أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 1946

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الجندي، ومصطفى قرطام، جلال أنس وأحمد كمال سالم.

(361)
الطعن رقم 310 لسنة 49 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. نقض "ميعاد الطعن بالنقض". قانون "إلغاء التشريع".
ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. ستون يوماً. م 252/ 1 مرافعات. إبقاء قانون المرافعات القائم على المادة 881 من الكتاب الرابع. لا أثر له. علة ذلك.
(2) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
الاختصاص في الطعن بالنقض. شرطه.
(3) وقف "لجنة القسمة". "اختصاصها".
لجان القسمة المنشأة بموجب القانون 55 لسنة 1960. اختصاصها قاصر على إجراء القسمة أو رفض الطلب. لا اختصاص لها بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره. حكمها بالقسمة لا أثر له على الحق محل المنازعة.
(4) وقف "شرط الوقف". "تفسيره".
الوقف على وجوه الخير والوقوف على غير وجوه الخير. مناط التفرقة بينهما جعل مصرف ريع حصته. الوقف على تسليم طبقتين من الذرية وعليهم بعد إتمام التعليم. ثم مردوداً إلى أصل الوقف بعد انقراض هاتين الطبقتين. ليس وقفاً على وجوه الخير.
1 - إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات الملغي الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 وهي من المواد التي أبقى عليها قانون المرافعات القائم تحدد ميعاد الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية بثمانية عشر يوماً إلا أن هذه المادة وفد ألغيت بالقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الذي جعل ميعاد الطعن في هذه المسائل ستين يوماً ثم لدى إلغاء هذا القانون بقانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 والعودة إلى القواعد المنظمة للطعن بالنقض التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص المطعون ومنها ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 881 السالفة الإشارة، صدر القانون رقم 4 لسنة 1967 مستثنياً من هذه القواعد ميعاد الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية بأن نص على بقائه ستين يوماً، فإن تحديد ميعاد الطعن المقرر بالفقرة الأولى من المادة 881 المذكورة يكون قد نسخ ضمناً لتعارضه مع نص جديد ورد على ذات المحل مما يستحيل معه إعمالها معاً فيعتبر النص الجديد ناسخاً للأول. لما كان ذلك، وكان ألغاه القانون الأخير بقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ليس من شأنه - على ما جرى به قضاء محكمة النقض [(1)] - أن يبعث من جديد ما نسخ من نص الفقرة الأولى من المادة 881 كما لا يبعثه إبقاء المشرع عليها بمقتضى المادة الأولى من مواد إصدار قانون المرافعات القائم طالما ينص صراحة على العودة إلى ما تم نسخه منها، وكانت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية باعتبارها القانون الأساسي للإجراءات الواجبة الإتباع في منازعات الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية قد خلت من أية قواعد تنظيم طريق الطعن بالنقض، فإن يتعين الرجوع في صدد تحديد ميعاد الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في هذه المنازعات إلى القواعد المقررة في قانون المرافعات إعمالاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والجلسة التي توجب اتباع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها. وإذ كان ميعاد الطعن بالنقض على ما تقضي به المادة 252 من قانون المرافعات ستين يوماً وكان الطعن وإن تقرر به في اليوم التالي لانقضاء هذا الميعاد، إلا أن اليوم الأخير منه إذا صادف عطلة رسمية فإنه يكون قد تم في الميعاد.
2 - المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الأخر في طلباته. وإذ كان المطعون عليهم المذكورون قد اختصموا في الدعوى دون أن توجه إليهم طلبات من الطاعن، وكان موقفهم من الخصومة سلبياً، ولم تصدر عنهم منازعة أو يثبت لهم دفاع ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء قبل الطاعن، فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
3 - مفاد المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف يدل على أن لجان القسمة المنشأة بموجب هذا القانون لا تختص بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره عند المنازعة فيه، ولا بالفصل في المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهلياً أم خيرياً باعتبارها منازعة في أصل الاستحقاق، وإنما تأمر إذا ما أثيرت لديها منازعة من ذلك إما برفض طلب القسمة وإما بإجرائها حسبما تراه ظاهراً من الأوراق، ويكون حكمها بالقسمة في هذه الأحوال غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة.
4 - مناط التفريق بين الوقف على غير وجوه الخير والوقف على وجوه الخير هو - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض [(2)] - أن الأول لا يكون على سبيل القربة والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب أو ذرية الغير إذا لم ينط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير - ولما كان الواقف - وعلى ما تفيده أسباب الحكم المطعون فيه، قد جعل مصرف ريع الحصة المتنازع عليها على تعليم طبقتين من ذريته ثم جعل مصرفه عليهم بعد إتمام تعليمهم إلا من يفصل من وظيفته لإهماله أو سوء خلقه، ولم ينط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير، وإنما جعله مقصوراً عليهم وعاماً بينهم سواء القادر منهم على نفقات التعليم وغير القادر، ثم جعل مصرفه مردوداً إلى أصل الوقف بعد انقراض هاتين الطبقتين من ذريته، فإن وقفه وإن شرط البدء بإنفاق ريعه على تعليم من حددهم من ذريته يكون على سبيل البر والصلة وليس على سبيل القربة والصدقة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبره وقفاً أهلياً لم يخالف القانون أو يخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 66 لسنة 1972 أحوال شخصية كلي طنطا ضد الطاعنين وباقي المطعون عليهم طالباً الحكم باستحقاقه لخمسة أثمان الثلث من الأطيان الزراعية المبينة بكتب وقف المرحوم........ والتي مساحتها 18 ف و15 ط و13 س وثبوت ملكيته لها وكف المنازعة فيها. وقال في بيان ذلك أنه بموجب كتابي الوقف الصادرين من محكمة طنطا الابتدائية الشرعية 11/ 3/ 1931، 25/ 1/ 1932 وكتب أخرى لاحقة أنشأ والده المرحوم....... وقف الأطيان المذكورة وجعل ثلث ريعها مصروفاً من بعده على تعليم أولاده....... (المطعون عليه الأول) و..... و.... و..... ومن يرزق له من أبناء ومن بعدهم على أبناء أبنائه يستقل به الواحد في أي طبقة من الطبقتين المذكورتين إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع - وإذ توفي الواقف وكان المطعون عليه الأول وقت صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات طالباً بالكلية الحربية ويستحق خمسة أثمان الريع المخصص للصرف على التعليم، فإنه يكون مستحقاً لمساحة من الأطيان المذكورة والتي انتهى فيها الوقف تعادل حصته في الريع. ولما كانت لجنة القسمة بوزارة الأوقاف قد اعتبرت حصة التعليم المشروطة بكتب الوقف حصة خيرية مع إعطائها لوزارة الأوقاف، وهو ما يخرج عن اختصاصها ويخالف شروط الواقف فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة المذكورة بتاريخ 30/ 4/ 1974 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 12 سنة 24 ق أحوال شخصية أمام محكمة استئناف طنطا والتي قضت بتاريخ 12/ 12/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف وبإنهاء الوقف المنصوص عليه بإشهاد التغيير الصادر من محكمة طنطا الابتدائية الشرعية بتاريخ 21/ 12/ 1949 وجعله ملكاً وباستحقاق المستأنف (المطعون عليه الأول) لأربعة قراريط من ثمانية قراريط شائعاً في 15 ف 18 ط و 12 س الموضحة الحدود والمعالم بكتب وقف المرحوم....... وثبوت ملكيته لها. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون عليه الأول بعد قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم من الثاني إلى الخامسة وقبوله بالنسبة للمطعون عليه الأول ونقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن المبدى من المطعون عليه الأول أن إجراءات الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية تخضع للقواعد المقررة بالكتاب الرابع من قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 ومنها ما تنص عليه المادة 881 من أن ميعاد الطعن بالنقض ثمانية عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم إذا كان حضورياً. وقد تقرر بالطعن في الحكم المطعون فيه بعد انقضاء هذه المدة فلا يقبل شكلاً.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه وإن كانت الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات الملغي الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 وهي من المواد التي أبقى عليها قانون المرافعات القائم تحدد ميعاد الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية بثمانية عشر يوماً إلا أن هذه المادة وقد ألغيت بالقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المدني جعل ميعاد الطعن في هذه المسائل ستين يوماً، ثم لدى إلغاء هذا القانون بقانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 والعودة إلى القواعد المنظمة للطعن بالنقض التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص المطعون ومنها ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 881 السالفة الإشارة، صدر القانون رقم 4 لسنة 1967 مستثنياً من هذه القواعد ميعاد الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية بأن نص على بقائه ستين يوماً، فإن تحديد ميعاد الطعن المقرر بالفقرة الأولى من المادة 881 المذكورة يكون قد نسخ ضمناً لتعارضه مع نص جديد ورد على ذات المحل مما يستحيل معه إعمالها معاً فيعتبر النص الجديد ناسخاً للأول. لما كان ذلك، وكان إلغاء القانون الأخير بقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ليس من شأنه - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يبعث من جديد ما نسخ من نص الفقرة الأولى من المادة 881 كما لا يبعثه إبقاء المشرع عليها بمقتضى المادة الأولى من مواد إصدار قانون المرافعات القائم طالما ينص صراحة على العودة إلى ما تم نسخه منها، وكانت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية باعتبارها القانون الأساسي للإجراءات الواجبة الاتباع في منازعات الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية قد خلت من أية قواعد تنظم طريق الطعن بالنقض، فإنه يتعين الرجوع في صدد ميعاد الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في هذه المنازعات إلى القواعد المقررة في قانون المرافعات إعمالاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية التي توجب اتباع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها - وإذ كان ميعاد الطعن بالنقض على ما تقضي به المادة 252 من قانون المرافعات ستين يوماً، وكان الطعن وإن تقرر به في اليوم التالي لانقضاء هذا الميعاد، إلا أن اليوم الأخير منه إذا صادف عطلة رسمية فإنه يكون قد قدم في الميعاد بما يكون معه الدفع على غير أساس.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى عن النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهم من الثاني إلى الخامسة أنهم لم ينازعوا الطاعنين أمام محكمة الموضوع ولم توجه منهم أو إليهم أية طلبات فلا تقوم مصلحة للطاعنين في اختصامهم أمام محكمة النقض ولا يقبل الطعن بالنسبة إليهم.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لما كان المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته. وإذ كان المطعون عليهم المذكورون قد اختصموا في الدعوى دون أن توجه إليهم طلبات من الطاعن، وكان موقفهم من الخصومة سلبياً، ولم تصدر عنهم منازعة أو يثبت لهم دفاع ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء قبل الطاعن، فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة إلى المطعون ضده الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وقالا في بيان ذلك أن المشرع جعل للجان قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف والتي صدر بإنشائها القانون رقم 55 لسنة 1960 ولاية الفصل في تقدير أنصبة المستحقين ولأحكامها ما لسائر الأحكام من الحجية التي تمنع من إعادة طرح النزاع الذي فصلت فيه على المحاكم، ويكون التظلم من أحكامها باستنفاد طرق الطعن المقررة بهذا القانون. وإذ كان المشرع قد أجاز في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة الرابعة من هذا القانون لمن حددهم من ذوي الشأن رفع الدعوى بحقهم إلى المحكمة، فذلك قاصر على ما ورد بالنص، ولا يتعداه إلى حالة الدعوى الراهنة التي تمت فيها القسمة بحكم اللجنة الصادر في 20/ 5/ 1968 والذي قضى بفرز نصيب الخيرات مقابل الحصة المشروطة للتعليم وخص وزارة الأوقاف به، وكانت المنازعة فيها تدور حول استحقاق طالبي القسمة أنفسهم لهذا النصيب ومن ثم يكون لحكمها قوة الأمر المقضي التي تحول دون إعادة طرح هذا النزاع، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النعي في المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف على أن تختص اللجنة بفحص الطلبات وتحقيق جديتها... وإذا قامت منازعة جديه حول صفة طالب القسمة كمستحق في الوقف تأمر اللجنة برفض طلبه ويجوز لمن رفض طلبه أن يجدده إذا قدم من الأوراق ما يكفي لتأييد حقه ما دامت القسمة لم تحصل أو أن يرفع دعواه إلى المحكمة المختصة. وإذا قامت منازعة جدية حول مقدار استحقاق الطالب ورأت اللجنة أن مآل الإجراءات ينتهي إلى بيع أعيان الوقف لعدم إمكان القسمة تمضي اللجنة في الإجراءات حسبما هو مدون في هذا القانون أما في حالة ما إذا كانت أعيان الوقف تقبل القسمة عيناً فتقرر اللجنة السير في إجراءات القسمة ويكون تقدير حصة الطالب على أساس ما تراه اللجنة ظاهر من الأوراق وفي كل الأحوال تمضي اللجنة في إجراءات القسمة إذ كان حق طالب القسمة نفسه خالياً من النزاع وكان النزاع يدور حول حصة غيره من المستحقين وفي هذه الحالة تتبع اللجنة في شأن قسمة حصص المستحقين المتنازع عليها ما هو مقرر في الفقرة السابقة وللمتضرر أن يرفع دعوى بحقه إلى المحكمة" يدل على أن لجان القسمة المنشأة بموجب هذا القانون لا تختص بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره عند المنازعة فيه، ولا بالفصل في المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهلياً أو خيرياً باعتباره منازعة في أصل الاستحقاق وإنما تأمر إذ ما أثيرت منازعة من ذلك إما برفض طلب القسمة وإما بإجرائها حسبما تراه ظاهراً من الأوراق، ويكون حكمها بالقسمة في هذا الأحوال غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة، ويؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون في التعليق على المادة 13 منه والتي تقضي في فقرتها الأخيرة بأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في الطعن في القرارات النهائية الصادرة من لجان القسمة يكون نهائياً غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة قضائية من أنه "وبديهي أنه إذا كان النزاع على مقدار الاستحقاق فإن لصاحب الشأن أن يرفع بحقه دعوى إلى المحكمة على ما سبقت الإشارة إليه في المادة الرابعة من المشروع". أما النص في المادة السادسة من القانون على أن المعول عليه عند إجراء القسمة في صفة المستحق ونصيبه في الاستحقاق ما جرى عليه الوزارة أو الحراس أو المديرين فيها تحت يدهم من أعيان ومع مراعاة حكم المادة الثالثة من المرسوم رقم 180 لسنة 1952 وما لم يكن قد صدر حكم نهائي في الاستحقاق وفي عدم الإخلال بما نص عليه في هذا القانون وتتبع لجان القسمة أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية كما تراعى الأحكام المقررة في شأن القسمة القانون المدني والقانون رقم 48 لسنة 1946. وتكون اللجان المبينة في هذا القانون هي المختصة بالفصل في جميع المنازعات التي هي من اختصاص المحاكم وفقاً لأحكام القوانين المتقدمة. فقد استهدف به الشارع بيان القواعد التي تلتزم اللجنة باتباعها عن تحديد طبقات المستحقين الذين آلت إليهم ملكية من انتهى فيه الوقف، وتحديد حصص المستحقين في الغلة وأصحاب المرتبات وذوي السهام طبقاً لما تقضي به المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 1952 والمواد 36 و37 و38 و39 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف مع مراعاة ما هو مقرر بالمادة الرابعة السالفة الذكر من أن مضي اللجنة في إجراء القسمة يكون حسب ما تراه ظاهراً من الأوراق إذ اتصل النزاع بأصل الاستحقاق ذاته أو بمقداره. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من لجنة القسمة، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي ذلك يقول الطاعنان أن الحكم اعتبر وقف حسب التعليم أهلياً، مع أن الوقف على الذرية لا يكون أهلياً إلا إذ كان خالياً من أي شرط أو قيد أو وصف يدخله في الوقف على وجوه الخير. ولما كان الواقف لم يجعل وقفه على ذريته في خصوص الحصة المتنازع عليها مطلقاً، وإنما ناطه بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير هو لزوم ذلك التعليم. وكان ما ورد بكتب الوقف خاصاً بحرمان من يفصل من وظيفته لإهماله أو سوء خلقه من الاستحقاق في ريع هذه الحصة لا دلالة له على أهلية الوقف فيها. وإنما ورد في معرض النص على أسباب الحرمان من الاستحقاق. فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر وقف حصة التعليم أهلياً قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه أن الواقف جعل ثمانية قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها ريع وقفه المذكور وقفاً من بعده على تعليم أولاده الأربعة..... و...... و...... و...... ومن سيوجد للواقف من الأولاد ثم من بعده على تعليم أولاد أبنائه....... و...... و...... و..... ومن سيوجد بالواقف من الأولاد المذكورين يستقل به الواحد منهم من أي طبقة من الطبقتين المذكورتين إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع. وبعد أن قدر لكل طالب ما يصرف له في التعليم العالي أو الثانوي أو الابتدائي أو الروضة أو التخصص بعد التعليم العالي قال على أنه لا يصرف شيء من غلة الثلث المذكور لأحد من أهل الطبقة الثانية حتى يتم تعليم أفراد الطبقة الأولى جميعاً على أنه لا يستحق أحد في هذا الوقف من ذرية الواقف في أي طبقة من الطبقات لا في غلة الثلث ولا في غلة الثلثين بعد انقراض المتعلمين من ذرية الواقف إذا كان موظفاً وفصل من وظيفته لإهماله أو سوء خلقه، وإن عاد من فصل منهم إلى وظيفته أو إلى وظيفة أخرى فيعود له استحقاقه في الوقف المذكور بعد مضي سنة من تاريخ عودته إلى وظيفته، وأما من فصل منهم بسبب عاهة أو مرض يعجزه عن العمل أو بلوغ السن المقررة للإحالة إلى المعاش فلا يحرم من الوقف. ثم قال ويجري الحال كذلك في غلة الثلث المذكور حتى ينقرض أفراد الطبقتين المذكورتين فإذا انقرضوا صارت غلة المذكور مناصفة طبقاً لأحكام الوقف حسب شروط الواقف المبينة بكتب وقف المذكور.... وأن المحكمة تستخلص من عرضها السابق للوقائع ومما ينص عليه في حجتي الوقف آنفتي الذكر ومن إشهاد التغيير السابق الإشارة إليه أن الثلث في وقف المرحوم.... هو وقف أهلي لا وقفاً خيرياً، وأن.... لو كان يريد أن يجعل ريع ثلث وقفه المذكور خيرياً لألحقه بوقفه الخيري المنصوص عليه في إشهاد وقفه رقم 39 الصادر بتاريخ 11 مارس سنة 1939 وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه استخلاص سائغ تظاهرة شروط الواقف. ذلك أن مناط التفريق بين الوقف على غير وجوه الخير والوقف على وجوه الخير هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأول لا يكون على سبيل القربة والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب أو ذرية الغير إذا لم ينط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير. ولما كان الواقف، وعلى ما تفيده أسباب الحكم المطعون فيه - قد جعل مصرف ريع الحصة المتنازع عليها على تعليم طبقتين من ذريته، ثم جعل مصرفه عليهم بعد إتمام تعليمهم إلا من يفصل من وظيفته لإهماله أو سوء خلقه، ولم ينط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير وإنما جعله مقصوراً عليهم وعاماً بينهم سواء القادر منهم على نفقات التعليم وغير القادر. ثم جعل مصرفه مردوداً إلى أصل الوقف بعد انقراض هاتين الطبقتين من ذريته، فإن وقفه وإن شرط البدء بإنفاق ريعه على تعليم من حددهم من ذريته يكون على سبيل البر والصلة وليس على سبيل القربة والصدقة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبره وقفاً أهليا لم يخالف القانون أو يخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 5/ 11/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص 1366.
[(2)] نقض 19/ 6/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 85.