أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 1888

جلسة 28 من يونيه سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعة.

(350)
الطعن رقم 17 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى. "اعتبارها كأن لم تكن". دفوع. تجزئة.
الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تكليف المدعى عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر م 70 مرافعات. وجوب التمسك به من صاحب المصلحة دون غيره من الخصوم ولو كان الموضوع غير قابل التجزئة.
(2) إثبات. نقض. "تقديم الأوراق".
تقديم الطاعن صورة رسمية للأوراق التي يستند إليها أثناء نظر الطعن. غير مقبول. طالما أن وجه النعي لا يتعلق بالنظام العام. عدم كفاية إيداع صورة رسمية منها عند تقديم الطعن.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الجزاء المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات وهو اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه ومثله المستأنف عليه بنص المادة 240 من ذلك القانون بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب لا يتصل بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة من لم يتم إعلانه من الحضور دون سواه فلا يجوز لغيره أن يتمسك به لو كان موضوع غير قابل للتجزئة، إذ لا يحق لزملائه في الدعوى الإفادة من هذا الجزاء إلا بعد قيام موجبه بتمسك صاحب الحق في ذلك.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة أنه لا عبرة في مقام التدليل على أسباب النعي المستندة إلى مجريات الدعوى أمام محكمة الموضوع بغير الصورة الرسمية من الأوراق التي كانت مقدمة إليها، ومن ثم لا يسوغ الاستدلال أمام محكمة النقض بصورة غير رسمية منها، لما كان ذلك. وكان الطاعنان لم يقدما إلى هذه المحكمة رفق أوراق الطعن صورة رسمية من المذكرة التي يدعيان تقديم الطاعنة الثانية لها إلى محكمة الاستئناف فإنه لا يعنيها بعد ذلك تقديم صورة رسمية منها إلى المحكمة أثناء نظر الطعن لعدم تعلق هذا الوجه من الدفاع بالنظام العام مما لا يجيز إثارته في غير صحيفة الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1141 لسنة 1972 مدني كلي الجيزة ضد الطاعنين للحكم بإخلائهما من الشقة المبين بصحيفتها وقال بياناً لذلك أنه بعقد مؤرخ 1/ 8/ 1968 استأجر منه الطاعن الأول الشقة آنفة الذكر لاستعمالها سكناً خاصاً له، إلا أنه أجرها من باطنه إلى الطاعنة الثانية بغير إذن كتابي من المطعون عليه وعلى خلاف النص الوارد بالعقد، فأقام عليها دعواه، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد إجرائه قضت برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الحكم بالاستئناف رقم 495 لسنة 91 ق القاهرة وبتاريخ 26/ 11/ 1975 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة وأبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان، أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف - أولهما بالدفع لديها والأخرى بمذكرة تقدمت بها - باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عملاً بنص المادة 70 من قانون المرافعات لعدم إعلان الطاعنة الثانية بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بمقولة أن صاحبة الحق في إبدائه هي الطاعنة الثانية وحدها غير ملتفت إلى تمسكها به في مذكرتها المقدمة إلى المحكمة، وإذ كان الثابت من أوراق الاستئناف أن إعلان الطاعنة الثانية بصحيفة قد وقع باطلاً وأن المطعون عليه لم يثر ذلك البطلان وقد ترتب عليه عدم حضورها أمام المحكمة فإن الحكم الصادر ضدها يكون باطلاً، وإذ خالف الحكم ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الجزاء المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات - وهو اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه - ومثله المستأنف عليه بنص المادة 240 من ذلك القانون بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب - لا يتصل بالنظام العام، إذ هو مقرر لمصلحة من لم يتم إعلانه من الخصوم دون سواه فلا يجوز لغيره أن يتمسك به لو كان موضوع غير قابل للتجزئة إذ لا يحق لزملائه في الدعوى الإفادة من هذا الجزاء إلا بعد قيام موجبه بتمسك صاحب الحق في ذلك به، وكان مما جرى قضاء هذه المحكمة أنه لا عبرة في مقام التدليل على أسباب النعي المستندة إلى مجموعات الدعوى أمام محكمة الموضوع بغير الصورة الرسمية من الأوراق التي كانت مقدمة إليها، ومن ثم لا يسوغ الاستدلال أمام محكمة النقض بصورة غير رسمية منها، ولما كان ذلك. وكان الطاعنان لم يقدما إلى هذه المحكمة برفق أوراق الطعن صورة رسمية من المذكرة التي يدعيان تقديم الطاعنة الثانية لها إلى محكمة الاستئناف، وكان لا يغنيها بعد ذلك تقديم صورة رسمية منها إلى المحكمة أثناء نظر الطعن لعدم تعلق هذا الوجه من الدفاع بالنظام العام مما لا يجيز إثارته في غير صحيفة الطعن. وكان ما رد به الحكم المطعون فيه على ما أثاره الطاعن الأول من دفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لسبب متعلق بالطاعنة الثانية، من عدم قبول هذا الدفع منه موافقاً لصحيح القانون، لما كان ما تقدم، فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني من أسباب الطعن، الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب، ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الطاعنة الثانية تقدمت إلى محكمة الموضوع بما يثبت إقامتها بعين النزاع مع والدتها قبل وفاتها مما يضفي عليها الحق في الاستمرار في الإقامة فيها امتداداً لحق والدتها دون تقيد بمدة معينة سابقة على الوفاة عملاً بنص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذه الأدلة وقضى على خلافها استناداً إلى شهادة مقدمة من المطعون عليه مفادها أن الطاعنة الثانية لم تغير محل إقامتها الثابت ببطاقتها العائلية إلى عين النزاع إلا في أواخر سنة 1971 أي بعد وفاة والدتها، في حين أنه لا دلالة لتلك البطاقة في إثبات محل الإقامة، وبذلك يكون الحكم علاوة على ما شابه من فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقرير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع بما لا سلطان لمحكمة النقض عليها فيه إلا أن تخرج بهذه الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها عقلاً، وإن استنباط الحقيقة التي تطمئن إليها محكمة الموضوع من قرائن الأحوال هو من خالص حقها بحكم ما تهدي إليه تلك القرائن من تثبيت الطمأنينة في نفس القاضي ليكون حكمه موافقاًَ لما يقتنع أنه وجه الحق في الخصومة، وأنه لا إلزام على المحكمة بتناول كل ذلك من أدلة الدعوى بتقدير مستقل، إذ بحسبها بعد إحاطتها بتلك الأدلة على نحو جلي أن تقيم قضاءها على ما يصلح سنداً لحمله، إذ يعتبر ذلك منها إطراحاً لما عداه مما لم تجد فيه مقنعاً، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في الدعوى على ما اطمأن إليه من واقع أدلتها على أن الطاعنة الثانية لم تنتقل من مسكنها إلى عين النزاع للإقامة فيها إلا بعد وفاة والدتها التي كانت قد انفردت بالإقامة فيها بعد أن تخلى الطاعن الأول عن العين واستقل بمسكن آخر، مما خلص الحكم منه إلى انعدام سند الطاعنة الثانية في الإقامة في العين، وهو منه تقدير سائغ لا مخالفة فيه للقانون، وكانت أوجه النعي عليه بما تقدم بيانه لا تعدو أن تكون من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا تسوغ إثارته أمام محكمة النقض، فإن النعي بها يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.