أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 51 - صـ 553

جلسة 9 من إبريل سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ كمال محمد مراد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الجواد هاشم فراج، أحمد عبد الكريم نائبي رئيس المحكمة ومحمد محمد زكي وأحمد سعيد حسين.

(99)
الطعن رقم 1857 لسنة 68 القضائية

(1) دعوى "الخصومة في الدعوى" "انعقاد الخصومة". نقض "ميعاد الطعن".
انعقاد الخصومة. شرطه. أن تكون بين شخصين من الأحياء. تخلف ذلك. أثره. انعدام الخصومة. التزام الخصم بمراقبة ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم. الجهل بوفاة الخصم. مجرد عذر يوقف سريان ميعاد الطعن إلى وقت زوال العذر بالعلم بالوفاة. لازمه. أن يكون في مكنة الخصم تلك الموالاة وهذا التتبع لما يطرأ على خصمه قبل اختصامه وأن يكون ميعاد الطعن ما زال قائماً.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "إيجار ملك الغير". ملكية. عقد. "أثر العقد".
إيجار ملك الغير. صحيح فيما بين المؤجر والمستأجر. عدم نفاذه في حق المالك إلا إذا أقره صراحة أو ضمناً.
(3، 4) حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". دفاع "الدفاع الجوهري".
(3) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور مبطل.
(4) تقديم الخصم مستندات مع التمسك بدلالتها. التفات الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما قد يكون لها من دلالة. قصور.
(5، 6) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار". إثبات "طرق الإثبات". دفاع "الدفاع الجوهري".
(5) حق المؤجر في إخلاء المستأجر لتأجيره العين المؤجرة من الباطن أو تنازله عن الإيجار. جواز تنازله عن صراحة أو ضمناً. للمستأجر إثبات التنازل الضمني بكافة طرق الإثبات.
(6) تمسك الطاعنات بموافقة المالك السابق للعقار ضمناً على تنازل المطعون ضده الثاني - المستأجر الأصلي - عن عين النزاع لمورثهن منذ أكثر من أربعة عشر عاماً وعدم اعتراض المطعون ضده الأول منذ شرائه العقار حتى رفع الدعوى وتدليلهن على ذلك بالمستندات. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عن بحث دلالة هذه المستندات وقضاؤه بالإخلاء لعدم وجود إذن كتابي بالتنازل عن الإيجار. خطأ وقصور.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الخصومة لا تقوم إلا بين طرفيها من الأحياء فلا تنعقد أصلاً بين أشخاص غير موجودين على قيد الحياة إذ تكون معدومة لا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق وعلى الخصم أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم، أما جهله بوفاة خصمه فيعد عذراً يترتب عليه وقف سريان الميعاد في الفترة التي تبدأ من رفع الطعن ضد المتوفى وتنتهي بوقت العلم بهذه الوفاة وبالتالي يكون على الطاعن بمجرد زوال العذر أن يرفع طعنه من جديد على النحو الصحيح وإلا سقط الحق فيه ومن ثم يتعين اعتبار الخصومة في الطعن في هذه الحالة منعدمة والحكم فيها بعدم قبول الطعن إلا أن لازم ذلك ومقتضاه أن يكون في مكنة الخصم تلك الموالاة وهذا التتبع لما يطرأ على خصمه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامه وأن يكون ميعاد الطعن ما زال قائماً.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إيجار ملك الغير صحيحاً فيما بين المؤجر والمستأجر إلا أنه لا ينفذ في حق المالك الحقيقي إلا إذا أقر هذا التعاقد صراحة أو ضمناً.
3 - المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - إن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعاً جوهرياً مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضي بطلانه.
4 - المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما يكون لها من الدلالة، فإنه يكون معيباً بالقصور.
5 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن منع المستأجر من تأجير المكان من باطنه أو التنازل عن الإجارة حق مقرر لمصلحة المؤجر، فيجوز له النزول عنه صراحة أو ضمناً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد التنازل - وليس له من بعد حصوله فسخ الإجارة بسببه وأنه يجوز إثبات التنازل الضمني بكافة طرق الإثبات.
6 - إذ تمسكن الطاعنات أمام محكمة الموضوع بدرجتيها باستئجار مورثهن محل النزاع بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1976 صادر له من مورث المطعون ضدهن من الثالثة للأخيرة والذي يمتلك ثلاثة أرباع محل النزاع وقدمن هذا العقد وإيصالات سداد الأجرة له بصفة منتظمة وسكوت المالك السابق لهذا العقار وعدم اعتراضه لمدة استطالت على الأربعة عشر عاماً وكذا سكوت المطعون ضده الأول وعدم اعتراضه منذ شرائه العقار حتى رفع الدعوى وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى والتفت عن المستندات سالفة البيان ودلالتها التي تمسك بها الطاعنات واجتزأ في قضائه بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 23/ 9/ 1961 والإخلاء والتسليم على ما تضمنته أسبابه من أن الثابت من تقرير الخبير تنازل المستأجر الأصلي عن محل النزاع إلى مورث المطعون ضدهم من الثالثة للأخيرة الذي تنازل عنها لمورث الطاعنات دون إذن كتابي من المالك ودون موافقته - المطعون ضده الأول - مطرحاً إنذار الأخير وتكليفه لهم بسداد متأخر الأجرة في 27، 29/ 12/ 1994 وإقراره بذلك بصحيفة دعواه وما قد تشير إليه من دلالة فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنات والمطعون ضده الثاني ومورث المطعون ضدهن من الثالثة للأخيرة الدعوى رقم 14 لسنة 1995 مساكن كلي كفر الشيخ بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 23/ 9/ 1961 والتسليم على سند من أنه بموجب هذا العقد استأجر المطعون ضده الثاني من المالك السابق للعقار الدكان محل النزاع لقاء أجرة شهرية قدرها جنيه واحد وإذ باع ورثة الأخير له العقار الكائن به محل النزاع فقد أنذر الطاعنات ومورث المطعون ضدهن من الثالثة للأخيرة بحوالة عقد الإيجار ولسداد متأخر الإيجار عن المدة من 5/ 3/ 1990 حتى 5/ 12/ 1994 مضافاً إليه رسم النظافة والضريبة العقارية المربوطة على دكان النزاع والزيادة المقررة بالقانون رقم 136 لسنة 1981 وقدره (147.900) جنيهاً فضلاً عن تنازل المطعون ضده الثاني عن عقد الإيجار لمورث الطاعنات ومورث المطعون ضدهم من الثالثة للأخيرة بالمخالفة لشروط العقد فأقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً فيها وبعد أن أودع تقريره حكمت بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 23/ 9/ 1961 والإخلاء والتسليم. استأنفت الطاعنات والمطعون ضدهن من الثالثة للأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم 132 لسنة 31 ق. طنطا "مأمورية كفر الشيخ" وبتاريخ 10/ 6/ 1998 قضت المحكمة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة ضمنتها دفعاً بانعدام الخصومة في الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني لوفاته قبل رفع الطعن وأبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن المطعون ضده الثاني توفى قبل رفع الطعن بالنقض ومن ثم انعدام الخصومة في الطعن بالنسبة له.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله. ذلك أنه ولئن كان المقرر أن الخصومة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تقوم إلا بين طرفيها من الأحياء فلا تنعقد أصلاً بين أشخاص غير موجودين على قيد الحياة إذ تكون معدومة لا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق وعلى الخصم أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم، أما جهله بوفاة خصمه فيعد عذراً يترتب عليه وقف سريان الميعاد في الفترة التي تبدأ من رفع الطعن ضد المتوفى وتنتهي بوقت العلم بهذه الوفاة وبالتالي يكون على الطاعن بمجرد زوال العذر أن يرفع طعنه من جديد على النحو الصحيح وإلا سقط الحق فيه ومن ثم يتعين اعتباراً الخصومة في الطعن في هذه الحالة منعدمة والحكم فيها بعدم قبول الطعن إلا أن لازم ذلك ومقتضاه أن يكون في مكنة الخصم تلك الموالاة وهذا التتبع لما يطرأ على خصمه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامه وأن يكون ميعاد الطعن ما زال قائماً. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المحكمة المطعون في حكمها قد نظرت الاستئناف بجلسة المرافعة الأخيرة في 5/ 5/ 1998 وقررت حجزه للحكم لجلسة 10/ 6/ 1998 مع التصريح بمذكرات في أربعة أيام وبالتالي ينتهي إقفال باب المرافعة في 9/ 5/ 1998 وإذ كان مفاد الصورة الضوئية لشهادة وفاة المطعون ضده الثاني المقدمة حال نظر طلب وقف التنفيذ في 29/ 11/ 1998 أمام المحكمة حدوث الوفاة بتاريخ 17/ 5/ 1998 ومن ثم تنتفي إمكانية مراقبة الطاعنات لما طرأ على خصمهن من وفاة حال سريان ميعاد الطعن فيكون الدفع على غير أساس سيما وقد استقام شكل الطعن الماثل باختصام ورثة المطعون ضده الثاني حال نظره بجلسات المرافعة.
وحيث إنه - ولما تقدم - فإن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن حقيقة الواقع في النزاع أن مورثهن يضع يده على محل النزاع بصفته مستأجراً أصلياً بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1976 وقدمن هذا العقد الصادر له من مورث المطعون ضدهن من الثالثة إلى الأخيرة والذي يمتلك ثلاثة أرباع المحل على الأقل - ولا علاقة لهم بعقد الإيجار المؤرخ 23/ 9/ 1961 وظل يسدد الإيجار للأخير لأكثر من خمسة عشر عاماً وقدمن إيصالات الأجرة الدالة على السداد بصفة منتظمة وقد فوجئوا بمطالبة المطعون ضده الأول لهم بالإيجار لامتلاكه ربع دكان النزاع على سند من انتقال الملكية الأمر الذي يعد بمثابة إيجار لملك الغير في حدود ذلك النصيب وأن سكوت المالك السابق على ذلك قرابة أربعة عشر عاماً والمطعون ضده الأول قرابة أربع سنوات يعد قرينة على سريان الإيجار في حق الأخير فضلاً عن أن إنذاره لهم بالتكليف بالوفاء بالأجرة المتأخرة في 27، 29/ 12/ 1994 وتضمنه صحيفة الدعوى ذلك يعد إقراراً على موافقته على التنازل على الإيجار - بفرض حدوثه - وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري. وأقام قضاءه على ثبوت تنازل المطعون ضده الثاني - مورث الخصوم المختصمين في الطعن - عن عقد الإيجار محل طلب الفسخ المؤرخ 23/ 9/ 1961 مهدراً المستندات المشار إليها ودلالتها فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إيجار ملك الغير صحيحاً فيما بين المؤجر والمستأجر إلا أنه لا يتقيد في حق المالك الحقيقي إلا إذا أقر هذا التعاقد صراحة أو ضمناً، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعاً جوهرياً مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضي بطلانه، وإنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما يكون لها من الدلالة، فإنه يكون معيباً بالقصور.
كما أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - أن منع المستأجر من تأجير المكان من باطنه أو التنازل عن الإجارة حق مقرر لمصلحة المؤجر، فيجوز له النزول عنه صراحة أو ضمناً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد التنازل - وليس له من بعد حصوله فسخ الإجارة بسببه وأنه يجوز إثبات التنازل الضمني بكافة طرق الإثبات. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنات تمسكن أمام محكمة الموضوع برجتيها باستئجار مورثهن محل النزاع بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1976 صادر له من مورث المطعون ضدهن من الثالثة للأخيرة والذي يمتلك ثلاثة أرباع محل النزاع وقدمن هذا العقد وإيصالات سداد الأجرة له بصفة منتظمة وسكوت المالك السابق لهذا العقار وعدم اعتراضه لمدة استطالت على الأربعة عشر عاماً وكذا سكوت المطعون ضده الأول وعدم اعتراضه منذ شرائه العقار حتى رفع الدعوى وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى والتفت عن المستندات سالفة البيان ودلالتها التي تمسك بها الطاعنات واجتزأ في قضائه بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 23/ 9/ 1961 والإخلاء والتسليم على ما تضمنته أسبابه من أن الثابت من تقرير الخبير تنازل المستأجر الأصلي عن محل النزاع إلى مورث المطعون ضدهم من الثالثة للأخيرة الذي تنازل عنها لمورث الطاعنات دون إذن كتابي من المالك ودون موافقته - المطعون ضده الأول - مطرحاً إنذار الأخير وتكليفه لهم بسداد متأخر الأجرة في 27، 29/ 12/ 1994 وإقراره بذلك بصحيفة دعواه وما قد تشير إليه من دلالة فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.