أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 309

جلسة 10 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ كمال نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، لطف الله يس جزر، ماجد قطب نواب رئيس المحكمة وسمير فايزي.

(55)
الطعن رقم 3784 لسنة 64 القضائية

(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن: التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار والترك". دستور "دستورية القوانين". قانون "سريان القانون".
(1) تخلي المستأجر عن المكان المؤجر للغير. أثره. حق المؤجر في طلب إخلاء العين سواء انصبت المخالفة على العين المؤجرة جميعها أو على جزء منها.
(2) دعوى الإخلاء للتنازل عن الإيجار هي دعوى بفسخ عقد الإيجار لا تقبل الانقسام. محلها الالتزام بالامتناع عن عمل. مؤداه. إخلال المحامي مستأجر العين بهذا الالتزام وتنازله عن جزء منها لغير المحامين من أصحاب المهن الحرة. أثره. فسخ عقد الإيجار وزوال حقوق من تلقوا عنه حقاً على العين المؤجرة. م 18/ ج ق 136 لسنة 1981.
(3) الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره. علة ذلك.
(4) الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983. مؤداه. عدم جواز تنازل المحامي أو ورثته عن إيجار مكتبه لمزاولة غير المحاماة من المهن الحرة. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى اعتبار تنازل المطعون ضده الأخير عن جزء من عين النزاع لزملائه المحامين صحيحاً وبالنسبة لغيرهم من أصحاب المهن الحرة باطلاً رغم أن التزامه بالامتناع عن التنازل عن العين المؤجرة لا يقبل التجزئة بطبيعته. مخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرراً مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائياً أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بالانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلياً أو جزئياً واعتبار هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلب الإخلاء سواء كانت المخالفة قد انصبت على العين المؤجرة جميعها أم على جزء منها.
2 - إذ كان طلب الطاعنين إخلاء العين المؤجرة لتنازل المطعون ضده الأخير - المستأجر الأصلي - عنها لباقيهم هو في حقيقته طلب بفسخ عقد الإيجار لا يقبل الانقسام لوروده على محل لا يقبل الانقسام بطبيعته هو الالتزام بالامتناع عن عمل فيتحتم اقتضاؤه من الدائن ويؤديه المدين كاملاً غير مجزأ ويتم تنفيذه بأداء كل موضوعه من غير أن يعتري هذا الموضوع تجزئة أو انقسام ومن ثم فإن إخلال المستأجر بالتزامه الوارد بنص المادة 18 ج من القانون 136 لسنة 81 سالف الإشارة وبالعقد بالتنازل عن جزء من العين المؤجرة لغير المحامين من أصحاب المهن الحرة يترتب عليه فسخ عقد الإيجار كما يترتب عليه حتماً زوال حقه كل من تلقى حقاً من المستأجر الأصلي على العين المؤجرة.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة - أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءاً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص.
4 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 27/ 5/ 1992 في القضية رقم 25 لسنة 11 ق "دستورية" بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فيما قررته من جواز تنازل المحامي أو ورثته عن إيجار مكتبه لمزاولة غير المحاماة من المهن الحرة أو مباشرة حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة وما يرتبه هذا النص من آثار قانونية على التنازل المشار إليه، لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الأخير الذي يمتهن المحاماة قد تنازل - يغير موافقة المؤجرين - عن جزء من العين المؤجرة للمطعون ضدهما الرابع والخامسة الذين يمتهنا مهنة أخرى - مهنة الطب - فإنه يكون قد أخل بالتزامه ويترتب على ذلك فسخ العقد بأكمله سواء بالنسبة لأجزاء العين المتنازل عنها لمن يعمل في ذات المهنة أو غيرهم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر تنازل المطعون ضده الأخير لزملائه المحامين صحيحاً وبالنسبة لغيرهم من أصحاب المهن الحرة باطلاً رغم أن التزامه بالامتناع عن التنازل عن العين المؤجرة لا يقبل التجزئة بطبيعته فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهم الدعوى رقم 8418 لسنة 1990 أمام محكمة طنطا الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة وقالا بياناً لذلك إن المطعون ضده الثامن كان يستأجر شقة التداعي بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 9/ 1984 بقصد استعمالها مكتباً للمحاماة وأنه تنازل عنها للمطعون ضدهم من الأول إلى الخامس واعتزل مهنة المحاماة بمدينة طنطا وأبلغ الطاعنين بانتهاء عقد الإيجار من أول يناير سنة 1986 ولما كان بعض المتنازل إليهم لا يمتهن مهنة المحاماة وكان ذلك التنازل بغير إذن أو موافقة منهما فقد أنذرا المطعون ضدهم بإخلاء العين ولما لم يمتثلوا أقاما الدعوى كما أقام المطعون ضدهم من الثاني إلى السابع - عدا الخامس - الدعوى رقم 2693 لسنة 1991 أمام محكمة طنطا الابتدائية على الطاعنين بطلب إلزامهما بتحرير عقد إيجار لهم عن عين التداعي في مواجهة المطعون ضدهم الأول والخامس والثامن وقالوا بياناً لذلك أن المطعون ضده الثامن استأجر شقة النزاع لاستعمالها مكتب للمحاماة وتنازل عنها لهم - استناداً إلى نص المادة 55/ 2 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 فأقاموا الدعوى - ضمت المحكمة الدعويين وحكمت في الدعوى الأولى برفضها وفي الثانية بإلزام الطاعنين بتحرير عقد إيجار عنها للمطعون ضدهم من الثاني إلى السابع عدا الخامس. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 595 لسنة 42 ق طنطا. وبتاريخ 27/ 2/ 1994 قضت المحكمة في الدعوى الأولى بإخلاء العين محل النزاع من المطعون ضدهم الرابع والخامس والسابع وفي الدعوى الثانية بثبوت العلاقة الإيجارية بين الطاعنين والمطعون ضدهم الأول والثاني والثالث والسادس عنها وبإلزام الطاعنين بتحرير عقد إيجار لهم بذات شروط عقد إيجار المطعون ضده الأخير المؤرخ 1/ 9/ 1984 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ اعتد بتنازل المطعون ضده الأخير عن عين التداعي لمن يزاول مهنة المحاماة من المطعون ضدهم - المتنازل إليهم - وأبطله لمن عداهم وهم المتنازل إليهم من الأطباء وقضى بإخلاء عين النزاع منهم إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 25 لسنة 11 ق دستورية حالة أن التزام المطعون ضده الأخير بعدم التخلي عن العين المؤجرة للغير غير قابل للتجزئة بما مفاده أن بطلان هذا التنازل في جزء منه يجعله باطلاً بأكمله بما يستتبع فسخ العقد وإخلاء العين من المتنازل إليهم جميعاً بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرراً مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائياً أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الأمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بالانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلياً أو جزئياً واعتبار هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلب الإخلاء سواء كانت المخالفة قد انصبت على العين المؤجرة جميعها أم على جزء منها وكان طلب الطاعنين إخلاء العين المؤجرة لتنازل المطعون ضده الأخير - المستأجر الأصلي - عنها لباقيهم هو في حقيقته طلب بفسخ عقد الإيجار لا يقبل الانقسام لوروده على محل لا يقبل الانقسام بطبيعته هو الالتزام بالامتناع عن عمل فيتحتم اقتضاؤه من الدائن ويؤديه المدين كاملاً غير مجزأ ويتم تنفيذه بأداء كل موضوعه من غير أن يعتري هذا الموضوع تجزئة أو انقسام ومن ثم فإن إخلال المستأجر بالتزامه الوارد بنص المادة 18 ج من القانون 136 لسنة 81 سالف الإشارة وبالعقد بالتنازل عن جزء من العين المؤجرة لغير المحامين من أصحاب المهن الحرة يترتب عليه فسخ عقد الإيجار كما يترتب عليه حتماً زوال حقوق كل من تلقى حقاً من المستأجر الأصلي على العين المؤجرة. والمقرر أيضاً - في قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة - أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءاً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص لما كان ذلك وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 27/ 5/ 1992 في القضية رقم 25 لسنة 11 ق دستورية "بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فيما قررته من جواز تنازل المحامي أو ورثته عن إيجار مكتبه لمزاولة غير المحاماة من المهن الحرة أو مباشرة حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة وما يرتبه هذا النص من آثار قانونية على التنازل المشار إليه، لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الأخير الذي يمتهن المحاماة قد تنازل - بغير موافقة المؤجرين - عن جزء من العين المؤجرة للمطعون ضدهما الرابع والخامس الذين يمتهنا مهنة أخرى - مهنة الطب - فإنه يكون قد أخل بالتزامه ويترتب على ذلك فسخ العقد بأكمله سواء بالنسبة لأجزاء العين المتنازل عنها لمن يعمل في ذلك المهنة أو غيرهم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر تنازل المطعون ضده الأخير لزملائه المحامين صحيحاً وبالنسبة لغيرهم من أصحاب المهن الحرة باطلاً رغم أن التزامه بالامتناع عن التنازل عن العين المؤجرة لا يقبل التجزئة بطبيعته فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم.... لسنة.... ق طنطا بإلغاء الحكم المستأنف وفي الدعوى رقم.... لسنة.... مدني طنطا بإخلاء العين محل النزاع.