أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 460

جلسة 23 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن العشماوي، محمود سعيد محمود نائبي رئيس المحكمة، محيي الدين السيد ورفعت أحمد فهمي.

(81)
الطعن رقم 321 لسنة 60 القضائية

(1) تعويض "تقادم دعوى التعويض عن الخطأ التقصيري". مسئولية "تقادم دعوى المسئولية عن الخطأ التقصيري". تقادم "التقادم المسقط: بدء التقادم".
التقادم الثلاثي لدعوى التعويض عن العمل غير المشروع. بدء سريانه من تاريخ العلم الحقيقي للمضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه. 172/ 1 مدني. علة ذلك.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للتقادم". نقض "سلطة محكمة النقض". تقادم. تعويض. مسئولية.
استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه. واقع. استقلال قاضي الموضوع به. لمحكمة النقض بسط رقابتها عليه. شرطه.
(3) تقادم. تعويض. مسئولية. حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى ثبوت علم الطاعنتين بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه من تاريخ انقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنوات على تاريخ التصديق على الحكم الغيابي العسكري بإدانة تابع المطعون ضده. عدم تمثيل الطاعنتين في هذه الجنحة. قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط دعوى التعويض بالتقادم الثلاثي برغم عدم التلازم بين الأمرين. خطأ.
1 - إذ جرى نص الفقرة الأولى من المادة 172 من التقنين المدني على أنه "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع". فقد دل على أن التقادم الثلاثي المشار إليه لا يبدأ في السريان إلا من تاريخ العلم الحقيقي الذي يحيط به المضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم ثبوت هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول، بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه.
2 - استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه وإن اعتبر من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بني عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد قرن علم الطاعنتين بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه بتاريخ انقضاء الدعوى الجنائية في 4/ 6/ 1981 وهو وقت مضي ثلاث سنوات على تاريخ التصديق على الحكم الغيابي بإدانة تابع المطعون ضده الصادر من المحكمة العسكرية في الجنحة رقم..... لسنة 1975 مطروح والتي لم تكونا ممثلين فيها، رغم انتفاء التلازم الحتمي بين الأمرين ورتب على ذلك قضاءه بسقوط دعواهما بالتعويض المرفوعة بتاريخ 13/ 2/ 1986، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنتين الأولى منهما عن نفسها وبصفتها أقامتا الدعوى رقم 2204 لسنة 1986 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليهما مبلغ 50000 جنيه تعويضاً عما لحقهما من أضرار مادية وأدبية ولحق مورثهما من ضرر بسبب قتله بخطأ أحد تابعيه العسكريين في قيادة سيارة له من سيارات القوات المسلحة، وقد دين المخطئ بجريمته بحكم صدر عليه في الجنحة رقم.... لسنة 1975 عسكرية مطروح تم التصديق عليه بتاريخ 4/ 6/ 1978، ومحكمة أول درجة أجابت الطاعنتين إلى طلب التعويض وقدرته بمبلغ عشرة آلاف جنيه، فاستأنف المطعون ضده حكمها بالاستئناف رقم 7746 لسنة 103 ق القاهرة بطلب الحكم بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني، قضت محكمة الاستئناف للمطعون ضده بما طلب وحكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط الدعوى بالتقادم. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنتان بالسبب الأول من سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه حين أقام قضاءه على اكتمال التقادم الثلاثي لدعواهما المدنية بالتعويض في 4/ 6/ 1984 وهو وقت فوات الثلاث سنوات من تاريخ انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة والحاصل في 4/ 6/ 1981 تاريخ سقوطها بانتهاء ثلاث سنوات من وقت التصديق على الحكم الغيابي العسكري في 4/ 6/ 1978، بما تكون دعواهما بالتعويض والمقامة منهما في 13/ 2/ 1986 قد رفعت بعد سقوط الحق في رفعها، مع أن التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني - وعلى ما يبين من حكمها - لا يسري في حقهما إلا من تاريخ علمهما الحقيقي بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، بما يعيب الحكم بقضائه المطعون فيه حين عول في ثبوت هذا العلم على وقت انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة مع انتفاء التلازم الحتمي بين الأمرين ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه إذ جرى نص الفقرة الأولى من المادة 172 من التقنين المدني على أنه "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع". فقد دل على أن التقادم الثلاثي المشار إليه لا يبدأ في السريان إلا من تاريخ العلم الحقيقي الذي يحيط به المضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم ثبوت هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول، بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أجرى سريان مدة التقادم الثلاثي المشار إليه في حق الطاعنتين من 4/ 6/ 1981 تاريخ انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وكان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه وإن اعتبر من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بني عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد قرن علم الطاعنتين بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه بتاريخ انقضاء الدعوى الجنائية في 4/ 6/ 1981 وهو وقت مضي ثلاث سنوات على تاريخ التصديق على الحكم الغيابي بإدانة تابع المطعون ضده الصادر من المحكمة العسكرية في الجنحة رقم 142 لسنة 1975 مطروح والتي لم تكونا ممثلتين فيها، رغم انتقاء التلازم الحتمي بين الأمرين ورتب على ذلك قضاءه بسقوط دعواهما بالتعويض المرفوعة بتاريخ 13/ 2/ 1986، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث السبب الثاني من سبب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد علم الطاعنتين اليقيني بالضرر وبالشخص المسئول عنه قبل أكثر من ثلاث سنوات سابقة على رفع الدعوى الحاصل بتاريخ 13/ 2/ 1986، وكان تقدير الحكم المستأنف للتعويض قائماً على أساس سائغ ومردود إلى عناصره الثابتة في الأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة في فرضه ومتكافئاً مع الضرر غير زائد عليه، فإنه يتعين ولما سلف الحكم في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.