أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 354

جلسة 27 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان، حامد مكي، جرجس عدلي، السيد عبد الحكيم السيد نواب رئيس المحكمة.

(65)
الطعن رقم 1708 لسنة 62 القضائية

(1 - 3) نقض "الخصوم في الطعن". أشخاص اعتبارية "المحافظ". حق "حق التقاضي". دعوى "الصفة في الدعوى".
(1) الاختصام في الطعن. شرطه. أن يكون الخصم حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة.
(2) الأشخاص الاعتبارية. لها الشخصية المعنوية والحق في التقاضي. لكل منها نائب يعبر عن إرادتها. المادتان 52/ 1، 53 مدني.
(3) المحافظ هو الذي يمثل المحافظة أمام القضاء وفي مواجهة الغير فيما يدخل في دائرة اختصاصه طبقاً للقانون. المواد 4، 26 و27 من القانون 43 لسنة 1979 بنظام الحكم المحلي المعدل. مؤداه. اعتباره صاحب الصفة في تمثيل مأمورية الإيرادات المتنوعة في خصومة الطعن. اختصام مأمور تلك المأمورية. اختصام لغير ذي صفة. غير مقبول.
(4 ، 5) حجز "حجز إداري". قرار إداري. اختصاص "اختصاص ولائي". بيع "البيع الإداري".
(4) إجراءات الحجز والبيع الإداري. ق 308 لسنة 1955. لا تعدو من قبيل الأوامر الإدارية التي لا يجوز للمحاكم إلغاؤها أو تأويلها أو وقف تنفيذها. مؤدى ذلك. اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بإجراءات هذه الحجوز الإدارية أو إلغائها أو عدم الاعتداد بها أو وقف إجراءات البيع الناشئة عنها أسوة بالمنازعات المتعلقة بالحجوز القضائية.
(5) تعلق المنازعة حول صحة الحجز الموقع من الطاعن بصفته ضماناً لاقتضاء مقابل الانتفاع عن عين النزاع. تصدي الحكم للفصل فيه وصولاً للحكم بعدم الاعتداد بالحجز الإداري. عدم انطواءه على مساس بالترخيص الصادر للمطعون ضده. مؤداه. اختصاص القضاء العادي بالفصل فيه.
(6 - 10) حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن: مخالفة الثابت بالأوراق". أموال "أموال عامة" "الترخيص بالانتفاع بالأموال العامة". ملكية. "أملاك الدولة الخاصة". حجز "الحجز الإدارية".
(6) مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم. ماهيتها. تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً في بعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم خاطئ حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى.
(7) حق الحكومة والأشخاص الاعتبارية المنصوص عليها في القانون في اتباع إجراءات الحجز الإداري. اقتصارها على تحصيل إيجار أملاك الدولة الخاصة ومقابل الانتفاع بأملاك الدولة العامة. المادة الأولى من ق 308 لسنة 1955.
(8) المال العام. ماهيته. م 87 مدني.
(9) أرض طرح النهر. اعتبارها من أملاك الدولة الخاصة. اكتسابها صفة المال العام. شرطه. تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة.
(10) تمسك الطاعن بصفته أمام محكمة الاستئناف بأحقية المحافظة في اقتضاء مقابل انتفاع المطعون ضده للأرض موضوع النزاع والمخصصة بالفعل للمنفعة العامة لخدمة السياحة واستغلها الأخير بطريق الخفية بالزيادة عن الأرض المرخص له باستغلالها عن مدة معينة قبل أن يبرم بشأنها تعاقد مع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وصحة الحجز الواقع لعدم أحقيته في منازعته عن تلك المدة قبل إبرامه للعقد الجديد. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عنه دون تحقيقه والقضاء ببراءة ذمة المطعون ضده من مقابل الانتفاع استناداً لعدم وجود تعاقد بينهما. قصور ومخالفة للثابت بالأوراق.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة.
2 - مفاد نص المادتين 52/ 1، 53 من القانون المدني أن الأشخاص الاعتبارية هي الدولة والمديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ويكون لها حق التقاضي ولكل منها نائب يعبر عن إرادتها.
3 - مفاد نصوص المادة 4، 26، 27 من قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 أن المحافظ في دائرة اختصاصه هو الرئيس لجميع الأجهزة والمرافق وأنه هو الذي يمثل المحافظة أمام القضاء وفي مواجهة الغير، وكان النزاع المطروح في الطعن الماثل من منازعات التنفيذ المتعلقة بإجراءات الحجز الإداري التي اتخذتها محافظة القاهرة على العين محل النزاع، فإن الطاعن الأول بصفته - محافظ القاهرة - يكون هو الممثل لتلك الجهة الإدارية المقصودة بالخصومة دون الطاعن الثاني بصفته - مأمور مأمورية الإيرادات المتنوعة - التي أصدرت أمر الحجز، ويكون اختصام هذا الأخير في الطعن اختصاماً لغير ذي صفة مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له لرفعه من غير ذي صفة.
4 - إجراءات الحجز والبيع الإداري كما نظمها القانون رقم 308 لسنة 1955 لا تعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من قبيل الأوامر الإدارية التي لا يجوز للمحاكم إلغاؤها أو تأويلها أو وقف تنفيذها بل هي وليدة نظام خاص وضعه المشرع ليسهل على الحكومة أو بعض الهيئات - بمقتضى تشريع خاص بوصفها دائنة - تحصيل ما يتأخر لها لدى الأفراد من مستحقات وعلى هذا الأساس يختص القضاء العادي بنظر المنازعات المتعلقة بإجراءات هذه الحجوز الإدارية أو إلغائها أو عدم الاعتداد بها أو وقف إجراءات البيع الناشئة عنها أسوة بالمنازعات المتعلقة بالحجوز القضائية.
5 - لما كان الثابت في الأوراق أن الطاعن بصفته أوقع الحجز الإداري المؤرخ 18/ 3/ 1986 على منقولات المطعون ضده ضماناً لسداد مبلغ 400, 79748 جنيه يمثل مقابل استغلال الكازينو المتفق عليه بالترخيص ومقابل انتفاعه بمساحة 1500 م2 تزيد عن مساحة الأرض المرخص له في استغلالها ودار النزاع حول صحة الحجز الموقع ضماناً لاقتضاء مقابل الانتفاع عن هذه المساحة التي لم يتضمنها ترخيص الاستغلال، وكان تصدي الحكم للفصل في هذا النزاع وصولاً للحكم بعدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع من عدمه، لا ينطوي على مساس بالترخيص الصادر للمطعون ضده لا تعدو أن تكون دعوى بطلب رفع الحجز ومن ثم يختص القضاء العادي وحده بالفصل في النزاع المطروح.
6 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً في بعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم خاطئ حصلته المحكمة مخالفة لما هو ثابت بأوراق الدعوى.
7 - مؤدى ما نصت عليه المادة من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري أن المشرع إذ أجاز للحكومة الاعتبارية التي نص عليها، اتباع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون لتحصيل مستحقاتها قبل الغير عند عدم الوفاء بها في مواعيدها، حدد المستحقات التي يجوز تحصيلها بهذا الطريق على سبيل الحصر وفرق في ذلك بين أملاك الدولة الخاصة وأملاكها العامة، فقصر اتباع الإجراءات المذكورة في الحالة الأولى على مبالغ الإيجار المستحقة فحسب وأجاز اتباعها بالنسبة لمقابل الانتفاع بالأملاك العامة سواء كان هذا الانتفاع بموجب عقد أو بدونه باستغلالها بطريق الخفية.
8 - إذ كان المناط في التعرف على صفة المال العام، طبقاً لما هو مستفاد من نص المادة 87 من القانون المدني، هو تخصيصه بالفعل للمنفعة العامة، ولو كان مملوكاً ملكية خاصة للدولة - وهذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً وذلك بتهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها.
9 - إذ كانت أراضي طرح النهر وعلى ما أفصحت عنه المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 192 لسنة 1958 في شأن طرح النهر وأكله والفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1964 بشأن تنظيم العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة ولا تأخذ صفة المال العام إلا إذا خصصت بالفعل للمنفعة العامة.
10 - لما كان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بأحقية المحافظة في اقتضاء مقابل انتفاع المطعون ضده بمساحة 1500 م2 من أراضي طرح النهر والتي خصصت بالفعل للمنفعة العامة لخدمة مرفق السياحة بإقامة كازينو عليه والتي استغلها المطعون ضده بطريق الخفية بالزيادة عن أرض الكازينو المرخص له باستغلاله وذلك عن المدة من 29/ 3/ 1981 حتى 1/ 12/ 1985 قبل أن يبرم بشأنها تعاقده المؤرخ 1/ 12/ 1985 مع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أن هذه المدة ما كان للمطعون ضده أن ينازع الطاعن بصفته في شأنها قبل إبرامه للعقد الجديد وبالتالي يصح الحجز الموقع اقتضاء لمقابل الانتفاع بهذه الأرض خلالها، وكان الحكم الابتدائي مؤيداً بالحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة ذمة المطعون ضده من مقابل الانتفاع المحجوز من أجله عن تلك الأرض استناداً إلى فهم حصله مخالف لما هو ثابت بأوراق الدعوى من عدم وجود تعاقد بشأن هذه المساحة من الأرض المحيطة بالكازينو فيما بين الطاعن بصفته والمطعون ضده وبذلك حجب نفسه عن بحث دفاع الطاعن الوارد بسببي النعي وهو دفاع من شأن بحثه وتحقيقه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى بما يعيبه بالقصور في التسبيب فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام ابتداء الدعوى 4772 سنة 1986 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين بصفتيهما طالباً الحكم بعدم أحقيتهما في مبلغ 79748.400 جنيه وبإلغاء الحجز الإداري الموقع منهما على أمواله بتاريخ 18/ 3/ 1986 واعتباره كأن لم يكن تأسيساً على أنه غير مدين للطاعنين بالمبلغ المطالب به باعتباره يستأجر أرض كازينو "........." الذي يستغله بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 12/ 1985، كما يستأجر أرض طرح النهر المحاط الكازينو بها والبالغ مساحتها 1500 متر مربع من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المالكة للمساحتين ويسدد الإيجار المستحق عليها لها.
ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى قاضي التنفيذ بمحكمة المعادي الجزئية فقيدت أمامه برقم 230 سنة 1988 مدني جزئي المعادي، دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، رفضت المحكمة هذا الدفع وحكمت المحكمة ببراءة ذمة المطعون ضده من مبلغ 78750 جنيه، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 8129 سنة 107 ق القاهرة وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الثاني بصفته وأبدت الرأي في الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الثاني فهو صحيح ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة، وكان مفاد نص المادتين 52/ 1، 53 من القانون المدني أن الأشخاص الاعتبارية هي الدولة والمديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ويكون لها حق التقاضي ولكل منها نائب يعبر عن إرادتها، وكان مفاد نصوص المواد 4، 26، 27 من قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 أن المحافظ في دائرة اختصاصه هو الرئيس لجميع الأجهزة والمرافق وأنه هو الذي يمثل المحافظة أمام القضاء وفي مواجهة الغير، وكان النزاع المطروح في الطعن الماثل من منازعات التنفيذ المتعلقة بإجراءات الحجز الإداري التي اتخذتها محافظة القاهرة على العين محل النزاع، فإن الطاعن الأول بصفته - محافظ القاهرة - يكون هو الممثل لتلك الجهة الإدارية المقصودة بالخصومة دون الطاعن الثاني بصفته - مأمور مأمورية الإيرادات المتنوعة - التي أصدرت أمر الحجز، ويكون اختصام هذا الأخير في الطعن اختصاماً لغير ذي صفة مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حين أيد الحكم الابتدائي في رفضه للدفع بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى استناداً إلى أن الدعوى محلها عقد إيجار لا يتضمن شروطاً استثنائية ولا يتعلق بمرفق عام وبالتالي لا تدخل في عداد العقود الإدارية في حين أن موضوع الدعوى هو ترخيص بالانتفاع بجزء من أملاك الدولة العامة - أرض طرح نهر - وأن المنازعة في شأنه تعتبر من قبيل المنازعات في العقود الإدارية التي يختص بها القضاء الإداري وهو اختصاص ولائي متعلق بالنظام العام ينبغي أن تتعرض له المحكمة من تلقاء نفسها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن إجراءات الحجز والبيع الإداري كما نظمها القانون رقم 308 لسنة 1955 لا تعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من قبيل الأوامر الإدارية التي لا يجوز للمحاكم إلغاؤها أو تأويلها أو وقف تنفيذها بل هي وليدة نظام خاص وضعه المشرع ليسهل على الحكومة أو بعض الهيئات - بمقتضى تشريع خاص بوصفها دائنة - تحصيل ما يتأخر لها لدى الأفراد من مستحقات وعلى هذا الأساس يختص القضاء العادي بنظر المنازعات المتعلقة بإجراءات هذه الحجوز الإدارية أو إلغائها أو عدم الاعتداد بها أو وقف إجراءات البيع الناشئة عنها أسوة بالمنازعات المتعلقة بالحجوز القضائية.
لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن بصفته أوقع الحجز الإداري المؤرخ 18/ 3/ 1986 على منقولات المطعون ضده ضماناً لسداد مبلغ 79748.400 جنيه يمثل مقابل استغلال الكازينو المتفق عليه بالترخيص ومقابل انتفاعه بمساحة 1500 م2 تزيد عن مساحة الأرض المرخص له في استغلالها ودار النزاع حول صحة الحجز الموقع ضماناً لاقتضاء مقابل الانتفاع عن هذه المساحة التي لم يتضمنها ترخيص الاستغلال، وكان تصدي الحكم للفصل في هذا النزاع وصولاً للحكم بعدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع من عدمه، لا ينطوي على مساس بالترخيص الصادر للمطعون ضده ولا يعتبر تعرضاً لأمر إداري صدر في هذا الشأن تحقيقاً للصالح العام، فإن الدعوى بهذه المثابة لا تعدو أن تكون دعوى بطلب رفع الحجز ومن ثم يختص القضاء العادي وحده بالفصل في النزاع المطروح، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب حين جرى في قضائه ببراءة ذمة المطعون ضده من الدين المحجوز من أجله عن مقابل انتفاعه بالأرض المحيطة بالكازينو المرخص له باستغلاله بها استناداً إلى أن هذه الأرض مملوكة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي والتي أبرم معها المطعون ضده عقد إيجار مؤرخ 1/ 12/ 1985 في حين أن وضع يد المطعون ضده على هذه الأرض قبل 1/ 12/ 1985 كان بطريق الانتفاع من الطاعن بصفته وبالتالي يكون ملزماً بسداد مقابل الانتفاع للجهة التي مكنته من وضع اليد عليها ولا ينسحب أثر هذا العقد الأخير على الفترة السابقة على إبرامه وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع ولم يرد عليه بما يصلح له فإنه فضلاً عن مخالفته للثابت بالأوراق قد ران عليه القصور المبطل مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً في بعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم خاطئ حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى، وأن مؤدى ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري أن المشرع إذ أجاز للحكومة وللأشخاص الاعتبارية التي نص عليها، اتباع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون لتحصيل مستحقاتها قبل الغير عند عدم الوفاء بها في مواعيدها، حدد المستحقات التي يجوز تحصيلها بهذا الطريق على سبيل الحصر وفرق في ذلك بين أملاك الدولة الخاصة وأملاكها العامة، فقصر اتباع الإجراءات المذكورة في الحالة الأولى على مبالغ الإيجار المستحقة فحسب وأجاز اتباعها بالنسبة لمقابل الانتفاع بالأملاك العامة سواء كان هذا الانتفاع بموجب عقد أو بدونه باستغلالها بطريق الخفية، وإذ كان المناط في التعرف على صفة المال العام، طبقاً لما هو مستفاد من نص المادة 87 من القانون المدني هو تخصيصه بالفعل للمنفعة العامة، ولو كان مملوكاً ملكية خاصة للدولة - وهذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً وذلك بتهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها، و كانت أراضي طرح النهر وعلى ما أفصحت عنه المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 192 لسنة 1958 في شأن طرح النهر وأكله والفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1964 بشأن تنظيم العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة ولا تأخذ صفة المال العام إلا إذا خصصت بالفعل للمنفعة العامة. وكان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بأحقية المحافظة في اقتضاء مقابل انتفاع المطعون ضده بمساحة 1500 م2 من أراضي طرح النهر والتي خصصت بالفعل للمنفعة العامة لخدمة مرفق السياحة بإقامة كازينو عليه والتي استغلها المطعون ضده بطريق الخفية بالزيادة عن أرض الكازينو المرخص له باستغلاله وذلك عن المدة من 29/ 3/ 1981 حتى 1/ 12/ 1985 قبل أن يبرم بشأنها تعاقده المؤرخ 1/ 12/ 1985 مع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أن هذه المدة ما كان للمطعون ضده أن ينازع الطاعن بصفته في شأنها قبل إبرامه للعقد الجديد وبالتالي يصح الحجز الموقع اقتضاء لمقابل الانتفاع بهذه الأرض خلالها، وكان الحكم الابتدائي مؤيداً بالحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة ذمة المطعون ضده من مقابل الانتفاع المحجوز من أجله عن تلك الأرض استناداً إلى فهم حصله مخالف لما هو ثابت بأوراق الدعوى من عدم وجود تعاقد بشأن هذه المساحة من الأرض المحيطة بالكازينو فيما بين الطاعن بصفته والمطعون ضده وبذلك حجب نفسه عن بحث دفاع الطاعن الوارد بسببي النعي وهو دفاع من شأن بحثه وتحقيقه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى بما يعيبه بالقصور في التسبيب فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق ويوجب نقضه.