أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 2053

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين، أحمد صبري أسعد، محمد المرسي فتح الله، وليم رزق بدوي وعلي محمد عبد الفتاح.

(381)
الطعن رقم 170 لسنة 50 القضائية

(1) ملكية. شيوع. تقادم. "تقادم مكسب".
الشريك على الشيوع. جواز تملكه بالتقادم حصص باقي الشركاء. شرط ذلك.
(2) تقادم. "تقادم مكسب". بيع. "بيع بالمزاد".
المطالبة القضائية القاطعة للتقادم. شرطها. الدعوى بطلب بطلان حكم مرسى مزاد عقار غير قاطعة لتملك هذا العقار بالتقادم. علة ذلك.
(3) نقض. أثر نقض الحكم. "إحالة".
نقض الحكم والإحالة. التزام محكمة الاستئناف بما فصلت فيه محكمة النقض من مسائل قانونية م 269 مرافعات.
(4، 5، 6، 7) ملكية اكتساب الملكية بالتقادم. "حيازة". محكمة الموضوع.
(4) الحيازة التي تصلح أساساً للتملك بالتقادم. شروطها. استقلال محكمة الموضوع بتقدير توافر هذه الشروط.
(5) وضع اليد. واقعة مادية. جواز إثباتها بكافة الطرق. تعرف نية واضع اليد من سلطة محكمة الموضوع.
(6) تقدير الوقائع المؤيدة إلى كسب الملكية بالتقادم. من سلطة محكمة الموضوع. النعي عليها في ذلك جدل موضوعي. عدم إثارته أمام محكمة النقض.
(7) التأشير على سند بنظره في الاستئناف. لا يفيد بذاته نظره في الاستئناف موضوع الطعن بالنقض.
1 - الحصة الشائعة يصح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والإنفراد بنية تملكها ولا يحول دون ذلك اجتماع يد الحائز بيد مالك العقار بما يؤدي إلى المخالطة بينهما لأن هذه المخالطة ليست عيباً في ذاتها وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام، فإذا استطاع الشريك في العقار الشائع أن يحوز حصة باقي شركائه المشتاعين حيازة تقوم على معارضة حق الملاك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض والخفاء ومظنة التسامح، واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة فإنه يكسب ملكيتها بالتقادم.
2 - إن كان يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المكسب أن يتوافر معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد استرداده، فإن صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما لا تعد قاطعة إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه ويسقط بسقوطه، فإذا تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن الطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة إلى الحق الآخر. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم...... ضد مورث المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيتهم للقدر موضوع النزاع الحالي ثم عدلوا طلباتهم إلى طلب بطلان حكم مرسى المزاد بالنسبة لهذا القدر، وهو ما يفيد نزوله عن الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى، وكان الحق موضوع تلك الطلبات المعدلة يغاير الحق في ملكية الحصة موضوع النزاع الحالي والمدعي اكتسابها بالتقادم، فإنه يترتب على ذلك التعديل زوال إثر الصحيفة في قطع التقادم ويعتبر الانقطاع كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمراً في سريانه.
3 - تحتم المادة 269/ 2 من قانون المرافعات على المحكمة التي تحال إليها الدعوى بعد نقض الحكم فيه أن تتبع في قضائها حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة.
4 - الحيازة التي تصلح أساساً لتملك العقار أو المنقول بالتقادم تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة في معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء أو اللبس في قصد التملك بالحيازة كما تقتضي من الحائز الاستمرار في استعمال الشيء بحسب طبيعته وبقدر الحاجة إلى استعماله، ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في التحقق من استيفاء الحيازة للشروط التي يتطلبها القانون، ولا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
5 - وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق من أي مصدر يستقي منه دليله. ولمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في التعرف على نية واضع اليد من جميع عناصر الدعوى وقضاؤها في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض ما دامت هذه العناصر مدونة في حكمها وتفيد عقلاً النتيجة التي استفادتها.
6 - تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية إلى كسب الملكية بمضي المدة الطويلة مما تستقل به محكمة الموضوع متى اعتمدت فيه على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
7 - الشهادة - الصادرة من - محكمة القاهرة للأحوال الشخصية المودعة ملف الطعن والمؤشر عليها بعبارة (نظر في الاستئناف) دون بيان لرقم الدعوى الاستئنافية المعنية بهذه العبارة، لا تقطع بسبق تقديمها لمحكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم المطعون فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم....... مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 5588 سنة 1966 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنين الأول والثالثة والرابعة والمرحوم..... مورث الطاعنة الثانية وآخرين طالباً الحكم بتثبيت ملكيته لحصة قدرها 14 ط، 12 س شيوعاً في المنزل المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى. وقال بياناً لها أن المرحوم....... المورث الأصلي للطاعنين ترك كامل منزل النزاع لورثته حيث خص البلغ منهم 9 ط 12 س وخص القصر 14 ط 12 س. ووفاءاً لدين المورث الأصلي المذكور اتخذ بعض الدائنين بعد ذلك إجراءات نزع ملكية هذا المنزل بالدعوى رقم 270 سنة 59 ق مدني القاهرة الابتدائية المختلطة التي قضى فيها بالشطب. وبعد أن اشترى مورث المطعون عليهم حصة البلغ بموجب عقدي بيع مسجلين في 22/ 11/ 1937 سار الدائنون في إجراءات نزع ملكية المنزل بأكمله. وبتاريخ 28/ 5/ 1938 رسا المزاد على مورث المطعون عليهم الذي استلم المنزل كله ووضع اليد عليه بصفته مالكاً لحكم مرسى المزاد بموجب محضر تسليم مؤرخ 6/ 8/ 1938 وقد تم تسجيل هذا الحكم. غير أن القصر أقاموا ضده الدعوى رقم 3048 سنة 1953 مدني كلي القاهرة بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم للحصة التي آلت إليها بالميراث. وإذ دفع بأنه تملك المنزل بمقتضى حكم مرسى المزاد فقد عدلوا طلباتهم إلى طلب بطلان هذا الحكم بالنسبة لحصتهم وقد قضى في هذه الدعوى بعدم قبولها وتأيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 208 سنة 76 ق القاهرة الذي طعن فيه بطريق النقض بالطعن رقم 266 سنة 30 ق. وفي 10/ 6/ 1965 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وحكمت في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان حكم مرسى المزاد بالنسبة لحصة قدرها 14 ط 12 س تأسيساً على عدم توجيه إجراءات نزع الملكية إلى من كان يمثل القصر. وفي 12/ 5/ 1968 أصدرت محكمة النقض قراراً بتصحيح الخطأ المادي الحسابي الذي وقع في منطوق حكمها بأن جعلت مقدار الحصة 105/ 858/ 8 س 11 ط بدلاً من 14 ط 12 س. ولما كان هذا القضاء لا يحول دون تملك مورث المطعون عليهم هذه الحصة بالتقادم الطويل لوضع يده عليها مدة تزيد على خمس عشرة سنة فقد أقام دعواه بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 27/ 11/ 1976 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف مورث المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 159 سنة 85 ق القاهرة وفي 4/ 1/ 1970 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن مورث المطعون عليهم في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 142 سنة 40 ق. وبتاريخ 2/ 2/ 1978 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية على محكمة استئناف القاهرة تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه لم يتحدث عن الأدلة والمستندات التي قدمها مورث المطعون عليهم للتدليل على أن حيازته لحصة شركائه في المنزل قامت على مناهضة حقهم وبنية المالك وأن الحكم اعتبر التقادم قد انقطع من تاريخ إعلان مورث المطعون عليهم بصحيفة الدعوى رقم 3048 سنة 1953 مدني كلي القاهرة وبعد تعجيل الاستئناف حكمت المحكمة بتاريخ 3/ 12/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف وبتثبيت ملكية مورث المطعون عليهم للقدر البالغ 14 ط 12 س شيوعاً في كامل أرض وبناء موضوع الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن مدة التقادم في الدعوى الماثلة تبدأ من 10/ 6/ 1965 يوم أن صدر حكم محكمة النقض في الطعن 266 لسنة 30 ق - ببطلان حكم مرسى المزاد وما يترتب عليه من آثار، إذ أن مورث المطعون عليهم كان يضع يده على منزل النزاع بصفته مالكاً حتى صدور الحكم المذكور. والمالك لا يجوز له أن يتملك بالتقادم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وذهب إلى جواز ورود التملك بالتقادم على حصة شائعة ما دام أن الحائز لها يحوزها على وجه التخصيص والانفراد بنية التملك. وإلى أن مدة التقادم في الدعوى الحالية لا تبدأ من 10/ 6/ 1965 وإنما من وقت تنفيذ حكم مرسى المزاد في سنة 1938 فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذه النعي مردود ذلك لأن الحصة الشائعة يصح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والإنفراد بنية تملكها ولا يحول دون ذلك اجتماع يد الحائز بيد مالك العقار بما يؤدي إلى المخالطة بينهما لأن هذه المخالطة ليست عيباً في ذاتها وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام، فإذا استطاع الشريك في العقار الشائع أن يحوز حصة باقي شركائه المشتاعين حيازة تقوم على معارضة الملاك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض والخفاء وفطنة التسامح، واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة فإنه يكسب ملكيتها بالتقادم. وإذ كان يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المكسب أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد استرداده، فإن صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما لا تعد قاطعة إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه، فإذا تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن الطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة إلى الحق الآخر. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 3048 سنة 1953 مدني كلي القاهرة ضد مورث المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيتهم للقدر موضوع النزاع الحالي ثم عدلوا طلباتهم إلى طلب بطلان حكم مرسى المزاد بالنسبة لهذا القدر، وهو ما يفيد نزوله عن الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى، وكان الحق موضوع تلك الطلبات المعدلة يغاير الحق في ملكية الحصة موضوع النزاع الحالي والمدعي اكتسابها بالتقادم، فإنه يترتب على ذلك التعديل زوال أثر الصحيفة في قطع التقادم ويعتبر الانقطاع كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمراً في سريانه. وإذ كانت محكمة النقض قد فصلت في الطعن رقم 142 سنة 40 ق المرفوع من مورث المطعون عليهم ضد الطاعنين في المسائل القانونية الخاصة بزوال أثر صحيفة الدعوى رقم 3048 سنة 1953 مدني كلي القاهرة في قطع التقادم، وبجواز حيازة الشريك في العقار الشائع لحصة باقي شركائه واكتساب ملكيتها بالتقادم متى توافرت شروط الحيازة، وكانت المادة 269/ 2 من قانون المرافعات تحتم على المحكمة التي تحال إليها الدعوى بعد نقض الحكم فيها أن تتبع في قضائها حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد تتبع في قضائه حكم محكمة النقض في المسائل القانونية سالفة الذكر فإن النعي بما جاء بهذا السبب لا يعدو أن يكون تعييباً لحكم النقض المذكور وعود إلى المجادلة في المسائل القانونية التي بت فيها هذا الحكم. ولما كانت أحكام محكمة النقض باته ولا سبيل إلى الطعن فيها ولا يجوز تعييبها أمام محكمة الإحالة فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن مورث المطعون عليهم دلل لمحكمة الموضوع على وضع يده على منزل النزاع بإعلانه حكم مرسى المزاد في 6/ 8/ 38 إلى جميع الورثة وتسلمه المنزل، وبإنفراده بتأجير هذا المنزل للغير ولبعض الطاعنين وبقيد تهمتي القتل والإصابة الخطأ ضده وحده على أثر انهيار ذات المنزل وباستصداره ترخيصاً باسمه وحده وإعادة بناء المنزل منفرداًَ من ماله الخاص وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذه الأدلة والمستندات مع أن المادة 830 من القانون المدني تخول كل شريك في الشيوع الحق أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لحفظ الشيء ولو كان ذلك بغير موافقة باقي الشركاء، وأن إعلان حكم مرسى المزاد تم إلى الوصي على القصر بعد عزله، فضلاًَ عن أن محكمة النقض قضت ببطلان هذا الحكم وما ترتب عليه من آثار. وإذ كان مجرد إنكار الحائز العرضي لحق المالك لا يكفي كما لا يكفي تصرفه في العين تصرف الملاك لأن تصرفه هذا يعتبر تعسفاً في استعمال حيازته العرضية وليس من شانه أن يغير صفة الحيازة ويحولها إلى حيازة أصلية، وكان الحكم المطعون فيه - بناء على ما استخلصه من المستندات سالفة الذكر رغم كونها سابقة على الحكم ببطلان مرسى المزاد ورغم أن بعضها غير صحيح والبعض الأخر لا يصلح لإثبات تغيير سبب وضع اليد - قد ذهب إلى أن حيازة مورث المطعون عليهم قامت على مناهضة حق الطاعنين له فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن الحيازة التي تصلح أساساً لتملك العقار أو المنقول بالتقادم تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة في معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء أو اللبس في قصد التملك بالحيازة كما تقتضي من الحائز الاستمرار في استعمال الشيء بحسب طبيعته وبقدر الحاجة إلى استعماله. ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في التحقيق من استيفاء الحيازة للشروط التي يتطلبها القانون، ولا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. ولما كان وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق من أي مصدر يستقي منه دليله، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في التعرف على نية واضع اليد من جميع الدعوى وقضاؤها في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض ما دامت هذه العناصر مدونة في حكمها وتفيد عقلاً النتيجة التي استفادتها وكان تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية إلى كسب الملكية بمضي المدة الطويلة مما يستقل به محكمة الموضوع متى اعتمدت فيه على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "أن الأدلة تجمع على أن مورث المطعون عليهم كان مشترياً لقدر معين بموجب عقدي البيع المسجلين وأصبح مالكاً لكامل العقار بموجب حكم مرسى المزاد الصادر في 28/ 5/ 1938 والذي تم تنفيذه في 6/ 8/ 1938 على نحو ما يقرر المورث المذكور دون منازعة من الخصوم وأنه منذ ذلك التاريخ وضع يده على كامل العقار وضع يد مستوف لكافة شرائطه القانونية وبنية التملك وأن وضع اليد استمر لأكثر من خمس عشرة سنة. وقد أقر الطاعنون في صحيفة دعوى الريع المرفوعة منهم ضد مورث المطعون عليهم... - بأن هذا الأخير يضع اليد على عقار النزاع كله منذ 6/ 8/ 1938..... وطالبوه بأن يدفع لهم الريع المستحق عن 14 ط 12 س موضوع النزاع الحالي وما يعادل نصيبهم في إنقاص المنزل القديم.... يضاف إلى ذلك عقود الإيجار العديدة...... والتي تتضمن تأجير مورث المطعون عليهم للغير شقة بمنزل النزاع، ومن بينهما عقد إيجار - يتضمن استئجار الطاعن الأول من مورث المطعون عليهم شقة بذات المنزل فضلاً عن الإنذار الرسمي الموجه من أحد المستأجرين للمورث المذكور المتضمن عرض متأخر الإيجار. ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يصدر ضده قرار بهدم منزل قديم على أرض النزاع في 5/ 11/ 1956 ثم تهدمه وما ترتب عليه من وفاة وإصابة آخرين وقيدت الواقعة ضده برقم 8625 سنة 1956 جنح السيدة زينب باعتباره المالك المسئول... ثم استيلائه على الأنقاض لحسابه الخاص ثم إقامته ومن ماله الخاص بموجب رخصة بناء صادرة سنة 1957 منزلاً جديداً استمراراً لحيازته السابقة... ونقل تكليف المنزل باسمه وتحمله وحده دفع الأموال الأميرية على النحو الثابت بالمستندات المقدمة منه..... " وكان بين من الحكم أنه اعتمد على الأدلة التي ساقها في ثبوت حيازة مورث المطعون عليهم المنزل النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة مستمرة وبنية التملك، ومن شأن هذه الأدلة أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتواجه دفاع الطاعنين بما أوردته من بيان مظاهر الحيازة طوال هذه المدة وهو ما ينفي عن الحيازة مظنة التسامح وشبهة الخفاء أو كونها عرضية، فإن النعي عليه بما جاء بهذا السبب لا يعدو وأن يكون جدلاً في تقدير موضوعي مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. ولا عبرة بما يثيره الطاعنون من بطلان إعلان حكم مرسى المزاد بمقولة إنه تم في مواجهة الوصي على القصر بعد عزله، ذلك لأن الحكم المطعون فيه لم يكن بصدد مسألة تتعلق بصحة أو بطلان هذا الإعلان وإنما هو قد اتخذ منه قرينة استدل بها على وضع يد مورث المطعون عليهم على منزل النزاع، وليس بطلان الإعلان - بفرض تحقق البطلان المدعى به - بذي أثر على قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها في هذا المقام.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بوقف التقادم لأنهم كانوا قصراً، حسبما هو ثابت من شهادة محكمة القاهرة للأحوال الشخصية المؤرخة 9/ 3/ 1972 المودعة ملف الطعن، وقد بلغوا سن الرشد القانوني في الفترة من سنة 1938 وحتى سنة 1947. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعتد بهذه الشهادة وأخذ بإقرار الطاعنين الأول والثالثة والرابعة - بصحيفة الدعوى المرفوعة منهم ضد مورثة المطعون عليهم لمطالبته بالريع - بانتهاء إشراف المجلس الحسبي على القصر في سنة 1943 لبلوغهم سن الرشد، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن شهادة محكمة القاهرة للأحوال الشخصية المؤرخة 9/ 3/ 1972 المودعة ملف الطاعن والمؤشر عليها بعبارة "نظر في الاستئناف" دون بيان لرقم الدعوى الاستئنافية المعنية بهذه العبارة، لا تقطع بسبق تقديمها لمحكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم المطعون فيه. ولما كان الطاعنون لم يقدموا ما يدل على أن الشهادة المذكورة كانت معروضة على محكمة الاستئناف وأنهم تمسكوا بها أمامها ولم يرد بالحكم المطعون ضده ما يفيد ذلك، فإنه لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بإقرار الطاعنين الأول والثالثة والرابعة الوارد بصحيفة دعواهم - التي أقاموها ضد مورث المطعون عليهم مطالبين إياه بالريع - بانتهاء إشراف المجلس الحسبي على القصر في سنة 1943 لبلوغهم سن الرشد القانوني، واعتبر أن وضع يد مورث المطعون عليهم قد استمر في المدة ما بين أول سنة 1944 وحتى نهاية سنة 1964 بكافة شروطه القانونية وبنية التملك بعيداً عن أي إجراء موقف أو قاطع التقادم فإنه لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق، ويكون النعي عليه بما جاء بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن حكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 266 سنة 30 قضى ببطلان حكم مرسى المزاد بالنسبة إلى حصة القصر البالغ قدرها 14 ط و12 س. ولما كانت محكمة النقض قد أصدرت قراراً بتصحيح الخطأ المادي الحسابي الذي وقع في منطوق حكمها المذكور بأن جعلت مقدار حصة القصر 11 ط 8 س بدلاً من 14 ط 12 س حسب التوزيع الذي أجرته بين الورثة، وكان الحكم المطعون فيه رغم ذلك قد قدر حصة القصر كما قدرها مورث المطعون عليهم في دعواه بـ 14 ط و12 س، فإنه يكون قد خالف ما قضى به حكم نهائي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن محكمة النقض لم تتعرض في حكمها الصادر في الطعن رقم 266 سنة 30 ق لملكية النزاع وحصة كل شريك فيه، ولم تكن هذه المسألة محل مناقشة بين الخصوم ومن ثم فإن قضاء محكمة النقض المذكور لا يكون له حجية الأمر المقضي في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى أن مورث المطعون عليهم وضع اليد على منزل النزاع جميعه وضع يد مستوف لشرائطه القانونية وبنية التملك، فإنه لا يكون ثمة جدوى من تحديد حصة القصر ويكون النعي عليه غير منتج ولا جدوى منه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.