أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 1989

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد المجيد ومحمد إبراهيم خليل.

(369)
الطعن رقم 562 لسنة 47 القضائية

تحكيم. صلح. نظام عام. التزام "سبب الالتزام". بطلان.
تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة. تعلقها بالنظام العام. لا يصلح أن تكون محلاً لصلح أو تحكيم. بطلان الالتزام المبني على ذلك.
مفاد الفقرة الرابعة من المادة 501 من قانون المرافعات والمادة 551 من القانون المدني أنه لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام. وإذ كانت المسألة التي أنصب عليها التحكيم وبالتالي كانت سبباً للالتزام في السند إنما نتناول الجريمة ذاتها وتستهدف تحديد المسئولية عنها وهي من المسائل المتعلقة بالنظام العام، فلا يجوز أن يرد الصلح عليها وبالتالي لا يصح أن يكون موضوعاً لتحكيم وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام المثبت في السند باطلاً لعدم مشروعية سببه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه كان قد تقدم إلى السيد رئيس محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب إصدار أمر بالأداء بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 1000 ج قولاً منه وأنه يداينه بالمبلغ المذكور بمقتضى سند إذني مؤرخ 2/ 4/ 1975 مستحق السداد وقت الطلب. وإذ رفض إصدار الأمر، تحددت جلسة لنظر الدعوى قيدت برقم 1721 سنة 1975 الزقازيق الابتدائية. وبتاريخ 28/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون عليه مبلغ 1000 جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 186 س 19 ق مدني المنصورة - مأمورية الزقازيق - بتاريخ 21/ 3/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن التحكيم - الذي عول عليه في قضائه - باطل طبقاً للمادتين 501 من قانون المرافعات، 551 من القانون المدني، إذ قضى في ثبوت الجريمة ونسبتها إلى شخص ميعن، وهي مسألة لا يجوز الصلح فيها ولا التحكيم في شأنها مما يجعل سبب الالتزام غير مشروع، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد أيد الحكم المستأنف مستنداً إليه معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كانت المادة 501 من قانون المرافعات تنص في فقرتها الرابعة على أنه "ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح" وكانت المادة 551 من القانون المدني تنص على أنه "لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام....... فإن حاصل ذلك أنه لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية، وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام، وإذ كان دفاع المطعون عليه الذي عول عليه الحكم المطعون فيه في قضائه، أنه أتفق مع الطاعن على الاحتكام إلى شخص طلب من كل واحد منهما أن يحرر على نفسه سنداً بمبلغ 1000 ج واحتفظ بهما ليسلمهما إلى من يثبت أن له الحق قبل الآخر، وأن الحكم استبان له أن المطعون عليه هو صاحب الحق بعد أن ظهر له أن الطاعن قد حرض على سرقة مواشي المطعون عليه فسلمه السند موضوع المطالبة وكان يبين من الصورة الرسمية للمحضر رقم 2543 سنة 1975 فاقوس التي اعتمد عليها الحكم في قضائه أيضاً، وأن....... الذي احتكم إليه الطاعن والمطعون عليه قرر أنه طلب من كل منهما أن يحرر على نفسه سنداً يكون ضد المخطئ لمن أنه صاحب الحق فيه، فإن ثبتت مسئولية الطاعن حق عليه المبلغ كتعويض وإن لم تثبت حق له مبلغ السند كتعويض له عن اتهامه كذباً، وأنه قد بان له أن المطعون عليه هو صاحب الحق في السند بعد أن أدى شهوده اليمين على أن الطاعن حرضهم على سرقة مواشي المطعون عليه، مما مفاده أن المسألة التي أنصب عليها التحكيم، وبالتالي كانت سبباً للالتزام في السند إنما تتناول الجريمة ذاتها وتستهدف تحديد المسئول عنها وهي من المسائل المتعلقة النظام العام، فلا يجوز أن يرد الصلح عليها وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعاً لتحكيم وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام المثبت في السند باطلاً لعدم مشروعية سببه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.