أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 464

جلسة 23 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن العشماوي، محمود سعيد محمود نائبي رئيس المحكمة، محيي الدين السيد وحامد زكي.

(82)
الطعن رقم 3492 لسنة 62 القضائية

(1، 2) مسئولية "المسئولية الناشئة عن الأشياء: مسئولية حارس الأشياء".
(1) الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه. ماهيته. الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي له السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً.
(2) قيام شركة المصاعد بالصيانة والإصلاح اللازمين لتشغيل المصعد مقابل جعل مادي تتقاضاه من الطاعنة (مالكة المصعد) شهرياً. ليس من شأنه إخراج المصعد من السلطة الفعلية للطاعنة. أثره. بقاؤه في حراستها وعدم انتقال الحراسة إلى شركة المصاعد. مؤداه. مسئولية الطاعنة عن الضرر الذي يحدثه المصعد. م 178 مدني. عدم انتفاء هذه المسئولية إلا بإثبات الطاعنة أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد لها فيه.
(3 - 6) اختصاص "الاختصاص الولائي". نظام عام. نقض "أسباب الطعن: الأسباب المتعلقة بالنظام العام". تحكيم. شركات.
(3) الاختصاص الولائي للمحاكم. تعلقه بالنظام العام. م 109 مرافعات. أثره. جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. م 253 مرافعات. شرطه. أن تكون عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع ووروده على ما يشمله الطعن.
(4) القضاء العادي. هو صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
(5) النزاع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة. اختصاص هيئات التحكيم دون غيرها بنظره. م 56 ق 97 لسنة 1983.
(6) صيرورة الشركة الطاعنة من عداد شركات قطاع الأعمال. ق 203 لسنة 1991. مؤداه. انحسار الاختصاص بنظر دعوى الضمان الفرعية المقامة بينها وبين شركة التأمين المطعون ضدها الرابعة عن هيئات التحكيم الإجباري. علة ذلك. استرداد القضاء العادي ولايته في نظر الدعوى إذا لم يثبت حصول. اتفاق على التحكيم. م 40 ق 203 لسنة 1991.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 178 من القانون المدني على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه...." يدل على أن الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه هو ذلك الشخص - الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً.
2 - إذ كان الثابت في الدعوى أن المصعد الذي أحدث الضرر مملوك للشركة الطاعنة وهي التي تسيطر عليه سيطرة فعلية وتتولى استعماله واستغلاله لحسابها وكان قيام شركة الإسكندرية الميكانيكية للمصاعد الكهربائية بالصيانة والإصلاح اللازمين لتشغيل المصعد مقابل جعل مادي تتقاضاه من الطاعنة شهرياً - على نحو ما هو ثابت من العقد المبرم بين الطاعنة والشركة المشار إليها والمودع ملف الطعن - ليس من شأنه أن يخرج هذا المصعد من السلطة الفعلية للطاعنة وبالتالي يظل في حراستها ولا تنتقل هذه الحراسة إلى شركة الإسكندرية الميكانيكية للمصاعد الكهربائية. ذلك بأن هذا العقد تمارس الطاعنة من خلاله سلطتها في الرقابة والتوجيه والإشراف على ما تجريه هذه الشركة من أعمال والتي تقوم فيه بالعمل لحساب الطاعنة، فإن مؤدى ذلك أن تكون الطاعنة هي الحارس للمصعد وبالتالي تضحى مسئولة عن الضرر الذي يحدثه مسئولية أساسها خطأ مفترض طبقاً للمادة 178 من القانون المدني ولا تنتفي عنها هذه المسئولية إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد لها فيه.
3 - إن ما تنعاه الطاعنة.... (من خطأ الحكم المطعون فيه بتأييده الحكم الابتدائي في قضائه باختصاص هيئات التحكيم بنظر دعوى الضمان الفرعية الموجهة منها إلى شركة التأمين المطعون ضدها الرابعة) وإن لم يسبق لها التمسك به أمام محكمة الموضوع إلا أنه وقد تعلق بالاختصاص الولائي للمحاكم وهو من النظام العام طبقاً للمادة 109 من قانون المرافعات وكانت عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع وورد على ما يشمله الطعن فإنه يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض عملاً بالمادة 253 من ذا ت القانون.
4 - القضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
5 - النص في المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 - في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - على أن "يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون" إنما يدل على أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر كل نزاع بين الجهات سالفة البيان.
6 - إذ كان النزاع في دعوى الضمان الفرعية قائماً بين الشركة الطاعنة والتي أصبحت منذ 19/ 7/ 1991 تاريخ العمل بقانون شركات قطاع الأعمال الصادر برقم 203 لسنة 1991 وقبل صدور الحكم المطعون فيه من عداد هذه الشركات وبين شركة التأمين المطعون ضدها الرابعة وهي من شركات القطاع العام فإن اختصاص هيئات التحكيم (المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1983) ينحسر عنها باعتبار أن الطاعنة أحد طرفي النزاع لم تعد من الجهات المبينة في المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 فيسترد القضاء العادي ولايته في نظر هذه الدعوى إذ لم يثبت حصول اتفاق على التحكيم والذي أجازته المادة 40 من قانون شركات قطاع الأعمال المشار إليه وأوردت أحكامه الأمر الذي كان يوجب على محكمة الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف الصادر في شأن دعوى الضمان الفرعية وإعادة هذه الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر دعوى الضمان الفرعية فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 4308 لسنة 1982 مدني الإسكندرية الابتدائية طلباً لحكم يلزمها بأن تؤدي إليها تعويضاً عما لحقها ولحق ابنتها مورثتها من ضرر لقتل هذه الابنة في حادث مصعد كهربائي في حراسة الطاعنة. تدخلت شركة التأمين المطعون ضدها الرابعة خصماً منضماً للطاعنة في طلب رفض الدعوى فوجهت إليها الطاعنة دعوى ضمان فرعية للحكم عليها بما عسى أن يحكم به ضدها كما طلب كل من المطعون ضده الثاني عن نفسه وبصفته والمطعون ضده الثالث قبول تدخلهما هجومياً في الدعوى للحكم لهما على الطاعنة - باعتبارهما من ورثة المتوفاة - بالتعويض ومحكمة أول درجة بعد أن أحالت الدعوى للتحقيق واستمعت إلى الشهود قضت بتاريخ 20/ 2/ 1986 للمطعون ضدها الأولى بما قدرته لها من تعويض ثم قضت بتاريخ 25/ 2/ 1988 للمطعون ضده الثالث بما قدرته له من تعويض وللمطعون ضدهما الأولى والثاني عن نفسه بما قدرته كذلك من تعويض موروث وبعدم اختصاصها ولائياً بنظر دعوى الضمان الفرعية وبإحالتها إلى هيئات التحكيم. استأنفت الشركة الطاعنة الحكم الأول بالاستئناف رقم 658 لسنة 42 ق الإسكندرية ثم استأنفت الثاني بالاستئناف رقم 375 لسنة 44 ق الإسكندرية ومحكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين أحدهما إلى الآخر وبتاريخ 23/ 3/ 1992 حكمت برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه الثاني من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون بأنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بانتفاء مسئوليتها عن الحادث لأن الحراسة على المصعد الذي أحدث الضرر انتقلت إلى شركة الإسكندرية الميكانيكية للمصاعد الكهربائية والتي تعاقدت معها للقيام بأعمال الإصلاح والصيانة الدورية تنفيذاً لأحكام القانون رقم 78 لسنة 1974 في شأن المصاعد الكهربائية إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع فيما ذهب إليه من تأييد الحكم الابتدائي وألزمها بالتعويض على أساس أن المصعد - رغم ذلك - في حراستها مع أن هذه الحراسة قد انتقلت إلى الشركة المناط بها صيانة المصعد والتي أضحت صاحبة السيطرة الفعلية على هذا المصعد وبالتالي تكون هي المسئولة عن الضرر الذي أحدثه بما يعيب الحكم المطعون فيه إذ سار على غير هذا النظر ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 178 من القانون المدني على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ما لم يثبت أو وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه..." يدل على أن الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه هو ذلك الشخص - الطبيعي أو المعنوي - الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً ولما كان الثابت في الدعوى أن المصعد الذي أحدث الضرر مملوك للشركة الطاعنة وهي التي تسيطر عليه سيطرة فعليه وتتولى استعماله واستغلاله لحسابها وكان قيام شركة الإسكندرية الميكانيكية للمصاعد الكهربائية بالصيانة والإصلاح اللازمين لتشغل المصعد مقابل جعل مادي تتقاضاه من الطاعنة شهرياً - على نحو ما هو ثابت من العقد المبرم بين الطاعنة والشركة المشار إليها والمودع ملف الطعن - ليس من شأنه أن يخرج هذا المصعد من السلطة الفعلية للطاعنة وبالتالي يظل في حراستها ولا تنتقل هذه الحراسة إلى شركة الإسكندرية الميكانيكية للمصاعد الكهربائية. ذلك بأن هذا العقد تمارس الطاعنة من خلاله سلطتها في الرقابة والتوجيه والإشراف على ما تجريه هذه الشركة من أعمال والتي تقوم فيه بالعمل لحساب الطاعنة، فإن مؤدى ذلك أن تكون الطاعنة هي الحارس للمصعد وبالتالي تضحى مسئولة عن الضرر الذي يحدثه مسئولية أساسها خطأ مفترض طبقاً للمادة 178 من القانون المدني ولا تنتفي عنها هذه المسئولية إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد لها فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه الوارد في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني والوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه خطأه بتأييد الحكم الابتدائي في قضائه باختصاص هيئات التحكيم بنظر دعوى الضمان الفرعية الموجهة منها إلى شركة التأمين المطعون ضدها الرابعة مع أن الاختصاص بنظرها ينعقد بحكم القانون للقضاء العادي.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بهذا الوجه وإن كان لم يسبق لها التمسك به أمام محكمة الموضوع إلا أنه وقد تعلق بالاختصاص الولائي للمحاكم وهو من النظام العام طبقاً للمادة 109 من قانون المرافعات وكانت عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع وورد على ما يشمله الطعن فإنه يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض عملاً بالمادة 253 من ذات القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن القضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- هو صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره. لما كان ذلك، وكان نص المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 - في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - على أن "يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون" إنما يدل على أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر كل نزاع بين الجهات سالفة البيان. لما كان ما تقدم، وكان النزاع في دعوى الضمان الفرعية قائماً بين الشركة الطاعنة والتي أصبحت منذ 19/ 7/ 1991 تاريخ العمل بقانون شركات قطاع الأعمال الصادر برقم 203 لسنة 1991 وقبل صدور الحكم المطعون فيه من عداد هذه الشركات وبين شركة التأمين المطعون ضدها الرابعة وهي من شركات القطاع العام فإن اختصاص هيئات التحكيم آنفة الذكر ينحسر عنها باعتبار أن الطاعنة أحد طرفي النزاع لم تعد من الجهات المبينة في المادة 56 المشار إليها فيسترد القضاء العادي ولايته في نظر هذه الدعوى إذ لم يثبت حصول اتفاق على التحكيم والذي أجازته المادة 40 من قانون شركات قطاع الأعمال المشار إليه وأوردت أحكامه الأمر الذي كان يوجب على محكمة الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف الصادر في شأن دعوى الضمان الفرعية وإعادة هذه الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر دعوى الضمان الفرعية فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا الوجه وذلك في خصوص ما قضى به في هذا الشأن ولما كان الاستئناف في ضوء ما تقدم صالحاً للفصل فيه وفقاً لصحيح القانون فإنه يتعين إحالة دعوى الضمان الفرعية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها.