أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ1806

جلسة 21 من يونيه سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعة.

(336)
الطعن رقم 1885 لسنة 49 القضائية

(1 و2) قانون. "سريان القانون". استئناف. "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن".
(1) سريان أحكام القوانين على ما يقع من تاريخ العمل بها. من الأصول الدستورية المقررة. سريان قوانين المرافعات. نطاقه. م 1 مرافعات.
(2) انقضاء ثلاثة أشهر دون إعلان صحيفة الاستئناف. أثره. وجوب القضاء باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. م 70 مرافعات. تحقق موجب إعمال هذا الجزاء قبل تعديل هذه المادة يجعله جوازياً للمحكمة. أثره. لا محل لإعمال حكم القانون الجديد.
1 - من الأصول الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها وأنه لا يترتب عليها أثره فيما وقع قبلها مما مؤداه عدم جواز انسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من إجراءات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين وهو المبدأ الذي جاءت به المادة الأولى من قانون المرافعات تطبيقاً له بما نصت عليه من أن "تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها".
2 - تنص المادة 70 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 على أن "تعتبر الدعوى كأن لم تكن إذ لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب"، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن مورثة المطعون عليهم أقامت الاستئناف بصحيفة أودعتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 3/ 5/ 1976 وأنه لم يتم إعلان الطاعنة بهذه الصحيفة إلا بتاريخ 17/ 2/ 1977 أي بعد فوات مدة الثلاثة أشهر المنصوص عليها في المادة 70 من قانون المرافعات، وكان الثابت أن الطاعنة قد دفعت قبل أن تتعرض للموضوع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تكليفها بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب. وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليها في المادة 70 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 240 الواردة في باب الاستئناف هو ميعاد حضور بصريح النص ويترتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وهو جزاء نص عليه المشرع لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب. لما كان ما تقدم، فقد كان حتماً على محكمة الاستئناف وقد طلبت صاحبة المصلحة فيه إيقاع هذا الجزاء أن توقعه دون أن يكون لها ثمة خيار فيه وذلك إعمالاً لنص المادة 70 سالفة الذكر قبل تعديلها بالقانون 75 لسنة 1976 ولا يغير من ذلك أن هذا القانون الأخير قد عدل من نص تلك المادة فجعل إعمال ذلك الجزاء جوازياً للمحكمة بناء على طلب المستأنف عليه إذا كان عدم الإعلان راجعاً إلى فعل المستأنف ذلك أنه وقت أن عمل بهذا القانون من تاريخ نشره في 26/ 8/ 1976 كان قد اكتمل انقضاء الثلاثة أشهر على تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب دون إعلان المستأنف عليها - الطاعنة - مما مؤداه أن موجب إعمال الجزاء قد تحقق قبل العمل بذلك القانون، ومن ثم يخضع لحكم المادة قبل تعديلها، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر وأعمل حكم المادة 70 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون 75 لسنة 1976 على وضع تحقق قبل العمل بذلك القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة المطعون عليهم أقامت الدعوى رقم 481 لسنة 1974 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعنة عن نفسها وبصفتها للحكم بإخلائها من المحل المبين بصحيفة الدعوى وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 4/ 1967 استأجر منها مورث الطاعنة محلاً وحظرت عليه بالبند الخامس من ذلك العقد تأجيره من الباطن بدون إذن كتابي منها إلا أن الطاعنة خالفت ذلك وأجرت المحل من باطنها إلى آخر، ومن ثم فقد أقامت عليها الدعوى، قضت المحكمة برفضها. استأنفت مورثة المطعون عليهم الحكم بالاستئناف رقم 284 لسنة 32 ق الإسكندرية. ودفعت الطاعنة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانها بصحيفته خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب، قضت المحكمة بتاريخ 17/ 1/ 1978 برفض هذا الدفع ثم بتاريخ 17/ 6/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء، طعنت الطاعنة في هذا القضاء بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة عن نفسها وبصفتها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانها بصحيفته في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب، ذلك أن الصحيفة قدمت إلى قلم الكتاب بتاريخ 3/ 5/ 1976 بينما لم تعلن بها إلا في 17/ 2/ 1977، غير أن محكمة قضت برفض هذا الدفع بمقولة أنها ترى إعمالاً للحق المخول لها بمقتضى نص المادة 70 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 75 لسنة 1976 - عدم إعمال الجزاء المنصوص عليه في تلك المادة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لأن عدم الإعلان في الميعاد لم يكن راجعاً إلى فعل المستأنفة، وهو خطأ من الحكم في تطبيق القانون، لأن القانون رقم 75 لسنة 1976 الذي عدل نص المادة 70 آنفة الذكر بجعل إعمال الجزاء المشار إليه جوازياً للمحكمة بناء على طلب المدعى عليه إذا كان عدم الإعلان راجعاً إلى فعل المدعي لم يصدر إلا في 14/ 8/ 1976 أي بعد أن كانت مدة الثلاثة أشهر قد اكتملت، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضي باعتبار الاستئناف كأن لم يكن التزاماً بنص المادة 70 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون سالف الذكر والتي ينسحب حكمها على الاستئناف بمقتضى نص المادة 240 من القانون ذاته.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من الأصول الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، مما مؤداه عدم جواز انسحاب أثر القانون الجديد، على ما تكون قد وقع قبل العمل به من إجراءات وتحقق من أوضاع، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها، إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين وهو المبدأ الذي جاءت به المادة الأولى من قانون المرافعات تطبيقاً له بما نصت عليه من أن "تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو لم يكن تم من الإجراءات قبل العمل بها...."، لما كان ذلك. وكانت المادة 70 من ذلك القانون - قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 على أن "تعتبر الدعوى كأن لم تكن إذ لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب" وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن مورثة المطعون عليهم أقامت الاستئناف بصحيفة أودعتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 3/ 5/ 1976 وأنه لم يتم إعلان الطاعنة بهذه الصحيفة إلا بتاريخ 17/ 2/ 1977 أي بعد فوات مدة الثلاثة أشهر المنصوص عليها في المادة 70 من قانون المرافعات، وكان الثابت أن الطاعنة قد دفعت - قبل أن تتعرض للموضوع - باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تكليفها بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب. وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ميعاد ثلاثة أشهر المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات، التي أحالت إليها المادة 240 منه الواردة في باب الاستئناف، هو ميعاد حضور بصريح النص، ويترتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وهو جزاء نص عليه المشرع لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب. لما كان ما تقدم، فقد كان حتماً على محكمة الاستئناف - وقد طلبت صاحبة المصلحة فيه إيقاع هذا الجزاء - أن توقعه دون أن يكون لها ثمة خيار فيه، وذلك إعمالاً لنص المادة 70 سالفة الذكر قبل تعديلها بالقانون 75 لسنة 1976 ولا يغير من ذلك أن هذا القانون الأخير قد عدل من نص تلك المادة فجعل إعمال ذلك الجزاء جوازياً للمحكمة بناء على طلب المستأنف عليه إذا كان عدم الإعلان راجعاً إلى فعل المستأنف، ذلك أنه وقت أن عمل بهذا القانون من تاريخ نشره في 26/ 8/ 1976 كان قد اكتمل انقضاء الثلاثة أشهر على تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب دون إعلان المستأنف عليها - الطاعنة - بها، مما مؤداه أن موجب إعمال الجزاء قد تحقق قبل العمل بذلك القانون، ومن ثم يخضع لحكم المادة قبل تعديلها. إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر وأعمل حكم المادة 70 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون 75 لسنة 1976 على وضع تحقق قبل العمل بذلك القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي الأسباب.
ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء باعتبار الاستئناف كأن لم يكن.


[(1)] نقض 23/ 3/ 1976 مجموعة أحكام المكتب الفني السنة 27 ص 742.