أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 31 - صـ 2102

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد المجيد وأحمد شلبي.

(391)
الطعن رقم 7722 لسنة 49 القضائية

(1) بيع "صورية البيع". صورية "الصورية المطلقة".
مشتري العقار بعقد مسجل. اعتباره من الغير بالنسبة للبيع الآخر الصادر من البائع عن ذات المبيع. له باعتباره خلفاً خاصاً التمسك بصورية العقد الآخر صورية مطلقة.
(2) بيع. صورية. محكمة الموضوع. وصية.
انتهاء الحكم بأسباب سائغة إلى أن عقد النزاع هو بيع بات غير صوري. نعى الطاعن بإغفال دفاعه بشأن رجوع المورث - البائع - عن وصيته. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) إرث "مسئولية الوارث". بيع "آثار البيع". التسلم.
شخصية الوارث. استقلالها عن شخصية المورث. مسئولية عن ديون التركة. انحصارها فيما آل إليه من ميراث. التزامه بتسليم ما باعه المورث. لا يشمل ما يكون ضمن مشتراة المسجل.
(4) بيع. تسجيل. دعوى "صحة التعاقد".
تسجيل صحيفة دعوى التعاقد. مقصوده وأثره. انتقال الملكية لا يتم إلا بعد صدور الحكم والتأشير به.
1 - الطاعن يعتبر من الغير بالنسبة للعقد المؤرخ 5/ 1/ 1969 في حدود القدر الذي اشتراه بموجب العقد الذي صدر حكم بصحته ونفاذه وسجل في 6/ 4/ 1970 وله باعتباره خلفاً خاصاً للبائع أن يطعن بصورية العقد الأول صورية مطلقة بالنسبة للقدر المبيع له.
2 - إذ أقامت محكمة الاستئناف قضاءها بنفي صورية العقد وبأنه كان بيعاً باتاً مقابل الثمن المحدد به والذي قبضه البائع في وقت إبرام العقد على ما خلصت إليه من أقوال الشهود وما اطمأن إليه وجدانها على أساب سائغة تكفي لحمله. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من نعي بإغفال دفاعه الجوهري المؤسس على رجوع المورث عن وصيته - لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للأدلة مما لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض.
3 - شخصية الوارث - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعتبر مستقلة عن شخصيه المورث وتتعلق ديون المورث بتركته لا بذمة ورثته ولا يقال بأن التزامات المورث تنتقل إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا إذا أصبح الوارث مسئولاً شخصياً عن التزامات المورث كنتيجة لاستفادته من التركة، وتبعاً لذلك لا يعتبر الوارث الذي جعلت له ملكية أعيان التركة أو جزء منها قبل وفاة مورثة مسئولاً عن التزامات الأخير قبل من تعامل معه بشأنها ولم تنتقل إليه ملكيتها بعد ويعتبر هذا الوارث شأنه شأن الغير في هذا الخصوص، لما كان ذلك وكان الطاعن قد آلت إليه ملكية الأطيان البالغ مساحتها 2 س 8 ط 2 ف بموجب عقد بيع صدر حكم بصحته ونفاذه وسجل الحكم وباع مورثه هذه الأطيان للمطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر وفقاً لما سلف بيانه فإن الطاعن لا يكون ملزماً بتسليمهم الأطيان المذكورة كأثر من أثار عقد البيع الصادر لهم.
4 - القانون رقم 114 سنة 1946 الخاص بالشهر العقاري إذ أجاز بنص الفقرة الثانية من المادة 15 منه تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية ورتب على التأثير بمنطوق الحكم الصادر فيها طبقاً للقانون انسحاب أثر الحكم إلى تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى إنما قصد حماية أصحاب هذه الدعاوى قبل من ترتيب لهم حقوق على ذات العقار المبيع بعد تسجيل صحفها ولم يقصد أن يترتب على مجرد تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد انتقال الملكية قبل التأثير بالحكم الذي يقرر حق المدعى فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر أقاموا الدعوى رقم 261 سنة 1970 مدني الزقازيق الابتدائية ضد المرحوم..... - مورث الطاعن وباقي المطعون عليهم والمطعون عليه الأول بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 5/ 1/ 1969 المتضمن بيعه لهم 9 ف، 10 ط، 22 س أطياناً زراعية مبينة بصحيفة الدعوى على قطعتين مساحة الأول 7 ف، 2 ط، 20 س والثانية مساحتها 2 ف، 8 ط، 2 س لقاء ثمن مقبوض مقداره 7271 ج وتسليم تلك الأطيان إليهم، دفع المدعي عليه بأن عقد البيع المذكور هو في حقيقته وصيه وأنه رجع عنها، وطلب الطاعن قبول تدخله في الدعوى والحكم برفضها بالنسبة لقطعة الأرض الثانية البالغ مساحتها 2 ف، 8 ط ،2 س تأسيساً على أنه اشتراها من المدعى عليه بعقد الحكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 714 سنة 1970 مدني جنوب القاهرة الابتدائية وسجل الحكم في 6/ 4/ 1970، دفع المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر بصورية العقد الصادر إلى الطاعن صورية مطلقة، وبتاريخ 24/ 11/ 1970حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعن في الخصومة وأحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر صورية العقد الصادر إلى الطاعن وبعد سماع الشهود حكمت - بتاريخ 30/ 5/ 1972 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5/ 1/ 1969 سالف الذكر وبتسليم المدعين الأطيان البالغ مساحتها 7 ف ، 2 ط، 20 س ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 257 سنة 15 ق المنصورة مأمورية الزقازيق طالباً إلغاءه كما استأنفه المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر بالاستئناف رقم 289 سنة 15 ق المنصورة طالبين تعديله والحكم بتسليمهم باقي الأطيان البالغ مساحتها 2 ف، 8 ط، 2 س واستأنفه كذلك باقي المطعون عليهم بالاستئناف رقم 281 سنة 15 ق المنصورة طالبين إلغاءه، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين رقمي 257 سنة 15 ق إلى الاستئناف رقم 281 سنة 15 ق حكمت بتاريخ 1/ 1/ 1974 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفون في الاستئنافين رقمي 257 سنة 15 ق، 281 سنة 15 ق. أن العقد الصادر بتاريخ 5/ 1/ 1969 هو عقد صوري وأنه في حقيقته وصية رجع عنها الموصي حال حياته وليثبت المستأنفون في الاستئنافين رقمي 289 سنة 15 ق، 281 سنة 15 ق صورية العقد الصادر إلى الطاعن، وبعد سماع الشهود ادعى الطاعن بتزوير إقرار منسوب إليه يتضمن أنه لم يدفع ثمناً للأطيان التي اشتراها، وحكمت المحكمة بتاريخ 15/ 11/ 1976 بندب خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة بين التوقيع المذيل به الإقرار واستكتاب الطاعن للطاعن وبعد أن قدم الخبير المنتدب تقريره قضت بتاريخ 11/ 4/ 1978 برد وبطلان الإقرار المذكور ثم حكمت بتاريخ 12/ 2/ 1979 في موضوع الاستئناف رقم 289 سنة 15 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف إلى إلزام المستأنف عليهم بتسليم كامل الأطيان الزراعية محل عقد البيع المؤرخ 5/ 1/ 1969 إلى المستأنفين وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك ورفض الاستئنافين رقمي 281 سنة 15 ق. طعن الطاعن هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً بالنسبة لقضائه بالتسليم فيما زاد على 7 ف، 2 ط، 20 س وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت إنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم حصل شهادة شاهدي المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر بما لا يتفق ومدلولها ومسخ أقوالها إذا ورد بأسباب الحكم أن الشاهد الأول - ...... - شهد بأن البائع باع الأطيان آنفة الذكر مقابل الثمن الوارد بالعقد والذي قبضه وقت إبرام العقد في حين أن هذا الشاهد قرر إنه لم يشاهد واقعة دفع الثمن ولكن البائع أخبره إنه قبضه كما أن مفاد أقوال الشاهد الثاني - .... إنه شاهد المشتري والبائع يحصيان نقوداً لم يتبين مقدارها في غرفة بمنزل المشتري ثم خرجا إلى ردهة المنزل حيث تم تحرير عقد البيع وقرأه محرره وسأل البائع فأقر بقبضه الثمن، غير أن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن الشاهد المذكور رأى المشتري يدفع الثمن للبائع، كما عول الحكم على شهادة هذين الشاهدين رغم التناقض بينهما إذ قرر الشاهد الثاني أن الشاهد الأول سأل البائع في حضوره عما إذا كان قد قبض الثمن فأجابه بالإيجاب في حين أن الشاهد الأول لم يذكر في أقواله أن الشاهد الثاني كان حاضراً مجلس العقد.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه حصل أقوال شاهدي المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر - .... و..... - بأنه "قد شهد أولهما إنه حرر عقد بيع صادر من المورث إلى ابنه... عن نفسه بمساحة فدانين وثلث حديقة مانجو بثمن قدره ثلاثة ألاف جنيه وسبعة أفدنه أرضاً زراعية لأولاده القصر بسعر الفدان 700 ج وأقر البائع أمامه بقبض الثمن ووقع على العقد وأضاف أن المورث طلب منه تحرير عقد بيع ولم يطلب منه تحرير وصية وأنه تنفيذاً لطلبه حرر عقد بيع بات وقع عليه البائع ثم باشر - أي الشاهد - إجراءات تسجيله كما أوضح أن من يدعى..... كان حاضراً بمجلس العقد، وقد شهد الشاهد الثاني.... إنه حضر مجلس العقد الذي تم فيه بيع المورث لابنه.... تسعة أفدنه أرضاً زراعية مقابل ثمن قدره 7000 جنيه شاهد المشتري يدفعه للبائع في إحدى غرف المنزل بعيداً عن المكان الذي يجلس فيه كاتب العقد، وكان البين من التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف أن الشاهد الأول شهد بأنه حرر عقد البيع المذكور، وسأل البائع فأقر بقبضه الثمن وثبت بالعقد سداده وشهد الشاهد الثاني أنه شاهد المشتري والبائع يقومان بعد نقود وعلم إنها ثمن الأرض المبيعة وقرأ محرر العقد عقد البيع الذي حرره وسأل البائع فأقر بقبضه الثمن، وكان ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال الشاهدين لا خروج فيه عما يؤدي إليه مدلولها، وكان تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها مما تستقل به محكمة الموضوع ولها أن تأخذ بمعنى للشاهدة دون معنى تحتمله أيضاً طالما أن المعنى الذي تأخذ به لا يتجافى مع مدلول الشهادة، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في الشق الأول من هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، والنعي في شقة الثاني غير صحيح ذلك أن الثابت من التحقيق آنف الذكر أن الشاهد الأول...... قرر أن الشاهد الثاني - ....... - كان حاضراً مجلس العقد ومن ثم فإن النعي بهذا الشق يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب ذلك أن الطاعن دفع بصفته خلفاً خاصاً للبائع بصورية العقد المؤرخ 5/ 1/ 1969 صورية مطلقة واستدل على هذا الدفع بعدة قرائن منها أن محرر العقد - ....... شهد بأن ثمناً لم يدفع لقاء البيع فضلاً عن ضآلة الثمن الوارد بالعقد وأن المتصرف قرر بصورية العقد وظل محتفظاً بوضع يده على الأطيان محل النقد ولم تكن به حاجة إلى بيعها وأن المتصرف إليهم لا تسمح حالتهم المالية بدفع الثمن غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع وأغفل بحث المستندات التي استند إليها الطاعن في هذا الشأن وعرض الدفاع الطاعن المبني على الدفع بصورية العقد المذكور لانطوائه على وصية وأخذ بشهادة شاهدي المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشرة بأن التصرف كان بيعاً باتاً مقابل الثمن المحدد بالعقد الذي قبضه البائع في وقت إبرام العقد رغم تعييب ما حصله الحكم من شهادتهما على النحو المبين بالسبب الأول، فيكون الحكم معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إنه وإن كان الطاعن يعتبر من الغير بالنسبة للعقد المؤرخ 5/ 1/ 1969 في حدود القدر الذي اشتراه بموجب العق الذي صدر حكم بصحته ونفاذه وسجل في 6/ 4/ 1970 وله باعتباره خلفاً خاصاً للبائع أن @يطعن بصورة العقد الأول صورية مطلقة بالنسبة للقدر المبيع له، إلا أنه لما كان الثابت أن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى إلى التحقيق تمكيناً للطاعن من إثبات ما يدعيه، وكان البين من الحكم المطعون فيه - وعلى نحو ما سلف بيانه في الرد في السبب الأول - أنه حصل أقوال شاهدي المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشرة بما لا خروج فيه على مدلولها ثم وازن بينها وبين أقوال شهود باقي الخصوم وقرر أن "المحكمة تطمئن إلى أقوال شاهدي المستأنفين في الاستئناف رقم 289 سنة 15 ق وهما - ..... و.... نظراً لأن شهادتهما بنيت على علم يقيني من واقع المشاهدة لا عن طريق النقل أو السماع عن الغير كما اتفقت مع ماديات الدعوى وعناصرها المطروحة دون أي تعارض أو لبس أو غموض كما لم يعتريها ما اعترى أقوال باقي من سمعت شهادتهم من عدم تيقن وتشكيك فيما أخبروا به وتضارب في الأقوال، وخلص الحكم من ذلك إلى ترجيح أقوال شاهدي المطعون عليهم المذكورين والتي مفادها أن المورث - ....... باع الأطيان محل العقد المؤرخ 15/ 1/ 1969 بيعاً باتاً مقابل الثمن المحدد به والذي قبضه وقت تحرير العقد وقرر الحكم أن باقي الخصوم ومن بينهم الطاعن عجزوا عن النيل من العقد المذكور وجاءت أقوال الشهود الذين ركنوا إلى شهادتهم قاصرة عن إثبات ما ادعوه واستندوا إليه في أسباب استئنافهم ولم يثبتوا صوريته، وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويكفي لحمل قضائه في هذا الشأن وفيه الرد الضمني المسقط لما ساقه الطاعن من قرائن لإثبات طعنه بصورية ذلك العقد، وكانت محكمة الموضوع غير مكلفة بأن تورد كل حجج الخصوم وتفندها طالما إنها أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه إنه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعد وفاة مورثه بالنعي على عقد البيع موضوع النزاع بأنه بفرض أنه بيع جدي وليس صورياً صورية مطلقة فهو في حقيقته ينطوي على وصية لأنه صادر لوارث وقد ظل المورث - البائع - محتفظاً بحيازة الأطيان المبيعة ومنتفعاً بها مدى حياته مما تتوافر به القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني وأستند في ذلك إلى القرائن السالف ذكرها في السبب الثاني والتي ساقها للتدليل على صورية العقد صورية مطلقة غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع الجوهري وحجب نفسه عن بحث دفاع الطاعن المؤسس على رجوع المورث عن وصيته مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى إلى التحقيق تمكيناً للطاعن من إثبات طعنه بأن العقد المؤرخ 5/ 1/ 1969 صوري وأنه في حقيقته وصية رجع عنها الموصي حال حياته ثم أقامت قضاءها بنفي صورية العقد وبأنه كان بيعاً باتاً مقابل الثمن المحدد به والذي قبضه البائع في وقت إبرام العقد على ما خلصت إليه من أقوال الشهود وما أطمأن إليه وجدناها على النحو الذي سلف بيانه في الرد على السببين السابقين وقد أقامت قضاءها في هذا الشأن على أسباب سائغة تكفي لحمله ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للأدلة مما لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه ألغى الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التسليم بالنسبة للقدر المبيع للطاعن بموجب العقد الذي حكم بصحته ونفاذه وسجل تأسيساً على أن التسليم أثر من آثار البيع وأن المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر سجلوا صحيفة دعواهم قبل أن يسجل الطاعن الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر له عن مساحة 2 ف 8 ط 2 س في حين أن الطاعن يضع يده على تلك المساحة، ومجال الحكم بالتسليم باعتباره أثراً من آثار البيع إنما يكون في العلاقة بين البائع والمشتري وليس بالنسبة للغير الذي اكتسب حقاً على المبيع، والطاعن قد تسلم الأطيان المذكورة بناء على عقده المسجل الذي انتقلت إليه ملكيتها بموجبه فلا يجوز الحكم بتسليمها إلى المطعون عليهم آنفي الذكر لأن التسجيل لا يرتب أثره بمجرد تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد بل يجب التأشير بمنطوق الحكم الصادر فيها وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتسليم الأطيان المبيعة للطاعن إلى المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشرة قبل التأشير بمنطوق الحكم الصادر لهم بصحة التعاقد اكتفاء بأنهم قاموا بتسجيل صحيفة الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن شخصية الوارث - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعتبر مستقلة عن شخصية المورث وتتعلق ديون المورث بتركته لا بذمة ورثته ولا يقال بأن التزامات المورث تنتقل إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا إذا أصبح الوارث مسئولاً شخصياً عن التزامات المورث كنتيجة لاستفادته من التركة، وتبعاً لذلك لا يعتبر الوارث الذي خلصت له ملكية أعيان التركة أو جزءاً منها قبل وفاة مورثه مسئولاً عن التزامات هذا الآخر قبل من تعامل معه بشأنها ولم تنتقل إليه ملكيتها بعد ويعتبر هذا الوارث شأنه شأن الغير في هذا الخصوص، لما كان ذلك، وكان الطاعن قد آلت إليه ملكية الأطيان البالغ مساحتها 2 ف 8 ط 2 س بموجب عقد بيع صدر حكم بصحته ونفاذه وسجل الحكم وباع مورثه هذه الأطيان للمطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر وفقاً لما سلف بيانه فإن الطاعن لا يكون ملزماً بتسليمهم الأطيان المذكورة كأثر من آثار عقد البيع الصادر لهم، هذا إلى أن التسجيل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه أثره إلا من تاريخ تسجيل العقد أو الحكم الذي من شأنه إنشاء حق الملكية أو أي حق عيني آخر على عقار أو نقله، وأن القانون رقم 114 سنة 1946 الخاص بالشهر العقاري إذ أجاز بنص الفقرة الثانية من المادة 15 منه تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية ورتب على التأشير بمنطوق الحكم الصادر فيها طبقاً للقانون انسحاب أثر الحكم إلى تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى إنما قصد حماية أصحاب هذه الدعاوى قبل من ترتبت لهم حقوق على ذات العقار المبيع بعد تسجيل صحيفتها ولم يقصد أن يترتب على مجرد تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد انتقال الملكية قبل التأشير بالحكم الذي يقرر حق المدعي فيها، فتسجيل المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر صحيفة دعوى صحة التعاقد لا يترتب عليه انتقال ملكية المبيع لهم قبل التأشير بالحكم الصادر في تلك الدعوى طبقاًَ للقانون وهو ما خلت الأوراق مما يفيد تمامه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بتسليم المطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشرة الأطيان البالغ مساحتها 2 ف و8 ط و2 س سالفة البيان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.