أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 299

جلسة 9 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ فهمي السيد الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شهاوي عبد ربه، إلهام نجيب نوار، درويش أغا نواب رئيس المحكمة وعلي محمد إسماعيل.

(53)
الطعن رقم 231 لسنة 69 القضائية

(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء لتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة" "الامتداد القانوني لعقد إيجار". حكم "تسبيبه" "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون".
(1) تكرار امتناع المستأجر أو تأخره عن الوفاء بالأجرة الموجب لإخلائه. م 18/ ب ق 136 لسنة 1981. المقصود به. ثبوت مرده على عدم الوفاء بها في مواعيدها المرة تلو الأخرى. قيام المستأجر بسداد الأجرة قبل قفل باب المرافعة في الدعوى. لا يغني عن وجوب الحكم بالإخلاء ما لم يقدم مبررات لهذا التأخير تقدرها المحكمة.
(2) الإخلاء لتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة. مناطه. تحقق الامتناع أو التأخير من ذات المستأجر بعد إقامة الدعوى ضده. مؤداه. عدم جواز الاعتداد بدعوى الإخلاء السابق رفعها ضد المستأجر المتوفى أو التارك للمكان المؤجر في مواجهة من امتد إليه العقد إذا تأخر في الوفاء بالأجرة بعد الوفاة أو الترك. علة ذلك.
(3) المقيمون مع المستأجر ممن لهم حق الانتفاع بالامتداد القانوني. عدم جواز ترتيب أية التزامات في ذمتهم خلال مشاركتهم له المكان المؤجر. وفاة المستأجر أو تركه العين. أثره. امتداد العقد لصالحهم بقوة القانون وانتقال جميع الحقوق الناشئة عن العلاقة الإيجارية.
(4) قضاء الحكم المطعون فيه بإخلاء الطاعن الذي امتد إليه عقد إيجار عين النزاع لتكرار التأخير في سداد الأجرة استناداً إلى سبق تأخر مورثه في سدادها. خطأ. علة ذلك.
1 - المقصود بتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة فيما يعنيه نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون المستأجر قد مرد على عدم الوفاء بالأجرة في مواقيتها المرة تلو الأخرى ثم القيام بأدائها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى التي يضطر المؤجر إلى رفعها نتيجة هذا المسلك بما ينبئ عنه ذلك من إعنات للمؤجر ومشاغبة له باضطراره إلى اللجوء للقضاء أكثر من مرة لإخلاء المستأجر وإساءة الأخيرة لاستعمال رخصة توقي الحكم بالإخلاء التي منحها له القانون ولذا فقد عمد المشرع إلى الحد من استعمال المستأجر لهذه الرخصة فحرمه من الالتجاء إليها أكثر من مرة ما لم يقدم مبررات للتأخير عن الوفاء تقدرها المحكمة.
2 - إذ كان مؤدى إيراد الحكم بالإخلاء للتكرار وفق نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن يكون قيداً على ما سبقه من تيسير منح للمستأجر يتقي به الحكم ضده في دعوى الإخلاء التي يقيمها المؤجر قبله وفق الإجراءات المحددة بصدد هذه الفقرة، فإن مجال إعمال هذا الجزاء لا يتحقق إلا إذا تكرر من ذات المستأجر امتناعه أو تأخره عن الوفاء بالأجرة بعد إقامة هذه الدعوى ضده، إذ الأصل في الجزاء أن يكون شخصياً يلحق الشخص مرتكب المخالفة دون أي شخص آخر وبالتالي فلا يعتد بدعوى الإخلاء التي سبق رفعها ضد المستأجر المتوفى أو التارك للمكان المؤجر ولا يعول عليها إذا تأخر من امتد إليه عقد الإيجار في الوفاء بالأجرة بعد الوفاة أو الترك ولا يسوغ القول بأن الورثة من الخلف العام للمستأجر يلتزمون بما يلتزم به مورثهم لأن الخلافة قاصرة على انتقال الالتزامات والحقوق ويخرج عن هذا النطاق أنواع الجزاءات التي يرتبها المشرع على مخالفة شخص لحكم من أحكام القانون فالأصل فيها أن تكون شخصية لا تلحق إلا الشخص مرتكب المخالفة التي يترتب عليها الجزاء.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من لهم حق الانتفاع بالامتداد القانوني لعقد الإيجار في حالتي الوفاة أو الترك لا يعتبرون مع المستأجر مستأجرين أصليين للمكان المؤجر فلا تترتب في ذمتهم حال حياته أو خلال مشاركتهم له فيه أية التزامات قبل المؤجر بل يبقى المستأجر هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر حتى إذ ما أخل بالتزاماته جاز للمؤجر مقاضاته دون اختصامهم، حتى إذا توفى المستأجر أو ترك العين لمن كان مقيماً معه فإنهم يستفيدون من امتداد عقد الإيجار لصالحهم بقوة القانون ويكون لهم من وقت الوفاة أو الترك جميع الحقوق الناشئة عن العلاقة الإيجارية.
4 - إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى - المؤجرة - لم يسبق لها إقامة دعوى بالإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة المستحقة على الطاعن الذي امتد عقد إيجار العين محل النزاع إليه، وكان لا يغني عن ذلك سبق إقامتها للدعوى رقم (....) ضد المستأجر الذي توفى وبالتالي لا تصلح لأن تتخذ أساساً لتوافر حالة التكرار في حقه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 1888 لسنة 1994 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وقالت بياناً لذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1977 استأجر مورث الطاعن منها العين محل النزاع بأجرة شهرية 3.50 جنيه زيدت إلى سبعة جنيهات وقد مرد على عدم الوفاء بالأجرة في مواقيتها مما اضطرها إلى أن ترفع ضده الدعوى رقم 3426 لسنة 1984 الزقازيق الابتدائية إلا أنه توقى الحكم عليه بالإخلاء بأداء المستحق عليه فقررت المحكمة شطب الدعوى. وإذ عاد وقعد عن الوفاء بالأجرة عن المدة من 1/ 6/ 1991 حتى وفاته في 19/ 1/ 1994 ومن بعده ورثته - الطاعن وباقي المطعون ضدهم - حتى 30/ 5/ 1994 فقد أقامت الدعوى. حكمت المحكمة بالإخلاء. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 627 لسنة 41 ق لدى محكمة استئناف المنصورة - مأمورية الزقازيق - التي قضت بتاريخ 16/ 1/ 1999 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بعدم قيام حالة التكرار في حقه لأنه لم يكن طرفاً في دعوى الإخلاء التي سبق رفعها على مورثه ولا يحاج بها، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بمقولة أنه خلف عام لمورثه المستأجر الأصلي يخلفه في جميع الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار ويسري في حقه ما يسري في حق سلفه في حين أنه يستمد حقه في امتداد العقد إليه من القانون وليس من مورثه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقصود بتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة فيما يعنيه نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون المستأجر قد مرد على عدم الوفاء بالأجرة في مواقيتها المرة تلو الأخرى ثم القيام بأدائها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى التي يضطر المؤجر إلى رفعها نتيجة هذا المسلك بما ينبئ عنه ذلك من إعنات للمؤجر ومشاغبة له باضطراره إلى اللجوء للقضاء أكثر من مرة لإخلاء المستأجر وإساءة الأخير لاستعمال رخصة توقي الحكم بالإخلاء التي منحها له القانون ولذا فقد عمد المشرع إلى الحد من استعمال المستأجر لهذه الرخصة فحرمه من الالتجاء إليها أكثر من مرة ما لم يقدم مبررات للتأخير عن الوفاء تقدرها المحكمة، وإذ كان مؤدى إيراد هذا الحكم المستحدث المشار إليه آنفاً قيداً على ما سبقه من تيسير منح للمستأجر يتقي به الحكم ضده في دعوى الإخلاء التي يقيمها المؤجر قبله وفق الإجراءات المحددة بصدد هذه الفقرة فإن مجال إعمال هذا الجزاء لا يتحقق إلا بعد إذا تكرر من ذات المستأجر امتناعه أو تأخره عن الوفاء بالأجرة بعد إقامة هذه الدعوى ضده إذ الأصل في الجزاء أن يكون شخصياً يلحق الشخص مرتكب المخالفة دون أن شخص آخر وبالتالي فلا يعتد بدعوى الإخلاء التي سبق رفعها ضد المستأجر المتوفى أو التارك للمكان المؤجر ولا يعول عليها إذا تأخر من امتد إليه عقد الإيجار في الوفاء بالأجرة بعد الوفاة أو الترك ولا يسوغ القول بأن الورثة من الخلف العام للمستأجر يلتزمون بما يلتزم به مورثهم لأن الخلافة قاصرة على انتقال الالتزامات والحقوق ويخرج عن هذا النطاق أنواع الجزاءات التي يرتبها المشرع على مخالفة شخص لحكم من أحكام القانون فالأصل فيها أن تكون شخصية لا تلحق إلا الشخص مرتكب المخالفة التي يترتب عليها الجزاء، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من لهم حق الانتفاع بالامتداد القانوني لعقد الإيجار في حالتي الوفاة أو الترك لا يعتبرون مع المستأجر مستأجرين أصليين للمكان المؤجر فلا تترتب في ذمتهم حال حياته أو خلال مشاركتهم له فيه أية التزامات قبل المؤجر بل يبقى المستأجر هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر حتى إذ ما أخل بالتزاماته جاز للمؤجر مقاضاته دون اختصامهم، حتى إذا توفى المستأجر أو ترك العين لمن كان مقيماً معه فإنهم يستفيدون من امتداد عقد الإيجار لصالحهم بقوة القانون ويكون لهم من وقت الوفاة أو الترك جميع الحقوق الناشئة عن العلاقة الإيجارية. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى - المؤجرة - لم يسبق لها إقامة دعوى بالإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة المستحقة على الطاعن الذي امتد عقد إيجار العين محل النزاع إليه، وكان لا يغني عن ذلك سبق إقامتها للدعوى رقم 3426 لسنة 1984 مدني كلي الزقازيق ضد المستأجر الذي توفى وبالتالي لا تصلح لأن تتخذ أساساً لتوافر حالة التكرار في حقه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.