أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 363

جلسة 27 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان، حامد مكي، جرجس عدلي نواب رئيس المحكمة وعطية عبد المقصود.

(66)
الطعن رقم 4899 لسنة 68 القضائية

(1، 2) بيع "ضمان البائع" "العيب الخفي". دعوى "دعوى ضمان البائع". تقادم "التقادم المسقط". نقض "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل".
(1) وجود عيب بالمبيع يمكن كشفه بالفحص المعتاد. التزام المشتري بإخطار البائع به خلال مدة مقبولة. اعتباره قابلاً للمبيع بحالته ويسقط حقه في الضمان بعدم إخطاره البائع أو إهماله في فحص المبيع ولو لم تكن مدة تقادم دعوى الضمان قد انقضت. العيب الذي لا يمكن كشفه بالفحص المعتاد. بقاء حق المشتري في الضمان طوال المدة اللازمة لإجراء الفحص الفني. اكتشافه العيب بالفحص. التزامه بإخطار البائع به بمجرد ظهوره وإلا عُد قابلاً للمبيع بحالته وسقط حقه في الضمان ولو لم تكن مدة التقادم قد انقضت. م 449 مدني.
(2) قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط حق الطاعن في طلب الضمان لعدم إخطاره البائعة بالعيب فور علمه به بما يفيد قبوله المبيع بما فيه من عيب. صحيح. النعي عليه بعدم الرد على ما تمسك به الطاعن من رفعه الدعوى خلال سنة. وروده على غير محل.
(3، 4) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد: السبب المجهل".
(3) اقتصار الطاعن في نعيه على الحكم ذكر المواد التي قرر أنه خالفها دون بيان وجه مخالفته لها وموضعها منه وأثرها في قضائه. نعي مجهل. غير مقبول.
(4) دفاع جديد لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5، 6) التزام "تنفيذ الالتزام" "إعذار المدين". عقد "انحلال العقد" "الفسخ الاتفاقي: الشرط الصريح الفاسخ". دعوى "الدفاع فيها: الدفاع الجوهري". حكم "عيوب التدليل" "ما يعد قصوراً، ما يعد خطأ".
(5) الإعفاء من الإعذار في الفسخ الاتفاقي. وجوب الاتفاق عليه صراحة. م 158 مدني. مؤداه. تضمن العقد شرطاً باعتباره مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حكم قضائي. لا يعفي الدائن من الإعذار قبل رفع دعوى الفسخ. عدم وجود تعارض بين إعذار الدائن للمدين وتكليفه بالتنفيذ وبين المطالبة بالفسخ. اعتبار الإعذار شرط لرفع الدعوى لوضع المدين في وضع المتأخر في تنفيذ التزامه. لا يفيد من ذلك اعتبار مجرد رفع الدعوى بالفسخ إعذاراً. وجوب اشتمال صحيفتها على تكليف المدين بالوفاء بالتزامه.
(6) تمسك الطاعن بعدم قبول دعوى المطعون ضدها بفسخ عقد البيع المبرم بينهما لعدم سبق إعذارها له بتنفيذ التزامه. خلو صحيفة الدعوى من تكليفه بالوفاء به. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عن الرد عليه وقضاؤه بفسخ العقد إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ الذي لم يتضمن الإعفاء من الإعذار. خطأ وقصور.
(7) نقض "الطعن بالنقض: الطعن للمرة الثانية".
تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية. م 269 مرافعات. شرطه. أن ينصب الطعن في المرة الثانية على ما طعن عليه في المرة الأولى.
1 - النص في المادة 449 من القانون المدني على أنه "إذا تسلم المشتري المبيع، وجب عليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك، وفقاً للمألوف في التعامل، فإذا كشف عيباً يضمنه البائع وجب عليه أن يُخطره به خلال مدة معقولة، فإن لم يفعل اعتبر قابلاً للمبيع. أما إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ثم كشفه المشتري وجب عليه أن يُخطر به البائع بمجرد ظهوره، وإلا اعتبر قابلاً للمبيع بما فيه من عيب" يدل على أن المشرع يُفرق - بموجب هذا النص - بين حالتين، أولاهما حالة ما إذا كان العيب مما يمكن كشفه بالفحص المعتاد، وعندئذ يتعين على المشتري فور تسلمه المبيع أن يقوم بفحصه، فإن اكتشف العيب وجب عليه إخطار البائع به خلال مدة معقولة، ويعتبر قابلاً للمبيع بحالته ويسقط حقه في الضمان - ولو لم تكن مدة تقادم دعوى الضمان قد انقضت - إذا لم يُخطر البائع بالعيب في خلال المدة المشار إليها، أو أهمل في فحص المبيع، والحالة الثانية إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد فلا يسقط حق المشتري في الضمان لعدم إجراء الفحص المعتاد أو لمجرد عدم كشف مثل هذا الفحص عن العيب وبالتالي لا يسقط هذا الحق بعدم قيام المشتري بالإخطار بالعيب وإنما يبقى للأخير حقه في الضمان طوال المدة اللازمة لإجراء الفحص الفني بحسب المألوف في التعامل، فإن أسفر هذا الفحص عن وجود العيب وجب على المشتري أن يخطر به البائع بمجرد ظهوره وإلا عُد قابلاً للبيع بحالته وسقط حقه في الضمان ولو لم تكن مدة تقادم دعوى الضمان قد انقضت.
2 - لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه - في دعوى بطلان عقد البيع - بسقوط حق الطاعن في طلب الضمان، على أنه على الرغم من أن الأخير قد قرن علمه بالعيب الخفي في العقار المبيع بتاريخ صدور القرار الهندسي في 5/ 1/ 1993 فلم يثبت قيامه بإخطار المطعون ضدها - البائعة - بالعيب بعد هذا التاريخ مما يستفاد منه أنه قبل البيع لما فيه من عيب ويسقط حقه في الضمان، وكان هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه له معينه من الأوراق، فإن الحكم بذلك يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح أخذاً بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 449 من القانون المدني، ومتى كان ذلك فإن النعي علي الحكم المطعون فيه بعدم رده على ما تمسك به الطاعن من رفعه الدعوى خلال سنة يكون وارداً على غير محل من قضاء الحكم.
3 - اقتصار الطاعن في نعيه على الحكم المطعون فيه على ذكر مضمون المواد التي عددها مقرراً أن الحكم خالفها دون أن يبين وجه مخالفة الحكم خالفها لهذه النصوص وموضع تلك المخالفة منه وأثرها في قضائه مما يجعل به مجهلاً غير مقبول.
4 - لما كان النعي بأن الطاعن لم يعلن بالعيب إلاّ من تاريخ إخطاره بالقرار الهندسي في 13/ 7/ 1996 هو دفاع جديد لم يسبق له أن تمسك به أمام محكمة الموضوع وبالتالي غير مقبول.
5 - تنص المادة 158 من القانون المدني على أنه "يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه وهذا الاتفاق لا يعفي من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه". وكانت عبارة البند السابع من العقد سند الدعوى المؤرخ 18/ 11/ 1991 تنص على أنه "إذا تأخر الطرف الثاني في سداد أي قسط استحق عليه حل موعد سداد باقي الثمن على المشتري فوراً دون حاجة إلى إعذار أو تنبيه، كما يحق للطرف الأول اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه وبدون حكم قضائي ويكون له أيضاً الحق في استرداد المحل موضوع التعامل...."، فإن البين من هذه العبارة أن الطرفين وإن اتفقا على أنه إذا تأخر المشتري عن سداد أي قسط مستحق عليه يحل موعد سداد باقي الأقساط دون حاجة إلى إنذار أو تنبيه، إلا أنهما لم يتفقا صراحة على إعفاء البائعة من إعذار المشتري بسداد المستحق عليه من الثمن قبل رفع دعوى الفسخ، ولا يُغير من ذلك اتفاقهما في البند المشار إليه على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حكم قضائي، ذلك أن الشرط على هذا النحو لا يعفي من الإعذار قبل رفع دعوى الفسخ إعمالاً للمادة 158 من القانون المدني السالف ذكرها وليس هناك تعارض في هذه الحالة بين إعذار الدائن للمدين وتكليفه بالتنفيذ وبين المطالبة بفسخ العقد بعد ذلك لأن الإعذار لا يعتبر تنازلاً عن المطالبة بفسخ العقد بل هو شرط واجب لرفع الدعوى به، وبالتالي يتعين حصول الإعذار في هذه الحالة - كشرط لإيقاع الفسخ الاتفاقي - وذلك بقصد وضع المدين قانوناً في وضع المتأخر في تنفيذ التزامه، ولا ينال من ذلك ما هو مقرر من أن مجرد رفع الدعوى بالفسخ يُعد إعذاراً للمدين، إذ أن شرط ذلك أن تشتمل صحيفتها على تكليف الأخير بالوفاء بالتزامه.
6 - لما كان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول دعوى المطعون ضدها بفسخ عقد البيع المبرم بينهما بعدم سبق إعذارها له بتنفيذ التزامه بسداد باقي أقساط الثمن التي حل موعدها، على الرغم من أن صحيفة دعوى الفسخ خلت من تكليفه بالوفاء بهذه الأقساط، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع دون أن يرد عليه وأيد ما قضت به محكمة أول درجة في فسخ العقد - إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ الذي لم يتضمن الإعفاء من الإعذار والوارد بالبند السابع المشار إليه - رغم أنه دفاع جوهري من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون قد شابه القصور في التسبيب مما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
7 - توجب المادة 269 من قانون المرافعات على محكمة النقض إذا حكمت بنقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى وإذ كان الطعن الثاني قد انصب على ما لم يكن معروضاً أصلاً في الطعن الأول فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الهيئة المطعون ضدها أقامت الدعوى 2858 لسنة 1993 مدني طنطا الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 18/ 11/ 1991 واعتبار مقدم الثمن المسدد حقاً لها والتسليم، على سند من أنه بموجب هذا العقد اشترى الطاعن منها الدكان المبين بالصحيفة مقابل ثمن مقداره 65000 جنيه دفع نصفه عند التعاقد واتفق على سداد الباقي على ثلاثة أقساط شهرية، وإذ تخلف عن سداد القسط الأول منها حلت باقي الأقساط ولما لم يقم بالوفاء بها فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 1/ 9/ 1993 أقام الطاعن على الهيئة المشار إليها الدعوى 3047 سنة 1993 مدني طنطا الابتدائية بطلب الحكم ببطلان عقد البيع سالف الذكر مستنداً في ذلك إلى أنه بعد تسلمه الدكان المبيع من المطعون ضدها فوجئ بصدور القرار الهندسي من السلطة القائمة على شئون التنظيم بتاريخ 5/ 1/ 1993 بتصدع البناء، وإذ تكشف له هذا العيب الخفي الذي يضمنه البائع فقد أقام الدعوى، ضمت المحكمة الدعوى الثانية للدعوى الأولى وندبت خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت في دعوى البطلان بسقوطها بمضي المدة وفي دعوى الفسخ بفسخ عقد البيع لعدم سداد باقي الثمن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 197 سنة 46 ق طنطا، وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق واستمعت إلى شهود الطرفين، قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 585 لسنة 67 ق، نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه للقصور في التسبيب لعدم الرد على دفاعه الجوهري الخاص بعدم علمه بتصدع البناء إلا بصدور القرار الهندسي في 5/ 1/ 1993، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا التي قضت بتاريخ 25/ 11/ 1998 في استئناف الحكم الصادر في دعوى البطلان بتعديل الحكم المستأنف بجعله سقوط حق المستأنف في طلب الضمان، وفي استئناف الحكم في دعوى الفسخ بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين، ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول وبالوجهين الأول والثالث من السبب الثاني على المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وذلك حين أقام قضاءه - في دعوى عقد البيع - بسقوط حق الطاعن في طلب الضمان على أنه فضلاً عن عدم إخطاره المطعون ضدها بالعيب الخفي في العقار المبيع في الوقت الملائم فلم يرفع دعواه بالبطلان إلا بتاريخ 1/ 9/ 1993 بعد فوات حوالي تسعة أشهر من علمه بالعيب بموجب القرار الهندسي في 5/ 1/ 1993، في حين أن كل ما يشترطه القانون في هذا الشأن هو رفع الدعوى في خلال سنة من تاريخ العلم بالعيب والثابت في الأوراق أنه رفع تلك الدعوى في خلال هذا الأجل على الرغم من عدم علمه به بوجه رسمي إلا من تاريخ إخطاره بالعيب بالقرار المشار إليه في 13/ 7/ 1996، وإذ لم يرد الحكم على دفاعه الجوهري الذي تمسك به في هذا الخصوص فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 449 من القانون المدني على أنه "إذا تسلم المشتري المبيع، وجب عليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك، وفقاً للمألوف في التعامل، فإذا كشف عيباً يضمنه البائع وجب عليه أن يُخطره به خلال مدة معقولة، فإن لم يفعل اعتبر قابلاً للمبيع. أما إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ثم كشفه المشتري وجب عليه أن يُخطر به البائع بمجرد ظهروه، وإلا اعتبر قابلاً للمبيع بما فيه من عيب" يدل على أن المشرع يُفرق - بموجب هذا النص - بين حالتين، أولاهما حالة ما إذا كان العيب مما يمكن كشفه بالفحص المعتاد، وعندئذ يتعين على المشتري فور تسلمه المبيع أن يقوم بفحصه، فإن اكتشف العيب وجب عليه إخطار البائع به خلال مدة معقولة، ويعتبر قابلاً للمبيع بحالته ويسقط حقه في الضمان - ولو لم تكن مدة تقادم دعوى الضمان قد انضمت - إذا لم يُخطر البائع بالعيب في خلال المدة المشار إليها، أو أهمل في فحص المبيع، والحالة الثانية إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد فلا يسقط حق المشتري في الضمان لعدم إجراء الفحص المعتاد أو لمجرد عدم كشف مثل هذا الفحص عن العيب وبالتالي لا يسقط هذا الحق بعدم قيام المشتري بالإخطار بالعيب وإنما يبقى للأخير حقه في الضمان طوال المدة اللازمة لإجراء الفحص الفني بحسب المألوف في التعامل، فإن أسفر هذا الفحص عن وجود العيب وجب على المشتري أن يخطر به البائع بمجرد ظهوره وإلا عُد قابلاً المبيع بحالته وسقط حقه في الضمان ولو لم تكن مدة تقادم دعوى الضمان قد انقضت. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه - في دعوى بطلان عقد البيع - بسقوط حق الطاعن في طلب الضمان، على أنه على الرغم من أن الأخير قد قرن علمه بالعيب الخفي في العقار المبيع بتاريخ صدور القرار الهندسي في 5/ 1/ 1993 فلم يثبت قيامه بإخطار المطعون ضدها - البائعة - بالعيب بعد هذا التاريخ مما يستفاد منه أنه قبل المبيع بما فيه من عيب ويسقط حقه في الضمان، وكان هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه له معينه من الأوراق، فإن الحكم بذلك يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح أخذاً بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 449 من القانون المدني السالف ذكرها، ومتى كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم رده على ما تمسك به الطاعن من رفعه الدعوى خلال سنة يكون وارداً على غير محل من قضاء الحكم، والنعي عليه بأن الطاعن لم يعلم بالعيب إلا من تاريخ إخطاره بالقرار الهندسي في 13/ 7/ 1996 هو دفاع جديد لم يسبق له أن تمسك به أمام محكمة الموضوع وبالتالي غير مقبول ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الثاني والثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون ذلك أنه لم يلتزم في قضاءه بالمسألة القانونية التي فصلت فيها محكمة النقض في الطعن السابق، والتي انتهت فيها إلى عدم علمه بالعيب في العين المبيعة إلا بعد صدور القرار الهندسي، وحقه في حبس باقي الثمن لتخلف الصفات المتفق عليها في المبيع، كما أن الحكم قد خالف نصوص المواد 444، 447، 452 من القانون المدني بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الثاني غير صحيح ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في طلب الضمان - على عدم إخطاره الهيئة المطعون ضدها بالعيب الذي قرن عمله به بصدور القرار الهندسي في 5/ 1/ 1993، فضلاً عن أن الحكم الناقض لم ينته إلى حق الطاعن في حبس باقي الثمن لتخلف الصفات المتفق عليها في المبيع، وإنما جرى قضاءه في هذا الخصوص على قصور الحكم السابق في التسبيب لعدم الرد على هذا الدفاع الجوهري مما يقطع بأن الحكم الماثل لم يخالف الحكم الناقض في مسألة قانونية فصل فيها الحكم الأخير، وبالتالي يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس، والنعي على الحكم بالوجه الثالث المشار إليه غير مقبول، ذلك أن الطاعن اقتصر فيه على ذكر مضمون المواد التي عددها مقرراً أن الحكم قد خالفها دون أن يُبين وجه مخالفة الحكم لهذه النصوص وموضع تلك المخالفة منه وأثرها في قضائه مما يجعل النعي به مجهلاً غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وذلك حين أيد ما قضت به محكمة أول درجة من فسخ العقد لعدم تنفيذ الطاعن التزامه بسداد باقي الثمن دون إنذاره بالفسخ لعدم السداد قبل رفع الدعوى، على الرغم من أنه تمسك بذلك في صحيفة الاستئناف باعتبار أن عقد البيع لم يتضمن إعفاء الهيئة المطعون ضدها من شرط الإنذار حتى يُحكم لها بالفسخ المتفق عليه في البند السابع من العقد وإذ لم يُعمل الحكم المطعون فيه الأثر المترتب على عدم الإنذار من عدم قبول الدعوى ولم يرد على دفاعه الجوهري في هذا الشأن فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كانت المادة 158 من القانون المدني تنص على أنه "يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه وهذا الاتفاق لا يعفي من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه". وكانت عبارة البند السابع من العقد سند الدعوى المؤرخ 18/ 11/ 1991 تنص على أنه "إذا تأخر الطرف الثاني في سداد أي قسط استحق عليه حل موعد سداد باقي الثمن على المشتري فوراً دون حاجة إلى إعذار أو تنبيه، كما يحق للطرف الأول اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه وبدون حكم قضائي ويكون له أيضاً الحق في استرداد المحل موضوع التعامل...."، فإن البين من هذه العبارة أن الطرفين وإن اتفقا على أنه إذا تأخر المشتري عن سداد أي قسط مستحق عليه يحل موعد سداد باقي الأقساط دون حاجة إلى إنذار أو تنبيه، إلا أنهما لم يتفقا صراحة على إعفاء البائعة من إعذار المشتري بسداد المستحق عليه من الثمن قبل رفع دعوى الفسخ، ولا يُغير من ذلك اتفاقهما في البند المشار إليه على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حكم قضائي، ذلك أن الشرط على هذا النحو لا يعفي من الإعذار قبل رفع دعوى الفسخ إعمالاً للمادة 158 من القانون المدني السالف ذكرها وليس هناك تعارض في هذه الحالة بين إعذار الدائن للمدين وتكليفه بالتنفيذ وبين المطالبة بفسخ العقد بعد ذلك لأن الإعذار لا يعتبر تنازلاً عن المطالبة بفسخ العقد بل هو شرط واجب لرفع الدعوى به، وبالتالي يتعين حصول الإعذار في هذه الحالة - كشرط لإيقاع الفسخ الاتفاقي - وذلك بقصد وضع المدين قانوناً في وضع المتأخر في تنفيذ التزامه، ولا ينال من ذلك ما هو مقرر من أن مجرد رفع الدعوى بالفسخ يعد إعذاراً للمدين، إذ أن شرط ذلك أن تشتمل صحيفتها على تكليف الأخير بالوفاء بالتزامه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول دعوى المطعون ضدها بفسخ عقد البيع المبرم بينهما لعدم سبق إعذارها له بتنفيذ التزامه بسداد باقي أقساط الثمن التي حل موعدها، على الرغم من أن صحيفة دعوى الفسخ خلت من تكليفه بالوفاء بهذه الأقساط، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع دون أن يرد عليه وأيد ما قضت به محكمة أول درجة من فسخ العقد - إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ الذي لم يتضمن الإعفاء من الإعذار والوارد بالبند السابع المشار إليه - رغم أنه دفاع جوهري من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون قد شابه القصور في التسبيب مما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون وبالتالي يتعين نقضه.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض إذا حكمت بنقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى وإذ كان الطعن الثاني قد انصب على ما لم يكن معروضاً أصلاً في الطعن الأول فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.