المحررة بين طرفي النزاع والدعوى المستعجلة المقامة من المطعون ضدها على الطاعن ومن الإنذار الموجه له من الحي بوقف أعمال البناء التي يقوم بها في أرضها أن استمراره فيها دليل على سوء نيته. النعي عليه في ذلك. جدل موضوعي. غير مقبول.
(3، 4) ملكية "أسباب كسبها: الالتصاق". التصاق. تعويض. اختصاص "الاختصاص القيمي". حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(3) تملك صاحب الأرض المنشآت التي يطلب استبقائها بالالتصاق. كيفيته. تعويض صاحبها بأقل القيمتين. قيمة المنشآت مستحقة الإزالة بعد استنزال تكاليف الهدم أو الفرق بين ثمن الأرض خالية من المنشآت وثمنها بعد إقامتها عليها. م 924/ 1 مدني. هذا التعويض وإن كان مصدره القانون، إلا أنه يمثل قيمة ما أثرى به صاحب الأرض بسبب إقامة المنشآت. لا صلة له بقواعد تقدير قيمة الدعوى المنصوص عليها في م 37 مرافعات. هدف تلك القواعد. وضع معيار لتحديد الاختصاص القيمي لمحاكم الدرجة الأولى ومدى قابلية أحكامها للطعن فيها.
(4) دعوى المطعون ضدها باستبقاء المنشآت التي أقامها الطاعن وهو سيئ النية على أرض مملوكة لها مقابل دفع قيمة المنشآت مستحقة الإزالة. تكليف الحكم المطعون فيه للخبير بتقدير قيمة المنشآت طبقاً للمادة 37 مرافعات وتعويله في قضائه على هذا التقدير. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن من سلطة محكمة الموضوع استخلاص حسن النية أو سوئها من مظانها، ومما تستشفه من ظروف الدعوى وملابساتها متى كان استخلاصها قائماً على أسباب سائغة تكفي لحمل قضائها.
2 - إذا كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص - مما هو ثابت في المحاضر الإدارية المحررة بين طرفي النزاع، والدعوى المستعجلة التي أقامتها المطعون ضدها على الطاعن، ومن الإنذار الموجه له من حي شرق الإسكندرية بضرورة وقف ما يقوم به من أعمال البناء في أرض المطعون ضدها - أن استمراره في هذه الأعمال، دليل على سوء نيته، وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن بما ورد بوجوه النعي...... لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره، حرياً بعدم القبول.
2 - النص في الفقرة الأولى من المادة 924 من القانون المدني على أن "إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت" - مفاده أن تملك صاحب الأرض للمنشآت التي يطلب استبقاءها بالالتصاق يكون مقابل تعويض صاحبها بأقل القيمتين المشار إليهما في النص وهما: قيمة المنشآت مستحقة الإزالة أي قيمة الأنقاض بعد استنزال تكاليف الهدم، أو الفرق بين ثمن الأرض خالية من المنشآت وثمنها بعد إقامة هذه المنشآت عليها باعتبار أن فرق الثمن هو ما زاد في ثمن الأرض، ولا مراء في أن التعويض في هذه الحالة وإن كان مصدره القانون، إلا أنه يمثل قيمة ما أثرى به صاحب الأرض بسبب إقامة المنشآت، وهو بهذه الصفة منبت الصلة بقواعد تقدير قيمة الدعوى المنصوص عليها في المادة 37 من قانون المرافعات والتي تهدف إلى وضع معيار لتحديد الاختصاص القيمي لمحاكم الدرجة الأولى، ولمدى قابلية هذه الأحكام للطعن فيها.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد.... ناط بالخبير المندوب في الدعوى (دعوى استبقاء المباني المقامة على أرض الغير مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة) تقدير قيمة المنشآت التي أقامها الطاعن - وهو سيئ النية - على الأرض المملوكة للمطعون ضدها، طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 37 مرافعات، ثم اعتد في قضائه بهذا التقدير، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 5526 لسنة 1985 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم باستبقاء المباني التي أقامها الأخير على قطعة الأرض المملوكة لها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة. وقالت بياناً لدعواها إنها اشترت قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة بعقد مسجل برقم..... لسنة 1970 شهر عقاري الإسكندرية ثم باعتها بعقد مؤرخ 21/ 4/ 1981 إلى المدعو "........". وإذ تعرض له الطاعن بزعم أنه اشترى قطعة الأرض تلك بعقد بيع مؤرخ 21/ 4/ 1970 من "....." الذي تملكها بالعقد المسجل برقم........ لسنة 1936، في حين أن هذا العقد عقد رهن لقطعة أرض أخرى لم يكن البائع للطاعن طرفاً فيه، فقد أقامت الدعوى للحكم لها بطلبها سالف البيان. ومحكمة أول درجة - بعد أن ندبت خبيراً أودع تقريره - حكمت المحكمة بالطلب. استأنف الطاعن بالاستئناف رقم 697 لسنة 47 ق الإسكندرية وبتاريخ 27/ 11/ 1992 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثاني والثالث وبالوجهين الأول والثاني من السبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وبياناً لذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بأحقية المطعون ضدها في استبقاء ما أقامه من مبان مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة على أنه كان سيئ النية، وذلك وفقاً لما جاء بالمحاضر الإدارية التي حررت في شأن النزاع بين الطرفين، وبما تضمنته الدعوى المستعجلة، وإنذار حي شرق الإسكندرية الذي أمر بمقتضاه بوقف أعمال البناء، في حين أن هذا الذي تساند إليه الحكم لا يدل على سوء نيته، إذ لا تلازم بين الحق في إقامة البناء، وبين ملكية الأرض، ذلك أن اعتقاده - وهو مشتر بعقد عرفي - في أن من حقه إقامة بناء على الأرض المبيعة له هو المناط في التقرير بحسن أو سوء نيته، ولما كان قد وضع يده على قطعة الأرض التي اشتراها بعقد مؤرخ في سنه 1970 قضى بصحته ونفاذه في سنة 1983 منذ تاريخ الشراء، وكانت النيابة العامة قد مكنته من حيازتها حين ثار نزاع حول هذه الحيازة، فإنه يكون حسن النية، ومؤدى حسن نيته أن تختار المطعون ضدها - عملاً بالمادة 925/ 1 من القانون المدني - بين أن تدفع قيمة المواد وأجرة العمل، وبين أن تدفع مبلغاً مساوياً لما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المباني. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل حكم المادة 924 من القانون المدني، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد وغير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من سلطة محكمة الموضوع استخلاص حسن النية أو سوئها من مظانها، ومما تستشفه من ظروف الدعوى وملابساتها متى كان استخلاصها قائماً على أسباب سائغة تكفي لحمل قضائها. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص - مما هو ثابت في المحاضر الإدارية المحررة بين طرفي النزاع، والدعوى المستعجلة التي أقامتها المطعون ضدها على الطاعن، ومن الإنذار الموجه له من حي شرق الإسكندرية بضرورة وقف ما يقوم به من أعمال البناء في أرض المطعون ضدها - أن استمراره في هذه الأعمال، دليل على سوء نيته، وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن بما ورد بوجوه النعي سالفة البيان لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره، حرياً بعدم القبول.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول وبالوجه الثالث من السبب الرابع مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتد في تقدير قيمة المباني التي أقامها بقواعد تقدير قيمة الدعوى المنصوص عليها في المادة 37 من قانون المرافعات، في حين أن هذا التقدير يجب أن يتم وفقاً للقيمة الحقيقية لها. هذا إلى أن الخبير قدر تلك القيمة على أساس أن المبنى الذي أقامه مكون من خمسة طوابق في حين أنها تسعة. وإذ أخذ الحكم - في هذا الصدد - بما جاء في تقرير الخبرة، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 924 من القانون المدني على أن "إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت" - مفاده أن تملك صاحب الأرض للمنشآت التي يطلب استبقاءها بالالتصاق يكون مقابل تعويض صاحبها بأقل القيمتين المشار إليهما في النص وهما: قيمة المنشآت مستحقة الإزالة أي قيمة الأنقاض بعد استنزال تكاليف الهدم، أو الفرق بين ثمن الأرض خالية من المنشآت وثمنها بعد إقامة هذه المنشآت عليها باعتبار أن فرق الثمن هو ما زاد في ثمن الأرض. ولا مراء في أن التعويض في هذه الحالة وإن كان مصدره القانون، إلا أنه يمثل قيمة ما أثرى به صاحب الأرض بسبب إقامة المنشآت، وهو بهذه الصفة منبت الصلة بقواعد تقدير قيمة الدعوى المنصوص عليها في المادة 37 من قانون المرافعات والتي تهدف إلى وضع ميعاد لتحديد الاختصاص القيمي لمحاكم الدرجة الأولى، ولمدى قابلية أحكامها للطعن فيها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر إذ ناط بالخبير المندوب في الدعوى تقدير قيمة المنشآت التي أقامها الطاعن - وهو سيئ النية - على الأرض المملوكة للمطعون ضدها، طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 37 مرافعات، ثم اعتد في قضائه بهذا التقدير، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه، مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.